أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - رواية -مولانا-.. بين عنصر التشويق وزحمة الأفكار















المزيد.....

رواية -مولانا-.. بين عنصر التشويق وزحمة الأفكار


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 5757 - 2018 / 1 / 14 - 17:57
المحور: الادب والفن
    


رغم استمتاعي برواية "مولانا" لابراهيم عيسى الاّ انّها ذكرتني بأفلام الأبيض والأسود في السينما العربية، حينما تستند القصة على أغاني (مطرب- ممثل) مشهور وتؤُلّف أحداث الفيلم وفق كلمات تلك الأغاني، إذ اعتمدت الرواية على جملة أفكار وآراء سبق وأن طرحها (المؤلف- الصحفي) في برامج ومقالات، فجاء وقدّمها على شكل أدب روائي، حاك نسيجه من معتقدات واجتهادات شكّلت هيكل العمل الذي كساه لحماً سردياً، وحاول جاهداً خياطته بخيوط التشويق والمشاعر، فما أن تقرأها، تلحظ ان الجدليات ترتدي شخصيات روائية وخليط أفكار متشعبة، حتى يمكن تصنيفها ضمن روايات الفضاء المعرفي التي يخرج منها القارئ وهو مفعم بكم غزير ومكثف من الزخم المعلوماتي.
الرواية تمثّل فرصة لإبراهيم عيسى لاستعراض معلوماته الخاصة حول كثير من المسائل الدينية التي تراكمت لديه جرّاء المامه بخبايا ما يحدث فى كواليس المجال الاعلامى"الفضائى" بشكل خاص، ومدى تحكم واستعباد مسؤولي أمن الدولة للقائمين عليه، مالكين وعاملين، لتتجلى لاحقاً فى ايضاح الكثير من التفصيلات التى تخفى على المشاهد العادى أو رجل الشارع بشكل عام.
كان بوسع الكاتب أن يجمّع مقالاته الصحفية في كتاب غير انه آثر أن يضفي عليها طابعاً سردياً من أجل أن يستسيغها القرّاء بعد أن غلّفها بعنصر التشويق والاثارة والاستفزاز العقلي.. إبراهيم عيسى، الصحفي المعارض الجريء، الذي بدا كتابة روايتع عام 2009 وعارض الرئيس مبارك وابنه في عز سطوة النظام و جبروته، وحوَّل جريدة "الدستور" الى منبر مفتوح لكل معارضي النظام، من أقصى اليسار إلى قيادات الاخوان، أنتج رواية باهرة تحولت الى فيلم وربما الى مسلسل لسخونة موضوعها.

موضوع الرواية
يطرح عيسى الكثير من الآراء التي تمسّ راهن المجتمع والدولة والقضايا التي تشغل أذهان عدد كبير من الناس، وبالخصوص احتراف الدين والاسترزاق بواسطته دون إغفال تقرّب الدعاة من الحكّام والمتنفذين والتزلف اليهم.. تقتحم الرواية بقوّة عوالم ما أُصطلح على تسميتهم بشيوخ الفضائيات ودعاة التليفزيون ووعّاظ السلطان، وتسلّط الضوء على كواليس العمل في تلك القنوات، حيث عالج عيسى فى ثنايا روايته إشكاليات ذات طابع إسلامي بحت مثل ماجرى تحويره من الأحاديث النبوية وفكر المعتزلة (من حيث تفضيل العقل كموضع للتشريع يسبق القرآن والسنة) والتشيّع والصوفية وأهل الذمة والإرهاب وعالم رجال المال والأعمال، وناقش كذلك بشكل بانورامي، أموراً هي بمثابة جدل في الدين مثل حادثة الأفك والتنصر والمعتزلة ورجم الزانية وزيجات النبي وإرضاع الكبيروعدم وجود وساطة في الدين وعذاب القبر وغيرها، إضافة الى النقد لسياسي اللاذع للعائلة "المباركية" وسيطرتها على كل مفاصل الحياة وتسخيرها للإعلام والمساجد وشيوخ الدين لخدمة مصالحها، إدراكاً من المؤلف بأن واقع البرامج الدينية التلفزيونية بات شيئاً أساسياً في يوم كل مشاهد.

الاسلوب واللغة
لجأ عيسى الى الأسلوب العفوي والساخر، وأهم من ذلك برع في شدّ القارئ بواسطة عنصري الإثارة والتشويق من أجل خلق تربة لينة لبذر رؤيته وقناعاته ولئلاّ يثقل على المتلقي حتى لا يصاب بالملالة من فيض لمعلومات، ثم جعل القارئ يتكهن بجزء مما سيحدث، متفهماً نفسيته وابتهاجه عندما يتحقق ما تصوره ( كالذي جرى بشأن نشوى).. بدا جريئاً في اطلاق سيل هادر من الأحاديث والاستدلالات القرآنية التي تخللتها لغة بارعة في فن المناظرة والتنظير وتمرير المعلومة الوافية، بلغة تمزج بين العامية والفصحى، متداخلة معها على نحو خفيف، ليس فقط في الحوار وانما في السرد كذلك، منكلّا بقدسية وزخرفة اللغة العربية وكاسياً إيّاها ملابس شعبية كي تصل وتشدّ الجماهير ببساطة السرد، وتلامس حيواتهم على نحو غير متكلف وبشكل طريف ممتع، واكتنفت الرواية أحياناً لغة ومفردات بلاغية وتشبيهات وصفية بارعة.

