أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - المصطفى البخاري - الثوابث الشرعية بين الجانحين والمتأسلمين















المزيد.....


الثوابث الشرعية بين الجانحين والمتأسلمين


المصطفى البخاري

الحوار المتمدن-العدد: 5835 - 2018 / 4 / 4 - 14:32
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الثوابت الشرعية بين الجانحين والمتأسلمين :
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على سيدنا محمد وءاله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فلقد جاء في بعض المقالات ما يلي :
أقدم مجموعة من الفاعلين المغاربة، رجالا ونساء، من بينهم كتاب وجامعيون وفنانون وباحثون في التراث الإسلامي، ونشطاء في المجتمع المدني منخرطون في الدفاع عن حقوق الإنسان، على إطلاق نداء موقع بلائحة أولية، يطالب بإلغاء قاعدة الإرث المعروفة بالتعصيب، وهي قاعدة مثبتة في مدونة الأسرة تفرض على الوارثات اللواتي ليس لهنَّ أخ ذكر، اقتسام ممتلكاتهن مع الأقرباء الذكور للأب المتوفى، ولو كانوا أبعدين (أعمام أو أبناء عمومة)
وبالفعل، فقاعدة التعصيب هذه لم تعد تتوافق مع ما طرأ على الأسرة المغربية من تحولات في السياق الاجتماعي الراهن، إذ تجعل النساء الأكثر فقراً أكثرَ هشاشة، وتجبر الكثير من الآباء على التخلي عن ممتلكاتهم لبناتهم وهم على قيد الحياة، وأخيراً لكون القاعدة المذكورة منتجا خالصا للفقه وليس وصية إلهية.
وقد أُطلِق هذا النداء من قِبل مؤلفي كتابٍ جماعي ومتعدد الاختصاصات حول قضية الميراث في المغرب، نُشر مؤخراً بثلاث لغات: « ميراث النساء » (عربي) « L’héritage des femmes » (فرنسي)، وWomen’sInheritance » « (إنجليزي)
نص النداء
يعطي قانونُ المواريث (مدونة الأسرة2004 ) الحقَّ للرجل في الاستفادة من الإرث كاملا في حال كان الوريث الوحيد. في حين لا تستفيد المرأة من هذا الحق، إذ ترث فقط نصيبا مقدّرا معلوما يسمى فرضا. مما يعني أن الوارثات اللواتي ليس معهن شقيقٌ ذكر، ينبغي عليهن تقاسم الإرث مع الذكور الأقربين (أعمام، أبناء عمومة وغيرهم)، وفي حالة عدم وجودهم تقتسم مع أبناء عمومة أبعدين قد لا تربطهم بالأسرة آصرة أو قربى سوى الدم المشترك
هذه الوضعية ترتبط بقاعدة التعصيب التي تحصر الورثة، بعد أصحاب الفروض، في الذكور ممن لهم قرابة نسبية بالمتوفى، علما بأن الإرث بالتعصيب كان يجد ما يبرره في السياق التاريخي الذي نشأ فيه حيث كان النظام الاجتماعي نظاما قبليا يفرض على الذكور رعاية الإناث والأشخاص الموجودين في وضعية هشة، إضافة إلى تحملهم مسؤولية الدفاع عن القبيلة وضمان عيشها. حيث كان الأمر يصل إلى حد إعطاء ديات وتعويضات من أجل سداد الخسائر والأضرار التي قد يتسبب فيها بعض أفراد القبيلة (العصبية)
هذا النظام الاجتماعي لم يعد بالتأكيد هو السائد في عصرنا الحالي، فالأسرة المغربية أصبحت مكونة في الغالب من الزوجين وأطفالهما. كما أن عدد الفتيات المتمدرسات يزيد يوما بعد يوم وتلج النساء أكثر فأكثر سوقَ الشغل بنوعيه النظامي وغير النظامي، مساهمات بذلك بشكل ملحوظ في اقتصاد البلاد.
