أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلام ابراهيم عطوف كبة - جدل التشيع في العراق الجديد















المزيد.....


جدل التشيع في العراق الجديد


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 1505 - 2006 / 3 / 30 - 09:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المذهبية الطائفية في الاسلام هي آيديولوجية التمايز الديني والقومي كانقسام الاسلام الى سنة وشيعة وخوارج ... والسنة الى حنفية ، شافعية ، مالكية ، حنبلية ( الوهابية – تجديد للحنبلية ) ... الخ .. والشيعة الى جعفرية ، اثني عشرية ، زيدية ، اسماعيلية ، كيسانية ... الخ . وتحددت الاصول الاولى المشتركة للنظرية الشيعية بعد انقسامها الى عدة فرق وطوائف في : كون السلطة في الاسلام حقا آلهيا ... اي السلطة لله ... ولا سلطة للامة ، ومادامت السلطة بيد الله فليس للامة الحق والاذن ان تختار صاحب هذه السلطة ، وان الله اختار عليا بن ابي طالب وصيا واماما وخليفة بعد محمد على المسلمين ثم اولاده من بعده ( اما ترتيب تسلسل الاولاد فيختلف باختلاف الفرق الشيعية ) ، والامامة ... هي ركن اساسي في العقيدة الشيعية . ومؤسسو التشيع الذين سماهم الشيعة الاركان الاربعة هم : عمار بن ياسر ، ابو ذر الغفاري ، سلمان الفارسي ، حذيفة بن اليمان او المقداد . الايمان الشيعي يجعل الاخلاص للخمسة " محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين ( أهل البيت) " بندا اساسيا فيه بينما يجمع الايمان السني بين عائشة وفاطمة وزينب ، ويعتز الشيعة بباطنيتهم المنسوبة الى الامام السادس جعفر الصادق . ويشكل الشيعة 10% من تعداد المسلمين في العالم .
اقامت الحركة الشيعية دولا لم تخرج من اطر واسر العلاقات الاقطاعية – العبودية والرأسمالية كطبرستان الزيدية ، البويهية ، الفاطمية الاسماعيلية ، الحمدانية الاثني عشرية ، النزارية ، الجلائرية ، الصفوية ، الافشارية ، الزندية ، الخمينية .... الخ.... في المقابل ومن الحركة الشيعية ظهر العيارون والشطار لمعارضة ومقاومة قمع السلطات الاسلامية والذين انخرطوا فيما بعد بمنظمة الفتوة التي أدارتها الدولة في عهد الناصر لدين الله ، محاولة لأحتوائهم واسترداد السلطة على الاقاليم ! . وارجع الفتيان تنظيمهم الى علي بن ابي طالب مستندين الى حديث ( لا فتى الا علي ) ! واشاعت عقائدهم الاخاء والتودد والتسامح واسداء الخير عملا بالآية الكريمة ( انما المؤمنون اخوة ). وكان سلمان الفارسي الشيخ الاكبر للنقابات الاسلامية – جماعة اصحاب الحرف المسلمين في الشرق – ورابع مشدود ، شد من 17 الى 57 من الاسطوات (مؤسسي النقابات ) وهم من مساندي الطرق الدينية المختلفة ونظرات الغنوصية الشيعية !.
تعتبر معركة صفين 37 هجرية او 657 ميلادية تأريخ ظهور الفرق في الاسلام ! .. الشيعة هم اول تنظيم سري في الاسلام لأن الخوارج لم يأخذوا بالنشاط السري ! .. وقد استعصوا في الكوفة واعتمدوا على الخلايا السرية التي لعبت فيها النساء الدور الملحوظ .. لم تكم الكوفة شيعية خالصة بل مسرح معظم الفرق والحركات السياسية والفكرية في غضون العصرين الاموي والعباسي الاول ، وفيها ظهر المذهب الحنفي في الفقه السني . ومن الكوفة انطلقت الثورة التي قادها محمد بن طباطبا (شيعي) زمن المأمون الا انها لم تكن ثورة شيعية ، وايد الامام ابو حنيفة النعمان صاحب المذهب السني ( كان الشاعر على بن الجهم اول من استعمل مصطلح سني في شعره ) ثورة زيد بن علي زين العابدين الشيعي وبايعه ... واسهم الشيعة مباشرة في قيادة العديد من الثورات الاجتماعية والانتفاضات الجماهيرية والتي شاركت فيها الفئات الواسعة من الكادحين والمستضعفين وبالاخص الفلاحين ... كثورة الزنج في جنوب العراق والثورة القرمطية في البحرين ..
