أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - فصائل السلام و الثورة العربية في فلسطين 1936-1939, نموذج لتعاون الفلسطينيين مع سلطات الانتداب البريطاني















المزيد.....



فصائل السلام و الثورة العربية في فلسطين 1936-1939, نموذج لتعاون الفلسطينيين مع سلطات الانتداب البريطاني


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 5721 - 2017 / 12 / 8 - 05:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثار الفلسطينيون في نيسان-أبريل 1936 ضد الاستيطان اليهودي والحكم الاستعماري البريطاني في فلسطين الانتدابية .وجردت بريطانية -إثر ذلك-حملة مكافحة تمرد أدت إلى سحق الثورة بحلول العام 1939، و اشتملت الحملة على نشر القوات الثقيلة , علاوة على العقوبات القانونية والعنف الرسمي وغير الرسمي والتعذيب والعقوبات الجماعية والحجز الجماعي و العمل الدبلوماسي (1). كما دعم الجيش البريطاني والحكومة الاستعمارية اليهود المحليين و الفلسطينيين المتعاونين لتشتيت الثوار وهزيمتهم. والتعاون الفلسطيني هو موضوع هذه المادة التي تركز على عائلة النشاشيبي الفلسطينية الموالية للحكومة، و على "فصائل السلام" غير النظامية، الشبيهة بالميليشيات (أو العصابات بالمعنى السيء ). كما ساعد اليهود في فلسطين فصائل السلام - موضوع العمل الأخير لهلئيل كوهين - كما فعل لك أيضا القنصل البريطاني في دمشق المقدم جيلبرت مكيريث(2). وبلغ الدعم البريطاني لفصائل السلام ذروته في كانون أول-ديسمبر 1938 عندما دعموا اجتماعا عاما برعاية آل النشاشيبي في قرية يطا قرب الخليل، حضره القائد البريطاني البارز في فلسطين، الجنرال ريتشارد أوكونور، وقادة عائلة النشاشيبي.
هذه المقالة هي دراسة حالة في فلسطين عن التاريخ العسكري للطريقة التي استخدم فيها البريطانيون التعاون معهم كسلاح لضمان السيطرة الإمبراطورية، وهي مدعمة بقراءة عميقة لأرشيف الجيش البريطاني المحلي بالإضافة إلى مواد أخرى باللغتين العبرية والعربية، وهذه الأخيرة محدودة من حيث العدد، في حين أن المواد العبرية مفيدة نظرا لامتلاك الييشوف( المجتمع اليهودي في فلسطين) لشبكة استخبارات فعالة(3). وتظهر هذه الدراسة كيف دعم البريطانيون فصائل السلام ، وتوضح بالتفصيل النشاطات الميدانية لهذه الفصائل، وهي تقوم تأثير هذه الفصائل على مسار الثورة العربية، وتحدد وجهات نظر الجيش البريطاني تجاه الراغبين في العمل مع السلطة الاستعمارية، وكل هذا يمثل صدى لتاريخ إمبريالي أوسع فيما يتعلق بالمقاومة والتعاون في الفترة المعاصرة (4) . وينطوي النقاش عن البريطانيين وفصائل السلام على نقاش آخر عن الموضوع الاستعماري: أي حملة التهدئة البريطانية ضد المتمردين شجعت الفلسطينيين على استيعاب المشروع الاستعماري والتعاون مع الحكومة، كما أن تفشي اللصوصية المترافقة مع حالات التمرد و صعوبة العيش الناجمة عن العمليات العسكرية شجعت الفلسطينيين أيضا على التعاون مع البريطانيين.
لا تتحدث المقالة عن الوعي السياسي الفلسطيني و هي ليست عنه ,إنما تتطرق إلى قضايا معينة مثارة مسترشدة بمناقشات أوسع حول السياسة الفلسطينية في تلك الفترة، والتي تناولها مؤخرا ويلدون ماثيوز، وجاكوب نوريس وشيرا روبرتسون. وهي تتفحص القراءات الاستعمارية والصهيونية (5) للفلسطينيين التي تبرز فيهم صفات ما قبل حداثية ذات خصائص شبة عشائرية تسهل رشوتهم و رشوة قادتهم البارزين، كما تظهرهم منقسمين لانتشار عادات الثأر و [الفساد]( 6 ) بينهم و"التعطش للدم و التعصب"، و من السهل تفريقهم بوساطة أعدائهم المتماسكين و ذوي الخبرة السياسية (7). ولا تسعى هذه المقالة لتفسير الفكرة القائلة بأن الفلسطينيين يتعاونون مع القوى الاستعمارية وما بعد الاستعمارية - في الواقع، تظهر العديد من الدراسات أن منهم من قام بذلك بالتحديد – وإنما هي تسعى ,من خلال دراسة تجريبية مفصلة، إلى توصيف السياق الذي تم من خلاله دعم القوى الاستعمارية لهذا التعاون ولماذا اختار بعض الخاضعين للاستعمار العمل مع السلطات الاستعمارية.
اعتمدت فصائل السلام على أشكال من التعاون والتحول للمواطنين الخاضعين للسلطات الاستعمارية في فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي ،وقد ساعدت عائلة النشاشيبي، التي أسست حزب الدفاع [الوطني](الذي كان ينتمي للمعارضة )، على إنشاء هذه الفصائل والعمل مع البريطانيين واليهود ضد منافسيهم لا سيما عائلة الحسيني.وقد عارض المجلس الذي يسيطر عليه آل الحسيني والحزب الوطني العربي خطوة آل النشاشيبي هذه ,حيث يشير المجلس هنا إلى المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة الحاج أمين الحسيني كبير رجال الدين المسلمين في القدس و الذي عينه البريطانيون (والذي يعرف عادة باسم "المفتي") والذي كان أيضا أحد رموز الثورة العربية و قائدها , وقد غادر فلسطين إلى لبنان في العام 1937، مطاردا من قبل القوات البريطانية، ثم بعدها إلى العراق وإيران وألمانيا النازية وفرنسا ومصر وعاد إلى لبنان حيث توفى في العام 1974.
قاد فخري النشاشيبي مع عميد أسرته و عمه راغب النشاشيبي التعاون [مع البريطانيين] خلال الثورة ,وكان هذا أحد أسباب اغتياله في العراق سنة 1941 عن طريق مسلحين مدعومين من عائلة الحسيني. عملت النخب الحضرية الفلسطينية عبر مجالسها مع البريطانيين بشكل وثيق خلال الانتداب للحفاظ على التعيينات المهنية والحكومية والرعاية التي يوفرها تولي مثل هذه المناصب الرفيعة ،الأمر الذي يؤكد على أن البريطانيين أجبروا الفلسطينيين على مثل هذا النوع من العلاقات، وقد استغلت النخب الفلسطينية أيضا برضاها الفرصة المربحة للعمل مع السلطات الاستعمارية(8).إن قراءة الفلسطينيين سياسيا و شخصيا بدلا من (أو أيضا) كشعب شكلته العشائر المتحاربة هو إيجاز مفيد، ويجدر أن يؤخذ في الاعتبار في أي تحليل عسكري تالي، ليس أقلها الروابط الأسرية كتفسير بريطاني معتاد لماذا يقاتل الناس مع أو ضد فصائل السلام .إن الولاءات الأسرية هي طريقة جزئية لفهم الفلسطينيين خلال الثورة العربية(9) .وفي حين أن الأفراد المنتمين إلى أسر الحسيني والنشاشيبي قادوا الكتلتين، فإن الغالبية العظمى من أعضاء كل جانب لم ينتموا إلى أي من هذه العائلات. كما لم تكن هناك علاقات دم واضحة بين أعضاء أي من الطرفين أو المجموعة. كان هناك أعضاء في كل مجموعة في جميع المدن والبلدات الكبرى، حيث كان المجلسيين يتمتعون بنفوذ أكثر في الريف بسبب الكاريزما التي يمتلكها الحاج أمين والسيطرة التي كان يبديها هو ومؤيديه على الأوقاف (المساجد والمدارس وما إلى ذلك)، وليس بسبب أي نسب للدم الحسيني. وكان محمد عزت دروزة نائبا للحاج أمين الذي لم يكن حسينيا ولا مقدسيا، ولا حتى عضوا في الحزب العربي، ولكنه يعود بأصوله لمدينة نابلس وكان قائدا ومؤسسا لحزب الاستقلال (مؤيد للمعارضة ) (أو على الأقل ليس مجلسيا)، ومنافسا قويا للسياسات الأسرية. ويمكن للأسر الفلسطينية الأخرى والقادة المحليين في القرى الصغيرة أن تلتزم بإحدى هاتين الكتلتين، وهو الانقسام الذي فاقمته الخلافات الإقليمية والدينية والعشائرية والطبقية، بين المدينة والبلد، السكان المستقرين و البدو الرحل، و التي نمت مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال . وعمل التضامن الاجتماعي في المرحلة الأولى من الثورة من أبريل / نيسان إلى أكتوبر / تشرين الأول 1936، على إخفاء الاختلافات بين الكتلتين، ولكن بحلول العام 1938 كانت هناك اعتداءات بين الطائفتين بينما قاتل مسلحون من الجانبين. وقد عارضت فصائل السلام التي ترعاها بريطانيا الاتجاه العنيف المناهض للحكومة الموجهة للثورة العربية بقيادة الحاج أمين، وكانت نشطة في المرحلة الثانية من الثورة العربية بعد سبتمبر 1937، وخاصة في أواخر 1938 و 1939.
ومن المؤكد أن فصائل السلام كانت ترتكز على الولاءات العائلية والعشائرية بين الفلسطينيين وصاغت هذه الولاءات شكل ومكان الفصائل، ولكنها كانت تسير بالتوازي مع أسباب التعاون النفعية وأسباب أخرى تتعلق بالشخصية و الارتشاء وقد تكون أسباب مؤقتة و شعبية ,فعلى سبيل المثال أجبرت حاجة الكثيرين للبقاء أحياء خلال السنوات القاسية من الحملة البريطانية على التعاون بطريقة ما - وهو مثال على ما سيطلق عليه علماء السياسة نظرية الاختيار العقلاني ,وكانت فصائل السلام بالنسبة لبريطانيين تمثل نوعا من " الصراع , أو الحرب الزائفة"، ومناورة للجيش البريطاني خلال الاضطرابات الاستعمارية لـ "تحويل" المتمردين إلى قوات "موالية" أي ضد المتمردين، كنوع من محاكاة، مربكة تكاثر أعداء المتمردين. فالقوى الزائفة هي قوى غير نظامية ، مستنسخة أو تشبه المتمردين بطريقة ما، وعادة ما تكون غريبة ومؤقتة، وغالبا ما تندمج هذه - "العصابات الزائفة" و "الكونترا" كما يصفها النقاد -في تعاون مباشر، وغير متبلور لجمع المعلومات الاستخباراتية وزرع الفتنة داخل صفوف المتمردون بادعائهم أنهم مسلحون أو لا يمكن تمييزهم عنهم (10). وإذن تتحدث هذه الدراسة عن ظهور و انتهاء فصائل السلام .


كان القنصل البريطاني في دمشق المقدم جيلبرت مكيريث أول من حاول -خلال الثورة- استمالة المقاتلين العرب من فلسطين الذين لجأوا إلى سوريا التي تسيطر عليها فرنسا.( وكانت وزارة الخارجية قد رحبت بمتصدي مكيريث للتمرد العربي عبر مكتبها الذي يدير قنصلية دمشق، في حين كان مكتب المستعمرات يدير الانتداب البريطاني في فلسطين). وكان مكتب المستعمرات يرى بأن استقلالية مكريث و"أسلوبه القوي " "للعمل المباشر" عملت على صهر و صوغ الاستراتيجية البريطانية (11) .لم يقم مكريث بإنشاء فصائل السلام ،بيد أن أعماله سلطت الضوء على تاريخهم القصير، حيث شجع على إرسال "فخري عبد الهادي" أحد كبار المتمردين" المتحولين" إلى فلسطين ليتولى قيادة أحد فرق فصائل السلام الرئيسية. وكان موظفو القنصلية البريطانية في سوريا يجمعون معلومات استخباراتية عن المتمردين العرب في فلسطين؛ وكانت الخطوة التالية هي ترقية "المتعاونين" للتسريع بالقضاء على الثورة في فلسطين (12). كان لمكريث دور فعال في عمله ضد الثورة، لدرجة أن المقاتلين العرب في عصابة الكف الأسود المتمردة كانت هددت بحلول تشرين الأول / أكتوبر 1937 قنصلية دمشق وقتل مكريث. وبحلول تشرين الثاني / نوفمبر 1937، طلب مكيريث من لندن الحصول على صدرية مضادة للرصاص (13). وكان التهديد الذي تلقاه مكيريث من عصابة الكف الأسود لافتا و يمكن قراءة جزء منه على النحو التالي":وندرك أننا جمعية سرية أقسمت اليمين على أنكم وكل إنكليزي في هذه المدينة عرضة للقتل في حال أصيب مفتينا الأكبر الشيخ أمين الحسيني بجروح طفيفة. . . وهذا تحذير غير كاف فبمجرد تلقيك هذه الرسالة، عليك أن تطلب من رجلي شرطة أن يراقبوك، لأننا لا نخاف من الشرطة أو الجنود أو من أي قوة أيا كانت . فنحن "مؤمنون" لانخش أحد مهما كان كبيرا , نحن نخاف الله فقط" (14). وغير واضح أو معلوم من كان يقف وراء هذه الرسالة لأن عصابة الكف الأسود كانت مرادفة لـ "القساميين"، الذين قتل قائدهم عز الدين القسام في العام 1935.
وقد عمل موظفو إدارة التحقيقات الجنائية البريطانية في الشرطة الفلسطينية، الذين أعيروا من القدس، وتشاركوا العمل مع موظفي القنصلية، إلى جانب مكيريث، في ما دعاه مكيريث "التعاون من خارج القنصلية" (15). (لم يكن هناك شعبة خاصة في فلسطين الانتدابية وهو المكان المعتاد لعمليات الاستخبارات السياسية الاستعمارية، وبالتالي فإن إدارة التحقيقات الجنائية التي تتخذ من القدس مقرا لها قامت بعمل الاستخبارات السياسية)(16)، وكان مستشار الشرطة البريطانية في فلسطين، السير تشارلز تيغارت، ومساعده السير ديفيد بيتري، قد أجريا مع مكيريث يومين من المحادثات بتاريخ 11-12 كانون الثاني / يناير 1938 وعد تيغارت على إثره بتقديم المزيد من المال لعمل مكريث لجمع المعلومات الاستخباراتية في سوريا (17) .وقامت الحكومة الفلسطينية في أواخر الثلاثينيات بدفع "إعانة شهرية" إلى مكيريث مقابل عمله (18) الذي كان مستقلا في عمله ، وقد كتبت له وزارة الخارجية في العام 1939: "كما تعلمون، شعرنا دائما بعدم الارتياح بشأن عملكم الخاص نيابة عن الحكومة الفلسطينية" (19).و كما هو حال عمله مع العرب في محاولة تجنيدهم "للكونترا"، كان مكريث نفسه ينشط بطريقة "مزدوجة" من خلال العمل لوزارات مختلفة , ولأجندته الخاصة، على ما يبدو. كما عمل, في حربه ضد المتمردين ,مع الدروز في سوريا و فلسطين الذين كانوا غاضبين من هجمات الثوار على القرى الدرزية في الجليل(20). و قام بتعيين المتمرد الفلسطيني[فخري] "عبد الهادي" ,الذي كان يعيش منفيا في سوريا و الذي سبق له أن حارب في فلسطين في العام 1936 ضد البريطانيين .وكما لاحظ أحد المخبرين اليهود , كان عيد الهادي يعاني نقصا في السيولة المالية و"يجول شوارع دمشق بحالة مزرية وخالي الوفاض بدون أي مبلغ من المال". ولم يجد القنصل البريطاني في دمشق صعوبة في إقامة صداقة مع عبد الهادي وتفهم وضعه و التقرب منه وهو الذي تعلم في دمشق على واحدة أو اثنتين من العادات الشرقية . عاد عبد الهادي إلى فلسطين في العام 1938 و بدأ العمل ضد الخط الرسمي العربي ,وأعاد -مع فخري النشاشيبي- إحياء "فصائل السلام" المعارضة(21).هذا الاقتباس من كتلة مواد معظمها باللغة العربية ,مخزنة في مكتب الضابط البريطاني أوردي وينغيت ,الذي كان من المؤيدين المتحمسين لليهود وأحد من ترأس الوحدة العسكرية البريطانية اليهودية المعروفة باسم "فرق الليل الخاصة" التي نشطت في العام 1938 في الجليل. مما يلمح إلى فعالية تبادل المواد الاستخباراتية بين الضباط البريطانيين و اليهود لاسيما وينغيت الذي كان صهيونيا ملتزما ولديه " شبكة استخبارات محكمة خلال الوكالة اليهودية"(22) .كما استغل مكيريث الاستخبارات اليهودية لتوجيه سياسته كما أخبر بذلك بعض المسؤولين في مكتب المستعمرات (23).
شجع مكرث العلاقات بين عبد الهادي وعائلة النشاشيبي, حيث كان للأخيرة صلات عسكرية واستخباراتية جيدة مع اليهود، كما يؤكد ذلك كوهين (24). والتقى فخري النشاشيبي بعبد الهادي في آذار / مارس 1938 في فندق السان جورج ببيروت وهو ما اعتبر ليس سرا في ذلك الوقت، فقد كان الفلسطينيون على علم بدور فخري النشاشيبي في تشكيل فصائل السلام في لبنان ومحاولاته إنشاء قيادة بديلة في بيروت لمواجهة المفتي(25) . كان جهاز المخابرات اليهودية، والذي سيعرف باسم "شاي" في الأربعينيات - وهو أصل المخابرات العسكرية الإسرائيلية والشين بيت - حريصا على تعميق الخلاف بين المتمردين وعبد الهادي، فقام عملاء يهود في بداية نيسان / أبريل 1938 من بينهم ضابط المخابرات رؤوفين زاسلاني(شيلواح لاحقا) بالسفر إلى سوريا. وعمل زاسلاني مع زميلين له هما إلياهو (إلياس) ساسون و إلياهو إبشتين ( سيعرف لاحقا باسم إيلات )، وكلاهما كان عضوا في المكتب العربي للوكالة اليهودية و يفهمان بعمق الثقافة العربية والمحلية العامية، وهي ميزة هامة في أي مفاوضات. كان ساسون يهودي مزراحي (شرقي)، ولد وترعرع في دمشق. أما زاسلاني فقد ولد في القدس العثمانية لوالدين مهاجرين من الروس .إن رجالا مثل ساسون كانوا -باستثناء دينهم- عربا ويشيرون إلى أنفسهم في بعض الأحيان باسم "اليهود العرب"، حتى أن ساسون نفسه كان قد شارك في الحركة الوطنية العربية في سوريا بعد الحرب العظمى قبل أن يهاجر إلى فلسطين. ذهب ساسون مع زاسلاني إلى سوريا حيق قام هذا الأخير بتعزيز التحالف الثلاثي البريطاني-اليهودي-النشاشيبي ضد الحسيني. اعتقد مكريث أن السلطات البريطانية في فلسطين كانت مترددة جدا، وطلب من زاسلاني وساسون الحفاظ على اتصال مباشر معه لتبادل المعلومات حول القادة العرب (26). وكان التعاون البريطاني اليهودي في فلسطين في هذه الفترة قويا، وخاصة مع الجيش، وشمل ذلك متعاونين لدعم عصابات فصائل السلام، وهو موضوع يتجاوز صلاحيات هذه المادة، لكنه تم التحدث في جزء منه في أماكن أخرى (27) .
قدم مكريث لعبد الهادي دفعات مالية شهرية، وجمع أموالا لتسهيل عودة زعيم المتمردين إلى فلسطين لتنظيم فرق فصائل السلام، وعرض على عبد الهادي عفوا في حال تحوله إلى جانب حركة المعارضة التي يتزعمها النشاشيبي(28). وابتدأ العمل على موجب ذلك ,حيث قام مرتزقة دروز برعاية بريطانية بمرافقة عبد الهادي إلى فلسطين بتاريخ 21 أيلول / سبتمبر 1938 (29). وبعد ذلك، قدمت بريطانيا إعانة له ودفعت لكل رجل من فصائل السلام التابعين له ستة جنيهات فلسطينية شهريا في الوقت الذي كان يدفع فيه المتمردون عادة ما بين 30 شلن إلى أربع جنيهات ،جزء منها كان يأتي من الإتاوات وعمليات ابتزاز القرى الفلسطينية(30). ويظهر الاستعداد لدفع أجور جيدة مدى جدية السلطات البريطانية في تعاملها مع فصائل السلام, فعلى سبيل المقارنة، كان الفلسطيني الذي يعمل مع الشرطة البريطانية على حوالي 15 جنيها فلسطينيا شهريا، لذلك كانت الجنيهات الست تلك تعتبر دخلا جيدا للمقاتل العربي في صفوف فصائل السلام ، لا سيما حين ننظر إلى الاختلافات النموذجية في الأجور بين السادة الاستعماريين و الخاضعين لهم ( كان الجنيه الفلسطيني يعادل الجنيه الاسترليني في ذلك الوقت) .استقر عبد الهادي في أواخر أيلول-سبتمبر 1938 بموافقة رسمية في قريته عرابة قرب جنين، وهي قاعدة عائلته المؤيدة للنشاشيبي، فأعاد إحياء الفوضى المبنية على الفساد، ودافع عن قريته، بمساعدة من شؤون الخدمة البريطانية . كان عبد الهادي قد وضع في موقع مثالي في وسط مقاومة المتمردين، في ما كان معروفا للجنود البريطانيين بأنه "مثلث الإرهاب" حيث تشكل نابلس وجنين وطولكرم. رؤوس هذا المثلث ,و عندما وصل إلى عرابة، كان لعبد الهادي نحو 30 من أتباعه (ليس من الواضح من أين جاء هؤلاء الرجال)، ويعلق تقرير استخباراتي بريطاني على أنه "من السابق لأوانه التنبؤ بردود الفعل المحتملة لوصول فخري عبد الهادي ولكن من المؤكد أن تدخله في "عصابة" معترف بها من زعماء العصابات الثلاثة عبد الرحيم الحاج [عبد الرحيم الحاج محمد] وعارف عبد الرازق و يوسف أبو دره - سوف يسبب المزيد من المشاكل بين العصابات" (31). وكان روبرت نيوتن مساعد مفوض المنطقة قد اجتمع سرا مع عبد الهادي في كانون أول-ديسمبر 1938" لتقييمه "(32) .وأخبر نيوتن عبد الهادي إن الحكومة "ستغض النظر عن خطاياه السابقة "، وألمح إلى "الأموال المحدودة" لعملياته (33). سارت الأمور بين عبد الهادي و البريطانيين على خير ما يرام ،وكان يتردد على مطعم ضباط الشرطة في جنين ليشترك معهم في منافسات الرمي بالمسدس على غرار براري الويستيرن , و يتذكر أحد الضباط البريطانيين الذين كانوا يحضروا تلك المنافسات وهو أيضا من وقع على تصريح رسمي لحصوله على بندقية , أنه لم يكن ماهرا و سريعا في "سحب" سلاحه على الإطلاق ,غير أنه منظره و شكل عينيه كانا يوحيان كما لو أنه سيطلق النار(34)
تجنب الجنود البريطانيون تفتيش القرى المرتبطة بالفرقة، وهو تنازل كبير، حيث أن عمليات تفتيش الجيش يمكن أن تدمر بشكل كبير ممتلكات القرويين.