فضلا عن ذلك فإن النساء يساهمن في إعالة أسرهن، بل إنهن في أحيان كثيرة يكنّ المعيلات الوحيدات. أما عدد النساء اللواتي يشاركن أزواجهن نفقات البيت فهو في تزايد، فضلا عن وجود حالات كثيرة تتكلف فيها ربات البيوت لوحدهن بنفقات البيت. هذا دون أن ننسى أن عدد النساء اللواتي تكفلن أنفسهن في ازدياد مطرد أيضا: مطلقات، عازبات، أرامل (تقدر إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط عدد الأسر التي تعيلها نساء بمعدل أسرة واحدة من بين كل خمس أسر) في السياق الاجتماعي الحالي وما عرفه من تغير في البنيات والأدوار الاجتماعية، ينتج عن تطبيق نظام الإرث عن طريق التعصيب بالنفس ظلم كبير لا يتماشى مع مقاصد الإسلام، إذ لم يعد الأعمام، أو أبناء العمومة، أو الأقارب الذكور عموما يتحملون نفقات بنات إخوتهم أو قريباتهم حتى إن كن يعانين الحاجة والعوز. مما يفرض السؤال التالي: ما الذي يبرر أن يظل الأقارب الذكور (الأقربون أو الأبعدون) يتقاسمون الإرث مع فتيات يتيمات لا يتحملون مسؤوليتهن المادية أو المعنوية في شيء؟ إذ أن القانون الذي يبيح لهم اقتسام إرث لم يساهموا فيه لا يجبرهم في المقابل على حماية ورعاية الأسرة المعنية، بل على العكس يساهمون في تفقيرها وتعريضها للعوز.
في كثير من الحالات تتحول فترات الحزن على الميت وآلام الفراق إلى نزاع على الإرث – أحيانا قبل دفن الميت – حينما يطالب العصبة بحقهم « الشرعي » في أموال الميت وممتلكاته وذكرياته، أو حين يجبر هؤلاء النساء الثكالى على بيع منزل الأسرة لأخذ « مستحقاتهم ».
في ظل وضع كهذا أصبح عدد كبير من الآباء الذين ليس لهم أبناء ذكور (وهي حالات في ازدياد متصاعد لأن الأسر المغربية لم تعد تنجب في المتوسط أكثر من ثلاثة أطفال)، لا يتقبلون أن يرث أقارب ذكور، لا تربطهم بهم آصرة سوى الدم المشترك، ممتلكاتِهم على حساب مصلحة بناتهم. وحيث إنّ القانون لا يمكنهم من حق ترك وصية تحيل التركة لبناتهم، فإنهم يضطرون لمراوغة أحكام الإرث عن طريق اللجوء للهبات والبيوع الصورية.
مما يجعلنا نتساءل: إذا كان السياق الاجتماعي والاقتصادي الذي برر، عبر التاريخ، نظامَ التعصيب بالنفس قد تغير واختلف كليا، فما الذي يسوّغ أن يستمر العمل بقانون التعصيب؟ علما بأن هذا القانون هو اجتهاد فقهي لا يجد له أي سند في القرآن الكريم، فضلا عن أنه لا يتناسب مع مقاصد الشريعة الإسلامية في تحقيق العدل بين الناس.
من أجل كل هذه الاعتبارات، وانسجاما مع تحقيق روح العدل والمساواة، نطالب نحن الموقعين أسفله بالتالي:
إلغاء نظام الإرث عن طريق التعصيب من قانون المواريث المغربي، على غرار ما مضت فيه بلدان إسلامية أخرى
أقول :
إنه ومنذ مؤتمر 1995م حيث ما عرف بمؤتمر (بيكين) للمرأة والمتأسلمون من الذكور والإناث الذين لهم اهداف نفعية لا دينية يدعون إلى تجاوز ما في أهم الثوابت الإسلامية ، إذ إن أولئك المؤتمرين بمؤتمر (بيكين) سنة 1995م كأنوا أول من طالب بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث ومجاوزة القرآن الكريم في كل ما جاء به ..