اعلن الشاه اسماعيل الاول مؤسس الدولة الصفوية سنة 1501 في تبريز المذهب الشيعي الامامي هو المذهب الرسمي للدولة ! .. وكلف موظفا اسماه ( الصدر ) للسهر على نقاوة العقيدة .. وظلت الامامية الدين الرسمي لايران .. واضرحة الائمة في قم و مشهد مزارة كثيرا .. وبقي التمجيد لفارس الملوك العظام ! ... يذكر ان الحركة الصفوية ( من صوفي ) قد ترسخت في القبائل التركمانية وادت الى تأسيس السلالة الصفوية ( 1501 – 1732 ) . وبعد ان ساء وضع الشيعة الاثني عشرية تحت الحكم العثماني للعراق بدءا من سنة 941 هجرية ، جعل الصفويون من هذا الوضع ذريعة لمصادمة العثمانيين والنزاع على العراق ! ثم تكرست رموز الاستفزاز السني – الشيعي المتبادل ....
تكمن الجذور التاريخية للطائفية السياسية في نظام الملة العثماني الذي قضى بان ينضم جميع الرعايا العثمانيين من غير المسلمين في طوائف مستقلة يرعى شؤونها رجال الدين وتخضع لسلطاتهم القضايا المتعلقة بالاحوال الشخصية ! وعمد الانكليز على تأسيس النظام الطائفي في العراق بالضد من الشيعة ، وحرم الدستور العراقي في حينه قسم كبير من الشيعة من تقلد منصب رئيس الدولة بحصر ان يكون اصله ومنشأه من اسرة عراقية تحمل الجنسية العثمانية عام 1900 . وقدست الجنسية العثمانية لأسباب طائفية محضة !. واندفعت القيادات الحاكمة للاحتماء بالمؤسسة العسكرية العربية السنية تكريسا للطائفية بسبب تحديات تنامي نفوذ العشائر الشيعية المسلحة والمعارضة السياسية .... واسهم تشيع العشائر بسبب الاحتكاك مع التجار الشيعة في تنامي تراتبية الهرمية الحاكمة ضمن العشائر ، وظهرت الشخصيات الاجتمااقتصادية والدينية بين العشائر ، وهي سمات انفرد بها الجنوب العراقي والفرات الاوسط والقبائل التركمانية المتوطنة والكرد الفيلية ... وعلى النقيض من التفاعل الوثيق بين تجار البازار والعلماء الشيعة في ايران فان التجار الشيعة في العراق لم يكونوا على استعداد لضخ الموارد المالية لدعم المرجعيات الدينية .... لكن فصول التكامل السياسي الاجتماعي على طريق الوحدة الوطنية العراقية سارت قدما منذ ثورة العشرين ، ولعب التاجر الشيعي جعفر ابو التمن دوره البارز في هذا المضمار ! .وبعد 1941 حصل الانحياز الكامل للنظام الملكي الى صف الانكليز وفقد سمة كونه رمز للامة والشعب الواحد !. وصعد التجار الشيعة الى المرتبة الاولى في التجارة ببغداد بعد تسفير اليهود عام 1949 غير ان دورهم لم يحسم في المناصب الحكومية ( حكومة سنة ، واقتصاد شيعة ) .. وتصاعد جرس الانذار الطبقي في المجتمع ولم يعد بمقدور السلطات الاحتفاظ بالموازنة الطائفية والطبقية في أن واحد . ومع ثورة 14 تموز 1958 بات الشيعة يشكلون الغالبية في بغداد بسبب هجرة الفلاحين من الريف .. جاهر عبد السلام عارف بعدائه للتشيع بحجة انتساب بعض قيادات الحزب الشيوعي العراقي الى المذهب الشيعي ، وبهدف كسر شوكة المرجعيات الدينية الشيعية وتهميش دور الشيعة في الاحداث السياسية بالعراق واشغالهم المناصب الحكومية العليا في الدولة .. وسار صدام حسين على هدى الطائفية العارفية ، وهي سياسة انتفض الشعب العراقي عليها مرات عديدة . كان غياب أية مشاركة فعلية للشيعة في العملية السياسية عاقبة من عواقب دكتاتورية صدام حسين المطلقة !... والامر الذي فتح الباب على مصراعيه لأنتعاش الحركات السياسية الشيعية اي الطائفية وتمأسسها على غرار الاحزاب المسيحية الديمقراطية في اوربا ، ولكن بتزمت هذه المرة !.