إن تصنيف واستخدام فصائل السلام من بعض القرى تبلور مع السياسة العسكرية البريطانية المبنية جيدا في مكافحة التمرد و المتمثلة بفرز فلسطين الريفية إلى قرى "جيدة" و "معتدلة" و "سيئة"، ويقوم الجنود بتفتيش القرية بأسلوب "عقابي" أو "عادي" حسب نوع القرية. كما قامت هذه السياسة بدعم "الأقليات الموالية" مثل الجماعات الدرزية والمسلمة "الصديقة"، بما في ذلك دفع المال وتسليح الدروز الذين قدموا بدورهم معلومات استخباراتية للوحدات البريطانية اليهودية وعملوا معها"(35). وقام البريطانيون بخلق مفهوم وسطي لـ "العروبة" ليس فقط من خلال مفاهيم من قبيل " جيد "و" سيئ "ولكن أيضا باستخدام الإثنية والدين، وتصرفوا وفقا لذلك، فقد رأوا في الدروز على سبيل المثال إثنية "صديقة" و "أكثر نقاء" و " أحفاد الإنكليز و الفرنسيين الصليبيين "(36). وقد أدلى الجنود بتعليقات مماثلة عن العرب المسيحيين، مشيرين إلى أنهم لم يلقوا سوى القليل من المتاعب من الفلسطينيين في مدينة الناصرة ذات الغالبية المسيحية (37) فالنماذج الاستعمارية للجيد و السيء تعني الفرق بين بقاء ودمار القرية، و المتمثل بالقيام "بعمل جذري" يكرس للقرية "السيئة" (38) .وكانتا الكفير والسير قريتين لعائلات إرشيد الموالية للحكومة , وفي إشارة من مذكرات الحرب لفوج الحدود، كانت السلطات تتغاضى في هذه القرى عن التجاوزات و الغرامات والحجز و المصادرة والدمار والتجريف وحظر التجول الذي كثيرا ما كان يحدث في القرى السيئة 39.وهكذا عندما هاجم المتمردون السكان الدروز في قرية شفاعمرو المختلطة التي لم تنضم إلى الثورة، رد البريطانيون بتدمير منازل المسلمين في القرية، مما أدى إلى تعميق الخلافات بين الدروز والمسلمين، التي مازالت تعاني منها إلى يومنا هذا (40) .كما قام البريطانيون بتسليح القرى الصديقة ، وتشجيع المخبرين، بمساعدة اليهود الذين كان لديهم شبكة فعالة من الجواسيس العرب. ففي آذار / مارس 1939، جاء أحد القرويين من الرمانة كان "في الغالب مؤيدا للحكومة" لرؤية قائد فوج الحدود بشأن "توريد الجيش للسلاح ومساعدة القرية ضد العصابات" (41). واصل الجنود عملياتهم "بالتعاون مع الأصدقاء العرب " من القرية حتى أواخر أيلول سبتمبر 1939 (42). وأثمرت عمليات الجنود هذه عن نتائج ملموسة أخرى ,فقد كان بمقدور فصائل السلام مساعدة البريطانيين في تعقب و قتل المتمرد عبد الرحيم الحاج محمد [عبد الرحيم الحاج ] في مارس 1939 (43). وعلى إثر توقيع اتفاقية ميونيخ [ 30 أيلول-سبتمبر 1938] استعرت حملة الجيش البريطاني في فلسطين لإخماد التمرد فأغرقت البلاد بالقوات العسكرية و تم استهداف المدنيين الذين كان يعتمد المتمردون على دعمهم وإتاواتهم ,فسلبت الماشية و العلف ودمرت المنازل في عملية أدت إلى تحويل أجزاء من الريف الفلسطيني إلى مناطق تعاني من فقر مدقع ,فاختار بعض الفلسطينيين مغادرة قراهم ,كما حصل في قرية الطيرة؟؟[ من المفترض أن تكون بلدة الطيبة ].فكانت ردة فعل الفلاحين على الغرامة التي فرضت عليهم و التي تقدر بـ 2000 جنيه استرليني بأن التقطوا ما يمكنهم حمله و غادروا القرية (44). وإذ بدر من بعض الفلاحين تعاونا ما مع البريطانيين فقد عبر هذا التعاون عن رد فعل غریزي للاقتلاع الاجتماعي الناجم عن الحملة العسکریة الشديدة للقوات البريطانية ، کما عبر هذا التعاون عن فعل واع بالانضمام إلی "فصائل السلام" .وساهم هذا التعاون المترافق مع العمليات العسكرية في تمزيق نسيج المجتمع الفلسطيني، وألب الجيران ضد بعضهم البعض، فضلا عن أنه حول النظام القائم إلى فوضى رسمية ,فكان على الفلاحين في خضم ذلك اختيار قمع الدولة الاستعمارية على فوضى التمرد. وتدريجيا استمال التعاون الفلاحين إلى الجانب الحكومي, ففي منطقة عمليات فوج غرب يوركشاير حول رام الله، ذكر وفد مكون من اثني عشر مختارا كيف " مسهم التعب و الإنهاك بسبب المتمردين ونهبهم لقراهم وأن جل ما يرغبون به هو السلام فقط ,كما ذكروا أن المتمردين والجيش اقتادوا رجالهم، رغم حاجتهم الماسة لهم في القرى لحراثة الأرض و جني الزيتون في الأيام العشرة المقبلة "(45). وهكذا أجبر الفلاحون على الاختيار بين التمرد والتجويع ,أو تقديم المعلومات للجيش ، وترى السلطات الاستعمارية في هذا على أنه ولاء ضمني للحكم البريطاني، الذي لم يكن كذلك. لقد ساعدت هجمات المتمردين حملة الجيش على إخماد تمردهم .وهكذا، رفضت رام الله دعم المتمردين، وعندما أطلق هؤلاء النار على قاعدة للجيش المحلي، "قدم سكان البلدة أسماء جميع من أطلقوا النار "، كما يشير ملخص استخبارات الكتيبة(46).وبحلول كانون الثاني / يناير 1939، كان الضغط على المناطق الريفية هو الذي دعا زعماء القرى الطلب من قادة الجيش المحلي المساعدة في القبض على زعماء المتمردين الذين كانوا يهاجمون القرى مقابل المال، حتى أن أحدهم اقترح إخفاء جنودا بريطانيين من القوات "المزيفة" السرية في منزله لتسهيل القبض على زعيم المتمردين(47). وقد دفعت المساندة أو التعاون بين الفلسطينيين - بعد كل شيء- الجيش إلى بذل المزيد من الجهد. و استدعى فوج غرب يوركشاير إلى مقره رجال القرية الذين فشلوا في التبليغ عن أنشطة المتمردين - مثل جفنا وبيرزيت - فتم تحذيرهم رسميا من "تكرار مثل هذا الإغفال"، وذلك بعد أن قام رئيس الفوج بتعديل التحذير عن طريق حث رام الله لإبلاغ مساعد فوض المنطقة أن محمد عمر نوباني حضر إلى العشاء مساء اليوم السابق، أي 26 كانون الأول ديسمبر، مع نحو ستة عشر من أتباعه (48).
تحسن أداء مخابرات الجيش بعد خريف 1938 فأصبحت تأتي المعلومات من مصادر عربية مباشرة ,وفي كانون الثاني / يناير 1939، قدم مختار كفر مالك معلومات استخباراتية إلى الجيش وأخبر مساعد مفوض المنطقة أن "عصابة" المتمردين أمضوا الليل في قريته؛ كما صرح مختار كل من قرية "برهام" و قرية "كوبر" عن تحركات المتمردين (49) ".وهذا يشير إلى بعض التحسن في الحصول على المعلومات، "فكان بعض المخاتير يرسلون المعلومات بانتظام وبمصداقية، ولو أنها كانت للأسف معلومات عامة ليس إلا "، على حد قول ضابط مخابرات فوج ويست يوركشاير في كانون ثاني- يناير 1939 (50) . و قام مقاتلو النشاشيبي ,في الوقت عينه, بمطاردة المتمردين.وكان أن تلقوا ضربة قوية عندما استطاع "أحد أتباع النشاشيبي قتل عبد الفتاح في كهف يقع بين المزرعة الشرقية و خربة أبو فلاح صباح يوم الأحد الماضي" وفقا لتقرير وحدة الحرب (51).وقد دفع الجوع والإجهاد بدلا من الالتزام الأيديولوجي للحكومة أو النشاشيبي إلى تدفق المعلومات من الفلسطينيين، كما يدرك الجيش : "إن حجم الارتباك الناجم عن الحرب كبير في جميع أنحاء البلاد ، ويدرك السكان أنه كلما استمرت الأعمال القتالية كلما ازدادت خسارتهم. وهذه الحقيقة تبرزها الأعداد المتزايدة من الناس الذين هم على استعداد لتقديم المعلومات "(52). كما لا يمكن للمتمردين في سعيهم للهرب من الجيش الاختباء دائما بين القرويين ، إذ كان الفلاحون يتجهون إلى المتمردين العسكريين الذين اتخذوا ملجأ لهم في إحدى القرى بعد محاولتهم إخفاء سلاحهم في أحد الآبار (53). حشد فخري النشاشيبي فصائل السلام في جنوب فلسطين في حين كانت شبكته السياسية بدعم عبد الهادي تعمل في شمال البلاد , وقد مال بعض أفراد العائلات المحلية إلى الجانبين ,فانضمت عائلات جنين التي تدعم النشاشيبي مثل عائلة إرشيد إلى عبد الهادي أثناء محاربته المتمردين في جنين ثم في مناطق نابلس - طولكرم، كما فعلت عائلة نمر في نابلس. وقد انضمت عائلة عمرو في الخليل - التي كانت توالي عائلة النشاشيبي تقليديا - إلى الحركة في الجنوب، كما فعلت أسر أخرى أصغر حجما مؤيدو للنشاشيبي. وقام الجيش بتعديل العمليات لإعطاء فصائل السلام حرية العمل دون أي تدخل عسكري، وسمح للقرى الودية بالحفاظ على السلاح، بما يخالف القانون في ذلك الوقت.وطلب فخري النشاشيبي من السلطات بنادق قام بتوزيعها على رجاله المقاتلين، وقدمت الحكومة السلاح للنشاشيبي إثر مقتل سبعة أعضاء من إحدى فصائل السلام على يد المتمردون في 18 كانون أول-ديسمبر 1938(54).وقام الجيش بتنسيق ذلك ميدانيا، فقام قائد كتيبة فوج الحدود بترتيب "مقابلة" مع مبعوث عبد الهادي في كانون الأول / ديسمبر 1938 لمناقشة وضع فصائل السلام التي تشكلت حديثا والتي تعارض الآن جميع قادة العصابات المناوئة للحكومة "(55).لم تشترك الكتائب في إدارة فصائل السلام فحسب، بل انخرط قادتها بصورة مباشرة في العمل ،ففي كانون ثاني-يناير 1939 غادر قائد الفرقة الرابعة عشر إلى جنين لإجراء محادثات مع عائلة فخري عبد الهادي (56) .وتكشف مذكرات وحدة الحرب البريطانية إلى أي مدى كان التواطؤ بين الجيش وفصائل السلام بقيادة عائلة عبد الهادي ، متمثلا في التعاون مع المسؤولين الاستعماريين الذين عملوا مع الجيش، فعلى سبيل المثال قام الجيش بنقل أفراد عائلة إرشيد إلى القدس والذين قابلوا عبد الهادي في عرابة (57).كما تدخل مسؤولين من الخدمات الخاصة في سلاح الجو الملكي البريطاني المعنيين في المسائل السياسية في ذلك الوقت في هذه الاجتماعات ، بما في ذلك الملازم طيار لاش الذي كان على صلة بعائلة إرشيد و الذي رافق فريد إرشيد إلى قرية عرابة (58).
ومنذ أواخر العام 1938 كان الجيش هو المسؤول بشكل فعال عن فلسطين, فقام بإدارة فرق فصائل السلام بالتنسيق مع ضباط الخدمات الخاصة ، ومفوضي المقاطعات، ومساعدي مفوضي المناطق، والسلطات المدنية التي كانت تنظر بقلق لأنشطة الجيش التي تشجع عمل فصائل السلام غير القانونية.
كان على المسؤولين الاستعماريين أن يديروا البلاد بعد مغادرة جنود الجيش .فتحت أعمال الجيش فتح صندوق "باندورا"، الذي قاد ما بين أيار / مايو - حزيران / يونيه 1939 محاولات مدعومة منه لتهدئة القرى المتحاربة بـ "اجتماعات مصالحة" مقابل توقيع الفلاحين على أوراق يدينون الإرهاب (59). ومثل هذا التوتر القلق بين القانون والاضطراب الرسمي كان واضحا على جنود فصيلة تدعى " Fardet " [ الاسم مختصر من عبارة مفرزة أم الفرج Faraj detachment حيث يقع مقر هذه المفرزة في قرية أم الفرج إلى الشمال من عكا ]: فتحت رعاية هذه المفرزة عاشت عصابة ودية من المتمردين السابقين بقيادة شخصية رعوية يدعى الشيخ رباح. وكانت العصابة، التي لا يوجد أي مصطلح آخر يناسب وصفها تقبض من الحكومة مقابل عمل أفرادها كمخبرين ,وسمح لهم بحمل الأسلحة للحماية الذاتية. وبطبيعة الحال، كانت السلطات تعارض بشدة تشكيل مثل هذا الفريق ,الذين كان بوسعهم في بعض الأحيان انتهاز الفرصة لفرض أتاوات نقدية على القرى غير الودية، وحتى لتسديد ديون قديمة ,ومع ذلك قاموا بتقديم معلومات " مثيرة و هامة " وضعت تحت أمرة مفرزة FARDET ,وهذا وحده كفيل بأن يغطي على مساوئهم (60).
وفي عكا دفعت السلطات الأموال للعرب و أعطتهم السلاح، فبدأ المتعاونون في البحث في المنازل وتسليم المشتبه بهم إلى البريطانيين (61) . ووفقا لأحد التقارير العربية التي تم الاستيلاء عليها ,قامت فصائل السلام "بتطهير" حيفا من الإرهابيين(62). كما انضمت الشرطة في فلسطين إلى وحدات الجيش لدعم عمليات فرق فصائل السلام و سرعان ما لاحظت الشرطة في جنين الانقسام في صفوف العرب، فسارعت بإرسال فصيلة من فوج الحدود إلى عرابة ،قرية عبد الهادي، لدعمه: "كم كان ناجحا جدا ، أن تقرر السلطات نشر الفوج بأكمله القرية" (63).وقد قدمت زوجة قائد عصابة ثانوي معلومات مفيدة عن قائد متمرد كانت قد التجأت إلى معسكر للجيش، تم على إثر ذلك نقلها إلى مكان آمن في عرابة مع عبد الهادي. و إلا " سوق يتم قطع رقبتها و ذبحها من الوريد للوريد " كما يقول رقيب من الشرطة (64). انتشرت فصائل السلام ,في بعض الأحيان, بجانب القوات البريطانية، وهؤلاء لا يمكن تمييزهم عن مقاتلي النشاشيبي . وقد سجلت هيلدا ويلسون، وهي معلمة بريطانية في قرية بئر زيت المسيحية في العام 1938، في مذكراتها كيف استخدم الجنود البريطانيون مخبرين مولين للنشاشيبي من قرية أبو غوش لمساعدتهم في التعرف على الفلاحين المشتبه في أنهم متمردون (وكان لليهود علاقات جيدة مع أبو غوش ، القرية التي ستنجو لاحقا من حرب عام 1948 ) ,وكان تكتيك الجيش يقوم على إخفاء المخبرين في الشاحنات، وهو تكتيك مألوف لحملات مكافحة التمرد البريطانية الأخيرة ,وقد استخدم الإسرائيليون هذا التكتيك لاحقا في لبنان بعد غزو لبنان 1982 (65). فقوات الدولة الآن ليسوا جنودا و لا متمردين وهميين بل رجال مقنعين، مخفيين وغير مرئيين.وسجلت ويلسون في مذكراتها العمليات القتالية للقوات البريطانية إلى جانب فصائل السلام، كما حصل عندما هاجمت فرقة النشاشيبي قرية أبو شنيديم (يفترض أنها أبو شخيديم ) "لقد كان الجنود البريطانيون معهم" (66). وقد حرض نظام المخبرين المخفيين هذا - الذي تستخدمه القوات على نطاق واسع – لتسوية الخلافات، "تصفية بعض الديون القديمة"، كما يعترف البريطانيون، وحيث أن هدف إخماد التمرد كان إجبار الفلسطينيين على اختيار السلطة الرسمية، فالاقتلاع الاجتماعي الذي ناسب البريطانيين، أو على الأقل الجيش، تحول إلى الحرص على تهدئة الأوضاع في فلسطين قبيل إعادة الانتشار للحرب القادمة في أوروبا.
كانت فصائل السلام مرنة عملها وسريعة الحركة، واستخدمت في عملها أساليب المتمردين، ومكافحة العنف بالعنف بطريقة لم تستطيع القوات الحكومية القيام بها بسهولة أو بشكل واضح، حيث لقب عبد الهادي بـ"الجزار" لصرامته(68) وظهر تأثير السلام في دمشق على القيادة العليا للمتمردين, فيقول تقرير عسكري بريطاني بتاريخ 5 كانون أول-ديسمبر 1938 بأن المفاوضات تجري الآن بين قيادة المتمردين في دمشق وفلسطين بهدف تحقيق السلام مع فخري عبد الهادي أو سحقه تماما. . . كان تحت أمرة فخري قوة دائمة تتألف من 60 رجلا وأنه خلال الأسبوع الماضي كان شوكة في خاصرة المتمردين. . . في هذه الأثناء سوف يفعلون كل ما في وسعهم لسحقه.(69)
حطمت وحدات فصائل السلام المتمردين - أو "المتمردين المحترفين" كما يقول البريطانيون – وقد رصد أحد الأوروبيين كيف كن زعيم أحد عصابات المتمردين يرمي أرضا كل شخص يذكر فيه آل النشاشيبي (70). وكان تقرير للشرطة الجنائية يعود لتاريخ كانون الأول-يناير 1938 قد ذكر بأن قيادة الثورة في دمشق قد أرسلت اثنين من القتلة لقتل فخري النشاشيبي(71). وفي الوقت ذاته ، كان عبد الهادي يلعب على الطرفين , وكان كما يصفه أحد ضباط الشركة البريطانيين "يركض مع الأرنب ويصطاد مع الكلاب", وكان قد استغل التمرد العربي لتحقيق أهدافه الخاصة , لاسيما أنه كان يقاتل المناطق الريفية النائية ذات الولاءات والتقاليد الضيقة(72).وفي القوت الذي كان يقاتل فيه المتمردون متمتعا بدعم بريطاني، كانت عائلته تتفاوض مع القيادة العليا للثورة في دمشق من أجل إعادة الانضمام للثورة في حالة دفع له مبلغ 12 ألف جنيه إسترليني، وتنصيبه كواحد من كبار قادة الثورة (73).استفاد عبد الهادي من وضعه الخاص المحمي، فهاجم القرى المجاورة، وجلد القرويين لإجبارهم الاعتراف بأسماء المتمردين وسرقة الماشية، وتصاعد العنف إلى مستوى قام الجيش في آذار / مارس 1939 بإعاقة عبد الهادي بفرض حظر التجول على عرابة (74). كانت الملفات اليهودية ترى أن عبد الهادي شكل فصائل السلام من أجل المال و لأن قيادة الثورة في دمشق أوقفت الدعم المالي عنه (75). يقول تيد هورن، وهو شرطي يعرف عبد الهادي شخصيا، كيف كان فخري "يتفاوض مع السلطات البريطانية لمقايضة الطرفين وترك نظرائه العرب يعانون وحدهم ، في حين سيكون هو مقابل المال بمثابة "المخبر الصدوق والصديق للملك جورج" (76 ). لم يكن [القروي] عبد الهادي وحده من يسعى لتحقيق مكاسب شخصية فالنسبة للبريطانيين كانت عائلة النشاشيبي [الحضرية] تسعى لذات الشيء .يقول إدوارد كيث روتش، مفوض المقاطعة، إلى اللواء ريتشارد أوكونور " لقد عرفت فخري [النشاشيبي] لمدة ثمانية عشر عاما ,لقد كان شخصا انتهازيا يسعى للربح و تحقيق المكاسب و فقط المكاسب قدر ما يستطيع أن يكون "فخري" (77). وفي الحديث عن العرب في منطقة رام الله، لخص تقرير استخبارات فوج غرب يوركشاير الرأي المحلي على النحو التالي: "إن فخري نشاشيبي يمضي نحو أهدافه الخاصة، وبشكل غير مفهوم هو محل اتفاق الجميع "(78). و لكن التقييم في مواضع أخرى كان أشد قسوة :لم يأخذ سكان الخليل مؤيدي النشاشيبي في منطقتهم على محمل الجد.وهم يزعمون بأن هؤلاء و من يتبعهم ينعمون بالمنفعة المادية و المالية و الغذاء و ما إلى ذلك, و هم ليسوا سوى مرتشين و تابعين و لا يشكلون شيء في الوقت الحالي و يجب التخلص منهم دون أي عائق في اللحظة المناسبة (79) .استغلت فصائل السلام التي هيمن عليها أفراد من عائلة النشاشيبي و عبد الهادي الفرصة رسمية للقيام بالأعمال اللصوصية لكسب المال، وتسوية النزاعات و الثارات القديمة ، وهذا بمثابة فرصة مثالية لهم لشن هجمات خاصة أو هجمات ثأر شبه علنية ، ولم يسمح لمثل هذه الفرص بالتمادي كثيرا . وكان القتل والاختطاف والسطو والهجوم و الهجوم المضاد من التعليمات اليومية " (80). ولم يعد بإمكان الفلسطينيين التمييز بين القوات الحكومية و المتمردين وقوات العصابات؛ فقد دمرت الحرب الزائفة وعصابات فصائل السلام جميع علامات تحديد الهوية. في الواقع، هل يعرف البريطانيون الآن من كان متمردا ومن كان صديقا ؟.كان الجيش البريطاني متواطئا في العمل التخريبي، وإصدار تصاريح السفر و نقل أتباع النشاشيبي في المركبات العسكرية عند العمليات: فتشير أحد التعليقات " بالأمس فقط. . . عرضت علي ورقة من قبل واحد من هؤلاء الرجال تحمل على جانب واحد (باللغة الإنجليزية) اسم فخري النشاشيبي وعلى ورقة اسم ضابط بريطاني. ويبدو أن هؤلاء الرجال يتصورون (بطبيعة الحال خطأ) أنهم إذا كانوا يهمسون "فخري" إلى مسؤول بريطاني، فسيحصلون على إعفاء من جميع القيود (مثل تصاريح السفر) التي تنطبق على الآخرين"(81).هناك تعليقات أخرى، خفية، من الجنود حول عملهم مع عائلة النشاشيبي "جميع الطرق تؤدي إلى جسر النشاشيبي"، مما يثبت أن الارتباط مع فصائل السلام كان كبيرا بما فيه الكفاية كي تجد سبيلها إلى دوريات الفيالق دون وسيط (82) .وقام فخري النشاشيبي في تشرين أول-أكتوبر 1938 بنشر رسالة إلى المندوب السامي وبدعم من البريطانيين واليهود طالب فيها "باعتدال معقول" وهاجم المفتي واتهمه "بالإرهاب"و "تحويل" الأهداف النبيلة "للثورة العربية إلى (غاياته الأنانية)"(83), فرد عليه المتمردون المحليون بإصدار بيان يصفوه " بالميكروب " لتقربه بسلوكه من البريطانيين وهددوه بالقتل :" من واجب جميع الثوار محاولة قتله "(84). كما أصدر المتمردون حكما بالإعدام على عبد الهادي (85) . حاول مسلحو المفتي اغتيال أحد أفراد أسرة النشاشيبي و تم قتل خمسة من العائلة بعد ذلك بوقت قصير(86) فقامت عائلة النشاشيبي إثر ذلك بنشر رسالة استفزازية أخرى، بعد أن أرسلوا وفدا لمقابلة أوكونور، القائد العسكري الثاني في فلسطين، ليشكروه على أعمال الجيش البريطاني،والرعاية البريطانية الواضحة التي أولتها لفصائل السلام من خلال اللقاء الشعبي الكبير في "يطا" في 18 كانون أول-ديسمبر 1938، بحضور نحو 3000 فلسطيني حضره أوكونور شخصيا (87) .(وفي إحدى الصور الملتقطة من اللقاء يظهر أوكونور وهو يخاطب الحشد من خلف سيارة عسكرية، وتحلق من خلفه طائرة عسكرية ،بينما يقف فخري النشاشيبي مرتديا طربوشا وبدلة على النمط الغربي، الأمر الذي شائعا بين الفلسطينيين سكان المدن في ذلك الوقت (88). استثمر البريطانيون و آل النشاشيبي لقاء" يطا" بصورة سيئة ,إذ نظر له الفلسطينيون على أنه محاولة رسمية مفتعلة لرشوتهم بغية تغيير مواقفهم .وتم تشجيع الفلاحين على الحضور بوعود بالقروض والبذور والحيوانات، وتأمين وسائل النقل للوصول إلى هناك ,وحضر الفلسطينيون لقاء "يطا" بحسن نية ليجدوا في وجوههم فخري النشاشيبي قادما بسيارات مدرعة، والجيش البريطاني و خطب معدة مسبقا .ولم يقم أحد من الحضور بقراءة الخطاب ، و من أجل ذلك مارست السلطات أسلوب التخويف على خليل الشريف الذي تم تقديمه على أنه شيخ ذو تأثير الذي لم يكن سوى "مزارع بسيط" بالنسبة للبريطانيين. وقد ادعى بعض الشيوخ ممن حضروا اللقاء أنهم خدعوا لحضور الاجتماع ,وأعلنوا ولاءهم للحاج أمین (89). وقام الأطفال في القدس لاحقا برشق خليل الشريف بالحجارة جزاء فعلته تلك (90) .لم يفهم الحضور اللغة العربية الفصحى التي ألقي فيها الخطاب وعادوا إلى قراهم تملأ وجوههم تساؤلات جمة عن سبب حضورهم (91). أما بالنسبة إلى كيث -روتش، الذي كان حاضرا ، فقد كان اللقاء "منظما تنظيما جيدا"، وكما قال لأوكونور كان اللقاء بوجود فخري نشاشيبي "كان أكثر من واضح " (92).وكان كيث-روتش ,أثناء انتظار وصول أوكونور، سمع فخري النشاشيبي وهو يلتفت جانبا إلى من خلفه و يقول "صفقوا " وكلما كنت تقترب أكثر كان يقول " هذا لا يكفي ,صفقوا بقوة , بأعلى" وكلما اقتربت أكثر فأكثر كان يقول "تابعوا ,صفقوا بقوة. أكثر ..اكثر " .كانت الرسالة التي ألقيت في يطا غير مفهومة ,بطبيعة الحال, من غالبية الحاضرين ولاحظت أنها لا تتلقى ترحيبا حارا جدا من المستمعين الذي كانوا بلا شك يسمعوها للمرة الأولى. وعندما كنا في جولة بين الحشد لم ألحظ ابتسامات الترحيب الحار ,وعندما عدت إلى القدس في آخر اليوم أخبرني رجل إنكليزي ممن حضروا المؤتمر أنه سمع أحدهم يقول لفخري - ماذا عن أموالنا؟(93). ألقى أوكونور خطابا سريعا على الحاضرين في "يطا" ، مذكرا إياهم بالحاجة إلى طاعة القانون، و المثير للسخرية أنه في ذلك الوقت كانت السياسة العسكرية البريطاني لا تتماشى بصورة فعالة مع القانون (94). وقد أشار طبيب بريطاني يعمل في الخليل إلى "خطاب أوكونور العسكري القصير" تخلله انتشار رائحة أجساد الجمع المزعجة . . .وتفرق الحشد وعادوا إلى بيوتهم دون أن يبدو عليهم أي مظهر من مظاهر التأثر (95) .
