|
اختلافات القرآن في خلق الانسان
صباح ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 5800 - 2018 / 2 / 27 - 23:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يقول المسلمون ان القرآن كتاب سماوي وهو من كلام الله اوحى به الى محمد بن عبد الله ، ويصف القرآن هذا الكتاب بقوله : وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد ٍ) فصلت/ 41- 42 والمفروض ان كتاب الله وكلامه ليس فيه اخطاء ولا تناقضات و لا تختلف آياته مع بعضها البعض ، وكلها تأتي متفقة المعاني مع وحدة المقاصد . ولتأكيد صحة القرآن وعدم وجود اي اختلافات فيه او تناقضات ، فقد وُصِفَ بأنه كتاب لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن ، لا بسرقة ، ولا بإدخال ما ليس منه به ، ولا بزيادة ولا نقص ، فهو محفوظ في تنزيله ، محفوظة ألفاظه ومعانيه ، قد تكفل من أنزله بحفظه كما قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) . فَلَا يَأْتِيهِ مَا يدحضه ويبطله من اي جهة من الجهات .. كما جاء التحدي الاكبر فيه على شكل اية قرآنية تقول : " أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا " . لقد تدبرنا مع كثيرين القرآن فوجدنا فيه اختلافا كثيرا كما سنبين هنا ، فهل يحكم القرآن على نفسه بأنه من عند غير الله ؟ في سورة - المؤمنون 12 : يتحدث القرآن عن المادة التي خلق منها الانسان قائلا : [ ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ] يفسر الطبري الاية قائلا : " خُلِقَ الانسان الاول من أديم الأرض ، وقال آخرون بل عنى ذلك ولقد خلقنا (ولد آدم) وهو الأنسان من سلالة وهي النطفة التي استلت من ظهر الفحل ، وهو آدم الذي خلق من طين . ولاندري ماهي علاقة النطفة بالطين ؟ الاختلاف يبدو واضحا في تفسير السلالة بين المفسرين كالعادة . فهل خلق آدم من 1- اديم الارض ... ام 2- خلق ولد آدم من نطفة استلت من ظهر الفحل (آدم) الذي خلق من الطين . سورة الصافات 11: " فاستفتهم أهم أشد خلقا أم مَنْ خلقنا ، إنا خلقناهم من طين لازب " . يفسر الطبري معنى الطين اللازب انه لازم ، اي يُلصق باليد . ويفسره ابن كثير : قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك : هو الجيد الذي يلتزق بعضه ببعض ، وقال ابن عباس وعكرمه : هو اللزج الجيد ، وقال قتادة : هو الذي يلزق باليد "... انتهى التفسير . السؤال هنا : هل هذا الطين اللازب الذي خلق منه آدم يلزق باليد ، ام يلزق بعضه ببعض ام هو من اللزج الجيد ؟ سورة الروم 20 : " ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم اذا انتم بشر تنتشرون " . التراب هو مادة جافة غير قابل للتشكيل ، والطين مادة خليطة من التراب مع الماء وتأخذ القوام اللين ويمكن تشكيلها بهيئة ما . يفسر الطبري الاية قائلا : " ان كل موجود فخلقه خِلقَة َ ابيكم من تراب ، يعني بذلك خلق آدم من تراب ، فوصفهم (البشر) بأنه خلقهم من تراب " . قال ابن كثير : قال رسول الله (ص) ان الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك . والخبيث والطيب والسهل والحزن (الخشن) وبين ذلك " . لاحظ ايها القارئ ان محمدا يشبّه الله بأنسان له قبضة يستخدمها في التقاط تراب الارض بقبضة يده !! والقرآن يقول عن الله ليس كمثله (شئ) ... لا تعليق . في سورة الرحمن 14 : " خلق الله الانسان وهو آدم من صلصال " . يقول المفسرون : الصلصال هو الطين اليابس الذي لم يطبخ . فهو يصلصل كالفخار ، والفخار هو طين يابس وليس لازب . التعليق : ليس التراب هو فخار ، وليس هو صلصال وليس هو طين لازب يلتزق ببعضه او باليد وليس التراب بالطين اللزج الجيد. كل من تلك المواد لها صفات فيزيائية وكيميائية وحالة تختلف عن الاخرى . فمنه االتراب الجاف و الطين الرطب والطين المفخور والصلصال الغير مطبوخ و الفخار المشوي بالنار . فمن اي مادة من تلك المواد المتنوعة خلق الله آدم ؟ ابن عباس قال : "خلقه من صلصال كالفخار، وهو من الطين الذي اذا مطّرت السماء فيبست الأرض كأنه خزف رقاق " . اي يصبح كقشرة الارض الرقيقة الجافة بعد البلل . والصلصال هو قشرة الارض اليابسة المتشققة بعد مطر السماء . تفسير الجلالين : " خُلق الانسان (آدم) من صلصال طين يابس يسمع له صلصلة اي صوت اذا نقر كالفخار وهو ما طبخ من طين " . نتسائل هل خلق الانسان من : 1 - سلالة من طين ، 2- طين لازب ولزج ، 3- تراب الارض اليابس، 4- صلصال كالفخار ؟ اليس هذا اختلافا كثيرا في القرآن ؟ جاء في سورة الحجر 26 : " ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمأ مسنون " . الحمأ المسنون هو الطين الاسود المتغير . في تفسير الجلالين : " من صلصال اي من طين يابس يسمع له صلصلة اذا نقر . الحمأ هو الطين الاسود ، المسنون يعني المتغير ". تفسير ابن كثير : " الحمأ المسنون اي الصلصال من حما وهو الطين والمسنون هو الاملس " ... كالعادة تباين في التفسيرات بين المفسرين الكبار. فهل هو طين متغير ام طين املس ام طين لزج ام تراب يابس ؟ اختلف المفسرون كالعادة ، والله اعلم . يقول الشيوخ انتم لا تفهمون القرآن ولابد من الرجوع لكتب التفسير ، فأن كان المفسرون غير متفقين على تفسير واحد ، فلمن نرجع ومن نصدق ؟ اما ابن عباس فقد خلط كل تلك المواد مع بعضها لترقيع الاختلافات وسد الثغرات في القرآن فقال : " خلق الانسان من ثلاث : من طين لازب و صلصال وحما مسنون ". حاول ابن عباس ترقيع الفتوقات الكبيرة وتوحيد التباين في مادة الخلق ، فاصبح آدم مزيجا مختلطا من مواد عديدة كي لا يطعن في مصداقية القرآن والكشف عن الاختلافات والتناقضات التي فيه ، كي لا يظهر انه من عند غير الله . لاحظ كلام ابن عباس انه يضع حرف واو العطف بين الطين اللازب و الصلصال والحمأ المسنون . اي اصبح آدم خليطا ومزيجا من مواد مختلفة الاشكال والقوام ، منها اليابس والرطب والفخار والصلصال والطين الاسود واللازق اللزج والمتغير الشكل . لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا . مع الاسف لم نجد فيه اختلافا قليلا بل اختلافا كثيرا . فمن كتب القرآن ؟ وما مصدره ؟ لقد وجدنا فيه اختلافا كثيرا فهل هو من عند الله ايها القارئ الفطِن ؟ مجرد تسائل .
#صباح_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يحقد الاسلام المتطرف على المسيحية
-
هل يعبد المسيحيون ثلاث الهة ؟
-
هل اثبت العلم وجود الله ؟
-
اقتباسات القرآن من المصادر اليهودية والمسيحية
-
فساد برزاني بوثائق امريكية
-
هل تحب قريبك كنفسك ؟
-
تعليقات على اخطاء القرآن
-
المسلمون اصبحوا سمكا يأكل بعضه بعضا في بحيرة يجف ماءها تدريج
...
-
حقوق كردية على حساب حقوق الوطن
-
نقد افكار الفيزيائي ستيفن هوكينج حول خلق الكون
-
هل يعبدون شيطانا
-
الاخطار التي تهدد الحياة على كوكب الارض
-
شئ من اخطاء القرآن
-
سفر التكوين بين الخلق والتطور
-
رسالة مسعود البارزاني و التعليق عليها
-
الشفرة الوراثية والتطور
-
مصدر الحياة على الأرض
-
ما معنى واصل كلمة الله أكبر
-
عادت نينوى لاحضان الوطن رغم انف الدواعش
-
اسئلة الى اله القرآن
المزيد.....
-
الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين
...
-
مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج
...
-
حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين
...
-
قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا
...
-
العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي
...
-
مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى
...
-
مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
-
الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد
...
-
لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة زبدين في مزارع شبعا
...
-
تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|