الحركات الدينية الشيعية السياسية عموما انبثقت من الفئات الاجتماعية الوسيطة والتقليدية من التجار وكبار ملاك الارض والاقطاعيين بمضمون احتجاجي ليس معاديا للرأسمالية بل لشرورها فقط ! .. ودعت معظمها الى نظام الفقيه – الولي واخضاع الدستور والحياة السياسية لأحكام الشريعة حسب المذهب الاثني عشري والنموذج الخميني الايراني .. واقتصاديا يمكن التمييز بين الشيرازية التي تدافع عن العلاقات العبودية والاقطاعية والرأسمالية ، والصدرية التي تتستر على المحاصصات الاقطاعية في اطار الدعوات الاصلاحية الجزئية التي تقيد سوء استخدام الملكية الرأسمالية فقط ، والمدرسية التي تدعم العمل التعاوني في المجتمع والنزعات الاصلاحية البورجوازية الصغيرة !. وتخضع المرجعيات الشيعية كمؤسسة انتاج فكري للطبقات المهيمنة على الانتاج المادي، ومصالحها تبقى مغايرة لمصالح جماهير الشعب رغم تمشدقها بالدفاع عن الشعب على طريقة ادولف هتلر اي التهريج الميكافيلي الممهد للنظم الشمولية ، ومحاولة قولبة الوعي الفلاحي والبورجوازي الصغير الغيبي المحدود الافق وملء الفراغ السياسي ... لنجدها اما مالكا اقطاعيا ( اوقاف وحبوس ) ، او طرفا منخرطا في العلاقات الرأسمالية ... ويتحدد سلوكها السياسي والاجتماعي على سبل حصولها على اسباب العيش !. وعادة تلجأ الادارات الاستعمارية الى سلاح التأويل السلفي للدين كتحديد امامة الاخوان المسلمين ( محمد محمود الصواف ) وحض المرجعيات الشيعية على التطرف والتعصب والتحزب لمواجهة المد الديمقراطي ! ... وتغفل هذه الادارات ان الشيعة انشقت عن المعسكر السلفي مبكرا .. في الوقت الذي يؤكد التراث الهرطقي للشيعة ان الزعامة الشيعية التي اطاحت بالشاه لا تستند في علاقتها بمشروع الحكم الديني الى اساس تاريخي ، اما النجاح في اسقاط الشاه فيرجع أصلا الى التراث الكربلائي الذي دخل تاريخ الثورات الاجتماعية وليس تاريخ الاديان ! ..