بدى أن الفلسطينيين يشعرون بالضيق من الفوضى التي أحدثها التمرد : وكان المفوض السامي البريطاني في فلسطين قد أشار إلى " أن أكثر ما يمكن قوله هو أن[ اجتماع يطا] أظهر شعور الغضب لدى قسم من العرب الذين أنهكتهم الاضطرابات بسبب طول أمدها، بما يكفي للتعبير عن احتجاج مسموع "(95) .أثار اجتماع "يطا" المزيد من العنف: مثل إطلاق النار و القنابل ضد آل النشاشيبي, وقام بعض الحرس في معسكر اعتقال عكا بفصل أفراد عائلة النشاشيبي عن سجناء آخرين لحمايتهم (97). ولم يكن الجيش على رأي واحد بخصوص مثل هذه الأحداث كمؤتمر يطا ،ويمكن أن نلحظ تسجيلا مختصرا لأحد الضباط على هامش تقرير استخباراتي عن يطا يقول فيه : "نحن نعرف عن هذا. وهذا ما يدل على القليل "(98). وبالمثل، فقد خلص تقرير صادر عن دائرة الشرطة الجنائية في 21 كانون الأول / ديسمبر 1938 إلى أنه" من المقبول بالطبع في الأوساط العربية أن تكون الحكومة مسؤولة عن جميع أنشطة فخري النشاشيبي وأن هذه المظاهرة تم دعمها من البريطانيين"(99). من ناحية أخرى، كان ملخص استخباراتي لفوج غرب يوركشاير عقب اجتماع يطا مشجعا، ويشير إلى أن هناك عددا كبيرا من العرب في فلسطين الذين لا يوافقون سرا على سياسة الإرهاب القائمة حاليا، وبالتالي يمكن اعتبارهم في مواجهة الحاج أمين.
فإذا استطاع فخري النشاشيبي تجنب "تصفيته" خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين، فإنه سيجمع على الأرجح عددا كبيرا من أتباعه وسوف يشكل تهديدا واضحا للسلطة المطلقة التي يتمتع بها المفتي حتى الآن (100).أحيط الجيش علما بمؤتمر يطا بطرق أخرى. و تصرف فوج ورسترشاير - الذي وفر حرس الشرف لـ "خطاب الولاء" في يطا -بشكل مختلف في العمليات التي تلت ذلك : "كنا نخرج يوميا لنتفقد بعض القرى في منطقتنا,أما الآن فقد تغير نوع الزيارة ؛ فبدلا من الذهاب والبحث عن الأسلحة، صرنا نذهب في حملات المؤازرة ونخبر الفلاحين كم قراهم جيدة وكانوا يقولون لنا كم هم يحبون قوات الجيش ، وهكذا حتى نغادرهم "(101).حاول فخري النشاشيبي عقد اجتماعات أخرى مثل يطا في يافا وغزة ونابلس والحولة، إلا أنه ألغاها بعد أن ثبت فشل اجتماع يطا ، ولم يشجع إلا القليل من العنف بين آل النشاشيبي و آل الحسيني (102).
دعم الجيش عصابات فصائل السلام - كما ثبت - ولكنه كان متحفظا كمؤسسة وارتبط بالطرق التقليدية و الكراسات التي تتحدث عن مثل هذه الأمور، ولم يكن يؤمن تماما في فصائل السلام غير النظامية أو يؤيدها تأييدا تاما. كما كان الجيش مشتبها بالمتعاونين اليهود في فرق وينجيت الخاصة الليلية التي أرغمت على إنهاء مهامها و طلب من وينغيت مغادرة فلسطين في العام 1938. وقد عبر الجنرال , السير روبرت هاينينغ القائد العسكري الأعلى في فلسطين في أوائل عام 1939 عن هذا التناقض في القيادة العسكرية العليا، وقيمة اجتماع يطا وفصائل السلام، ولكنه مثل العديد من الضباط، كان لديه شكوك حول الحرب غير النظامية ,وكان واثقا - كما هو الحال مع معظم الجنود والإداريين البريطانيين - من أن الفصيل الحسيني أقوى بكثير من نظيره النشاشيبي. وكان لوجود قوى موالية غير نظامية مثل فصائل السلام دور في دفع هاينينغ في اتجاهين، اتجاه يقوم على تسليح السلطات للفلسطينيين ,واتجاه آخر يقوم به الجنود البريطانيون بنزع سلاح الفلسطينيين بالقوة ، ووضع لوائح طوارئ صارمة تعتبر امتلاك رصاصة واحدة جريمة كبرى تعادل القتل أو الخيانة . واتخذ الجيش والشرطة والإدارة الاستعمارية سلوكا مختلفا تجاه فصائل السلام، وكان بعض الدعم يأتي على مستوى القاعدة الشعبية من ضباط الجيش في الوقت الذي كان فيه الأمين العام للمفوض السامي يخبر الشرطة ومفوضي المقاطعات أنه ينبغي ألا يصدروا أسلحة والذخائر إلى الفلسطينيين المناهضين للمتمردين، حتى لو كانت للحماية الشخصية (103) .أثار هاينينغ سلسلة من الأسئلة في تقرير له عن فصائل السلام أرسله إلى مكتب الحرب.هل تم منح عبد الهادي الإذن بحمل السلاح؟ ما هي الضمانات التي حصل عليها البريطانيون بأن الأسلحة، المرخصة أو غير ذلك، لن تستخدم إلا ضد رجال المفتي؟ إلى أي مدى يمكن أن الثقة بعبد الهادي؟ وشرع هاينينغ في الإجابة عن أسئلته، وتقديم نظرة ثاقبة للعقل العسكري البريطاني على أعلى مستوى: "الموقف الذي أراه و أتبناه هو أنه بينما يمكننا استخدام هؤلاء الأشخاص كعملاء لجلب المعلومات، فإن أي نوع من الموافقة الرسمية والتعاون [معهم]لا يمكن تصوره. لقد كنت أبرر مثل هذا لأنه سرعان ما عاد عبد الهادي إلى عاداته القديمة واللعب على الحبلين . وحدث نفس الوضع في وقت لاحق في قريتين أو قريتين أخريين، وغالبا ما كان للأفراد المعنيين فائدة لفترة قصيرة ثم يفقدون مشاعر الحماس والمشاعر المؤيدة للحكومة" (104).. وعلى الرغم من هذه التحفظات قام البريطانيون بدعم فصائل السلام إلى ما بعد العام 1939، وبرز ,بعد انتهاء الثورة، اهتمام عسكري محلي بمتابعة مثل هذه الأمور. وفي حزيران -يونيو 1939، عين البريطانيون خمسة ضباط من الجيش في عكا لإقامة فصائل سلام ، على الرغم من أنه لم يتم تسليحهم في تلك المرحلة (105). وزار ,في الشهر نفسه، مبعوثون من حزب النشاشيبي طبريا ومناطقها النائية لمحاولة إقناع العرب "المعتدلين" في الانضمام في عمل مفتوح ضد الإرهابيين ,بيد أنهم فشلوا في مسعاهم كما أشار بذلك رئيس المخابرات اليهودية في شمال فلسطين (106). وكانت هذه الأنشطة التي جرت في الأربعينيات كثيرا ما تنتهي بنزاعات حول بيع الأراضي العربية لليهود، وأولئك الذين باعوا أرضا استغنوا عن حصصهم للحكومة (وليس سرا أن بعض أفراد عائلة الحسيني باعوا أيضا أرضا لليهود )(107).
هل ساهمت "بدرجة كبيرة" فصائل السلام , كما زعم بوراث, في تدمير قوة المتمردين في فلسطين في الثلاثينيات ؟ (108 ) لم ينجح متعاونو فصائل السلام في الحرب لصالح البريطانيين ولكنهم ساعدوا السلطات من خلال مفاقمة النزاعات السابقة وتفشي اللصوصية في الريف الفلسطيني، مما أدى إلى تشتيت أعداء بريطانيا، وتشجيع التعاون معهم ، والعمل كقوة لمكاثرة البلبلة وعدم الثقة بين الفلسطينيين. إن تكرار فصائل السلام و تغيير شكلها و الإخفاء و التمويه ليس إلا جزء من القصة الأوسع للقمع الاستعماري و التسوية و المقاومة التي اتسعت إلى أشكال صغير لحروب نهاية الإمبراطورية بعد العام 1945. وتعد فصائل السلام وما يشبهها مجرد أمثلة مبكرة لما يعرف بـ "العمليات السرية black ops "مقارنة بالعنصر النفسي لحرب العصابات الثورية للجيش الفرنسي في الخمسينيات و للعمليات البريطانية في ماليزيا و كينيا و شمال إيرلندة حيث تحولت قبائل السكان الأصليين في ماليزيا إلى متمردين, وحيث تم في كينيا "تسويد" الفرق البيضاء وعناصر حراس الوطن من الكيكويو الموالين وتجنيدهم لجمع المعلومات و محاربة المتمردون (109). ( تعتبر فصائل السلام , في حقيقة الأمر, متشابهة في الشكل والوظيفة لحراس الوطن الكيكويو في كينيا). أما في روديسيا، وفي خضم معركتها ضد المتمردين السود، أنشأت ميليشيا زائفة منفصلة في العام 1973،عرفت باسم كشافة سيلوس ا، وهي قوة مختلطة من الجنود البيض والسود حيث كان البيض يقومون بتلوين وجوههم باللون الأسود بصورة غريبة ,وبالتالي "تحولت"وحدة الجنود الروديسيين السود الموالين للحكومة إلى رجال عصابات سود (110) .وقد أدت هذه الأشكال من الحروب الهجينة إلى عكس الطاقة الحركية للعدو، فعندما قامت جماعة النشاشيبي و بعض الفلسطينيين من قرية أبو غوش بإصدار منشورات تزعم أنها للمتمردين، كان الهدف منها تقويض قضية المتمردين (111) " .واستكملت فصائل السلام تكتيكات تهدئة عقابية بريطانية راسخة ركزت على معاقبة الفلاحين الذي عول عليهم المتمردون في تأمين الدعم لهم ، بوضعهم تحت المراقبة ، و إرباكهم ، وجعلهم يختاروا بين الأطراف ,و دفعهم بعيدا عن التمرد . وكان لهذا كبير الأثر ,ففي تشرين الأول / أكتوبر 1938، قام المتمردون بتغريم القرى التي تعاونت مع فصائل السلام: "لقد حذرنا القرى من عدم التعاون مع الخونة وسنفرض عليهم غرامة كبيرة " (121). وفي مكان آخر، في معركة دامت ساعتين قتل فيها المتمردون عشرون من "الخونة"(113) وكان على الفلاحين أن يختاروا بين المتمردين والجنود، وفي مواجهة المجاعة واستهداف الجيش للقرى" السيئة "، اختار البعض الوقوف إلى جانب الحكومة، كما حدث في ماليزيا وكينيا في الخمسينيات.
هناك طرق مختلفة لقراءة التعاون الفلسطيني مع البريطانيين وترى القراءة المتعاطفة أنه في حين وجد البريطانيون المتعاونين العرب بعد العام 1936، وجد البريطانيون متعاونين معهم بين المواطنين الخاضعين لهم والجماعات المتمردة، حتى داخل مجتمع جمهوري "حديث" متماسك في إيرلندا الشمالية خلال الاضطرابات هناك، كالتواطؤ المزعوم الذي يتضمن قائد الشين فين مارتن ماكجونيس(114) . علاوة على ذلك لاقى الفلسطينيون صعوبات جمة بعد العام 1936 في مواجهتهم للجبهة العسكرية اليهودية البريطانية الهائلة ضدهم على الرغم من تأييد معظم الفلسطينيين للحاج أمين وإدانتهم لآل النشاشيبي بوصفهم خونة ، قبل أن ينخرطوا و بأعداد غير محددة ,ليس قبل أواخر العام 1938 ، إلى حد كبير في مساعدة البريطانيين لمواجهة التمرد بعد أن فرضت بريطانيا قدرتها الفعلية لقواتها المسلحة. كانت الوحدة الفلسطينية على تلك الدرجة بحيث لم يتمكن ذراع مخابرات الييشوف من التسلل قطعا إلى قلب التمرد (115).فمعظم الفلسطينيين بحثوا عن سبل بقائهم أحياء ، بما يوصف بجدارة " المهادنة والترقب" attentisme ضمن سياق فرنسا المحتلة في الأربعينيات من القرن الماضي حين نجا الناس من العنف والجوع بقبولهم سلبا تبني النظام الاجتماعي والسياسي المتغير(116) .
دعم الفلسطينيون ,في ذلك الوقت ,كلا الجانبين علانية كي يبقوا أحياء ، اعتمادا على الجهة التي تهب منها الريح ، في حين مازالوا يعارضون بقوة في مجالسهم الخاصة الانتداب والاستيطان اليهودي وتأييد الحاج أمين، ويلخص أحد تقارير الييشوف بدقة هذا التناقض الشخصي: "نحن في الحقيقة ملتزمون أمام قانون القرية [الفلسطيني] لأننا نود أن نحافظ على حسن النية مع الحكومة. ونعتقد على العموم أن أنشطة العصابات [المتمردة] خطأ، ونعارض بشدة المشكلة المحتمة الناجمة عن هذه الأنشطة. ولكن إذا كان أي شخص يقول لك بأن أنا أو أي شخص آخر لا يتعاطف مع العصابات، فهو يكذب.نحن نعتبر أن العصابات تمثل سببا وجيها وأن سياسة الحكومة هي أس المشاكل في البلد (117).. وأعرب الفلسطينيون في اجتماع "يطا" عن مشاعر مماثلة، فقد أجبر القرويين على حضور هذا المؤتمر و الاستماع إلى الخطب بشكل سلبي، ومن ثم العودة إلى ديارهم غير مقتنعين . ورأى الفلاحون المشكلة المباشرة من الناحية غير السياسية، وطلبوا من السلطات أن تدعهم و شأنهم في التعامل مع التوتر المزمن الناجم عن عمليات السطو التي يقوم بها المتمردون والتدابير العسكرية المضادة، وفصائل السلام التي نشأت في البداية من القوات المحلية المستقلة التي ظهرت لحماية القرى من "إخوة الجهاد الإرهابيين"(118) .كان مخاتير القرى في حالة من "اليأس" و "الرعب" التي فرضتها العصابات ،واضطر الرجال إلى ترك قراهم و النوم في التلال بعيدا عن بيوتهم ، وترك المسؤولية على النساء : نحن نختنق في اليأس و الفاقة , حتى تغرق بلدنا بإرهاب تلك الزمرة من اللصوص ,!ومن هم هؤلاء اللصوص! - رجال مأجورين - أدنى من أدنى مستوى. . . ومن المؤكد أن أي شخص يشتبه في أنه يؤيد الحكومة أو التقسيم سوف يذبح. . . كم كانت مباركة تلك الأيام قبل التمرد, عملنا وعشنا. كانت زوجاتنا وأطفالنا يأكلون الخبز. كان لدينا ما أردنا. . . ليعاقبهم الله أولئك أحفاد الشيطان الذين ألقوا بنا في الفاقة واليأس(119)
في اجتماع في قرية عمواس مع ضباط بريطانيين، نصح نمر أبو روش ( المفترض أنه نمر أبو غوش ) الجيش على استخدام وسائل التخلص من العصابات المتمردة، مضيفا كيف: طلب من الجيش أن يدعهم و شأنهم لحماية أنفسهم لأن الجيش غير قادر على تقديم المساعدة اللازمة لهم. . . من الأفضل أن تكون محتجزا عند الجيش بدلا من العصابات. لذلك، يطلب من الجيش عدم القيام بأي عمليات في القرى التي تنتمي لها عائلة أبو [روش]، والسماح لهم بالعمل بمفردهم (120).كان التعاون الفلسطيني أقل إيديولوجية ونشاطا - مجرد زمرة تحيط بعائلة النشاشيبي - أكثر مما كان عليه كرد فعل وتعاون شخصي وعملي – كان رجال فصائل السلام والفلاحين يمرون في أكثر الأوقات صعوبة في فترة الثورة حيث كان عليهم مواجهة مطالب المتمردين وعمليات إخماد التمرد للجيش البريطاني المصممة أصلا لجعل الفلاحين يخلفون الجنود أكثر من خوفهم من المتمردين. ترافق الضغط العسكري مع تقديم الأموال و تمييز بعض الفلسطينيين المتأرجحين ,كما في مثل حالات الاتهام بالشرف . وهكذا، كان لليهود مخبر في صفوف المتمردين يدعى "راشد"، عمل على تمرير المعلومات الاستخباراتية لليهود الذين كانوا يرسلوها بدورهم للبريطانيين .كان "راشد" يقوم بعمله هذا انتقاما من رفاقه الذين طعنوا في شرفه. في حين قام شخص آخر بالتعاون من أجل المال (121) .وقد دفع اليهود ما مقداره شلنين في اليوم لأحد حراس السجون العرب حتى عرف باسم "أبو شلن" ( بما يعادل ثلاث جنيهات فلسطينية شهريا) لتمرير قوائم السجون إلى جهاز الاستخبارات، وكان "ابو شلن" هذا يبرر عمله بأنه "لم يكن ينظر إلى نفسه كمخبر أو خائن، بل مجرد رجل يقوم بعمل مدفوع الأجر "(122).في حين أشار أحد المتعاونين إلى أنه سيوقف تعامله بمجرد أن يسدد ديونه (123). ومثل هذه الأمور جرت بعد الثورة العربية ولأسباب مماثلة، كما يتضح ذلك من فيلم بيت لحم الإسرائيلي الأخير الذي يتحدث عن تعاون صبي فلسطيني مع قوات الأمن الداخلي الإسرائيلية تحت الضغط (ولكن أيضا لتحقيق مكاسب شخصية مثل الحصول على سروال جينز جديد)، قبل أن يقتل "مسؤوله" الإسرائيلي الذي أقام معه صداقة. كان تقويم الييشوف في الثلاثينيات لتفسير التعاون مبني على اعتبار المكافأة المالية أمر ثانوي في الاقتتال الداخلي داخل المجتمع الفلسطيني(124) .
كرس رجال فصائل السلام وأتباعهم المتحمسين أنفسهم كمتمردين ومتعاونين يميلون للطرف الذي يناسبهم ، بوصفهم رجال عنيفين و براغماتيين و غير ملتزمين سياسيا يعيشون خارج نطاق القانون. لقد كانوا يمثلون "عصابات"، مرتزقة بعادات و قواعد شرف متميزة، يقاتلون في المقام الأول من أجل الفخر والمكاسب الشخصية (125). كانت فصائل السلام (والعديد من المتمردين أيضا) تفتقر إلى المشاركة السياسية كما هو حال "الأنصار"،عوضا عن كونهم "قراصنة" يتركز نشاطهم على السطو الخاص والربح، كما يحدد ذلك كارل شميت (126). لم يكن هناك ماو تسي تونغ فلسطيني قادر على تحويل الفلاحين إلى رجال حرب عصابات ذوي قوة مستقطبة وواعية سياسيا ؛ وبدلا من ذلك، كان هناك "حرب أهلية عربية" منقسمة على نفسها ، وجزء منها حركة اجتماعية رجعية، تلقي القبض على المتمردين و تعبر للبريطانيين عن كرههم للفلسطينيين سكان المدن (127) .كما يقول أحد الثوار "لقد سيطروا علينا لمئات السنين ، وها نحن سوف نسيطر عليهم خلال سنة واحدة " مضيفا أنه يجب على السكان الحضريين أيضا أن يتوقفوا عن استخدام الكهرباء التي يزودها بهم اليهود (128). وكان ارتداء غطاء الرأس الحديث [الطربوش] أحد المحظورات ، مثلما هو عدم ارتداء الحجاب والاستماع إلى الراديو، واستخدام أدوات و مواد التجميل والذهاب إلى السينما , كما كانت تحض أحد نشرات الثوار " ارتق إلى مستوى أخواتك اللواتي يحملن جرار من الماء على رؤوسهن" (129). لم يكن عبد الهادي مهتما بالسياسة وليس لديه "إحساس الولاء" للحكومة، وكان تعاونه مبنيا على أسباب شخصية (130) .وعندما تحدث إلى مسؤول استعماري بريطاني في كانون الأول / ديسمبر 1938، اعتنق القضية القومية، ورفض بـ "لامبالاة" عرضا ماليا من بريطانيا، وأوضح أنه يقاتل من أجل "كبرياء جريح" مختتما كم يمتلك من فخر وواجب تجاه جنين بلدته جنين و أهله الذين قتلهم وسرقهم المتمردين. وما ينبغي فعله هو الانتقام لأجلهم من هؤلاء المتمردين.يجب أن يقتلهم. وكرر رغبته في قتلهم عدة مرات، وشدد على ذلك بوضع يديه على مسدسه وخنجره. ولهذه الأسباب كان يساعد الحكومة (131).كان التعاون كما لاحظ البريطانيون ذلك ,وسيلة للفلسطينيين للسعي وراء ثأر الأسرة ولكن مع موافقة رسمية ضمنية، وهو ما استغله البريطانيون واليهود بسهولة (132)..