ثم توالت المطالب بهذا الخصوص إلى أن جاء المدعو (أبو حفص) الذي أعد العدة في هذا الباب رفقة الطبيبة (أسماء لمرابط) اللذين عززا موقف المدعو (رشيد أيلال) في ضرب السنة النبوية في عمقها من خلال خرافة كتابه الذي أسماه (أسطورة البخاري) فماذا بقي بعد الكتاب والسنة ؟؟
وهكذا لم يجد هؤلاء وأمثالهم من يرد عليهم من الذين يَدَّعون العلم بالشريعة الإسلامية الملقبين بالعلماء ، أو أهل العلم ، أو كما يطلق على الواحد منهم على المنابر الإعلامية وغيرها لقب العلاٌمة فلان ، أو حضرة الفقيه العلاٌمة فلان ، وهو في حقيقة أمره منقوط حرف الميم من حيث هذا التوصيف ، من أمثال الملقب بقيدوم العلماء بالدار البيضاء المدعو (حسن أمين) وصنوه في درب العلاقات العامة (عمر محسن) ورفيق دربهما (الحسين مفراح) وغيرهم كثير ممن احتظوا هذه الحظوة التي من نظامها منحهم امتيازات مادية واعتبارية على أساس أنهم من أهل الحل والعقد في العلوم الشرعية والعلوم الشرعية منهم براء ، ولا أدل على هذا من أنهم لم يستطيعوا حتى الآن الرد على ما ذكر ، واكتفوا – فقط – بالتصفيق على ما جاء عن الدكتور (المصطفى بنحمزة) الذي خصص مبلغ مائة ألف درهم من ماله الخاص لكل من يرد على صاحب كتاب (أسطورة البخاري) وهذا التخصيص هو في حد ذاته مدعاة للضحك ، واكتفى هو فقط بتعداد مناقب الإمام البخاري ، وهي المناقب التي يؤمن بها أيضا (رشيد أيلال) ومن غير إنكار لتاريخ الإمام البخاري ، وإنما ينفي بعض ما جاء في صحيحه نفيا موثقا بما يزعمه من حجج - والتي أستطيع أن أردها واحدة واحدة بشروط أمليتها على بعضهم – وهي حجج لم يستطع أحد من ذوي المناصب والامتيازات أن يردوا عليها ، فضلا أن يردوا على أولئك الداعين إلى مساواة المرأة مع الرجل في الميراث ، إذن ، فأين هم أصحاب تلك الجلابيب والطرابيش والقلانس أصحاب المناسبات والامتيازات ليردوا على هؤلاء وأولئك ، فأين هو القيدوم ، وأين هو النابغة ، وأين هو العلامة الفهامة الدراكة ممن حبلت بهم الأيام ووطنت لهم المراتب في أوقاف هذه الأعوام ليردوا على صاحب (أسطورة البخاري) ومن ثم ليردوا على الحملة المسعورة التي يتزعمها بعض المتاجرين بالإسلام ، الداعين إلى مجاوزة القرآن الكريم فيما جاء به من توريث المرأة في الآية (11) من سورة النساء من قوله تعالى : (للذكر مثل حظ الانثيين) إذ اكتفى قيادمة المجالس العلمية بالصمت ، لأنه الوحيد الذي يبدعون في إتقانه في مثل هذه الأمور ، ولأنهم يعلمون أنه الوحيد الذي يضفي عليهم صبغة الهبة والجلال ، غير أنني ولإيماني القوي بقوله تعالى بالآية (35) من سورة البقرة (ولا تنسوا الفضل بينكم) هاأنذا أنوب عنهم في الرد على هذه الشرذمة بالقول :
ليس غريبا أن يصدر عن مثل هؤلاء الذين ينادون بإلغاء ما أسموه بقاعدة التعصيب من الميراث ، لأن جلهم ليسوا أهلا للاختصاص ، وإنما الغريب أن يناصرهم في هذا النداء بالتوقيع صحبتهم أولئك الذين يَدَّعون تخصصهم في الدراسات الإسلامية ، كونهم باحثين في العلوم الشرعية أو أساتذة باحثين فيها ، وهذا هو العجب العجاب ، ذلك أنه لو تم التوقيع على طلب إلغاء التعصيب من ميراث المسلمين من طرف أطباء أو مهندسين أو اقتصاديين أو سياسيين ، أو نحوهم من غير المختصين في الدراسات الإسلامية أو العلوم الشرعية لما أعيروا أي اهتمام ، ولكن التوقيع على مثل هذه المناداة بمباركة الذين يزعمون – عرضا – أنهم باحثون و أساتذة متخصصون في الدراسات الإسلامية و العلوم الشرعية هي المأساة الكبرى..