التطرف الشيعي اعتبر علي اماما معصوما من الخطأ كالرسول من حيث العصمة ، واعتباره افضل أهل زمانه واعلمهم .. وهذا ينطبق على الائمة بعده من اولاده ، فالجميع معصوم وافضل اهل زمانه واعلمهم .. ودخل التطرف الطائفي الى النظرية الشيعية عن طريق الحركة الكلامية والفلسفية لصياغة التفكير المذهبي وادارة الصراعات السياسية الحزبية .. وتعتبر الكيسانية من الفرق الشيعية المتطرفة والتي ارتبطت اساسا بجماعة من الموالي وتآلفت مع المرجئة ( من مناصري الحياد والانتهازية ومن اتباع السلاطين والسلف البعيد لأهل السنة )! .. كما كان محمد بن عبد الكريم الشهرستاني من مؤرخي فلسفة التطرف الشيعي ... كما أسهم الطابع العنصري الفارسي في تأجيج التطرف الشيعي وتشويه الروحانية الشرقية للشيعة ، المتناغمة مع الهرمسية السحرية الاغريقية واستفهام الافلاطونية المحدثة ، والتي أغنت الاسلام الفكري واشبعت النوازع الروحية للناس وغذت ظاهرة الزهد والتصوف لمعارضة الاوضاع الاجتماعية والسياسية القائمة في ظل عهود الاستبداد وفي ظروف ازدياد التمايز الاجتماعي الفاحش بين اثراء الحكام المفرط وافقار وتهميش الفئات الاجتماعية العريضة ، وخلق الصيغ الجامدة الضيقة للتشيع وفرض الخط الواحد من التأويل بالقوة والقسر والعنف والارهاب ، واشاعة الطائفية السياسية التي ولدت الارثوذكسيات المتصلبة المتنافسة اي الصيغ الجامدة الضيقة للدين وسموه ! والتي اكتسبت الاهتمام المتزايد مع الثورة الايرانية 1979. التطرف الشيعي يتجسد في استغلال العلاقات العصبوية والباطنية لتكريس الهيمنة السياسية بالتجسس والمخابراتية واشاعة الشمولية وبميكافيلية التقاريع العزائية كاللطم وشج الجبين حتى تسييل الدم ! وبالتهريج والارهاب الاسود لفرق الموت والاجراءات العقابية بالتهديد والوعيد والابتزاز والاقصائية والمحاصصاتية والاعمال الانتقامية والاعدامات الجماعية باحياء الاستبداد الصدامي بقوس قزح مجدد مثلما يحصل اليوم في العراق برعاية عصابات اللوبي الشيعي ، وبحجة الرد على الارهاب الاصولي ضد الشيعة ، واستجابة لمخططات الاستراتيجيات الفائزة لتحويل الارض العراقية الى ميدان استقطاب للارهاب والتطرف العالمي .
اصوليات التطرف الطائفي تعبير عن عجز الحركات السياسية والفكرية في وضع الحلول المقنعة للمعضلات القائمة ، و المغالاة في رفع شعارات الماضي البراقة ! .. وبرامجها قصاصات من نصوص وتراثات مبهمة اي برامج منفصمة عن الواقع وقاصرة عن اصلاحه وتطويره !. والعقل الطائفي - عقل ايماني متمترس برؤياه ورؤيته وبفهمه المغرض للنص ليخلق العقل الديني الواحد والعقول الايمانية المتعددة بتعدد الطوائف والمذاهب وحتى الافراد ، وهو عقل يؤرخ ويعيد كتابة التاريخ واستحضار مأزقه وفق اسس وتصورات ومقاصد أضيق مما كان في الماضي . والطائفية مرادفة دائما للسلطات التسلطية . وتتداخل في الطائفية اضافة الى الدين العصبيات الجهوية والعشائرية اي الطائفية – هي عصبية اجتماعية في لعبة الولاء والسلطة .