كانت العداوات و الثأر الشخصي - وهي صفات شبه عشائرية وما قبل حداثية لدى الفلسطينيين وقادتهم البارزين - هي سبب بديل لتعاون الفلسطينيون مع السلطات.
في هذه القراءة النقدية للفلسطينيين، رأينا أن المتمردين السابقين و العائلات البارزة فضلت بشكل غريزي المزايا المؤقتة للتعاون (مؤقتا في أحيان كثيرة ) للسعي وراء أجندات شخصية، ولم يكونوا قادرين على تجنب خلافاتهم لمواجهة عدو مشترك.كانوا يعتقدون بسذاجة أنه يمكنهم أن يتعاونوا و "يقاوموا" في ذات الوقت .و كما يلاحظ أحد قادة الثوار بقوله "أخشى أن قضيتنا ستفشل، لأن الجميع يتصرف بشكل مستقل. وأخشى أن يتغير عملنا ليصبح أداة للمصالح الخاصة، وما الخلافات الحاصلة سوى دليل على هذا " (133) . واجهت الثورة العربية في فلسطين في الثلاثينيات من القرن الماضي قوة استعمارية قوية منضبطة و مدعومة من المستوطنين اليهود كانت قادرة على تفريق وهزيمة العدو غير الناضج من الناحية السياسية والذي كانت مفاهيمه - بعضها , على أي حال – عن التعاون الخطير والغامض تتضمن مكاسب شخصية تختلط بالإيمان بالقضية الوطنية الفلسطينية. وفي حين لم يكن الفلسطينيون مميزين من بين الشعوب الخاضعة للاستعمار في ردة فعلهم المختلطة والمختصة على القمع الاستعماري، فإن التمرد الاستعماري الناجح مثل التمرد اليهودي المنعزل و المستقطب سياسيا ضد البريطانيين بعد العام 1945 لم يتشتت تحت وطأة حملات التهدئة العسكرية، و التدابير التي اتخذها البريطانيون ضد المتمردين اليهود "البيض" إلى حد كبير في الأربعينيات. إن النسيج الاجتماعي والسياسي للتمرد الاستعماري، فضلا عن قوة مكافحة التمرد، حدد نجاح أو فشل - ما تسميه القوى الإمبراطورية الجديدة اليوم "التضاريس البشرية"، وهو ما ينعكس في تحول الجيش الأمريكي مؤخرا إلى الأنثروبولوجيا "والثورة المضادة الثقافية" "لمحاربة المتمردين في العراق وأفغانستان(134).
كان التعاون الفلسطيني في الثلاثينيات من القرن الماضي جزئيا جدا لإدانة الثورة العربية، لكنه عكس نقص العمل السياسي الموحد - وهو الانضباط الحديدي الذي يعتبر ضروريا لحالات التمرد الناجحة - التي كانت أكثر إدانة للمتمردين عند محاربة الجهاز العسكري البريطاني الذي تم ضبطه بدقة. وبالمثل، بعد انتهاء الانتداب وتشكيل إسرائيل في العام 1948، بحثت الدولة اليهودية الجديدة وعثرت على المتعاونين الفلسطينيين المحليين كما فعل الييشوف والبريطانيين من قبل، لأسباب مماثلة لتلك المذكورة هنا، مع ما ترتب على ذلك من آثار باهظة مماثلة على القضية الوطنية الفلسطينية(135)
.........................
العنوان الاصلي : Palestinian Collaboration with the British: The Peace Bands and the Arab Revolt in Palestine, 1936–9
المؤلف: Matthew Hughes
الناشر:Journal of Contemporary History 2016, Vol. 51(2) 291–315
Re-print-s and permissions: sagepub.co.uk/journalsPermissions.nav
DOI: 10.1177/0022009415572401. jch.sagepub.com
ترجمة: محمود الصباغ
....................
ملاحظات
1 See M. Hughes, ‘The Banality of Brutality: British Armed Forces and the Repression of the Arab Revolt in Palestine, 1936–39’, English Historical Review, 124, 507 (April 2009), 313–54 M. Hughes, ‘A History of Violence: The Shooting of British Assistant Superintendent Alan Sigrist, 12 June 1936’, Journal of Contemporary History, 45, 4 (2010), 725–43 J. Norris, ‘Repression and Rebellion: Britain’s Response to the Arab Revolt in Palestine of 1936–39’, Journal of Imperial and Commonwealth History, 36, 1 (March 2008), 25–45.
2 H. Cohen, Tzva ha-Tzlalim [An Army of Shadows] (Jerusalem 2004), translated into English as Cohen, Army of Shadows: Palestinian Collaboration with Zionism, 1917–1948 (Berkeley, CA 2008).
3 E. Dekel, Shai: The Exploits of Hagana Intelligence (New York, NY 1959), passim A. Lefen, Ha’Shai: Shorasheha Shel Kehilat ha’Modi’in ha’Israelit [The Roots of the Israeli Intelligence Community] (Tel Aviv 1997), 42–3. سيتغاضى القارىء هنا عن بعض عدم الدقة في استخدام "اليشوف" و "الصهاينة" و "اليهود" في هذه المقالة، وكلها تشير إلى الجالية اليهودية في فلسطين قبل عام 1948؛ في بعض السياقات، استخدام "يهودي / يهود" بما يناسب اللغة المستخدمة في ذلك الوقت، وأنه لا مفر منه إذا كان غير دقيق..
4 Such as, D. Anderson and D. Branch, Empire Loyalists: Histories of Rebellion and Collaboration (forthcoming) D. Killingray and D. Omissi (eds), Guardians of Empire: The Armed Forces of the Colonial Powers, c. 1700–1964 (Manchester 1994) A.E. Afigbo, The Warrant Chiefs: In-dir-ect Rule in Southeastern Nigeria, 1891–1929 (London 1979) A. Isaacman and B. Isaacman, ‘Resistance and Collaboration in Southern and Central Africa, 1850–1920’, International Journal of African Historical
Studies, 10, 1 (1977), 31–62 and R. Waller, ‘The Maasai and the British 1895–1905: The Origins of an Alliance’, Journal of African History, 17, 4 (1976), 529–53.
5 E. Danin, Te‘udot u-Dmuyot me-Ginzey ha-Knufiyot ha-Arviyot, 1936-39 [Documents and Portraits from the Arab Gangs Archives in the Arab Revolt in Palestine, 1936–39] [1944] (Jerusalem 1981) Y. Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered ha-Aravi be-eretz Israel, 1936–39 [Felahin during the Arab Revolt in the Land of Israel] (Tel Aviv 1978) Y. Arnon-Ohanna, ‘The Bands in the Palestinian Arab Revolt, 1936–39: Structure and Organization’, Asian and African Studies, 15, 2 (1981), 229–47Y. Arnon-Ohanna, Herev mi-Bayit: ha-Ma‘avak ha-Pnimi ba-tnu‘a ha-le‘umit ha-falastinit, 1929–39 [The Internal Struggle within the Palestinian Movement, 1929–39] (Tel Aviv 1989) Y. Porath, The Palestinian Arab National Movement: from Riots to Rebellion. Volume Two, 1929–39 (London 1977).
6 A blood feud´-or-a long-running quarrel, usually between two rival clans – rather like ‘vendetta’ in English, although for this there is another word in colloquial Arabic, gom, which means literally ‘revenge’.
7 W.C. Matthews, Confronting an Empire, Constructing a Nation: Arab Nationalists and Popular Politics in Mandate Palestine (London 2006) S. Robertson, Citizen Strangers: Palestinians and the Birth of Israel’s Liberal Settler State (Stanford, CA 2013) J. Norris, Land of Progress: Palestine in the Age of Colonial Development, 1905–1948 (Oxford 2013). See also S. Seikaly, ‘Meatless Days: Consumption and Capitalism in Wartime Palestine, 1939–1948’, doctoral thesis, New York University (2007). Quotation from T. Swedenburg, Memories of Revolt: The 1936–1939 Rebellion and the Palestinian National Past (Minneapolis, MN 1995), 152–4.
8 For discussion of this see I. Khalaf, Politics in Palestine: Arab Factionalism and Social Disintegration, 1939–1948 (Albany, NY 1991) R. Khalidi, Palestinian Identity: The Construction of Modern National Consciousness (New York, NY 1997) and J.S. Migdal (ed.), Palestinian Society and Politics (Princeton, NJ 1980).
9 See Matthews, Confronting an Empire, 233ff and P. Mattar, Mufti of Jerusalem: Al-Hajj Amin al-Husayni and the Palestinian National Movement (New York, NY 1988), 65ff.
10 C. Elkins, Britain’s Gulag: The Brutal End of Empire in Kenya (London 2005), 67 Swedenburg, Memories of Revolt, 86.
11 J.S. Bennett, Handwritten Minute, 28 February 1938, CO733/368/4, 4, The National Archives, London [TNA].
12 See Danin, Te‘udot u-Dmuyot me-Ginzey, 24 قتل عبد الهادي في العام 1943 في حفل زفاف ابنه في عرابة، ومن غير الواضح ما إذا كان بسبب تعاونه مع العدو أو بسبب نزاع عائلي.
13 Minute by G.W. Rendel, 12 November 1937, in M. Fry and I. Rabinovich (eds), Despatches from Damascus: Gilbert MacKereth and British Policy in the Levant, 1933–39 (Tel Aviv 1985), 178.
14 K. Saudeh ‘Black hand tinged with Blood’ to MacKereth [October 1937], in Fry and Rabinovich (eds), Despatches from Damascus, 175–6.
15 G. MacKereth to H. MacMichael (Palestine), 5 September 1939, FO371/23251, TNA.
16 For the role of CID, see C. Walton, Empire of Secrets: British Intelligence, the Cold War and the Twilight of Empire (London 2013), passim and (forthcoming) E. Harouvi, Palestine Investigated: The Story of the CID of the Palestine Police Force, 1920–48 (London 2014) (Hebrew, 2011).
17 M. Thomas, Empires of Intelligence: Security Services and Colonial Disorders after 1914 (Berkeley, CA 2008), 255 MacKereth to Eden, 21 January 1938, in J. Priestland (ed.), Records of Jerusalem, 1917-71: Volume 3, (Oxford 2002), 738.
18 Minute dated 2 November 1939 on G. MacKereth to C. W. Baxter (FO), 3 October 1939, FO371/23251, TNA.
19 L. Baggallay to G. MacKereth, 30 November 1939, FO371/23251, TNA.
20 Mackereth (Damascus) to Jerusalem (repeated to FO), 15 December 1938, FO371/21869, 105,TNA.
21 Appendix, Notes on Captured Arab Documents [by Jews and written after 1941], Wingate Papers,M2313, 112–13, British Library, London [BL].
22 R. King-Clark to Trevor Royle, 22 February 1993, MR4/17/307/1/4, Tameside Local Studies and Archive Centre, Ashton under Lyne.
23 MacKereth to Secretary of State for Colonies, 12 May 1938, FO371/21877, 8, TNA.
24 Cohen, Army of Shadows, 95ff.
25 M. ‘Izzat Darwazah, Mudhakkarat Muhammad ‘Izzat Darwazah [Memoirs of Muhammed ‘Izzat Darwazah] (Beirut 1993), 179.
26 H. Eshed, Reuven Shiloah: The Man Behind the Mossad (London 1997), 32 Y. Gelber, ‘Reuven Shiloah’s Contribution to the Development of Israeli Intelligence’ and E. Harouvi, ‘Reuven Zaslany (Shiloah) and the Covert Cooperation with British Intelligence during the Second World War’, in H. Carmel (ed.), Intelligence for Peace: The Role of Intelligence in Times of Peace, (London 1999), 16–48.
27 Y. Gelber, Sorshey ha-Havatzelet: ha-Modi‘in ba-Yishuv, 1918–1947 [Growing a Budding Fleurde-Lis: The Intelligence Forces of the Jewish Yishuv in Palestine, 1918–47] (Tel Aviv 1992), 149–64Lefen, Ha’Shai, 45–51. انظر أيضا مذكرات ضابط الاستخبارات البريطاني: لوت كول أس سيموندز ,Pieces of War, 08/46/1, 42, 55, Imperial War Museum Documents, London and S. Wagner, ‘British Intelligence and Policy in the Palestine Mandate, 1919–39’, doctoral thesis, University of Oxford (2014).
28 Eshed, Reuven Shiloah, 32.
29 Porath, Palestinian Arab National Movement, ii, 253 Intelligence Report (in Hebrew), 29 September 1938, 8/General/2, p. 102, Haganah Archive, Tel Aviv [HA] Danin, Te‘udot u-Dmuyot me-Ginzey, 24 (note 56).
30 Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered, 157–60 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 19, Ramallah, 22 February 1939, The Prince of Wales’s Own Regiment of Yorkshire Museum, York [RYM].
31 Summary of Intelligence, Palestine and Transjordan, Wing-Commander Ritchie, 7 October 1938, CO732/81/9, TNA.
32 Cohen, Army of Shadows, 150 S25/22793, 39, Central Zionist Archive, Jerusalem [CZA].
33 Subject: Fakhri Abdul Hadi, from Robert Newton, Assistant District Commissioner, Jenin, 17 December 1938, S25/22793-39/43, CZA.
34 Interview, author with Edward Horne, Barton-on-Sea, 26 February 2013.
35 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 2, Ramallah, 26 October 1938, RYM 8th Division Operation Instruction No. 10 by Maj-Gen B. L. Montgomery, 21 January 1939, Queen’s Royal West Surrey Regiment, QRWS/3/6/7, Surrey History Centre [SHC] Lecture No. 2: Operational Cordon: Check and Search Village, n.d., Diary of Events, 1939, Queen’s Royal West Surrey Regiment, QRWS/3/8/8, SHC Letter, Lt H. J. Darlington to Wife, 6 October 1938, KO 1333/01, King’s Own Royal Regiment Museum, Lancaster [KORRM] Druze Activities file in S25/ 22793, CZA Testimony of Tuvia Omani, 18 February 1971, 95.23, HA.
36 Z. Lockman, Comrades and Enemies: Arab and Jewish Workers in Palestine, 1906–48 (Berkeley, CA 1996), 251 K. Firro, A History of the Druzes (Leiden 1992), 337, 340–1 Swedenborg, Memories of Revolt, 91–2 S. Fathi el-Nimri, ‘The Arab Revolt in Palestine: A Study Based on Oral Sources’ doctoral thesis, University of Exeter, (1990), 184–6. For quotation, Letter, Burr to Parents, 24 February 1938, Burr papers, 88/8/1, Imperial War Museum Documents, London [IWMD]. See also Lt-Col G. A.
Shepperd, 4597, 47, Imperial War Museum Sound Archive [IWMSA] and Sir Gawain Bell, 10256, IWMSA.
37 See, for instance, Maj-Gen A. J. H. Dove, 4463, 30, IWMSA.
38 توصية السير تشارلز تيغارت , ‘Village Registers for Bad Villages’, accompanying Letter, Chief Secretary to District Commissioners, 28 January 1938, S25/22762, CZA.
39 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 21 January and 1 February 1939, The Border and King’s Own Royal Border Regiment Museum, Carlisle [BRM].
40 M. Al-Haj, Social Change and Family Process: Arab Communities in Shefar-A’m (Boulder, CO and London 1987), 55–6 Swedenburg, Memories of Revolt, 90ff.
41 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 2 March 1939, BRM.
42 Green Tiger: The Records of the Leicestershire Regiment 20/4 (November 1939): 122, in Record Office for Leicestershire, Leicester and Rutland [ROLLR].
43 Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered, 157–60.
44 B. Abu Gharbiyah, Fi Khidamm al-nidal al-‘arabi al-filastini: mudhakkarat al-munadil Bahjat Abu Gharbiyah [In the Midst of the Struggle for the Arab Palestinian Cause: The Memoirs of Freedom-Fighter Bahjat Abu Gharbiyah] (Beirut 1993), 60–1 Haaretz [The Land] (Evening Issue) (22 December1937).
45 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 7, Ramallah,1 December 1938, RYM.
46 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 8, Ramallah,8 December 1938, RYM.
47 Chaplin, The Queen’s Own Royal West Kent Regiment, 105.
48 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 11, Ramallah,29 December 1938, RYM.
49 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary Nos 12, 14,Ramallah, 5 and 20 January 1939, RYM.
50 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 13, Ramallah,12 January 1939, RYM.
51 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 16, Ramallah,2 February 1939, RYM.
52 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 17, Ramallah,9 February 1939, RYM.
53 Letter from Abdel Halim Julani, Abdel Kader Husseini and Ahmed Jaber, 19 December 1938 quoted in Police CID, Jerusalem, Intelligence Report 68/38, 21 December 1938, S25/22732, CZA.
54 Police CID, Intelligence Summary No 92/38, 31 December 1938, 3, S25/22732, CZA.
55 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 9 December 1938, BRM.
56 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 27 January 1939, BRM.
57 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 16 December 1938, BRM.
58 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 17 December 1938, BRM. The Air Force List details a Flying Officer N. O. Lash in November 1938, in Middle East command (presumably Norman Lash who went on to command in Jordan’s Arab Legion).
59 Arab Reaction to the White Paper, 19 May 1939, signed by A.H.K. [in Hebrew], A.H.K. to Moshe Sharett, 28 June 1939, reporting on a meeting between the High Commissioner and Chief Secretary and Fakhri and Ragheb Nashashibi [in Hebrew], S25/7644, CZA.
60 Typed up Official MS, Leicestershire Regiment, 2nd Battalion, Palestine, 1939–40, 1, 22D63/10/1-3, ROLLR.
61 Y. Slutsky and B.-Z. Dinur (eds), Sefer Toldot ha’Haganah [Book of the History of the Haganah]vol. 3, part 1, Me’ma’avak le’Milhama [From Struggle to War] (Tel Aviv 1972), 16.
62 Appendix, Notes on Captured Arab Documents [by Jews and written after 1941], Wingate Papers,M2313, 113, BL.
63 ‘Honi Soit Qui Mal Y Pense’, Palestine Police Old Comrades’ Association Newsletter 100 (September 1975), 46.
64 Ibid.
65 School Year Diary, Spring Term 1939, Wilson Papers, GB165-0302, 36, Middle East Centre, St Antony’s College, Oxford [MEC] personal information from Nir Arielli, 5 June 2013.
66 School Year Diary, Summer Term 1939, Wilson Papers, GB165-0302, 73, MEC.
67 Memoir (typed in 1985) entitled ‘Palestine 1938’ by Captain P.H. Graves-Morris, Worcestershire Regiment Museum Trust.
68 Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered, 147–52.
69 British Report, Armed Gangs 60/38, 5 December 1938, S25/22732, CZA
70 H. MacMichael (High Commissioner) to Malcolm MacDonald Secretary of State for Colonies),16 January 1939, S25/22761, CZA.
71 Police CID, Jerusalem, Intelligence Summary 92/38, 31 December 1938, 3, S/25/22732, CZA.
72 Interview, author with Edward Horne, Barton-on-Sea, 21 April 2013.
73 British Report, Armed Gangs 61/38, 6 December 1938, S25/22732, CZA.
74 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 18 March 1939, BRM Danin, Tsiyoni be-Kol Tnay, 140.
75 Danin, Te‘udot u-Dmuyot me-Ginzey, 24, n. 56.
76 ‘The Royal Bee Lady’, Palestine Police Old Comrades’ Association Newsletter, 124 (September 1981), 52.
77 Keith Roach to O’Connor, 25 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10, Liddell Hart Centre for Military Archives, London [LHCMA].
78 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 9, Ramallah, 15 December 1938, RYM.
79 Jewish Report, Hebron 29 February 1939, 140, S25/22269, CZA.
80 Memorandum on Hebron Sub-District, by Assistant District Commissioner Stewart, 25 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10-11, LHCMA.
81 Memorandum on Hebron Sub-District, by Assistant District Commissioner Stewart, 25 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10-11, LHCMA.
82 FIRM: Worcestershire Regiment Journal, 11, 2 (July 1939), 226
83 Quoted in ‘Arab Leader and Former Mufti’, Yorkshire Post (24 October 1938).
84 Mansour, HQ Arab Army in the South 28th Ramadan 1357 quoted in FIRM: Worcestershire Regiment Journal, 10, 4 (January 1939), 560.
85 Cohen, Army of Shadows, 133.
86 J.B. Schechtman, The Mufti and the Fuehrer: The Rise and Fall of Haj Amin el-Husseini (New York, NY 1965), 62–3.
87 Ibid. Intelligence Summary, Palestine and Transjordan, by Wing Commander Ritchie, 2 December 1938, CO732/81/10, TNA.
88 Photographic Collection, Truman Institute Library, Hebrew University, Jerusalem.
89 CID Intelligence Summary 92/38, Jerusalem, 31 December 1938, 4–6. S25/22732, CZA.
90 Ibid.
91 Information re Mohd. Sherif and the Yatta Meeting, From Mohd. Abu Sharar, son-in-law of Mohd. Sherif and Mustapha Issa Unis Dudein of Dura, from Mr Stewart (to Charles), 25 January 1939, dated 26 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10, LHCMA.
92 Keith Roach to O’Connor, 25 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10, LHCMA.
93 Ibid.
94 John Baynes, The Forgotten Victor: General Sir Richard O’Connor (London 1989), 58.
95 Diary, 18 December 1938, Foster Papers, GB165-0110, 101–2, MEC.
96 MacMichael (HC, Palestine) to MacDonald (Secretary of State for Colonies), 16 January 1939, Security Matters 1938–39, S25/22761, CZA.
97 Letter, Burr to Parents, n.d. [December 1938–January 1939], 88/8/1, Burr Papers, IWMD.
98 Summary of Intelligence, Palestine and Transjordan, Wing-Commander Ritchie, 30 December 1938, CO732/81/10, TNA.
99 CID Intelligence Summary 90/38, Jerusalem, 21 December 1938, S25/22732, CZA.
100 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 5, Ramallah, 17 November 1938, RYM.
101 FIRM: Worcestershire Regiment Journal, 11, 1 (April 1939), 55.
102 Palestine Police CID, Intelligence Summary 92/38, 31 December 1938, 4, S25/22732, CZA.
103 W.D. Battershill, Chief Secretary on behalf of the High Commissioner to District Commissioners and IG Police, 29 December 1938, S25/22761, 4, CZA.
104 GOC Palestine (Haining) to War Office, Despatch on the Operations carried out by the British Forces in Palestine and Trans-Jordan, 1 November 1938–31 March 1939, 24 April 1939, Evetts Papers, File 1, LHCMA see also O’Connor Papers, 3/4/53, LHCMA.