ففي أية دراسة إسلامية تخصص هؤلاء الذين ينادون بإلغاء ما فرضه الله سبحانه وتعالى ؟ وأية علوم شرعية هاته التي ينادي من خلالها أصحابها بإلغاء ما جاء في الركن الركين ، والحصن الحصين ، والدستور الأسمى للعالمين ، والقانون الأعلى من رب العلمين إلى عباده المخلصين ؟ أولعل هؤلاء وأولئك بمناداتهم هذه ، يمهدون للمطالبة يوما بإلغاء فريضة الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها مما فرضه الله على عباده من الثقلين ، وكذا المطالبة بإباحة وتقنين مخادنة الرهط التي كانت في عهد الأميسيين (الماتریاركا - Matriarcat) أي الأسرة الأمیسیة أو النظام الأمومي ، وهو نظام اجتماعي ظھر في مرحلة تاریخیة من تطور المجتمع المشاع البدائي، حیث كانت الأم تمثل دور المسیطر في الاقتصاد الاجتماعي، وھو نظام عرفته بعض الشعوب عندما كان الزواج الجماعي ھو القاعدة خلال المراحل الدنیا من التطور الاجتماعي ، وهو ما يعرف بتعدد الرجال لدى المرأة الواحدة ، أي ، أن يجتمع عشرة من الرجال، وينكحون امرأة واحدة. وإذا حملت، أرسلت إليهم جميعاً، ثمّ تختار من بينهم من يكون والد الجنين الذي في بطنها، ولا يستطيع أحد الامتناع عن الاعتراف به.
(راجع : الزواج عند العرب في الجاهلية والإسلام للدكتور عبد السلام الترمانيني (المخادنة)

إن من وضع نظام الميراث وحط أسسه الأولى للعباد ، هو من خلق العباد ورزق الذكور والإناث من الأولاد ، وهو سبحانه وتعالى أعلم بأحوال عباده ، فقسم الأرزاق بينهم كيف شاء ، فلا يُسْأل عما يفعل وهم يُسْألون ، وهو سبحانه منزه عن الظلم خلافا لما جاء في تعبير أصحاب هذه المناداة ، أصحاب الكتابٍ الجماعي المتعدد الاختصاصات حول قضية الميراث في المغرب، والذي نُشر مؤخراً بثلاث لغات: « ميراث النساء » (عربي) « L’héritage des femmes » (فرنسي)، وWomen’sInheritance » « (إنجليزي) والذي ليس له ما يبرره ، لأن الله فرض الفرائض وقسم التركات بينهم وبين العصبة بقوله : (يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) (سورة النساء 11-12) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر ) ولا اجتهاد مع وجود النص كما هو مقرر شرعا ، وإلا فإن المنادين يستمدون شريعتهم في التطاول على النصوص القرآنية من زير النساء المدعو أبو حفص ، والذي ما إن دعا إلى تجاوز النصوص الشرعية كتابا وسنة حتى هلت عليه بوادر الدعوات ، وإقامة الندوات والحفلات وتعالت الزغاريد من المخادنات ، واللواتي يعملن مستأجرات من طرف بعض الجهات التي تمول كل الموالين لها بالدعوة إلى التمرد على الدين وتعاليمه ، وهن كثيرات ، وكلهن منضويات تحت ما يسمى بالجمعيات أو المنظمات الحقوقية للنساء ...