الداعية حاتم الشناوي أم صوت ابراهيم عيسى؟
تبدأ الرواية بالشيخ حاتم فى برنامج يتحدث عن الدين وهو داعية منفتح ومناظر بارع وصاحب أداء مسرحي مدروس وخفة دم وروح دعابة لا يمتلكها سوى المصريون، غير انه لا يطرح ما يؤمن به بل يقول ما يحب سماعه الجمهور وينال رضا السادة الكبار. يمتلك الشناوي موهبة وقدرة خطابية عالية ومؤثرة وعلم واسع غزير ولكنه يضطر الى كبت هذا العلم بداخله ويفضّل التحدث في قشور الدين والخوض في موضوعات مثيرة للجدل من أجل جلب الاعلانات والدعاية لبرنامجه وبالتالي يزداد أجره وإقبال المنتجين عليه.
ورغم ان الشناوي بدا وكأنه الاداة التي نقل عبرها عيسى رؤيته وجعل منه شخصية محبوبة وذكية وخفية دم لا تملك إلا أن تتعاطف معه وتحبه وبالتالي تصلك آراءه كآراء صديق تألفه وتقدره، الاّا ان الجيد في الأمر أنه لم يجعله بطلاً ولا أسطورة، إذ كانت له نزواته وسقطاته وصراعاته النفسية وعيوبه، وهو سبب آخر يجعلك تتعلق به وتحبه، فهو لا يغتصب النكتة من القارئ ولا يحتاج للتحايل عليه بلغة سردية صمّاء الروح متعالية.. وتجلت أزمته في ما يسكنه من صراع داخلي في أن يكون نفسه ويقول العلم الصحيح الذي درسه وآمن به، وفي رغبته الجوّانية بأن لا يحيد عن منهج الأزهر الذي نهل منه علومه وإرثه الديني، وبين أن يبقى على محاولاته في كسب ثقة السّاسة وأجهزة الأمن، مكللاً بالنفاق والكذب، حفاظاًعلى امتيازات ونِعم حصل عليها.. يتضح هذا الاحتدام النفسي في اسلوب المونولوج الداخلى المسيطر على العمل من بدايته لمنتهاه حيث عبّر عن ذات مضطربة بأبعاد عقلية وعاطفية وفكرية ملتبسة.. وهكذا ظلّ الشناوي انساناً من لحم ودم، يحب ويكره، يغضب ويتألم، يعاني من التناقض والحيرة، مثله مثل المجتمع الذي يعيش في وسطه، بين ما يؤمن ويفكر به في داخله، وبين ما يظهر منه أمام الناس.
كان الشناوي عالماً بدينه وليس متعالماً وشخصاً ذي قلب طيب كبير، ومع كل ذلك جعله المؤلف بصورة "إنسان" يضعف أمام المادة وأمام النساء: "الشيوخ لو بسّطوا الدين فلن يأكلوا عيشا يا باشا، فهم يعيشون على تعقيده".
عمّ تكلّم الشناوي؟ أظنه قال كل ما يحب إبراهيم عيسى قوله.

مؤاخذات على الرواية
يميل النقاد الى الرأي الزاعم بأن إبراهيم عيسى كصحفي، أو "جورنالجي" كما يحب أن يسمي نفسه، أفضل بكثير بالتأكيد من كونه أديبا، وان الرواية، كعمل أدبي، من حيث السرد والحبكة واللغة، لا تمتلك الصياغة الفنية ومقومات الرواية المتماسكة، وفي الخصوص إخفاقه في نسج الشخصيات الأخرى غير حاتم الشناوي، بدّقة وبابعاد نفسية مؤثرة، ورغم ثراء مترادفات المؤلف الا ان الاطناب في اجزاء من الرواية جعلها تنحى منحى الاسلوب الصحفي الذي يهيمن فيه الحدث على السرد والوصف.. ويتضح ذلك في شخصية حسن الذي جعله مرتبط بخيطين، السلطة لتبيان مفاسدها، والتنصّر والمسيحية ليبيّن وجهة نظره فيه، وبالتالي جاءت نهايته الغريبة والصادمة، فلو كان منذ البداية سائراً باتجاه التطرف، لسعى الى طرق أخرى أسهل في الوصول الى غايته غير التبرع بأموال للجماعة الكنسية أو جرح معصميه.
وأخيراً، هل "مولانا"رواية مثقلة أكثر مما يجب بمعلومات وفيرة، أم انها رواية مفيدة تدعوالى التمعن والتفكير؟ هل هي متقنة تثير اعجاب القارئ، أم انها رواية مشوّقة تمتّع من يقرأها؟ يبقى الحكم للذي يقرأها.



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصة الصيادين
- يا لون الرحيل !
- ثرثرة في ساونا
- من أدب الرحلات.. الصين
- ني هاو تشاينا
- عالم سائل
- الحصير والهجير
- هجير وهجران
- دومينو عراقية
- نار (هلي) ولا جنتك
- العراق عام بعد مئة عام من التغيير، قصص خيال علمي
- فصل فيسي
- (خبال) علمي 2
- أنا صنعتكِ من خيالي
- قمامة وعمامة
- يوم همست المدن بكامرة قاسم عبد
- البيئة المحلية في الرواية.. زخرفة أم وظيفة عضوية؟.. رواية - ...
- الخالقون
- مش عيب يا محمد !
- (عشاء مع صدام)........مزاوجة بين السياسة والاستخفاف


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيحاء السامرائي - رواية -مولانا-.. بين عنصر التشويق وزحمة الأفكار