أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الحمار- قصة قصيرة














المزيد.....

الحمار- قصة قصيرة


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5848 - 2018 / 4 / 17 - 16:11
المحور: الادب والفن
    


أصُبت بخيبة أمل كبيرة، حينما سمعت شخصاً ينادي شخصاً آخر: "يا طويل الاذنين"، وهذه الصفة أو اللقب هي صفتي ولقبي، والتي لقبني بها سيدي الانسان، وأنا لا أستنكف منها، على العكس تماماً، فهي تعني لي أشياء هي محببة الى نفسي، أو بالأحرى نحن أصناف الحمير، لا نستنكف من القاب يلقبونا بها بنو البشر، بل هم الذين يستنكفون وأحياناً يغضبون حينما ينعتهم شخص آخر بنعت هو من نعوتنا.
خيبة الامل التي أصُبت بها، هي أن البشر لا ينصلحون ولا أعتقد في يوم من الايام سوف تتسرب اليهم نظرية الاصلاح، فيعون فلسفة تهذيب النفس. فهم يتهموننا بالغباء، بينما يحمّلوننا ما لا طاقة لنا بها من أثقال، وحينما لمْ نستطع أن ننهض بتلك الاثقال، يضربوننا بالسياط! ضرباً لا هوادة فيه، فمن هو الجدير بالغباء نحن أم هم؟.
أنا لا أستنكف من كوني حماراً، كما الآخرين لا يستنكفون كونهم خلقوا على شاكلتهم، فالحياة لا يمكن أن تسير على وتيرة واحدة، وهم مع ذلك يصفونني بأنني: "أقل الدواب مؤونة، وأكثرها معونة، وأخفضها مهوى واقربها مرتقى"، وهذا أعده جيداً بحقنا، ويستحق الاعجاب، وليس من سفاسف القول، التي يرميها بعضهم علينا جزافاً وبلا رويّة: "أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله صورته صورة حمار أو يحول رأسه رأس حمار"، اليس الذي خلقنا خالق واحد؟ وهو الاعرف بما ستؤول اليه أمور الخلق؟. أما يعلم بنو البشر أن جدنا الاكبر الذي نسيت أسمه الآن شهد لأحدهم بالرسالة والاحقية وأقر له بالأفضلية، بينما أجدادهم نكر تلك الاحقية والافضلية. جدنا كان لدى شخصاً كان يهينه ويضربه ويحمل عليه أثقالاً لا يستطيع النهوض بها إلّا بشق الانفس، وعندما وصل الى ذلك الشخص الكريم، أكرمه وأحسن اليه وجعله من أقرب حميره اليه. وكان يستعمله كساعي بريد، حتى أدى عمله بأحسن مما يفعل سواه من الحمير، فضُرب به مثلاً كأفضل حمار أدى ما عليه، وزاد قليلاً.
أنا، عندما أغُني في أوقات فراغي، أو حينما أشعر بالكآبة والحزن وهما يراودانني، كان بنو البشر ينزعجون من صوتي، ويعتبرون سماع غنائي إزعاجاً لهم، حتى قالوا بحقي أن صوتي أنكر الاصوات!، بينما أحياناً أسمع أصوات يدعون إنها غناء ونحن في عالمنا (عالم الحمير) نعدها منكرة، ومع ذلك لا نعترض عليها، ونُجبر على سماعها!.
لا أنسى، أذ أنسى تلك المرة التي ضُربت فيها ضرباً مبرحاً، وأهُنت فيها اهانة كبيرة، لا أنساها ما بقيت حياً. فيها تذكرت أبني ذلك الجحش الصغير الوديع، الذي سقط في بئر لأحد المزارعين فمات، حينها لم يستطع أن ينقذه بشراً، إذ كان سيدي غائباً، تذكرته ففاجئني الشجن وداعبتني الحسرة، كما الندى يداعب وردة الربيع، فرفعت صوتي بغناء حزين، قال جاري الحمار، فيما بعد وهو يصف غنائي بأنه يقطّع نياط القلب: (الى متى يبقى الحمار على التل؟..)، وأعيد كلمة "متى" مراراً وتكراراً، فسمع ذلك سيدي، فغضب: صه يا أبو صابر، ما هذا الازعاج؟ لعلك تذكرت ولدك صابر، عليه وعليك اللعنة، دعنا نسترح من صوتك الاجش. فلم يراع حرمة الاموات، وأخذ يكيل لي بالضرب والشتم والسباب، حتى أدمى جسدي العليل وشج رأسي، وقسم بالله ثلاثاً، أنه لو سمع صوتي بعد الآن ليكون الموت هو الحكم بيني وبينه. ومن ساعتها قلعت عن الغناء وهجرت كل شيء اسمه فن، خوفاً على حياتي لعل سيدي ينفذ وعيده.

17/ 4/ 2018



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اساطين الفلسفة اليونانية(2)- أفلاطون
- أساطين الفلسفة اليونانية(1)-سقراط
- حدائق الكلام - نصوص (7)
- حدائق الكلام - نصوص (6)
- حدائق الكلام - نصوص (5)
- حدائق الكلام- نصوص(4)
- حدائق الكلام - نصوص (3)
- حدائق الكلام- نصوص(2)
- حدائق الكلام- نصوص(1)
- بول الابل في الفقه الإسلامي
- علك البستج والنائبات العراقيات
- ابن سلمان في بغداد!
- ستيفن هوكينغ يرحل بلا جائزة نوبل
- التحرش.. ظاهرة كلنا مسؤول عنها
- التقارب العراقي السعودي
- إقتلوا الشيوعيين والعلمانيين!
- الله لا يحاسب الفقير!
- هل العيب بالدين أم برجال الدين؟
- الانتخابات وخيبة الناخب
- الدين: خرقة قماش أو قطعة بلاستيكية !


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الحمار- قصة قصيرة