ومما زادهن تمردا وغرورا استقالة طبيبة سرطنة الدماء من رابطة علماء المغرب المسماة : (أسماء لمرابط) بسبب دعوتها إلى إلغاء قاعدة التعصيب مع العمل على مساواة الذكر والأنثى في الميراث ، وهي الدعوة التي يجهر بها المدعو أبو حفص في جميع الميادين والمنابر الإعلامية ، كما في قوله في تصريح لموقع ( المصدر ميديا ) يوم الإثنين 26/03/2018
على هامش ندوة نظمتها “المصدر ميديا” تحت عنوان: " قراءة في كتاب الذكاء الجهادي وتفكيك آلية هندسة الإرهاب " بقوله : ” الحالة التي نتحدث عنها فيما يتعلق بالتعصيب هي حالة نرى فيها الكثير من الظلم الذي يلحق المرأة، ففي حالة ما إذا توفي الشخص ولم يترك ولدا ذكرا و ترك بنت واحدة أو أكثر فإنه بمقتضى القانون الجاري به العمل اليوم من حق إخوة المتوفى و أعمامه و أبناء العم أن يكون لهم نصيب من تركة الهالك تصل إلى النصف في حالة إذا كانت البنت الواحدة، هذا الأمر أصبح اليوم غير منطقي ومقبول في العصر الذي نعيشه اليوم بحكم تغير نظام الأسرة و الأعمام وأبناء الأعمام لم يعد لهم ذلك الدور الذي كان لهم في السابق”.
وختم محمد عبدالوهاب رفيقي تصريحه بقوله :” هذا النظام غير منصوص عليه لا في القرآن ولا في السنة إنما هو اجتهاد فقهي على غرار الاجتهادات الأخرى التي وقعت في السابق”.
وقد هاجمه رفيق دربه في السلفية محمد الفزازي بالقول "أبو حفص لم يقلب معطفه بل مزقه ومزق سرواله كذلك". وهو أيضا من المدانين بالضلوع في هجمات الدار البيضاء.
أما الشيخ حسن كتاني أحد شيوخ السلفية الكبار في المغرب فقال "زعم تافه أن مناقشة المساواة في الإرث لم تعد خطا أحمر، بل هي خط أحمر غليظ".
لكن أبو حفص شدد في حديث لوكالة (فرانس برس) على أن مسألة الميراث ينبغي أن تخضع للتغيرات التي تطرأ على المجتمع، داعيا الفقهاء وعلماء الاجتماع ونشطاء حقوق الإنسان إلى فتح نقاش حول هذه المسألة يكون أساسه تحقيق العدل .
فعن أي عدل يتحدث عنه هذا المختل فكرا وعلما ؟ فهل يوجد عدل فوق عدالة الحق سبحانه وتعالى ؟ أم أنه يريد بزعمه هذا زيادة في الشهرة وجلب المال ، والحال أن شهرته لاحت في الأفق منذ سنة (2003) أم أنه يريد كما تريد جهنم يوم يقول لها الله سبحانه وتعالى : " هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ " (سورة ق 30)
إن من وضع أسس نظام الإرث في الإسلام هو الله سبحانه وتعالى ، وهو الموصوف بالحكم العدل ، وكل قول خالف قول الله ورسوله في الكتاب والسنة فهو زندقة ، إن لم نقل : إنه كفر بما جاء به الله ورسوله ..