لم يعط الاسلام لا للخليفة ولا للقاضي ولا للمفتي ولا لشيخ الاسلام ولا لآية الله ولا للولي الفقيه ولا للسادة أية سلطات في مجال العقيدة او سن التشريعات . ومهما كانت الصلاحيات التي يمتلكونها تبقى سلطاتهم مدنية يحددها الشرع الاسلامي والشرعية الدولية لحقوق الانسان ! . ولا يحق لأحد منهم القيام بالرقابة على العقيدة او على ايمان الفرد او ان يطلب اليه ان يدافع عن شكل تفكيره !. ولم يحكم تاريخ الاسلام الصراع الطائفي بل الصراع بين السلطة والمعارضة اي الصراع الطبقي الاجتماعي ، الصراع بين الدين والثقافة اي بين السلفية الخالصة والفكر الاسلامي التنويري في مدارسه واجتهاداته المتنوعة !.. ان انتشار الفكر الديمقراطي وقيم الحداثة والحضارة والتعليم الحديث وتراجع الولاءات القديمة وخاصة العشائرية ... يضعف التمسك بالمعتقدات الشيعية القديمة والمعايير والممارسات التقليدية ويحجم الميول الطائفية واصولياتها ... ولكن تبقى الشركات الاحتكارية متعدية الجنسية التي تسعى دائما وأبدا الى تحويل الامم الى اسواق والشعوب الى زبائن ناشطة في مجال أنعاش التعصب المذهبي والطائفي والعرقي والديني ... وهي شركات باقية مادام الاحتلال باق ... فاللاأخلاقية الاستعمارية هي العامل الاساسي في تكريس تعقيدات الواقع العراقي الراهن وأشكالياته ، وطابع الولاءات اللاوطنية السائد والصبغة الطائفية !. وتقوم الادارة الاميركية بابتكار آليات العمل الجديدة واستحداث الممارسات التي تنحصر مهمتها في تطويق حركة المجتمع العراقي وقمع عوامل التململ والرفض فيها ! وتحويل أجزاء واسعة منها الى جبهة مراقبين والتخويف بهم ! .. فبعد ان عجز مجلس الحكم والحكومات العراقية في احتواء وتقييد حركة الشعب العراقي لجأت الادارة الاميركية الى احياء الطائفية وزقها بالمال والجاه والوقار والفتنة والسلاح .. طائفية اليوم تتولى مهمة الحجاب الامامي الذي يقوم بالاخطار عن التحركات خارج الاطر السلطوية ، والحاجلة التي تسحق الرافضين من عامة الشعب وملاحقة ناشطيهم ! .وعليه علاقة الادارة الاميركية والنظام الايراني معا بالطائفية في العراق هي لعبة سلطوية لتوسيع الاختراقات ومناطق النفوذ !...
الاخطر في الامر هو تسخير العشائر الحرة او العشائر الاجتماعية الجديدة وشيوخ التسعينات في المدن العراقية لخدمة الطائفية الاجتماعية . وهي عشائر شجعت الدكتاتورية على تأسيسها حيث تقبل من هب ودب مادام قادرا على دفع الودي والاشتراكات الشهرية ، ولا يشترط فيها الانتساب الى نسب واحد ! ، وتقوم مكاتب الدلالية العشائرية بحسم الخلافات داخل العشائر دون اللجوء الى الدولة ، وفيها حديث الديوان للوجهاء من العشيرة !. والطائفية الشيعية تتجسد في تسخير هذه العشائر الشيعية الحرة لأعمال القمع البوليسية وخلق البلبلة مثلما استخدمها النظام الدكتاتوري لدق الاسافين في العلائق الاسرية واللاانسانية . وبعد ان كانت ترتبط بمكتب العشائر المركزي في البعث باتت اليوم على اتصال وثيق بالائتلاف الشيعي الحاكم ( الطيور على أشكالها تقع ! ... انظر مكاتب الدلالية في الثورة والشعلة والكرادة في بغداد ). في عراق اليوم استبدال للشرعية الحزبية والتحالفات المدنية بالتحالفات الطائفية ومجلس الطائفة الحاكمة امتدادا للتحالفات العشائرية . الطائفية لا تطلب شيئا سوى الالتزام النفسي بها والاحتماء في ظلها وتحت خيمتها ، الايمان بها ، اعتبارها شعب الله المختار ! لتكون الحماية ذات شقين : الروحية والمادية ، وبسبب فقدان الامان والحياة القاسية والخوف من الغد . هكذا أعدنا انتاج العائلة والعشيرة والقبيلة والطائفة والملة والمذهب ، والعمامات والقلانس ، واصحاب الغبطة والسيادة والنيافة ، وساداتنا وموالينا وملالينا وشيوخنا ومامواتنا واسطواتنا ، ومنافقينا ومشعوذينا وقارئي الكف ، ... داخل الاحزاب والتنظيمات ليصبح الولاء للوطن تاليا بالدرجة للولاء لها ثم ليصبح الولاء للانقسامات والتشرذمات داخلها قبل الولاء لها ! وأصبح الولاء لقيادات الشراذم قبل كل ولاء ... وتنتمي الولاءات الجديدة الى ما نطلق عليه مجتمع القرابيات حيث اختراقات العقل الايماني المفرمل والتزمت والدوغمائية . وتتربع الطائفية كعقل كابح مفرمل للثقافة العقلانية وسط هذا المجتمع الاهلي .
