أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - إبراهيم ابراش - التباس مفهوم الأنا والآخر في ظل فوضى الربيع العربي














المزيد.....

التباس مفهوم الأنا والآخر في ظل فوضى الربيع العربي


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 5763 - 2018 / 1 / 20 - 10:54
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


حالة الفوضى التي يشهدها العالم العربي ليست من نوع الفوضى أو الحروب الأهلية أو الثورات الخلاقة التي تضطر إليها الشعوب في بعض المنعطفات التاريخية للخروج من عنق الزجاجة وتجاوز حالة استعصاء لم تفلح معها المعالجات السياسية السلمية ، فهذا النوع من الحروب الأهلية حتى وإن نتج عنها فوضى فهي تنتمى إلى الفوضى الخلاقة – بالتأكيد ليس الفوضى التي بشرت بها كونداليزا رايس في عهد أوباما - لأنها تستولد في أغلب الحالات جديدا أفضل مما كان موجودا في كل مناحي الحياة ،في السياسة والاقتصاد والثقافة والفكر الخ .
أغلبية الحروب الأهلية والثورات وبالرغم مما صاحبها من ويلات فقد أسست لأفكار وأيديولوجيات وأوضاع اجتماعية وسياسية واقتصادية شكلت شبه قطيعة بالمعنى الإيجابي مع ما كان سابقا . الثورة الفرنسية عززت ونشرت مفاهيم الحرية والمساواة وإرادة الأمة ، والثورة الأمريكية عملت على توحيد الولايات الأمريكية وأسست لنظام ديمقراطي مهد الطريق لإلغاء العبودية ، والثورة الروسية في أكتوبر 1917 أنهت النظام القيصري ،وهكذا بالنسبة لكل الثورات والحروب الأهلية في أوروبا التي وضعت أوروبا في طريق الديمقراطية والتحضر ، نفس الأمر بالنسبة لثورات التحرر الوطني ضد الاستعمار التي نقلت الشعوب من حالة العبودية إلى الحرية والاستقلال .
ما يشهده العالم العربي اليوم لا علاقة له بما سبق بل هي فوضى هدامة وحروب أهلية طائفية ومذهبية وصراع حول المصالح والمغانم ،وأغلبية أطرافها المتصارعة ليست نتاج تطورات داخلية أو صيرورة لتفاعلات داخلية خالصة بل تم صناعتها ويتم تمويلها خارجيا .
ما يثير القلق من الحالة العربية الراهنة ليس فقط الجانب السياسي وتمظهراته ، زعزعة مرتكزات الدولة الوطنية ، سيطرة هاجس الأمن على حساب متطلبات التنمية المستدامة ، تزايد النفوذ الأجنبي والتبعية للخارج ، وتطاول دول الجوار على الأمة العربية ، فهذا الخراب المادي والسياسي يمكن مواجهته وتعويضه نسبيا .
الخراب والخطر الأعظم هو ما يتعلق بالهوية والثقافة والتاريخ وزعزعة الثوابت والمرجعيات الجامعة على المستوى الوطني والقومي والإسلامي . ما تشهده المنطقة من فوضى استحضرت مجددا مسألة الهوية وإعادة تعريف (الأنا) و (الآخر) و الاستقطاب الهوياتي . (الأنا) اليوم لم تعد العربي المعتز بذاته وتاريخه في مواجهة (الآخر) الغربي والإسرائيلي المُصَنف كعدو تُلصق به كل ما في قاموس اللغة العربية من مثالب ، ولا (الأنا) المسلم عنوان الرحمة والعدالة والأمة الوسط في مواجهة (الآخر) المسيحي أو اليهودي (الواجب قتاله حتى يدخل الإسلام أو يدفع الجزية) !.
التبس وتغيَر مفهوم (الأنا) و مفهوم (الآخر) كتعريف هوياتي وأيديولوجي استقطابي كما وقر في الفكر السياسي الإسلامي طوال ألف وأربعمائة عام وكما وقر في العقل السياسي العربي طوال مرحلة ما بعد الاستقلال . العربي اليوم يقاتل ويُخوِّن العربي ،والمسلم يقاتل ويكَفِر المسلم ، كما تشوهت والتبست مفاهيم الوطن والوطنية والمواطن داخل الوطن الصغير أو الدولة الوطنية .
داخل ما كان أو يجب أن يكون وطنا مشتركا التبست وتشوهت الأنا الوطنية ، فلم يعد اليوم العراقي أو السوري أو الليبي أو الجزائري أو الفلسطيني الخ هو ذاته في مواجهة آخر يهدد الدولة والهوية الوطنية ، بل تشظت حتى الأنا الوطنية وأصبح الآخر العدو من داخل الحالة الوطنية وليس خارجها ، بل من كان يوصف كآخر وعدو أصبح اليوم صديقا وحليفا عند البعض .
(الأنا) اليوم لم تعد الهوية الكلية الجامعة بل تشظت وتشظرت لتصبح أنا العائلة والمذهب والطائفة والملة وكل من تلتقي مصالحه معها يصبح جزءا منها حتى وإن كانت إسرائيل أو واشنطن ، و(الآخر) لم يعد كل مَن يهدد الأمة العربية والإسلامية والأمن القومي والوطني بل كل من يتعارض مع أنا العائلة والمذهب والطائفة والملة حتى وإن كان مَن شاطرني الوطن والديار والعيش المشترك لمئات السنين .
وهكذا ، وسط انشغال الجماهير العربية بفوضى الربيع العربي غابت القضايا الكبرى وكل ما يعبر عن الثوابت والمرجعيات الوطنية والقومية والإسلامية الجامعة ، وانزوى المفكرون والمثقفون العقلانيون الكِبار الذين يُبدعون للوطن وللأمة متحررين من الحزبية المقيتة والطائفية الضيقة ،وأصبحت الكتابة اليوم في القضايا الفكرية الكبرى وحول الثوابت والمرجعيات وكأنها تغريد خارج السرب أو هروب من مواجهة الواقع .
اليوم كل شيء أصبح مسطحا وبلا هوية وبلا معنى ، والأخطر أن الآخر – الغرب وخصوصا واشنطن - هو الذي أصبح يُصنِف ويُحدد هويات ساكِنة المنطقة ويضع الخرائط ويُعيد ترسيم حدود .