وعلى الذين يَدَّعون بما يزعمون أن يعلموا أن إلغاء التعصيب من الميراث هو هضم لحقوق المرأة بامتياز ، ذلك أن نظام الإرث في الإسلام قد فضلها على الرجل في كثير من حالات التعصيب سأتناول بعضها بعد الرد على توأمي المقال المشترك (بنشقرون ، ويفوت) اللتين احتجتا بالتطاول على النصوص بما يسمى عند الفرضيين بمسألتي الغراوين ، وهي زوج أو زوجة وأب وأم ، وقالتا بالحرف : " فماذا عن اجتهادات سيدنا عمر رضي الله عنه فيما ورد فيه نص قرآني؟ يكفي أن نورد فقط بعضها، كاجتهاده في الثلث الباقي للأم. فإذا توفيت امرأة تاركة زوجها وأباها وأمها، أو توفي رجل تاركا زوجته وأمه وأباه، فإن النص القرآني يقضي بأن يكون للأم الثلث. لكن سيدنا عمر خالف هذه القسمة عندما لاحظ أنها لا تحقق مقصد العدل في السياق الاجتماعي الذي عاش فيه. فاجتهد عمر بأن أعطى للأم ثلث الباقي وليس ثلث التركة. ففي الحالة التي تتوفى فيها امرأة عن زوج وأم وأب، يرث الزوج النصف وترث الأم ثلث ما تبقى من النصف ويبقى للأب ثلثي ما تبقى. أي أن هذا الأخير يرث حسب اجتهاد عمر ضعف نصيب الأم وقد كانت ترث ضعفه حسب النص القرآني. المقصود من سرد المثال هو تبيان اجتهاد عمر رضي الله عنه في حالة ورد فيها نص قرآني،ولم يعترض عليه الصحابة أويتهموه بمخالفة كتاب الله، وقد كان كبارهم من أمثال علي كرم الله وجهه وعثمان بن عفان وعبد الرحمان بن عوف وزيد بن ثابت رضوان الله عليهم وغيرهم مستشارين له "
وباستدلالهما هذا يكون الغباء لديهما هو الآخر توأما .. لأن استدلالهما هذا حجة عليهما لا لهما ، ذلك ، أن ما ورد عن سيدنا عمر (ض) في هاتين المسألتين هو إثبات التعصيب لمحاصصة حظ المرأة بنصف حظ الرجل ، استنبطه سيدنا عمر (ض) من معنى الآية (11) من سورة النساء في قوله تعالى : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين " حيث أدرك أن قوله تعالى : " ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث " على أن للأب الثلثين طبقا لآية التعصيب "للذكر مثل حظ الانثيين" خلافا لابن عباس (ض) الذي ذهب مع ظاهر الآية ، وبقوله هذا يكون حظ الأم ضعف حظ الأب في الميراث .. ثم إن توأمي المقال المشترك (بنشقرون ، ويفوت) قد اكتفتا بمسألة الغراوين عند عمر (ض) للاحتجاج ، ولم تأتيا بأمثلة أخرى من قضاء سيدنا عمر (ض) في هذا الباب كمسألة الحمارية – مثلا – والتي هي : زوج ، وأم ، وأختان لأم ، وأخ شقيق ، وغيرها كثير ؟ وهذا هو الجهل بعلم الفرائض ، وهو معلوم في هذا التوأم ، وهكذا فلا حجة للتوأم بمسألتي الغراوين اللتين عرفتا باسم (العمريتين) ولا بمسألة الحمارية في علم الفرائض .