تجد السلطات في تسعير الخلافات الطائفية والعشائرية ولو على جثث الآلاف من الضحايا وسيلة لحرف الغضب والنضالات الجماهيرية لأدامة حكم الطائفة الواحدة او التوافق الطائفي الشكلي ! وتهتم السلطات اليوم بالطوق الطائفي وتجنيد المقاتلين الطائفيين وتأسيس الطائفية الاجتماعية المنافسة لأجهزة الدولة ( انظر : مقترحات وزير الداخلية بيان جبر حول تأسيس اللجان الشعبية المسلحة ، وكذلك الفيدراليات الشيعية المقترحة من قبل عبد العزيز الحكيم ، ضعف اداء حكومة ابراهيم الجعفري وخنوعه للوشائج الاصطفائية الطائفية ، سوء ادارة وزارتي الدفاع والداخلية وتحول مؤسساتهما الى أقطاعيات طائفية ، "فرق الموت": آليات العمل الدقيقة ... والإمكانيات الاستخباراتية المتفوقة ، الأحزاب الدينية العراقية أحكمت سيطرتها على البصرة فحوّلت جامعاتها حسينيات وإداراتها مراكز تعبئة ومدن الرافدين في قبضة المتشددين الشيعة والسنة .. ) وترميم الثقافة الطائفية واحياؤها الامر الذي ولد التوترات في المجتمع ، وبينه وبين الدولة ! ويجد الجزء اللاطائفي نفسه امام الطائفية المسلحة حقوقيا التي تحاول العمل كجهاز ضبط آيديولوجي وتعبئة جماهيرية لملء الفراغ الامني والسياسي والفراغ الاجتماعي الناجم عن ضعف منظمات المجتمع المدني .. ولا تريد السلطات تغليب القيم الطائفية الايجابية من اباء واعتزاز بالكرامة ورفض الظلم وحماية المظلوم والتصدي للعدوان واشاعة التراث الكربلائي لأنها تغذي المعارضة والتلبس بالهرطقة بالضد من السلطات السياسية المتمسكة بالاصول السلفية وتتنافى مع الاستسلامية والقبول بشرعية النتائج الانتخابية التي ترافق عادة ثقافات القطيع والسياسات الاقصائية والشمولية . وتغلب اليوم القيم الطائفية السلبية كالغدر واهدار دم الخصوم وابادة العوائل وارتكاب الجرائم واشاعة مراسيم العزاء الميكافيلية باسم الطائفية .
تقع على عاتق الشعب العراقي وحكومة الوحدة الوطنية القادمة العمل بالاتجاهات التي رغم تكرار طرحها لا بد من إقناع الناس بأهميتها والتي تتلخص ب: تعلم القدرة على المساومة السياسية بين أطراف الحركة الوطنية العراقية للوصول إلى قواسم مشتركة فيما بينها ، نبذ السياسة الإقصائية والشمولية ، نبذ السياسات الطائفية ، رفض أسلوب القوة والعنف والقتل كطريق لفرض الرأي أو الرأي الآخر ، حل الميليشيات التي تشكلت في فترات مختلفة وتابعة لقوى الإسلام السياسي المشاركة في العملية السياسية العراقية سواء أكانت هذه المليشيات معلن عنها أم غير معلن ، ضرورة إبعاد وزارتي الدفاع والداخلية وأجهزة الأمن والمخابرات عن أحزاب الإسلام السياسي ، المكافحة الجادة لقوى الإرهاب ، إقامة النظام المدني الديمقراطي الاتحادي تعددي الفكر والممارسة السياسية ..... إن وجود القوات الأجنبية ليس نهاية التاريخ وستخرج قطعا أو نخرجها شريطة أن يكون العراق على استعداد تام لمواجهة كل الاحتمالات بعد خروجها. ومن الضروري احترام الموروث الديني والثقافي للأسلام وعدم التطاول عليه بأي عذر كان، الاعتراف بان الموروث التاريخي والتطبيقي