[email protected]



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب الرئيس وقرارات المركزي والدوران في حلقة مفرغة
- المجلس المركزي الفلسطيني ليس (مربط الفرس)
- ماذا تنتظرون سيادة الرئيس أبو مازن ؟
- أكذوبة المنح والمساعدات الخارجية
- في ذكراها 53 : الثورة الفلسطينية والشرعية الدولية
- فلسطين 2017 : فشل في المراهنات وانقلاب في المواقف
- لعبة الأمم في هيئة الأمم
- الهروب نحو الأمم المتحدة ليس حلا
- الرد الفلسطيني على مستجدات السياسة الأمريكية
- انقلاب في سياسة واشنطن وليس مجرد قرار رئيس
- نقل السفارة الامريكية إلى القدس :الخلفيات والتداعيات
- طبِّعوا إن شئتم ،ولكن ليس على حساب الحق الفلسطيني
- إرهاب الصغار للتغطية على إرهاب الكبار
- إشكالية الديني والسياسي والبحث عن مرجعية ناظمة
- المال السياسي كبديل عن إرادة الشعب : لبنان واستقالة الحريري ...
- الرئيس الذي توزع دمه بين القبائل
- الصفقة الكبرى بين التهويل والتهوين
- إشكالية الموضوعية في البحث والتحليل السياسي
- وعد بلفور :افتئات على التاريخ وانتهاك للحقوق
- السياسة بين الواقعية والمثالية


المزيد.....




- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - إبراهيم ابراش - التباس مفهوم الأنا والآخر في ظل فوضى الربيع العربي