إن علم الفرائض عند المسلمين قد منح المرأة في أكثر الحالات حظوظا من الميراث لم يكن للرجل فيها حظ ، ومن الأمثلة على ذلك مسألة الأكدرية أو الغراء ، وهي ( زوج ، وأم ، وجد ، وأخت شقيقة أو لأب ) للزوج النصف لعدم وجود الفرع الوارث، وللأم الثلث لعدم وجود الفرع الوارث ، وللأخت النصف ، وللجد خيار الأفضلية : السدس أو ثلث الباقي أو مقاسمة الأخت . فأصل المسألة من (6) وتعول إلى (9) وتصح من (27) للزوج (9) وللأم (6) والباقي من (27) هو (12) يقتسم بن الجد والأخت ، للجد (8) وللأخت (4) على قاعدة التعصيب ( للذكر مثل حظ الانثيين ) قال أبو عبد الله محمد بن علي الرحبي في مسألة الأكدرية :
والأُخْتُ لاَ فَرْضَ مَعَ الْجَدِّ لَهَا ... فِيمَا عَدَا مَسْأَلَةٍ كَمَّلَهَا
زَوْجٌ وَأُمٌّ وَهُمَا تَمَامُهَا ... فَاعْلَمْ فَخَيْرُ أُمَّةٍ عُلاَّمُهَا
تُعَرَفُ يَا صَاح بِالأَكْدَرِيَّهْ ... وَهْيَ بِأَنْ تَعْرِفَهَا حَرِيَّهْ
فَيُفْرَضُ النِّصْفُ لهَا والسُّدْسُ لَهْ ... حَتَّى تَعُولَ بِالْفُرُوضِ الْمُجْمَلَهْ
ثُمَّ يَعُوْدَانِ إِلَى الْمُقَاسَمَهْ ... كَما مَضَى فَاحْفَظْهُوَا شْكُرْ نَاظِمَهْ
وجاء في أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك ، الجزء (3) الصفحة (303) لأبي بكر بن حسن بن عبد الله الكشناوي (المتوفى: 1397 هـ) :

أتيتك بالغراء فاعلم بأنها ... ستبلغ سبعا بعد عشرين تجمع
فللزوج تسعة وللأم ستة ... ثمانية للجد والأخت أربع
وهي هكذا :
أصل المسألة عولها تصحيحها
6 9 27
النصف زوج 3 3 9
الثلث أم 2 2 6
النصف أخت 3 3 4
الباقي تعصيبا جد 1 1 8

خلافا لمسألة المفضول الذي لو ماتت زوجة وتركت زوجا ، وأما ، وجدا ، وأخا شقيقا أو لأب ، فإن الأخ هذا لا بناله شيء من التركة ، إذ أن للزوج النصف لعدم وجود الفرع الوارث ، وللأم الثلث لعدم وجود الفرع الوارث ، وللجد خيار الأفضلية بين سدس التركة ، أو ثلث الباقي أومقاسمة الأخ ، إذن ، فأصل المسألة من (6) للزوج النصف (3) وللأم الثلث (2) والباقي (1) يأخذه الجد فرضا ، وهكذا يقال للأخ : لك العزاء ، لأنه عاصب لم يبق له شيء هكذا :
أصل المسألة
6
النصف زوج 3
الثلث أم 2
السدس جد 1
الباقي تعصيبا أخ 0

ففي شرح حدود ابن عرفة ، للرصاع ص : (536)
وَلَا يَيْئِس الْمَفْضُولُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى ... مَزِيدٍ عَلَيْهِ فَضْلُهُ بِالضَّرُورَةِ
فَرُبَّ مَقَامٍ أَنْتَجَ الْأَمْرُ عَكْسَهُ ... كَحَمْلٍ بِأُنْثَى جَاءَ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ
لَهَا إرْثُهَا فِيهِ وَزَادَ لِجَدِّهَا ... وَلِلذَّكَرِ الْحِرْمَانُ دُونَ زِيَادَةِ

وغير هذا مما تكون المرأة فيه أكثر حظا من الرجل ، أو تساويه ، أو أنها قد ترث ولا يرث .
فاتقوا الله أيها الفضوليون المتنطعون ولو قليلا ، ولا تكونوا كالرويبضة ، وابتعدوا عن حرمة كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفشلوا وتذهب ريحكم .





#المصطفى_البخاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجولة الرابعة
- الجولة الثانية
- الجولة السادسة
- التوكيد المعنوي في عرف النحاة
- إشكاليات التراث المغربي في فن القراءات


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - المصطفى البخاري - الثوابث الشرعية بين الجانحين والمتأسلمين