105 To Zaslani from ‘M’ in Haifa, 5 June 1939, Files of Shiloah Zaslani, S25/22424, CZA.
106 Letter, Feitelson (Tiberias, Intelligence Chief in North of Palestine) to Zaslani, 1 June 1939, S25/22424, 7, CZA.
107 I. Pappe, The Rise and Fall of a Palestinian Dynasty: The Husaynis, 1700–1948 (London 2010),258 Palestine Police Force, Report from Tiberias Police on Nazareth District, c.1940, Nazareth Town, 17/4212/8, Israel State Archive, Jerusalem.
108 Porath, The Palestinian Arab National Movement, 256.
109 F. Kitson, Gangs and Counter-Gangs (London 1960), 78, 84, 150–1 and H. Bennett, Fighting the Mau Mau: The British Army and Counter-insurgency in Kenya (Cambridge 2012), 152–8. See also, G. Hughes and C. Tripodi, ‘Anatomy of a Surrogate: Historical Precedents and Implications for Contemporary Counter-insurgency and Counter-terrorism’, Small Wars and Insurgencies, 20, 1 (2009), 1–35. ساعد الأمين العام السير فرانك كيتسون على إنشاء وحدات زائفة في كينيا في الخمسينيات ونفى هذا المؤلف أي معرفة بعد ذلك بما حدث في فلسطين في الثلاثينيات من القرن الماضي: رسالة الجنرال السير فرانك كيتسون إلى المؤلف، 26 يوليو 2013
110 J. Pittaway, Selous Scouts, Rhodesia: The Men Speak (Avondale 2013), passim.
111 CID Police Intelligence Summary, 89, 38, 17 December 1938, S25/22732-94, CZA MacMichael (HC, Palestine) to MacDonald (Secretary of State for Colonies), 16 January 1939, Security Matters 1938–39, S25/22761, CZA.
112 A. el Rahim el Haj Mahmad, Office of the Arab Rebellion in Palestine, Mountains, to Abdallah el Beiruti, 19 October 1938, Wingate Papers, M2313, 43, BL.
113 A. el Rahim Haj Mahmud, Arab Rebellion Office in Palestine, to Abu Abdallah, n.d., Wingate Papers, M2313, 52, BL.
114 D. Murray, Bloody Sunday: Truths, Lies and the Saville Inquiry (London 2012), 195.
115 Y. Slutsky (ed.), Sefer Toldot ha’Haganah [Book of the History of the Haganah] vol. 2, part 2, Me’Haganah le’ma’avak [From Defence to Struggle] (Tel Aviv 1963), 991.
116 See C. Lloyd, Collaboration and Resistance in Occupied France: Representing Treason and Sacrifice (Houndmills 2001), viii–ix
117 Note, typed, n.d., Security Matters, 1938–39, S25/22762, CZA.
118 Appendix, Notes on Captured Arab Documents [by Jews and written after 1941], Wingate Papers, M2313, 114, BL.
119 Undated note [by Jews], S25/4960-184, CZA.
120 The Meeting of the Military Officers with Nimer Abu Rosh in Imwas, 29 [or 20] January 1939, 1, S25/22269, CZA.
121 Dekel, Shai, 197–8.
122 Dekel, Shai, 207.
123 Dekel, Shai, 223.
124 Slutsky, Sefer Toldot ha’Haganah, vol. 2, part 2, 990–1.
125 Discussed in the classic text by E. Hobsbawm, Bandits (London 1969) without reference to Palestine, but his de-script-ion of ‘social banditry’ (22–3) is apt.
126 C. Schmitt, Theory of the Partisan (New York, NY 2007), 14–15.
127 J.P. Jankowski, ‘The Palestinian Arab Revolt of 1936–39’, Muslim World, 63, 3 (1973), 226.
128 Arnon-Ohanna, Herev mi-Bayit, 284.
129 Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered, 45.
130 Cohen, Army of Shadows, 150.
131 Subject: Fakhri Abdul Hadi, from Robert Newton, Assistant District Commissioner, Jenin, 17 December 1938, S25/22793-39/43, CZA.
132 W.D. Battershill, Chief Secretary on behalf of the High Commissioner to District Commissioners and IG Police, 29 December 1938, S25/22761, 3, CZA
133 Council of High Command of Rebellion Army in Palestine, Abd el Rahim el Haj Mahmad to Abu Khaled, 23 August 1938, Wingate papers, 37, BL.
134 British Army Field Manual, Volume 1 Part 10, Countering Insurgency (AFM 1-10) (October 2009), 3–5 Frank Ledwidge, Losing Small Wars: British Failure in Iraq and Afghanistan (New Haven, CT and London 2011), 194–6.
135 Hillel Cohen examines post-1948 collaboration in his more recent book entitled Good Arabs: The Israeli Security Agencies and the Israeli Arabs, 1948–67 (Berkeley, CA 2010).

فصائل السلام و الثورة العربية في فلسطين 1936-1939, نموذج لتعاون الفلسطينيين مع سلطات الانتداب البريطاني
نبذة مختصرة
تدرس هذه المقالة أحد جوانب المحاولات البريطانية لمكافحة التمرد في فلسطين في الثلاثينيات خلال الثورة العربية هناك ضد الحكم الاستعماري البريطاني والاستيطان اليهودي: حيث ساهمت المساعدات العسكرية و المالية البريطانية و اليهودية بدعم من جيلبيرت مكريث القنصل البريطاني في دمشق , بانتعاش الميليشيات الفلسطينية المعروفة باسم "فصائل السلام" المرتبطة بعائلة النشاشيبي الفلسطينية المناهضة للثورة والموالية لبريطانيا. و تسعى أيضا من حلال استخدام المصادر العبرية و العربية و البريطانية المحلية غير المستخدمة إلى توضيح الطرق التي ساعد فيها البريطانيون دعم فرق السلام وأنشطتها الميدانية اللاحقة ؛ كما تقوم تأثير العصابات على مسار الثورة العربية. وتحدد آراء الجيش البريطاني تجاه الراغبين في العمل معهم.وبهذا فهي توسع أطروحة هيلئيل كوهين الحالية عن تعاون الفلسطينيين مع الصهاينة لتشمل البريطانيين وتجادل بفائدة عمل يهوشوا بوراث ويوفال أرنون- أوهانا حول هذا الموضوع. وتكمن أهمية مثل هذه الدراسة في تحديد فهمنا للأساليب البريطانية لإحلال السلام الإمبريالي ،لاسيما مناورات الجيش البريطاني خلال فترة الاضطرابات الاستعمارية عبر "تحويل" الثوار إلى قوة "موالية" له ضد المتمردين، ويعبر هذا عن شكل مبكر من أشكال الصراع "الزائف" .ويمثل تعاون الفلسطينيين صدى لسمات أوسع لتاريخ الحكم الإمبريالي و النيو إمبريالي ، كما يوسع معرفة هذا التعاون من معرفتنا للتاريخ العسكري بخصوص الأساليب المتبعة لطرق الإخماد الاستعماري للثورات ، كما توفر زخما ثريا جديدا حول الأسباب التي يبديها المواطنين الخاضعين للاستعمار للمقاومة و التعاون مع حالة الطوارئ، وذلك باستخدام الفلسطينيين كقضية دراسة.
ثار الفلسطينيون في نيسان-أبريل 1936 ضد الاستيطان اليهودي والحكم الاستعماري البريطاني في فلسطين الانتدابية .وجردت بريطانية -إثر ذلك-حملة مكافحة تمرد أدت إلى سحق الثورة بحلول العام 1939، و اشتملت الحملة على نشر القوات الثقيلة , علاوة على العقوبات القانونية والعنف الرسمي وغير الرسمي والتعذيب والعقوبات الجماعية والحجز الجماعي و العمل الدبلوماسي (1). كما دعم الجيش البريطاني والحكومة الاستعمارية اليهود المحليين و الفلسطينيين المتعاونين لتشتيت الثوار وهزيمتهم. والتعاون الفلسطيني هو موضوع هذه المادة التي تركز على عائلة النشاشيبي الفلسطينية الموالية للحكومة، و على "فصائل السلام" غير النظامية، الشبيهة بالميليشيات (أو العصابات بالمعنى السيء ). كما ساعد اليهود في فلسطين فصائل السلام - موضوع العمل الأخير لهلئيل كوهين - كما فعل لك أيضا القنصل البريطاني في دمشق المقدم جيلبرت مكيريث(2). وبلغ الدعم البريطاني لفصائل السلام ذروته في كانون أول-ديسمبر 1938 عندما دعموا اجتماعا عاما برعاية آل النشاشيبي في قرية يطا قرب الخليل، حضره القائد البريطاني البارز في فلسطين، الجنرال ريتشارد أوكونور، وقادة عائلة النشاشيبي.
هذه المقالة هي دراسة حالة في فلسطين عن التاريخ العسكري للطريقة التي استخدم فيها البريطانيون التعاون معهم كسلاح لضمان السيطرة الإمبراطورية، وهي مدعمة بقراءة عميقة لأرشيف الجيش البريطاني المحلي بالإضافة إلى مواد أخرى باللغتين العبرية والعربية، وهذه الأخيرة محدودة من حيث العدد، في حين أن المواد العبرية مفيدة نظرا لامتلاك الييشوف( المجتمع اليهودي في فلسطين) لشبكة استخبارات فعالة(3). وتظهر هذه الدراسة كيف دعم البريطانيون فصائل السلام ، وتوضح بالتفصيل النشاطات الميدانية لهذه الفصائل، وهي تقوم تأثير هذه الفصائل على مسار الثورة العربية، وتحدد وجهات نظر الجيش البريطاني تجاه الراغبين في العمل مع السلطة الاستعمارية، وكل هذا يمثل صدى لتاريخ إمبريالي أوسع فيما يتعلق بالمقاومة والتعاون في الفترة المعاصرة (4) . وينطوي النقاش عن البريطانيين وفصائل السلام على نقاش آخر عن الموضوع الاستعماري: أي حملة التهدئة البريطانية ضد المتمردين شجعت الفلسطينيين على استيعاب المشروع الاستعماري والتعاون مع الحكومة، كما أن تفشي اللصوصية المترافقة مع حالات التمرد و صعوبة العيش الناجمة عن العمليات العسكرية شجعت الفلسطينيين أيضا على التعاون مع البريطانيين.
لا تتحدث المقالة عن الوعي السياسي الفلسطيني و هي ليست عنه ,إنما تتطرق إلى قضايا معينة مثارة مسترشدة بمناقشات أوسع حول السياسة الفلسطينية في تلك الفترة، والتي تناولها مؤخرا ويلدون ماثيوز، وجاكوب نوريس وشيرا روبرتسون. وهي تتفحص القراءات الاستعمارية والصهيونية (5) للفلسطينيين التي تبرز فيهم صفات ما قبل حداثية ذات خصائص شبة عشائرية تسهل رشوتهم و رشوة قادتهم البارزين، كما تظهرهم منقسمين لانتشار عادات الثأر و [الفساد]( 6 ) بينهم و"التعطش للدم و التعصب"، و من السهل تفريقهم بوساطة أعدائهم المتماسكين و ذوي الخبرة السياسية (7). ولا تسعى هذه المقالة لتفسير الفكرة القائلة بأن الفلسطينيين يتعاونون مع القوى الاستعمارية وما بعد الاستعمارية - في الواقع، تظهر العديد من الدراسات أن منهم من قام بذلك بالتحديد – وإنما هي تسعى ,من خلال دراسة تجريبية مفصلة، إلى توصيف السياق الذي تم من خلاله دعم القوى الاستعمارية لهذا التعاون ولماذا اختار بعض الخاضعين للاستعمار العمل مع السلطات الاستعمارية.
اعتمدت فصائل السلام على أشكال من التعاون والتحول للمواطنين الخاضعين للسلطات الاستعمارية في فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي ،وقد ساعدت عائلة النشاشيبي، التي أسست حزب الدفاع [الوطني](الذي كان ينتمي للمعارضة )، على إنشاء هذه الفصائل والعمل مع البريطانيين واليهود ضد منافسيهم لا سيما عائلة الحسيني.وقد عارض المجلس الذي يسيطر عليه آل الحسيني والحزب الوطني العربي خطوة آل النشاشيبي هذه ,حيث يشير المجلس هنا إلى المجلس الإسلامي الأعلى برئاسة الحاج أمين الحسيني كبير رجال الدين المسلمين في القدس و الذي عينه البريطانيون (والذي يعرف عادة باسم "المفتي") والذي كان أيضا أحد رموز الثورة العربية و قائدها , وقد غادر فلسطين إلى لبنان في العام 1937، مطاردا من قبل القوات البريطانية، ثم بعدها إلى العراق وإيران وألمانيا النازية وفرنسا ومصر وعاد إلى لبنان حيث توفى في العام 1974.
قاد فخري النشاشيبي مع عميد أسرته و عمه راغب النشاشيبي التعاون [مع البريطانيين] خلال الثورة ,وكان هذا أحد أسباب اغتياله في العراق سنة 1941 عن طريق مسلحين مدعومين من عائلة الحسيني. عملت النخب الحضرية الفلسطينية عبر مجالسها مع البريطانيين بشكل وثيق خلال الانتداب للحفاظ على التعيينات المهنية والحكومية والرعاية التي يوفرها تولي مثل هذه المناصب الرفيعة ،الأمر الذي يؤكد على أن البريطانيين أجبروا الفلسطينيين على مثل هذا النوع من العلاقات، وقد استغلت النخب الفلسطينية أيضا برضاها الفرصة المربحة للعمل مع السلطات الاستعمارية(8).إن قراءة الفلسطينيين سياسيا و شخصيا بدلا من (أو أيضا) كشعب شكلته العشائر المتحاربة هو إيجاز مفيد، ويجدر أن يؤخذ في الاعتبار في أي تحليل عسكري تالي، ليس أقلها الروابط الأسرية كتفسير بريطاني معتاد لماذا يقاتل الناس مع أو ضد فصائل السلام .إن الولاءات الأسرية هي طريقة جزئية لفهم الفلسطينيين خلال الثورة العربية(9) .وفي حين أن الأفراد المنتمين إلى أسر الحسيني والنشاشيبي قادوا الكتلتين، فإن الغالبية العظمى من أعضاء كل جانب لم ينتموا إلى أي من هذه العائلات. كما لم تكن هناك علاقات دم واضحة بين أعضاء أي من الطرفين أو المجموعة. كان هناك أعضاء في كل مجموعة في جميع المدن والبلدات الكبرى، حيث كان المجلسيين يتمتعون بنفوذ أكثر في الريف بسبب الكاريزما التي يمتلكها الحاج أمين والسيطرة التي كان يبديها هو ومؤيديه على الأوقاف (المساجد والمدارس وما إلى ذلك)، وليس بسبب أي نسب للدم الحسيني. وكان محمد عزت دروزة نائبا للحاج أمين الذي لم يكن حسينيا ولا مقدسيا، ولا حتى عضوا في الحزب العربي، ولكنه يعود بأصوله لمدينة نابلس وكان قائدا ومؤسسا لحزب الاستقلال (مؤيد للمعارضة ) (أو على الأقل ليس مجلسيا)، ومنافسا قويا للسياسات الأسرية. ويمكن للأسر الفلسطينية الأخرى والقادة المحليين في القرى الصغيرة أن تلتزم بإحدى هاتين الكتلتين، وهو الانقسام الذي فاقمته الخلافات الإقليمية والدينية والعشائرية والطبقية، بين المدينة والبلد، السكان المستقرين و البدو الرحل، و التي نمت مع مرور الزمن وتعاقب الأجيال . وعمل التضامن الاجتماعي في المرحلة الأولى من الثورة من أبريل / نيسان إلى أكتوبر / تشرين الأول 1936، على إخفاء الاختلافات بين الكتلتين، ولكن بحلول العام 1938 كانت هناك اعتداءات بين الطائفتين بينما قاتل مسلحون من الجانبين. وقد عارضت فصائل السلام التي ترعاها بريطانيا الاتجاه العنيف المناهض للحكومة الموجهة للثورة العربية بقيادة الحاج أمين، وكانت نشطة في المرحلة الثانية من الثورة العربية بعد سبتمبر 1937، وخاصة في أواخر 1938 و 1939.
ومن المؤكد أن فصائل السلام كانت ترتكز على الولاءات العائلية والعشائرية بين الفلسطينيين وصاغت هذه الولاءات شكل ومكان الفصائل، ولكنها كانت تسير بالتوازي مع أسباب التعاون النفعية وأسباب أخرى تتعلق بالشخصية و الارتشاء وقد تكون أسباب مؤقتة و شعبية ,فعلى سبيل المثال أجبرت حاجة الكثيرين للبقاء أحياء خلال السنوات القاسية من الحملة البريطانية على التعاون بطريقة ما - وهو مثال على ما سيطلق عليه علماء السياسة نظرية الاختيار العقلاني ,وكانت فصائل السلام بالنسبة لبريطانيين تمثل نوعا من " الصراع , أو الحرب الزائفة"، ومناورة للجيش البريطاني خلال الاضطرابات الاستعمارية لـ "تحويل" المتمردين إلى قوات "موالية" أي ضد المتمردين، كنوع من محاكاة، مربكة تكاثر أعداء المتمردين. فالقوى الزائفة هي قوى غير نظامية ، مستنسخة أو تشبه المتمردين بطريقة ما، وعادة ما تكون غريبة ومؤقتة، وغالبا ما تندمج هذه - "العصابات الزائفة" و "الكونترا" كما يصفها النقاد -في تعاون مباشر، وغير متبلور لجمع المعلومات الاستخباراتية وزرع الفتنة داخل صفوف المتمردون بادعائهم أنهم مسلحون أو لا يمكن تمييزهم عنهم (10). وإذن تتحدث هذه الدراسة عن ظهور و انتهاء فصائل السلام .


كان القنصل البريطاني في دمشق المقدم جيلبرت مكيريث أول من حاول -خلال الثورة- استمالة المقاتلين العرب من فلسطين الذين لجأوا إلى سوريا التي تسيطر عليها فرنسا.( وكانت وزارة الخارجية قد رحبت بمتصدي مكيريث للتمرد العربي عبر مكتبها الذي يدير قنصلية دمشق، في حين كان مكتب المستعمرات يدير الانتداب البريطاني في فلسطين). وكان مكتب المستعمرات يرى بأن استقلالية مكريث و"أسلوبه القوي " "للعمل المباشر" عملت على صهر و صوغ الاستراتيجية البريطانية (11) .لم يقم مكريث بإنشاء فصائل السلام ،بيد أن أعماله سلطت الضوء على تاريخهم القصير، حيث شجع على إرسال "فخري عبد الهادي" أحد كبار المتمردين" المتحولين" إلى فلسطين ليتولى قيادة أحد فرق فصائل السلام الرئيسية. وكان موظفو القنصلية البريطانية في سوريا يجمعون معلومات استخباراتية عن المتمردين العرب في فلسطين؛ وكانت الخطوة التالية هي ترقية "المتعاونين" للتسريع بالقضاء على الثورة في فلسطين (12). كان لمكريث دور فعال في عمله ضد الثورة، لدرجة أن المقاتلين العرب في عصابة الكف الأسود المتمردة كانت هددت بحلول تشرين الأول / أكتوبر 1937 قنصلية دمشق وقتل مكريث. وبحلول تشرين الثاني / نوفمبر 1937، طلب مكيريث من لندن الحصول على صدرية مضادة للرصاص (13). وكان التهديد الذي تلقاه مكيريث من عصابة الكف الأسود لافتا و يمكن قراءة جزء منه على النحو التالي":وندرك أننا جمعية سرية أقسمت اليمين على أنكم وكل إنكليزي في هذه المدينة عرضة للقتل في حال أصيب مفتينا الأكبر الشيخ أمين الحسيني بجروح طفيفة. . . وهذا تحذير غير كاف فبمجرد تلقيك هذه الرسالة، عليك أن تطلب من رجلي شرطة أن يراقبوك، لأننا لا نخاف من الشرطة أو الجنود أو من أي قوة أيا كانت . فنحن "مؤمنون" لانخش أحد مهما كان كبيرا , نحن نخاف الله فقط" (14). وغير واضح أو معلوم من كان يقف وراء هذه الرسالة لأن عصابة الكف الأسود كانت مرادفة لـ "القساميين"، الذين قتل قائدهم عز الدين القسام في العام 1935.
وقد عمل موظفو إدارة التحقيقات الجنائية البريطانية في الشرطة الفلسطينية، الذين أعيروا من القدس، وتشاركوا العمل مع موظفي القنصلية، إلى جانب مكيريث، في ما دعاه مكيريث "التعاون من خارج القنصلية" (15). (لم يكن هناك شعبة خاصة في فلسطين الانتدابية وهو المكان المعتاد لعمليات الاستخبارات السياسية الاستعمارية، وبالتالي فإن إدارة التحقيقات الجنائية التي تتخذ من القدس مقرا لها قامت بعمل الاستخبارات السياسية)(16)، وكان مستشار الشرطة البريطانية في فلسطين، السير تشارلز تيغارت، ومساعده السير ديفيد بيتري، قد أجريا مع مكيريث يومين من المحادثات بتاريخ 11-12 كانون الثاني / يناير 1938 وعد تيغارت على إثره بتقديم المزيد من المال لعمل مكريث لجمع المعلومات الاستخباراتية في سوريا (17) .وقامت الحكومة الفلسطينية في أواخر الثلاثينيات بدفع "إعانة شهرية" إلى مكيريث مقابل عمله (18) الذي كان مستقلا في عمله ، وقد كتبت له وزارة الخارجية في العام 1939: "كما تعلمون، شعرنا دائما بعدم الارتياح بشأن عملكم الخاص نيابة عن الحكومة الفلسطينية" (19).و كما هو حال عمله مع العرب في محاولة تجنيدهم "للكونترا"، كان مكريث نفسه ينشط بطريقة "مزدوجة" من خلال العمل لوزارات مختلفة , ولأجندته الخاصة، على ما يبدو. كما عمل, في حربه ضد المتمردين ,مع الدروز في سوريا و فلسطين الذين كانوا غاضبين من هجمات الثوار على القرى الدرزية في الجليل(20). و قام بتعيين المتمرد الفلسطيني[فخري] "عبد الهادي" ,الذي كان يعيش منفيا في سوريا و الذي سبق له أن حارب في فلسطين في العام 1936 ضد البريطانيين .وكما لاحظ أحد المخبرين اليهود , كان عيد الهادي يعاني نقصا في السيولة المالية و"يجول شوارع دمشق بحالة مزرية وخالي الوفاض بدون أي مبلغ من المال". ولم يجد القنصل البريطاني في دمشق صعوبة في إقامة صداقة مع عبد الهادي وتفهم وضعه و التقرب منه وهو الذي تعلم في دمشق على واحدة أو اثنتين من العادات الشرقية . عاد عبد الهادي إلى فلسطين في العام 1938 و بدأ العمل ضد الخط الرسمي العربي ,وأعاد -مع فخري النشاشيبي- إحياء "فصائل السلام" المعارضة(21).هذا الاقتباس من كتلة مواد معظمها باللغة العربية ,مخزنة في مكتب الضابط البريطاني أوردي وينغيت ,الذي كان من المؤيدين المتحمسين لليهود وأحد من ترأس الوحدة العسكرية البريطانية اليهودية المعروفة باسم "فرق الليل الخاصة" التي نشطت في العام 1938 في الجليل. مما يلمح إلى فعالية تبادل المواد الاستخباراتية بين الضباط البريطانيين و اليهود لاسيما وينغيت الذي كان صهيونيا ملتزما ولديه " شبكة استخبارات محكمة خلال الوكالة اليهودية"(22) .كما استغل مكيريث الاستخبارات اليهودية لتوجيه سياسته كما أخبر بذلك بعض المسؤولين في مكتب المستعمرات (23).