غير مقدس ويجوز النقاش العلمي فيه بعيدا عن الترهيب واحترام حرية الرأي، القبول بما أنتجه العقل البشري من نظم إدارية قضت على استبداد رأس السلطة وانفراده بالحكم وأنتجت مجتمعات مستقرة آمنة وبعيدة عن مظاهر إلغاء الآخر، الاعتراف بأن نظام الخلافة وما يمثله من فردية في الحكم لم يكن نظاما مثاليا أو نظاما دعا له الإسلام ويدعو إلى تطبيقه بل هو محض اجتهاد غير ملزم ، التوافق على إن الاستبداد باسم الدين والأيديولوجية هو شر أنواع الاستبداد لانه ينظًر للاستبداد ويعتبره نوعا من أشكال حماية الناس من الخطر الداهم ، مراجعة نظرية ولاية الفقيه وتدارك موارد الخلل الذي نشأ من تطبيقها وفرز آلية تمنع من التفرد باسم الولي الفقيه ، التنبيه إلى إن التطرف الديني الذي يفرض قوة إلغائية ترهب الآخر هو خطر داهم يهدد سلامة المجتمعات ولا يمكن معالجته بالقوة العمياء وحدها لانه فكر ولا يقارعه إلا فكر وحجة قوية . ولا يحق لأي بشر أن يحتكر الحقيقة ويدعيها، ويعتبر نفسه بسبب موقع ديني أو سياسي وصل إليه إنه يقرر عن الآخرين أسلوب حياتهم وطريقة تفكيرهم.الديمقراطية ، لا حرق البرلمانات بأسم التشيع ... هو ما ينتظره الشعب العراقي من القوائم الفائزة في الانتخابات .
دخل نيرون التاريخ ببساطة من بوابة حرق روما ، ودخل التاريخ صدام حسين لتدميره العراق وافقار شعبه وقضاءه على نتائج عمل أجيال كاملة ! وسيدخل التاريخ من يتمادى في التلذذ بالطائفية وحرق أهل العراق ، بالفتنة الطائفية والحرب الاهلية لعرقلة كفاح الشعب العراقي في الوطن الحر والتقدم الاجتماعي !.التقاليد الديمقراطية وحدها أساس كبح الطائفية وشرورها ، ولابد من تحمل التكاليف لترسيخها !.



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية الشرعية النقابية أساس وحدة الحركة النقابية العما ...
- الجدل العسكري في العراق الحديث
- لنشدد المطالبة بالكشف عن مصير شاكر الدجيلي
- غسيل الاموال - جريمة الفساد العظمى في العراق
- التعاون في عراق ما بعد التاسع من نيسان
- الدستور العراقي والشرعية الدولية لحقوق الانسان
- هندسة النفس البشرية والترجمة الآلية وعصر المابعديات
- سلام الشماع – ضياء النجم البعيد القريب
- التلوث البيئي - صناعة الموت الهادئ في العراق
- محراب الطائفية ام محراب الماسونية
- في سبيل احياء الكشافة العراقية وحملات معونة الشتاء
- الائتلاف العراقي الموحد والحركة الاجتماعية
- الهندسة الوراثية و جهابذة الادلجة الاكاديمية العنصرية العراق ...
- المهندسون وخصخصة كهرباء العراق - 2-3 /3
- المهندسون وخصخصة كهرباء العراق
- عميد الهندسة العراقية الدكتور المهندس جميل الملائكة – وداعا
- ثقافة القطيع الاقصائية والمشاريع السياسية والطائفية المقيتة
- الحقوق النقابية والتدخل الحكومي وثقافة القطيع
- الفلاحون وثقافة القطيع
- عصابات السياسة القذرة والاعتداء الجبان على مقر الحزب الشيوعي ...


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سلام ابراهيم عطوف كبة - جدل التشيع في العراق الجديد