شجع مكرث العلاقات بين عبد الهادي وعائلة النشاشيبي, حيث كان للأخيرة صلات عسكرية واستخباراتية جيدة مع اليهود، كما يؤكد ذلك كوهين (24). والتقى فخري النشاشيبي بعبد الهادي في آذار / مارس 1938 في فندق السان جورج ببيروت وهو ما اعتبر ليس سرا في ذلك الوقت، فقد كان الفلسطينيون على علم بدور فخري النشاشيبي في تشكيل فصائل السلام في لبنان ومحاولاته إنشاء قيادة بديلة في بيروت لمواجهة المفتي(25) . كان جهاز المخابرات اليهودية، والذي سيعرف باسم "شاي" في الأربعينيات - وهو أصل المخابرات العسكرية الإسرائيلية والشين بيت - حريصا على تعميق الخلاف بين المتمردين وعبد الهادي، فقام عملاء يهود في بداية نيسان / أبريل 1938 من بينهم ضابط المخابرات رؤوفين زاسلاني(شيلواح لاحقا) بالسفر إلى سوريا. وعمل زاسلاني مع زميلين له هما إلياهو (إلياس) ساسون و إلياهو إبشتين ( سيعرف لاحقا باسم إيلات )، وكلاهما كان عضوا في المكتب العربي للوكالة اليهودية و يفهمان بعمق الثقافة العربية والمحلية العامية، وهي ميزة هامة في أي مفاوضات. كان ساسون يهودي مزراحي (شرقي)، ولد وترعرع في دمشق. أما زاسلاني فقد ولد في القدس العثمانية لوالدين مهاجرين من الروس .إن رجالا مثل ساسون كانوا -باستثناء دينهم- عربا ويشيرون إلى أنفسهم في بعض الأحيان باسم "اليهود العرب"، حتى أن ساسون نفسه كان قد شارك في الحركة الوطنية العربية في سوريا بعد الحرب العظمى قبل أن يهاجر إلى فلسطين. ذهب ساسون مع زاسلاني إلى سوريا حيق قام هذا الأخير بتعزيز التحالف الثلاثي البريطاني-اليهودي-النشاشيبي ضد الحسيني. اعتقد مكريث أن السلطات البريطانية في فلسطين كانت مترددة جدا، وطلب من زاسلاني وساسون الحفاظ على اتصال مباشر معه لتبادل المعلومات حول القادة العرب (26). وكان التعاون البريطاني اليهودي في فلسطين في هذه الفترة قويا، وخاصة مع الجيش، وشمل ذلك متعاونين لدعم عصابات فصائل السلام، وهو موضوع يتجاوز صلاحيات هذه المادة، لكنه تم التحدث في جزء منه في أماكن أخرى (27) .
قدم مكريث لعبد الهادي دفعات مالية شهرية، وجمع أموالا لتسهيل عودة زعيم المتمردين إلى فلسطين لتنظيم فرق فصائل السلام، وعرض على عبد الهادي عفوا في حال تحوله إلى جانب حركة المعارضة التي يتزعمها النشاشيبي(28). وابتدأ العمل على موجب ذلك ,حيث قام مرتزقة دروز برعاية بريطانية بمرافقة عبد الهادي إلى فلسطين بتاريخ 21 أيلول / سبتمبر 1938 (29). وبعد ذلك، قدمت بريطانيا إعانة له ودفعت لكل رجل من فصائل السلام التابعين له ستة جنيهات فلسطينية شهريا في الوقت الذي كان يدفع فيه المتمردون عادة ما بين 30 شلن إلى أربع جنيهات ،جزء منها كان يأتي من الإتاوات وعمليات ابتزاز القرى الفلسطينية(30). ويظهر الاستعداد لدفع أجور جيدة مدى جدية السلطات البريطانية في تعاملها مع فصائل السلام, فعلى سبيل المقارنة، كان الفلسطيني الذي يعمل مع الشرطة البريطانية على حوالي 15 جنيها فلسطينيا شهريا، لذلك كانت الجنيهات الست تلك تعتبر دخلا جيدا للمقاتل العربي في صفوف فصائل السلام ، لا سيما حين ننظر إلى الاختلافات النموذجية في الأجور بين السادة الاستعماريين و الخاضعين لهم ( كان الجنيه الفلسطيني يعادل الجنيه الاسترليني في ذلك الوقت) .استقر عبد الهادي في أواخر أيلول-سبتمبر 1938 بموافقة رسمية في قريته عرابة قرب جنين، وهي قاعدة عائلته المؤيدة للنشاشيبي، فأعاد إحياء الفوضى المبنية على الفساد، ودافع عن قريته، بمساعدة من شؤون الخدمة البريطانية . كان عبد الهادي قد وضع في موقع مثالي في وسط مقاومة المتمردين، في ما كان معروفا للجنود البريطانيين بأنه "مثلث الإرهاب" حيث تشكل نابلس وجنين وطولكرم. رؤوس هذا المثلث ,و عندما وصل إلى عرابة، كان لعبد الهادي نحو 30 من أتباعه (ليس من الواضح من أين جاء هؤلاء الرجال)، ويعلق تقرير استخباراتي بريطاني على أنه "من السابق لأوانه التنبؤ بردود الفعل المحتملة لوصول فخري عبد الهادي ولكن من المؤكد أن تدخله في "عصابة" معترف بها من زعماء العصابات الثلاثة عبد الرحيم الحاج [عبد الرحيم الحاج محمد] وعارف عبد الرازق و يوسف أبو دره - سوف يسبب المزيد من المشاكل بين العصابات" (31). وكان روبرت نيوتن مساعد مفوض المنطقة قد اجتمع سرا مع عبد الهادي في كانون أول-ديسمبر 1938" لتقييمه "(32) .وأخبر نيوتن عبد الهادي إن الحكومة "ستغض النظر عن خطاياه السابقة "، وألمح إلى "الأموال المحدودة" لعملياته (33). سارت الأمور بين عبد الهادي و البريطانيين على خير ما يرام ،وكان يتردد على مطعم ضباط الشرطة في جنين ليشترك معهم في منافسات الرمي بالمسدس على غرار براري الويستيرن , و يتذكر أحد الضباط البريطانيين الذين كانوا يحضروا تلك المنافسات وهو أيضا من وقع على تصريح رسمي لحصوله على بندقية , أنه لم يكن ماهرا و سريعا في "سحب" سلاحه على الإطلاق ,غير أنه منظره و شكل عينيه كانا يوحيان كما لو أنه سيطلق النار(34)
تجنب الجنود البريطانيون تفتيش القرى المرتبطة بالفرقة، وهو تنازل كبير، حيث أن عمليات تفتيش الجيش يمكن أن تدمر بشكل كبير ممتلكات القرويين.
إن تصنيف واستخدام فصائل السلام من بعض القرى تبلور مع السياسة العسكرية البريطانية المبنية جيدا في مكافحة التمرد و المتمثلة بفرز فلسطين الريفية إلى قرى "جيدة" و "معتدلة" و "سيئة"، ويقوم الجنود بتفتيش القرية بأسلوب "عقابي" أو "عادي" حسب نوع القرية. كما قامت هذه السياسة بدعم "الأقليات الموالية" مثل الجماعات الدرزية والمسلمة "الصديقة"، بما في ذلك دفع المال وتسليح الدروز الذين قدموا بدورهم معلومات استخباراتية للوحدات البريطانية اليهودية وعملوا معها"(35). وقام البريطانيون بخلق مفهوم وسطي لـ "العروبة" ليس فقط من خلال مفاهيم من قبيل " جيد "و" سيئ "ولكن أيضا باستخدام الإثنية والدين، وتصرفوا وفقا لذلك، فقد رأوا في الدروز على سبيل المثال إثنية "صديقة" و "أكثر نقاء" و " أحفاد الإنكليز و الفرنسيين الصليبيين "(36). وقد أدلى الجنود بتعليقات مماثلة عن العرب المسيحيين، مشيرين إلى أنهم لم يلقوا سوى القليل من المتاعب من الفلسطينيين في مدينة الناصرة ذات الغالبية المسيحية (37) فالنماذج الاستعمارية للجيد و السيء تعني الفرق بين بقاء ودمار القرية، و المتمثل بالقيام "بعمل جذري" يكرس للقرية "السيئة" (38) .وكانتا الكفير والسير قريتين لعائلات إرشيد الموالية للحكومة , وفي إشارة من مذكرات الحرب لفوج الحدود، كانت السلطات تتغاضى في هذه القرى عن التجاوزات و الغرامات والحجز و المصادرة والدمار والتجريف وحظر التجول الذي كثيرا ما كان يحدث في القرى السيئة 39.وهكذا عندما هاجم المتمردون السكان الدروز في قرية شفاعمرو المختلطة التي لم تنضم إلى الثورة، رد البريطانيون بتدمير منازل المسلمين في القرية، مما أدى إلى تعميق الخلافات بين الدروز والمسلمين، التي مازالت تعاني منها إلى يومنا هذا (40) .كما قام البريطانيون بتسليح القرى الصديقة ، وتشجيع المخبرين، بمساعدة اليهود الذين كان لديهم شبكة فعالة من الجواسيس العرب. ففي آذار / مارس 1939، جاء أحد القرويين من الرمانة كان "في الغالب مؤيدا للحكومة" لرؤية قائد فوج الحدود بشأن "توريد الجيش للسلاح ومساعدة القرية ضد العصابات" (41). واصل الجنود عملياتهم "بالتعاون مع الأصدقاء العرب " من القرية حتى أواخر أيلول سبتمبر 1939 (42). وأثمرت عمليات الجنود هذه عن نتائج ملموسة أخرى ,فقد كان بمقدور فصائل السلام مساعدة البريطانيين في تعقب و قتل المتمرد عبد الرحيم الحاج محمد [عبد الرحيم الحاج ] في مارس 1939 (43). وعلى إثر توقيع اتفاقية ميونيخ [ 30 أيلول-سبتمبر 1938] استعرت حملة الجيش البريطاني في فلسطين لإخماد التمرد فأغرقت البلاد بالقوات العسكرية و تم استهداف المدنيين الذين كان يعتمد المتمردون على دعمهم وإتاواتهم ,فسلبت الماشية و العلف ودمرت المنازل في عملية أدت إلى تحويل أجزاء من الريف الفلسطيني إلى مناطق تعاني من فقر مدقع ,فاختار بعض الفلسطينيين مغادرة قراهم ,كما حصل في قرية الطيرة؟؟[ من المفترض أن تكون بلدة الطيبة ].فكانت ردة فعل الفلاحين على الغرامة التي فرضت عليهم و التي تقدر بـ 2000 جنيه استرليني بأن التقطوا ما يمكنهم حمله و غادروا القرية (44). وإذ بدر من بعض الفلاحين تعاونا ما مع البريطانيين فقد عبر هذا التعاون عن رد فعل غریزي للاقتلاع الاجتماعي الناجم عن الحملة العسکریة الشديدة للقوات البريطانية ، کما عبر هذا التعاون عن فعل واع بالانضمام إلی "فصائل السلام" .وساهم هذا التعاون المترافق مع العمليات العسكرية في تمزيق نسيج المجتمع الفلسطيني، وألب الجيران ضد بعضهم البعض، فضلا عن أنه حول النظام القائم إلى فوضى رسمية ,فكان على الفلاحين في خضم ذلك اختيار قمع الدولة الاستعمارية على فوضى التمرد. وتدريجيا استمال التعاون الفلاحين إلى الجانب الحكومي, ففي منطقة عمليات فوج غرب يوركشاير حول رام الله، ذكر وفد مكون من اثني عشر مختارا كيف " مسهم التعب و الإنهاك بسبب المتمردين ونهبهم لقراهم وأن جل ما يرغبون به هو السلام فقط ,كما ذكروا أن المتمردين والجيش اقتادوا رجالهم، رغم حاجتهم الماسة لهم في القرى لحراثة الأرض و جني الزيتون في الأيام العشرة المقبلة "(45). وهكذا أجبر الفلاحون على الاختيار بين التمرد والتجويع ,أو تقديم المعلومات للجيش ، وترى السلطات الاستعمارية في هذا على أنه ولاء ضمني للحكم البريطاني، الذي لم يكن كذلك. لقد ساعدت هجمات المتمردين حملة الجيش على إخماد تمردهم .وهكذا، رفضت رام الله دعم المتمردين، وعندما أطلق هؤلاء النار على قاعدة للجيش المحلي، "قدم سكان البلدة أسماء جميع من أطلقوا النار "، كما يشير ملخص استخبارات الكتيبة(46).وبحلول كانون الثاني / يناير 1939، كان الضغط على المناطق الريفية هو الذي دعا زعماء القرى الطلب من قادة الجيش المحلي المساعدة في القبض على زعماء المتمردين الذين كانوا يهاجمون القرى مقابل المال، حتى أن أحدهم اقترح إخفاء جنودا بريطانيين من القوات "المزيفة" السرية في منزله لتسهيل القبض على زعيم المتمردين(47). وقد دفعت المساندة أو التعاون بين الفلسطينيين - بعد كل شيء- الجيش إلى بذل المزيد من الجهد. و استدعى فوج غرب يوركشاير إلى مقره رجال القرية الذين فشلوا في التبليغ عن أنشطة المتمردين - مثل جفنا وبيرزيت - فتم تحذيرهم رسميا من "تكرار مثل هذا الإغفال"، وذلك بعد أن قام رئيس الفوج بتعديل التحذير عن طريق حث رام الله لإبلاغ مساعد فوض المنطقة أن محمد عمر نوباني حضر إلى العشاء مساء اليوم السابق، أي 26 كانون الأول ديسمبر، مع نحو ستة عشر من أتباعه (48).
تحسن أداء مخابرات الجيش بعد خريف 1938 فأصبحت تأتي المعلومات من مصادر عربية مباشرة ,وفي كانون الثاني / يناير 1939، قدم مختار كفر مالك معلومات استخباراتية إلى الجيش وأخبر مساعد مفوض المنطقة أن "عصابة" المتمردين أمضوا الليل في قريته؛ كما صرح مختار كل من قرية "برهام" و قرية "كوبر" عن تحركات المتمردين (49) ".وهذا يشير إلى بعض التحسن في الحصول على المعلومات، "فكان بعض المخاتير يرسلون المعلومات بانتظام وبمصداقية، ولو أنها كانت للأسف معلومات عامة ليس إلا "، على حد قول ضابط مخابرات فوج ويست يوركشاير في كانون ثاني- يناير 1939 (50) . و قام مقاتلو النشاشيبي ,في الوقت عينه, بمطاردة المتمردين.وكان أن تلقوا ضربة قوية عندما استطاع "أحد أتباع النشاشيبي قتل عبد الفتاح في كهف يقع بين المزرعة الشرقية و خربة أبو فلاح صباح يوم الأحد الماضي" وفقا لتقرير وحدة الحرب (51).وقد دفع الجوع والإجهاد بدلا من الالتزام الأيديولوجي للحكومة أو النشاشيبي إلى تدفق المعلومات من الفلسطينيين، كما يدرك الجيش : "إن حجم الارتباك الناجم عن الحرب كبير في جميع أنحاء البلاد ، ويدرك السكان أنه كلما استمرت الأعمال القتالية كلما ازدادت خسارتهم. وهذه الحقيقة تبرزها الأعداد المتزايدة من الناس الذين هم على استعداد لتقديم المعلومات "(52). كما لا يمكن للمتمردين في سعيهم للهرب من الجيش الاختباء دائما بين القرويين ، إذ كان الفلاحون يتجهون إلى المتمردين العسكريين الذين اتخذوا ملجأ لهم في إحدى القرى بعد محاولتهم إخفاء سلاحهم في أحد الآبار (53). حشد فخري النشاشيبي فصائل السلام في جنوب فلسطين في حين كانت شبكته السياسية بدعم عبد الهادي تعمل في شمال البلاد , وقد مال بعض أفراد العائلات المحلية إلى الجانبين ,فانضمت عائلات جنين التي تدعم النشاشيبي مثل عائلة إرشيد إلى عبد الهادي أثناء محاربته المتمردين في جنين ثم في مناطق نابلس - طولكرم، كما فعلت عائلة نمر في نابلس. وقد انضمت عائلة عمرو في الخليل - التي كانت توالي عائلة النشاشيبي تقليديا - إلى الحركة في الجنوب، كما فعلت أسر أخرى أصغر حجما مؤيدو للنشاشيبي. وقام الجيش بتعديل العمليات لإعطاء فصائل السلام حرية العمل دون أي تدخل عسكري، وسمح للقرى الودية بالحفاظ على السلاح، بما يخالف القانون في ذلك الوقت.وطلب فخري النشاشيبي من السلطات بنادق قام بتوزيعها على رجاله المقاتلين، وقدمت الحكومة السلاح للنشاشيبي إثر مقتل سبعة أعضاء من إحدى فصائل السلام على يد المتمردون في 18 كانون أول-ديسمبر 1938(54).وقام الجيش بتنسيق ذلك ميدانيا، فقام قائد كتيبة فوج الحدود بترتيب "مقابلة" مع مبعوث عبد الهادي في كانون الأول / ديسمبر 1938 لمناقشة وضع فصائل السلام التي تشكلت حديثا والتي تعارض الآن جميع قادة العصابات المناوئة للحكومة "(55).لم تشترك الكتائب في إدارة فصائل السلام فحسب، بل انخرط قادتها بصورة مباشرة في العمل ،ففي كانون ثاني-يناير 1939 غادر قائد الفرقة الرابعة عشر إلى جنين لإجراء محادثات مع عائلة فخري عبد الهادي (56) .وتكشف مذكرات وحدة الحرب البريطانية إلى أي مدى كان التواطؤ بين الجيش وفصائل السلام بقيادة عائلة عبد الهادي ، متمثلا في التعاون مع المسؤولين الاستعماريين الذين عملوا مع الجيش، فعلى سبيل المثال قام الجيش بنقل أفراد عائلة إرشيد إلى القدس والذين قابلوا عبد الهادي في عرابة (57).كما تدخل مسؤولين من الخدمات الخاصة في سلاح الجو الملكي البريطاني المعنيين في المسائل السياسية في ذلك الوقت في هذه الاجتماعات ، بما في ذلك الملازم طيار لاش الذي كان على صلة بعائلة إرشيد و الذي رافق فريد إرشيد إلى قرية عرابة (58).
ومنذ أواخر العام 1938 كان الجيش هو المسؤول بشكل فعال عن فلسطين, فقام بإدارة فرق فصائل السلام بالتنسيق مع ضباط الخدمات الخاصة ، ومفوضي المقاطعات، ومساعدي مفوضي المناطق، والسلطات المدنية التي كانت تنظر بقلق لأنشطة الجيش التي تشجع عمل فصائل السلام غير القانونية.
كان على المسؤولين الاستعماريين أن يديروا البلاد بعد مغادرة جنود الجيش .فتحت أعمال الجيش فتح صندوق "باندورا"، الذي قاد ما بين أيار / مايو - حزيران / يونيه 1939 محاولات مدعومة منه لتهدئة القرى المتحاربة بـ "اجتماعات مصالحة" مقابل توقيع الفلاحين على أوراق يدينون الإرهاب (59). ومثل هذا التوتر القلق بين القانون والاضطراب الرسمي كان واضحا على جنود فصيلة تدعى " Fardet " [ الاسم مختصر من عبارة مفرزة أم الفرج Faraj detachment حيث يقع مقر هذه المفرزة في قرية أم الفرج إلى الشمال من عكا ]: فتحت رعاية هذه المفرزة عاشت عصابة ودية من المتمردين السابقين بقيادة شخصية رعوية يدعى الشيخ رباح. وكانت العصابة، التي لا يوجد أي مصطلح آخر يناسب وصفها تقبض من الحكومة مقابل عمل أفرادها كمخبرين ,وسمح لهم بحمل الأسلحة للحماية الذاتية. وبطبيعة الحال، كانت السلطات تعارض بشدة تشكيل مثل هذا الفريق ,الذين كان بوسعهم في بعض الأحيان انتهاز الفرصة لفرض أتاوات نقدية على القرى غير الودية، وحتى لتسديد ديون قديمة ,ومع ذلك قاموا بتقديم معلومات " مثيرة و هامة " وضعت تحت أمرة مفرزة FARDET ,وهذا وحده كفيل بأن يغطي على مساوئهم (60).
وفي عكا دفعت السلطات الأموال للعرب و أعطتهم السلاح، فبدأ المتعاونون في البحث في المنازل وتسليم المشتبه بهم إلى البريطانيين (61) . ووفقا لأحد التقارير العربية التي تم الاستيلاء عليها ,قامت فصائل السلام "بتطهير" حيفا من الإرهابيين(62). كما انضمت الشرطة في فلسطين إلى وحدات الجيش لدعم عمليات فرق فصائل السلام و سرعان ما لاحظت الشرطة في جنين الانقسام في صفوف العرب، فسارعت بإرسال فصيلة من فوج الحدود إلى عرابة ،قرية عبد الهادي، لدعمه: "كم كان ناجحا جدا ، أن تقرر السلطات نشر الفوج بأكمله القرية" (63).وقد قدمت زوجة قائد عصابة ثانوي معلومات مفيدة عن قائد متمرد كانت قد التجأت إلى معسكر للجيش، تم على إثر ذلك نقلها إلى مكان آمن في عرابة مع عبد الهادي. و إلا " سوق يتم قطع رقبتها و ذبحها من الوريد للوريد " كما يقول رقيب من الشرطة (64). انتشرت فصائل السلام ,في بعض الأحيان, بجانب القوات البريطانية، وهؤلاء لا يمكن تمييزهم عن مقاتلي النشاشيبي . وقد سجلت هيلدا ويلسون، وهي معلمة بريطانية في قرية بئر زيت المسيحية في العام 1938، في مذكراتها كيف استخدم الجنود البريطانيون مخبرين مولين للنشاشيبي من قرية أبو غوش لمساعدتهم في التعرف على الفلاحين المشتبه في أنهم متمردون (وكان لليهود علاقات جيدة مع أبو غوش ، القرية التي ستنجو لاحقا من حرب عام 1948 ) ,وكان تكتيك الجيش يقوم على إخفاء المخبرين في الشاحنات، وهو تكتيك مألوف لحملات مكافحة التمرد البريطانية الأخيرة ,وقد استخدم الإسرائيليون هذا التكتيك لاحقا في لبنان بعد غزو لبنان 1982 (65). فقوات الدولة الآن ليسوا جنودا و لا متمردين وهميين بل رجال مقنعين، مخفيين وغير مرئيين.وسجلت ويلسون في مذكراتها العمليات القتالية للقوات البريطانية إلى جانب فصائل السلام، كما حصل عندما هاجمت فرقة النشاشيبي قرية أبو شنيديم (يفترض أنها أبو شخيديم ) "لقد كان الجنود البريطانيون معهم" (66). وقد حرض نظام المخبرين المخفيين هذا - الذي تستخدمه القوات على نطاق واسع – لتسوية الخلافات، "تصفية بعض الديون القديمة"، كما يعترف البريطانيون، وحيث أن هدف إخماد التمرد كان إجبار الفلسطينيين على اختيار السلطة الرسمية، فالاقتلاع الاجتماعي الذي ناسب البريطانيين، أو على الأقل الجيش، تحول إلى الحرص على تهدئة الأوضاع في فلسطين قبيل إعادة الانتشار للحرب القادمة في أوروبا.
كانت فصائل السلام مرنة عملها وسريعة الحركة، واستخدمت في عملها أساليب المتمردين، ومكافحة العنف بالعنف بطريقة لم تستطيع القوات الحكومية القيام بها بسهولة أو بشكل واضح، حيث لقب عبد الهادي بـ"الجزار" لصرامته(68) وظهر تأثير السلام في دمشق على القيادة العليا للمتمردين, فيقول تقرير عسكري بريطاني بتاريخ 5 كانون أول-ديسمبر 1938 بأن المفاوضات تجري الآن بين قيادة المتمردين في دمشق وفلسطين بهدف تحقيق السلام مع فخري عبد الهادي أو سحقه تماما. . . كان تحت أمرة فخري قوة دائمة تتألف من 60 رجلا وأنه خلال الأسبوع الماضي كان شوكة في خاصرة المتمردين. . . في هذه الأثناء سوف يفعلون كل ما في وسعهم لسحقه.(69)
حطمت وحدات فصائل السلام المتمردين - أو "المتمردين المحترفين" كما يقول البريطانيون – وقد رصد أحد الأوروبيين كيف كن زعيم أحد عصابات المتمردين يرمي أرضا كل شخص يذكر فيه آل النشاشيبي (70). وكان تقرير للشرطة الجنائية يعود لتاريخ كانون الأول-يناير 1938 قد ذكر بأن قيادة الثورة في دمشق قد أرسلت اثنين من القتلة لقتل فخري النشاشيبي(71). وفي الوقت ذاته ، كان عبد الهادي يلعب على الطرفين , وكان كما يصفه أحد ضباط الشركة البريطانيين "يركض مع الأرنب ويصطاد مع الكلاب", وكان قد استغل التمرد العربي لتحقيق أهدافه الخاصة , لاسيما أنه كان يقاتل المناطق الريفية النائية ذات الولاءات والتقاليد الضيقة(72).وفي القوت الذي كان يقاتل فيه المتمردون متمتعا بدعم بريطاني، كانت عائلته تتفاوض مع القيادة العليا للثورة في دمشق من أجل إعادة الانضمام للثورة في حالة دفع له مبلغ 12 ألف جنيه إسترليني، وتنصيبه كواحد من كبار قادة الثورة (73).استفاد عبد الهادي من وضعه الخاص المحمي، فهاجم القرى المجاورة، وجلد القرويين لإجبارهم الاعتراف بأسماء المتمردين وسرقة الماشية، وتصاعد العنف إلى مستوى قام الجيش في آذار / مارس 1939 بإعاقة عبد الهادي بفرض حظر التجول على عرابة (74). كانت الملفات اليهودية ترى أن عبد الهادي شكل فصائل السلام من أجل المال و لأن قيادة الثورة في دمشق أوقفت الدعم المالي عنه (75). يقول تيد هورن، وهو شرطي يعرف عبد الهادي شخصيا، كيف كان فخري "يتفاوض مع السلطات البريطانية لمقايضة الطرفين وترك نظرائه العرب يعانون وحدهم ، في حين سيكون هو مقابل المال بمثابة "المخبر الصدوق والصديق للملك جورج" (76 ). لم يكن [القروي] عبد الهادي وحده من يسعى لتحقيق مكاسب شخصية فالنسبة للبريطانيين كانت عائلة النشاشيبي [الحضرية] تسعى لذات الشيء .يقول إدوارد كيث روتش، مفوض المقاطعة، إلى اللواء ريتشارد أوكونور " لقد عرفت فخري [النشاشيبي] لمدة ثمانية عشر عاما ,لقد كان شخصا انتهازيا يسعى للربح و تحقيق المكاسب و فقط المكاسب قدر ما يستطيع أن يكون "فخري" (77). وفي الحديث عن العرب في منطقة رام الله، لخص تقرير استخبارات فوج غرب يوركشاير الرأي المحلي على النحو التالي: "إن فخري نشاشيبي يمضي نحو أهدافه الخاصة، وبشكل غير مفهوم هو محل اتفاق الجميع "(78). و لكن التقييم في مواضع أخرى كان أشد قسوة :لم يأخذ سكان الخليل مؤيدي النشاشيبي في منطقتهم على محمل الجد.وهم يزعمون بأن هؤلاء و من يتبعهم ينعمون بالمنفعة المادية و المالية و الغذاء و ما إلى ذلك, و هم ليسوا سوى مرتشين و تابعين و لا يشكلون شيء في الوقت الحالي و يجب التخلص منهم دون أي عائق في اللحظة المناسبة (79) .استغلت فصائل السلام التي هيمن عليها أفراد من عائلة النشاشيبي و عبد الهادي الفرصة رسمية للقيام بالأعمال اللصوصية لكسب المال، وتسوية النزاعات و الثارات القديمة ، وهذا بمثابة فرصة مثالية لهم لشن هجمات خاصة أو هجمات ثأر شبه علنية ، ولم يسمح لمثل هذه الفرص بالتمادي كثيرا . وكان القتل والاختطاف والسطو والهجوم و الهجوم المضاد من التعليمات اليومية " (80). ولم يعد بإمكان الفلسطينيين التمييز بين القوات الحكومية و المتمردين وقوات العصابات؛ فقد دمرت الحرب الزائفة وعصابات فصائل السلام جميع علامات تحديد الهوية. في الواقع، هل يعرف البريطانيون الآن من كان متمردا ومن كان صديقا ؟.كان الجيش البريطاني متواطئا في العمل التخريبي، وإصدار تصاريح السفر و نقل أتباع النشاشيبي في المركبات العسكرية عند العمليات: فتشير أحد التعليقات " بالأمس فقط. . . عرضت علي ورقة من قبل واحد من هؤلاء الرجال تحمل على جانب واحد (باللغة الإنجليزية) اسم فخري النشاشيبي وعلى ورقة اسم ضابط بريطاني. ويبدو أن هؤلاء الرجال يتصورون (بطبيعة الحال خطأ) أنهم إذا كانوا يهمسون "فخري" إلى مسؤول بريطاني، فسيحصلون على إعفاء من جميع القيود (مثل تصاريح السفر) التي تنطبق على الآخرين"(81).هناك تعليقات أخرى، خفية، من الجنود حول عملهم مع عائلة النشاشيبي "جميع الطرق تؤدي إلى جسر النشاشيبي"، مما يثبت أن الارتباط مع فصائل السلام كان كبيرا بما فيه الكفاية كي تجد سبيلها إلى دوريات الفيالق دون وسيط (82) .وقام فخري النشاشيبي في تشرين أول-أكتوبر 1938 بنشر رسالة إلى المندوب السامي وبدعم من البريطانيين واليهود طالب فيها "باعتدال معقول" وهاجم المفتي واتهمه "بالإرهاب"و "تحويل" الأهداف النبيلة "للثورة العربية إلى (غاياته الأنانية)"(83), فرد عليه المتمردون المحليون بإصدار بيان يصفوه " بالميكروب " لتقربه بسلوكه من البريطانيين وهددوه بالقتل :" من واجب جميع الثوار محاولة قتله "(84). كما أصدر المتمردون حكما بالإعدام على عبد الهادي (85) . حاول مسلحو المفتي اغتيال أحد أفراد أسرة النشاشيبي و تم قتل خمسة من العائلة بعد ذلك بوقت قصير(86) فقامت عائلة النشاشيبي إثر ذلك بنشر رسالة استفزازية أخرى، بعد أن أرسلوا وفدا لمقابلة أوكونور، القائد العسكري الثاني في فلسطين، ليشكروه على أعمال الجيش البريطاني،والرعاية البريطانية الواضحة التي أولتها لفصائل السلام من خلال اللقاء الشعبي الكبير في "يطا" في 18 كانون أول-ديسمبر 1938، بحضور نحو 3000 فلسطيني حضره أوكونور شخصيا (87) .(وفي إحدى الصور الملتقطة من اللقاء يظهر أوكونور وهو يخاطب الحشد من خلف سيارة عسكرية، وتحلق من خلفه طائرة عسكرية ،بينما يقف فخري النشاشيبي مرتديا طربوشا وبدلة على النمط الغربي، الأمر الذي شائعا بين الفلسطينيين سكان المدن في ذلك الوقت (88). استثمر البريطانيون و آل النشاشيبي لقاء" يطا" بصورة سيئة ,إذ نظر له الفلسطينيون على أنه محاولة رسمية مفتعلة لرشوتهم بغية تغيير مواقفهم .وتم تشجيع الفلاحين على الحضور بوعود بالقروض والبذور والحيوانات، وتأمين وسائل النقل للوصول إلى هناك ,وحضر الفلسطينيون لقاء "يطا" بحسن نية ليجدوا في وجوههم فخري النشاشيبي قادما بسيارات مدرعة، والجيش البريطاني و خطب معدة مسبقا .ولم يقم أحد من الحضور بقراءة الخطاب ، و من أجل ذلك مارست السلطات أسلوب التخويف على خليل الشريف الذي تم تقديمه على أنه شيخ ذو تأثير الذي لم يكن سوى "مزارع بسيط" بالنسبة للبريطانيين. وقد ادعى بعض الشيوخ ممن حضروا اللقاء أنهم خدعوا لحضور الاجتماع ,وأعلنوا ولاءهم للحاج أمین (89). وقام الأطفال في القدس لاحقا برشق خليل الشريف بالحجارة جزاء فعلته تلك (90) .لم يفهم الحضور اللغة العربية الفصحى التي ألقي فيها الخطاب وعادوا إلى قراهم تملأ وجوههم تساؤلات جمة عن سبب حضورهم (91). أما بالنسبة إلى كيث -روتش، الذي كان حاضرا ، فقد كان اللقاء "منظما تنظيما جيدا"، وكما قال لأوكونور كان اللقاء بوجود فخري نشاشيبي "كان أكثر من واضح " (92).وكان كيث-روتش ,أثناء انتظار وصول أوكونور، سمع فخري النشاشيبي وهو يلتفت جانبا إلى من خلفه و يقول "صفقوا " وكلما كنت تقترب أكثر كان يقول " هذا لا يكفي ,صفقوا بقوة , بأعلى" وكلما اقتربت أكثر فأكثر كان يقول "تابعوا ,صفقوا بقوة. أكثر ..اكثر " .كانت الرسالة التي ألقيت في يطا غير مفهومة ,بطبيعة الحال, من غالبية الحاضرين ولاحظت أنها لا تتلقى ترحيبا حارا جدا من المستمعين الذي كانوا بلا شك يسمعوها للمرة الأولى. وعندما كنا في جولة بين الحشد لم ألحظ ابتسامات الترحيب الحار ,وعندما عدت إلى القدس في آخر اليوم أخبرني رجل إنكليزي ممن حضروا المؤتمر أنه سمع أحدهم يقول لفخري - ماذا عن أموالنا؟(93). ألقى أوكونور خطابا سريعا على الحاضرين في "يطا" ، مذكرا إياهم بالحاجة إلى طاعة القانون، و المثير للسخرية أنه في ذلك الوقت كانت السياسة العسكرية البريطاني لا تتماشى بصورة فعالة مع القانون (94). وقد أشار طبيب بريطاني يعمل في الخليل إلى "خطاب أوكونور العسكري القصير" تخلله انتشار رائحة أجساد الجمع المزعجة . . .وتفرق الحشد وعادوا إلى بيوتهم دون أن يبدو عليهم أي مظهر من مظاهر التأثر (95) .
بدى أن الفلسطينيين يشعرون بالضيق من الفوضى التي أحدثها التمرد : وكان المفوض السامي البريطاني في فلسطين قد أشار إلى " أن أكثر ما يمكن قوله هو أن[ اجتماع يطا] أظهر شعور الغضب لدى قسم من العرب الذين أنهكتهم الاضطرابات بسبب طول أمدها، بما يكفي للتعبير عن احتجاج مسموع "(95) .أثار اجتماع "يطا" المزيد من العنف: مثل إطلاق النار و القنابل ضد آل النشاشيبي, وقام بعض الحرس في معسكر اعتقال عكا بفصل أفراد عائلة النشاشيبي عن سجناء آخرين لحمايتهم (97). ولم يكن الجيش على رأي واحد بخصوص مثل هذه الأحداث كمؤتمر يطا ،ويمكن أن نلحظ تسجيلا مختصرا لأحد الضباط على هامش تقرير استخباراتي عن يطا يقول فيه : "نحن نعرف عن هذا. وهذا ما يدل على القليل "(98). وبالمثل، فقد خلص تقرير صادر عن دائرة الشرطة الجنائية في 21 كانون الأول / ديسمبر 1938 إلى أنه" من المقبول بالطبع في الأوساط العربية أن تكون الحكومة مسؤولة عن جميع أنشطة فخري النشاشيبي وأن هذه المظاهرة تم دعمها من البريطانيين"(99). من ناحية أخرى، كان ملخص استخباراتي لفوج غرب يوركشاير عقب اجتماع يطا مشجعا، ويشير إلى أن هناك عددا كبيرا من العرب في فلسطين الذين لا يوافقون سرا على سياسة الإرهاب القائمة حاليا، وبالتالي يمكن اعتبارهم في مواجهة الحاج أمين.
فإذا استطاع فخري النشاشيبي تجنب "تصفيته" خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين، فإنه سيجمع على الأرجح عددا كبيرا من أتباعه وسوف يشكل تهديدا واضحا للسلطة المطلقة التي يتمتع بها المفتي حتى الآن (100).أحيط الجيش علما بمؤتمر يطا بطرق أخرى. و تصرف فوج ورسترشاير - الذي وفر حرس الشرف لـ "خطاب الولاء" في يطا -بشكل مختلف في العمليات التي تلت ذلك : "كنا نخرج يوميا لنتفقد بعض القرى في منطقتنا,أما الآن فقد تغير نوع الزيارة ؛ فبدلا من الذهاب والبحث عن الأسلحة، صرنا نذهب في حملات المؤازرة ونخبر الفلاحين كم قراهم جيدة وكانوا يقولون لنا كم هم يحبون قوات الجيش ، وهكذا حتى نغادرهم "(101).حاول فخري النشاشيبي عقد اجتماعات أخرى مثل يطا في يافا وغزة ونابلس والحولة، إلا أنه ألغاها بعد أن ثبت فشل اجتماع يطا ، ولم يشجع إلا القليل من العنف بين آل النشاشيبي و آل الحسيني (102).
دعم الجيش عصابات فصائل السلام - كما ثبت - ولكنه كان متحفظا كمؤسسة وارتبط بالطرق التقليدية و الكراسات التي تتحدث عن مثل هذه الأمور، ولم يكن يؤمن تماما في فصائل السلام غير النظامية أو يؤيدها تأييدا تاما. كما كان الجيش مشتبها بالمتعاونين اليهود في فرق وينجيت الخاصة الليلية التي أرغمت على إنهاء مهامها و طلب من وينغيت مغادرة فلسطين في العام 1938. وقد عبر الجنرال , السير روبرت هاينينغ القائد العسكري الأعلى في فلسطين في أوائل عام 1939 عن هذا التناقض في القيادة العسكرية العليا، وقيمة اجتماع يطا وفصائل السلام، ولكنه مثل العديد من الضباط، كان لديه شكوك حول الحرب غير النظامية ,وكان واثقا - كما هو الحال مع معظم الجنود والإداريين البريطانيين - من أن الفصيل الحسيني أقوى بكثير من نظيره النشاشيبي. وكان لوجود قوى موالية غير نظامية مثل فصائل السلام دور في دفع هاينينغ في اتجاهين، اتجاه يقوم على تسليح السلطات للفلسطينيين ,واتجاه آخر يقوم به الجنود البريطانيون بنزع سلاح الفلسطينيين بالقوة ، ووضع لوائح طوارئ صارمة تعتبر امتلاك رصاصة واحدة جريمة كبرى تعادل القتل أو الخيانة . واتخذ الجيش والشرطة والإدارة الاستعمارية سلوكا مختلفا تجاه فصائل السلام، وكان بعض الدعم يأتي على مستوى القاعدة الشعبية من ضباط الجيش في الوقت الذي كان فيه الأمين العام للمفوض السامي يخبر الشرطة ومفوضي المقاطعات أنه ينبغي ألا يصدروا أسلحة والذخائر إلى الفلسطينيين المناهضين للمتمردين، حتى لو كانت للحماية الشخصية (103) .أثار هاينينغ سلسلة من الأسئلة في تقرير له عن فصائل السلام أرسله إلى مكتب الحرب.هل تم منح عبد الهادي الإذن بحمل السلاح؟ ما هي الضمانات التي حصل عليها البريطانيون بأن الأسلحة، المرخصة أو غير ذلك، لن تستخدم إلا ضد رجال المفتي؟ إلى أي مدى يمكن أن الثقة بعبد الهادي؟ وشرع هاينينغ في الإجابة عن أسئلته، وتقديم نظرة ثاقبة للعقل العسكري البريطاني على أعلى مستوى: "الموقف الذي أراه و أتبناه هو أنه بينما يمكننا استخدام هؤلاء الأشخاص كعملاء لجلب المعلومات، فإن أي نوع من الموافقة الرسمية والتعاون [معهم]لا يمكن تصوره. لقد كنت أبرر مثل هذا لأنه سرعان ما عاد عبد الهادي إلى عاداته القديمة واللعب على الحبلين . وحدث نفس الوضع في وقت لاحق في قريتين أو قريتين أخريين، وغالبا ما كان للأفراد المعنيين فائدة لفترة قصيرة ثم يفقدون مشاعر الحماس والمشاعر المؤيدة للحكومة" (104).. وعلى الرغم من هذه التحفظات قام البريطانيون بدعم فصائل السلام إلى ما بعد العام 1939، وبرز ,بعد انتهاء الثورة، اهتمام عسكري محلي بمتابعة مثل هذه الأمور. وفي حزيران -يونيو 1939، عين البريطانيون خمسة ضباط من الجيش في عكا لإقامة فصائل سلام ، على الرغم من أنه لم يتم تسليحهم في تلك المرحلة (105). وزار ,في الشهر نفسه، مبعوثون من حزب النشاشيبي طبريا ومناطقها النائية لمحاولة إقناع العرب "المعتدلين" في الانضمام في عمل مفتوح ضد الإرهابيين ,بيد أنهم فشلوا في مسعاهم كما أشار بذلك رئيس المخابرات اليهودية في شمال فلسطين (106). وكانت هذه الأنشطة التي جرت في الأربعينيات كثيرا ما تنتهي بنزاعات حول بيع الأراضي العربية لليهود، وأولئك الذين باعوا أرضا استغنوا عن حصصهم للحكومة (وليس سرا أن بعض أفراد عائلة الحسيني باعوا أيضا أرضا لليهود )(107).
هل ساهمت "بدرجة كبيرة" فصائل السلام , كما زعم بوراث, في تدمير قوة المتمردين في فلسطين في الثلاثينيات ؟ (108 ) لم ينجح متعاونو فصائل السلام في الحرب لصالح البريطانيين ولكنهم ساعدوا السلطات من خلال مفاقمة النزاعات السابقة وتفشي اللصوصية في الريف الفلسطيني، مما أدى إلى تشتيت أعداء بريطانيا، وتشجيع التعاون معهم ، والعمل كقوة لمكاثرة البلبلة وعدم الثقة بين الفلسطينيين. إن تكرار فصائل السلام و تغيير شكلها و الإخفاء و التمويه ليس إلا جزء من القصة الأوسع للقمع الاستعماري و التسوية و المقاومة التي اتسعت إلى أشكال صغير لحروب نهاية الإمبراطورية بعد العام 1945. وتعد فصائل السلام وما يشبهها مجرد أمثلة مبكرة لما يعرف بـ "العمليات السرية black ops "مقارنة بالعنصر النفسي لحرب العصابات الثورية للجيش الفرنسي في الخمسينيات و للعمليات البريطانية في ماليزيا و كينيا و شمال إيرلندة حيث تحولت قبائل السكان الأصليين في ماليزيا إلى متمردين, وحيث تم في كينيا "تسويد" الفرق البيضاء وعناصر حراس الوطن من الكيكويو الموالين وتجنيدهم لجمع المعلومات و محاربة المتمردون (109). ( تعتبر فصائل السلام , في حقيقة الأمر, متشابهة في الشكل والوظيفة لحراس الوطن الكيكويو في كينيا). أما في روديسيا، وفي خضم معركتها ضد المتمردين السود، أنشأت ميليشيا زائفة منفصلة في العام 1973،عرفت باسم كشافة سيلوس ا، وهي قوة مختلطة من الجنود البيض والسود حيث كان البيض يقومون بتلوين وجوههم باللون الأسود بصورة غريبة ,وبالتالي "تحولت"وحدة الجنود الروديسيين السود الموالين للحكومة إلى رجال عصابات سود (110) .وقد أدت هذه الأشكال من الحروب الهجينة إلى عكس الطاقة الحركية للعدو، فعندما قامت جماعة النشاشيبي و بعض الفلسطينيين من قرية أبو غوش بإصدار منشورات تزعم أنها للمتمردين، كان الهدف منها تقويض قضية المتمردين (111) " .واستكملت فصائل السلام تكتيكات تهدئة عقابية بريطانية راسخة ركزت على معاقبة الفلاحين الذي عول عليهم المتمردون في تأمين الدعم لهم ، بوضعهم تحت المراقبة ، و إرباكهم ، وجعلهم يختاروا بين الأطراف ,و دفعهم بعيدا عن التمرد . وكان لهذا كبير الأثر ,ففي تشرين الأول / أكتوبر 1938، قام المتمردون بتغريم القرى التي تعاونت مع فصائل السلام: "لقد حذرنا القرى من عدم التعاون مع الخونة وسنفرض عليهم غرامة كبيرة " (121). وفي مكان آخر، في معركة دامت ساعتين قتل فيها المتمردون عشرون من "الخونة"(113) وكان على الفلاحين أن يختاروا بين المتمردين والجنود، وفي مواجهة المجاعة واستهداف الجيش للقرى" السيئة "، اختار البعض الوقوف إلى جانب الحكومة، كما حدث في ماليزيا وكينيا في الخمسينيات.
هناك طرق مختلفة لقراءة التعاون الفلسطيني مع البريطانيين وترى القراءة المتعاطفة أنه في حين وجد البريطانيون المتعاونين العرب بعد العام 1936، وجد البريطانيون متعاونين معهم بين المواطنين الخاضعين لهم والجماعات المتمردة، حتى داخل مجتمع جمهوري "حديث" متماسك في إيرلندا الشمالية خلال الاضطرابات هناك، كالتواطؤ المزعوم الذي يتضمن قائد الشين فين مارتن ماكجونيس(114) . علاوة على ذلك لاقى الفلسطينيون صعوبات جمة بعد العام 1936 في مواجهتهم للجبهة العسكرية اليهودية البريطانية الهائلة ضدهم على الرغم من تأييد معظم الفلسطينيين للحاج أمين وإدانتهم لآل النشاشيبي بوصفهم خونة ، قبل أن ينخرطوا و بأعداد غير محددة ,ليس قبل أواخر العام 1938 ، إلى حد كبير في مساعدة البريطانيين لمواجهة التمرد بعد أن فرضت بريطانيا قدرتها الفعلية لقواتها المسلحة. كانت الوحدة الفلسطينية على تلك الدرجة بحيث لم يتمكن ذراع مخابرات الييشوف من التسلل قطعا إلى قلب التمرد (115).فمعظم الفلسطينيين بحثوا عن سبل بقائهم أحياء ، بما يوصف بجدارة " المهادنة والترقب" attentisme ضمن سياق فرنسا المحتلة في الأربعينيات من القرن الماضي حين نجا الناس من العنف والجوع بقبولهم سلبا تبني النظام الاجتماعي والسياسي المتغير(116) .
دعم الفلسطينيون ,في ذلك الوقت ,كلا الجانبين علانية كي يبقوا أحياء ، اعتمادا على الجهة التي تهب منها الريح ، في حين مازالوا يعارضون بقوة في مجالسهم الخاصة الانتداب والاستيطان اليهودي وتأييد الحاج أمين، ويلخص أحد تقارير الييشوف بدقة هذا التناقض الشخصي: "نحن في الحقيقة ملتزمون أمام قانون القرية [الفلسطيني] لأننا نود أن نحافظ على حسن النية مع الحكومة. ونعتقد على العموم أن أنشطة العصابات [المتمردة] خطأ، ونعارض بشدة المشكلة المحتمة الناجمة عن هذه الأنشطة. ولكن إذا كان أي شخص يقول لك بأن أنا أو أي شخص آخر لا يتعاطف مع العصابات، فهو يكذب.نحن نعتبر أن العصابات تمثل سببا وجيها وأن سياسة الحكومة هي أس المشاكل في البلد (117).. وأعرب الفلسطينيون في اجتماع "يطا" عن مشاعر مماثلة، فقد أجبر القرويين على حضور هذا المؤتمر و الاستماع إلى الخطب بشكل سلبي، ومن ثم العودة إلى ديارهم غير مقتنعين . ورأى الفلاحون المشكلة المباشرة من الناحية غير السياسية، وطلبوا من السلطات أن تدعهم و شأنهم في التعامل مع التوتر المزمن الناجم عن عمليات السطو التي يقوم بها المتمردون والتدابير العسكرية المضادة، وفصائل السلام التي نشأت في البداية من القوات المحلية المستقلة التي ظهرت لحماية القرى من "إخوة الجهاد الإرهابيين"(118) .كان مخاتير القرى في حالة من "اليأس" و "الرعب" التي فرضتها العصابات ،واضطر الرجال إلى ترك قراهم و النوم في التلال بعيدا عن بيوتهم ، وترك المسؤولية على النساء : نحن نختنق في اليأس و الفاقة , حتى تغرق بلدنا بإرهاب تلك الزمرة من اللصوص ,!ومن هم هؤلاء اللصوص! - رجال مأجورين - أدنى من أدنى مستوى. . . ومن المؤكد أن أي شخص يشتبه في أنه يؤيد الحكومة أو التقسيم سوف يذبح. . . كم كانت مباركة تلك الأيام قبل التمرد, عملنا وعشنا. كانت زوجاتنا وأطفالنا يأكلون الخبز. كان لدينا ما أردنا. . . ليعاقبهم الله أولئك أحفاد الشيطان الذين ألقوا بنا في الفاقة واليأس(119)
في اجتماع في قرية عمواس مع ضباط بريطانيين، نصح نمر أبو روش ( المفترض أنه نمر أبو غوش ) الجيش على استخدام وسائل التخلص من العصابات المتمردة، مضيفا كيف: طلب من الجيش أن يدعهم و شأنهم لحماية أنفسهم لأن الجيش غير قادر على تقديم المساعدة اللازمة لهم. . . من الأفضل أن تكون محتجزا عند الجيش بدلا من العصابات. لذلك، يطلب من الجيش عدم القيام بأي عمليات في القرى التي تنتمي لها عائلة أبو [روش]، والسماح لهم بالعمل بمفردهم (120).كان التعاون الفلسطيني أقل إيديولوجية ونشاطا - مجرد زمرة تحيط بعائلة النشاشيبي - أكثر مما كان عليه كرد فعل وتعاون شخصي وعملي – كان رجال فصائل السلام والفلاحين يمرون في أكثر الأوقات صعوبة في فترة الثورة حيث كان عليهم مواجهة مطالب المتمردين وعمليات إخماد التمرد للجيش البريطاني المصممة أصلا لجعل الفلاحين يخلفون الجنود أكثر من خوفهم من المتمردين. ترافق الضغط العسكري مع تقديم الأموال و تمييز بعض الفلسطينيين المتأرجحين ,كما في مثل حالات الاتهام بالشرف . وهكذا، كان لليهود مخبر في صفوف المتمردين يدعى "راشد"، عمل على تمرير المعلومات الاستخباراتية لليهود الذين كانوا يرسلوها بدورهم للبريطانيين .كان "راشد" يقوم بعمله هذا انتقاما من رفاقه الذين طعنوا في شرفه. في حين قام شخص آخر بالتعاون من أجل المال (121) .وقد دفع اليهود ما مقداره شلنين في اليوم لأحد حراس السجون العرب حتى عرف باسم "أبو شلن" ( بما يعادل ثلاث جنيهات فلسطينية شهريا) لتمرير قوائم السجون إلى جهاز الاستخبارات، وكان "ابو شلن" هذا يبرر عمله بأنه "لم يكن ينظر إلى نفسه كمخبر أو خائن، بل مجرد رجل يقوم بعمل مدفوع الأجر "(122).في حين أشار أحد المتعاونين إلى أنه سيوقف تعامله بمجرد أن يسدد ديونه (123). ومثل هذه الأمور جرت بعد الثورة العربية ولأسباب مماثلة، كما يتضح ذلك من فيلم بيت لحم الإسرائيلي الأخير الذي يتحدث عن تعاون صبي فلسطيني مع قوات الأمن الداخلي الإسرائيلية تحت الضغط (ولكن أيضا لتحقيق مكاسب شخصية مثل الحصول على سروال جينز جديد)، قبل أن يقتل "مسؤوله" الإسرائيلي الذي أقام معه صداقة. كان تقويم الييشوف في الثلاثينيات لتفسير التعاون مبني على اعتبار المكافأة المالية أمر ثانوي في الاقتتال الداخلي داخل المجتمع الفلسطيني(124) .
كرس رجال فصائل السلام وأتباعهم المتحمسين أنفسهم كمتمردين ومتعاونين يميلون للطرف الذي يناسبهم ، بوصفهم رجال عنيفين و براغماتيين و غير ملتزمين سياسيا يعيشون خارج نطاق القانون. لقد كانوا يمثلون "عصابات"، مرتزقة بعادات و قواعد شرف متميزة، يقاتلون في المقام الأول من أجل الفخر والمكاسب الشخصية (125). كانت فصائل السلام (والعديد من المتمردين أيضا) تفتقر إلى المشاركة السياسية كما هو حال "الأنصار"،عوضا عن كونهم "قراصنة" يتركز نشاطهم على السطو الخاص والربح، كما يحدد ذلك كارل شميت (126). لم يكن هناك ماو تسي تونغ فلسطيني قادر على تحويل الفلاحين إلى رجال حرب عصابات ذوي قوة مستقطبة وواعية سياسيا ؛ وبدلا من ذلك، كان هناك "حرب أهلية عربية" منقسمة على نفسها ، وجزء منها حركة اجتماعية رجعية، تلقي القبض على المتمردين و تعبر للبريطانيين عن كرههم للفلسطينيين سكان المدن (127) .كما يقول أحد الثوار "لقد سيطروا علينا لمئات السنين ، وها نحن سوف نسيطر عليهم خلال سنة واحدة " مضيفا أنه يجب على السكان الحضريين أيضا أن يتوقفوا عن استخدام الكهرباء التي يزودها بهم اليهود (128). وكان ارتداء غطاء الرأس الحديث [الطربوش] أحد المحظورات ، مثلما هو عدم ارتداء الحجاب والاستماع إلى الراديو، واستخدام أدوات و مواد التجميل والذهاب إلى السينما , كما كانت تحض أحد نشرات الثوار " ارتق إلى مستوى أخواتك اللواتي يحملن جرار من الماء على رؤوسهن" (129). لم يكن عبد الهادي مهتما بالسياسة وليس لديه "إحساس الولاء" للحكومة، وكان تعاونه مبنيا على أسباب شخصية (130) .وعندما تحدث إلى مسؤول استعماري بريطاني في كانون الأول / ديسمبر 1938، اعتنق القضية القومية، ورفض بـ "لامبالاة" عرضا ماليا من بريطانيا، وأوضح أنه يقاتل من أجل "كبرياء جريح" مختتما كم يمتلك من فخر وواجب تجاه جنين بلدته جنين و أهله الذين قتلهم وسرقهم المتمردين. وما ينبغي فعله هو الانتقام لأجلهم من هؤلاء المتمردين.يجب أن يقتلهم. وكرر رغبته في قتلهم عدة مرات، وشدد على ذلك بوضع يديه على مسدسه وخنجره. ولهذه الأسباب كان يساعد الحكومة (131).كان التعاون كما لاحظ البريطانيون ذلك ,وسيلة للفلسطينيين للسعي وراء ثأر الأسرة ولكن مع موافقة رسمية ضمنية، وهو ما استغله البريطانيون واليهود بسهولة (132)..
كانت العداوات و الثأر الشخصي - وهي صفات شبه عشائرية وما قبل حداثية لدى الفلسطينيين وقادتهم البارزين - هي سبب بديل لتعاون الفلسطينيون مع السلطات.
في هذه القراءة النقدية للفلسطينيين، رأينا أن المتمردين السابقين و العائلات البارزة فضلت بشكل غريزي المزايا المؤقتة للتعاون (مؤقتا في أحيان كثيرة ) للسعي وراء أجندات شخصية، ولم يكونوا قادرين على تجنب خلافاتهم لمواجهة عدو مشترك.كانوا يعتقدون بسذاجة أنه يمكنهم أن يتعاونوا و "يقاوموا" في ذات الوقت .و كما يلاحظ أحد قادة الثوار بقوله "أخشى أن قضيتنا ستفشل، لأن الجميع يتصرف بشكل مستقل. وأخشى أن يتغير عملنا ليصبح أداة للمصالح الخاصة، وما الخلافات الحاصلة سوى دليل على هذا " (133) . واجهت الثورة العربية في فلسطين في الثلاثينيات من القرن الماضي قوة استعمارية قوية منضبطة و مدعومة من المستوطنين اليهود كانت قادرة على تفريق وهزيمة العدو غير الناضج من الناحية السياسية والذي كانت مفاهيمه - بعضها , على أي حال – عن التعاون الخطير والغامض تتضمن مكاسب شخصية تختلط بالإيمان بالقضية الوطنية الفلسطينية. وفي حين لم يكن الفلسطينيون مميزين من بين الشعوب الخاضعة للاستعمار في ردة فعلهم المختلطة والمختصة على القمع الاستعماري، فإن التمرد الاستعماري الناجح مثل التمرد اليهودي المنعزل و المستقطب سياسيا ضد البريطانيين بعد العام 1945 لم يتشتت تحت وطأة حملات التهدئة العسكرية، و التدابير التي اتخذها البريطانيون ضد المتمردين اليهود "البيض" إلى حد كبير في الأربعينيات. إن النسيج الاجتماعي والسياسي للتمرد الاستعماري، فضلا عن قوة مكافحة التمرد، حدد نجاح أو فشل - ما تسميه القوى الإمبراطورية الجديدة اليوم "التضاريس البشرية"، وهو ما ينعكس في تحول الجيش الأمريكي مؤخرا إلى الأنثروبولوجيا "والثورة المضادة الثقافية" "لمحاربة المتمردين في العراق وأفغانستان(134).
كان التعاون الفلسطيني في الثلاثينيات من القرن الماضي جزئيا جدا لإدانة الثورة العربية، لكنه عكس نقص العمل السياسي الموحد - وهو الانضباط الحديدي الذي يعتبر ضروريا لحالات التمرد الناجحة - التي كانت أكثر إدانة للمتمردين عند محاربة الجهاز العسكري البريطاني الذي تم ضبطه بدقة. وبالمثل، بعد انتهاء الانتداب وتشكيل إسرائيل في العام 1948، بحثت الدولة اليهودية الجديدة وعثرت على المتعاونين الفلسطينيين المحليين كما فعل الييشوف والبريطانيين من قبل، لأسباب مماثلة لتلك المذكورة هنا، مع ما ترتب على ذلك من آثار باهظة مماثلة على القضية الوطنية الفلسطينية(135)
.........................
العنوان الاصلي : Palestinian Collaboration with the British: The Peace Bands and the Arab Revolt in Palestine, 1936–9
المؤلف: Matthew Hughes
الناشر:Journal of Contemporary History 2016, Vol. 51(2) 291–315
Re-print-s and permissions: sagepub.co.uk/journalsPermissions.nav
DOI: 10.1177/0022009415572401. jch.sagepub.com
ترجمة: محمود الصباغ
....................
ملاحظات
1 See M. Hughes, ‘The Banality of Brutality: British Armed Forces and the Repression of the Arab Revolt in Palestine, 1936–39’, English Historical Review, 124, 507 (April 2009), 313–54 M. Hughes, ‘A History of Violence: The Shooting of British Assistant Superintendent Alan Sigrist, 12 June 1936’, Journal of Contemporary History, 45, 4 (2010), 725–43 J. Norris, ‘Repression and Rebellion: Britain’s Response to the Arab Revolt in Palestine of 1936–39’, Journal of Imperial and Commonwealth History, 36, 1 (March 2008), 25–45.
2 H. Cohen, Tzva ha-Tzlalim [An Army of Shadows] (Jerusalem 2004), translated into English as Cohen, Army of Shadows: Palestinian Collaboration with Zionism, 1917–1948 (Berkeley, CA 2008).
3 E. Dekel, Shai: The Exploits of Hagana Intelligence (New York, NY 1959), passim A. Lefen, Ha’Shai: Shorasheha Shel Kehilat ha’Modi’in ha’Israelit [The Roots of the Israeli Intelligence Community] (Tel Aviv 1997), 42–3. سيتغاضى القارىء هنا عن بعض عدم الدقة في استخدام "اليشوف" و "الصهاينة" و "اليهود" في هذه المقالة، وكلها تشير إلى الجالية اليهودية في فلسطين قبل عام 1948؛ في بعض السياقات، استخدام "يهودي / يهود" بما يناسب اللغة المستخدمة في ذلك الوقت، وأنه لا مفر منه إذا كان غير دقيق..
4 Such as, D. Anderson and D. Branch, Empire Loyalists: Histories of Rebellion and Collaboration (forthcoming) D. Killingray and D. Omissi (eds), Guardians of Empire: The Armed Forces of the Colonial Powers, c. 1700–1964 (Manchester 1994) A.E. Afigbo, The Warrant Chiefs: In-dir-ect Rule in Southeastern Nigeria, 1891–1929 (London 1979) A. Isaacman and B. Isaacman, ‘Resistance and Collaboration in Southern and Central Africa, 1850–1920’, International Journal of African Historical
Studies, 10, 1 (1977), 31–62 and R. Waller, ‘The Maasai and the British 1895–1905: The Origins of an Alliance’, Journal of African History, 17, 4 (1976), 529–53.
5 E. Danin, Te‘udot u-Dmuyot me-Ginzey ha-Knufiyot ha-Arviyot, 1936-39 [Documents and Portraits from the Arab Gangs Archives in the Arab Revolt in Palestine, 1936–39] [1944] (Jerusalem 1981) Y. Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered ha-Aravi be-eretz Israel, 1936–39 [Felahin during the Arab Revolt in the Land of Israel] (Tel Aviv 1978) Y. Arnon-Ohanna, ‘The Bands in the Palestinian Arab Revolt, 1936–39: Structure and Organization’, Asian and African Studies, 15, 2 (1981), 229–47Y. Arnon-Ohanna, Herev mi-Bayit: ha-Ma‘avak ha-Pnimi ba-tnu‘a ha-le‘umit ha-falastinit, 1929–39 [The Internal Struggle within the Palestinian Movement, 1929–39] (Tel Aviv 1989) Y. Porath, The Palestinian Arab National Movement: from Riots to Rebellion. Volume Two, 1929–39 (London 1977).
6 A blood feud´-or-a long-running quarrel, usually between two rival clans – rather like ‘vendetta’ in English, although for this there is another word in colloquial Arabic, gom, which means literally ‘revenge’.
7 W.C. Matthews, Confronting an Empire, Constructing a Nation: Arab Nationalists and Popular Politics in Mandate Palestine (London 2006) S. Robertson, Citizen Strangers: Palestinians and the Birth of Israel’s Liberal Settler State (Stanford, CA 2013) J. Norris, Land of Progress: Palestine in the Age of Colonial Development, 1905–1948 (Oxford 2013). See also S. Seikaly, ‘Meatless Days: Consumption and Capitalism in Wartime Palestine, 1939–1948’, doctoral thesis, New York University (2007). Quotation from T. Swedenburg, Memories of Revolt: The 1936–1939 Rebellion and the Palestinian National Past (Minneapolis, MN 1995), 152–4.
8 For discussion of this see I. Khalaf, Politics in Palestine: Arab Factionalism and Social Disintegration, 1939–1948 (Albany, NY 1991) R. Khalidi, Palestinian Identity: The Construction of Modern National Consciousness (New York, NY 1997) and J.S. Migdal (ed.), Palestinian Society and Politics (Princeton, NJ 1980).
9 See Matthews, Confronting an Empire, 233ff and P. Mattar, Mufti of Jerusalem: Al-Hajj Amin al-Husayni and the Palestinian National Movement (New York, NY 1988), 65ff.
10 C. Elkins, Britain’s Gulag: The Brutal End of Empire in Kenya (London 2005), 67 Swedenburg, Memories of Revolt, 86.
11 J.S. Bennett, Handwritten Minute, 28 February 1938, CO733/368/4, 4, The National Archives, London [TNA].
12 See Danin, Te‘udot u-Dmuyot me-Ginzey, 24 قتل عبد الهادي في العام 1943 في حفل زفاف ابنه في عرابة، ومن غير الواضح ما إذا كان بسبب تعاونه مع العدو أو بسبب نزاع عائلي.
13 Minute by G.W. Rendel, 12 November 1937, in M. Fry and I. Rabinovich (eds), Despatches from Damascus: Gilbert MacKereth and British Policy in the Levant, 1933–39 (Tel Aviv 1985), 178.
14 K. Saudeh ‘Black hand tinged with Blood’ to MacKereth [October 1937], in Fry and Rabinovich (eds), Despatches from Damascus, 175–6.
15 G. MacKereth to H. MacMichael (Palestine), 5 September 1939, FO371/23251, TNA.
16 For the role of CID, see C. Walton, Empire of Secrets: British Intelligence, the Cold War and the Twilight of Empire (London 2013), passim and (forthcoming) E. Harouvi, Palestine Investigated: The Story of the CID of the Palestine Police Force, 1920–48 (London 2014) (Hebrew, 2011).
17 M. Thomas, Empires of Intelligence: Security Services and Colonial Disorders after 1914 (Berkeley, CA 2008), 255 MacKereth to Eden, 21 January 1938, in J. Priestland (ed.), Records of Jerusalem, 1917-71: Volume 3, (Oxford 2002), 738.
18 Minute dated 2 November 1939 on G. MacKereth to C. W. Baxter (FO), 3 October 1939, FO371/23251, TNA.
19 L. Baggallay to G. MacKereth, 30 November 1939, FO371/23251, TNA.
20 Mackereth (Damascus) to Jerusalem (repeated to FO), 15 December 1938, FO371/21869, 105,TNA.
21 Appendix, Notes on Captured Arab Documents [by Jews and written after 1941], Wingate Papers,M2313, 112–13, British Library, London [BL].
22 R. King-Clark to Trevor Royle, 22 February 1993, MR4/17/307/1/4, Tameside Local Studies and Archive Centre, Ashton under Lyne.
23 MacKereth to Secretary of State for Colonies, 12 May 1938, FO371/21877, 8, TNA.
24 Cohen, Army of Shadows, 95ff.
25 M. ‘Izzat Darwazah, Mudhakkarat Muhammad ‘Izzat Darwazah [Memoirs of Muhammed ‘Izzat Darwazah] (Beirut 1993), 179.
26 H. Eshed, Reuven Shiloah: The Man Behind the Mossad (London 1997), 32 Y. Gelber, ‘Reuven Shiloah’s Contribution to the Development of Israeli Intelligence’ and E. Harouvi, ‘Reuven Zaslany (Shiloah) and the Covert Cooperation with British Intelligence during the Second World War’, in H. Carmel (ed.), Intelligence for Peace: The Role of Intelligence in Times of Peace, (London 1999), 16–48.
27 Y. Gelber, Sorshey ha-Havatzelet: ha-Modi‘in ba-Yishuv, 1918–1947 [Growing a Budding Fleurde-Lis: The Intelligence Forces of the Jewish Yishuv in Palestine, 1918–47] (Tel Aviv 1992), 149–64Lefen, Ha’Shai, 45–51. انظر أيضا مذكرات ضابط الاستخبارات البريطاني: لوت كول أس سيموندز ,Pieces of War, 08/46/1, 42, 55, Imperial War Museum Documents, London and S. Wagner, ‘British Intelligence and Policy in the Palestine Mandate, 1919–39’, doctoral thesis, University of Oxford (2014).
28 Eshed, Reuven Shiloah, 32.
29 Porath, Palestinian Arab National Movement, ii, 253 Intelligence Report (in Hebrew), 29 September 1938, 8/General/2, p. 102, Haganah Archive, Tel Aviv [HA] Danin, Te‘udot u-Dmuyot me-Ginzey, 24 (note 56).
30 Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered, 157–60 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 19, Ramallah, 22 February 1939, The Prince of Wales’s Own Regiment of Yorkshire Museum, York [RYM].
31 Summary of Intelligence, Palestine and Transjordan, Wing-Commander Ritchie, 7 October 1938, CO732/81/9, TNA.
32 Cohen, Army of Shadows, 150 S25/22793, 39, Central Zionist Archive, Jerusalem [CZA].
33 Subject: Fakhri Abdul Hadi, from Robert Newton, Assistant District Commissioner, Jenin, 17 December 1938, S25/22793-39/43, CZA.
34 Interview, author with Edward Horne, Barton-on-Sea, 26 February 2013.
35 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 2, Ramallah, 26 October 1938, RYM 8th Division Operation Instruction No. 10 by Maj-Gen B. L. Montgomery, 21 January 1939, Queen’s Royal West Surrey Regiment, QRWS/3/6/7, Surrey History Centre [SHC] Lecture No. 2: Operational Cordon: Check and Search Village, n.d., Diary of Events, 1939, Queen’s Royal West Surrey Regiment, QRWS/3/8/8, SHC Letter, Lt H. J. Darlington to Wife, 6 October 1938, KO 1333/01, King’s Own Royal Regiment Museum, Lancaster [KORRM] Druze Activities file in S25/ 22793, CZA Testimony of Tuvia Omani, 18 February 1971, 95.23, HA.
36 Z. Lockman, Comrades and Enemies: Arab and Jewish Workers in Palestine, 1906–48 (Berkeley, CA 1996), 251 K. Firro, A History of the Druzes (Leiden 1992), 337, 340–1 Swedenborg, Memories of Revolt, 91–2 S. Fathi el-Nimri, ‘The Arab Revolt in Palestine: A Study Based on Oral Sources’ doctoral thesis, University of Exeter, (1990), 184–6. For quotation, Letter, Burr to Parents, 24 February 1938, Burr papers, 88/8/1, Imperial War Museum Documents, London [IWMD]. See also Lt-Col G. A.
Shepperd, 4597, 47, Imperial War Museum Sound Archive [IWMSA] and Sir Gawain Bell, 10256, IWMSA.
37 See, for instance, Maj-Gen A. J. H. Dove, 4463, 30, IWMSA.
38 توصية السير تشارلز تيغارت , ‘Village Registers for Bad Villages’, accompanying Letter, Chief Secretary to District Commissioners, 28 January 1938, S25/22762, CZA.
39 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 21 January and 1 February 1939, The Border and King’s Own Royal Border Regiment Museum, Carlisle [BRM].
40 M. Al-Haj, Social Change and Family Process: Arab Communities in Shefar-A’m (Boulder, CO and London 1987), 55–6 Swedenburg, Memories of Revolt, 90ff.
41 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 2 March 1939, BRM.
42 Green Tiger: The Records of the Leicestershire Regiment 20/4 (November 1939): 122, in Record Office for Leicestershire, Leicester and Rutland [ROLLR].
43 Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered, 157–60.
44 B. Abu Gharbiyah, Fi Khidamm al-nidal al-‘arabi al-filastini: mudhakkarat al-munadil Bahjat Abu Gharbiyah [In the Midst of the Struggle for the Arab Palestinian Cause: The Memoirs of Freedom-Fighter Bahjat Abu Gharbiyah] (Beirut 1993), 60–1 Haaretz [The Land] (Evening Issue) (22 December1937).
45 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 7, Ramallah,1 December 1938, RYM.
46 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 8, Ramallah,8 December 1938, RYM.
47 Chaplin, The Queen’s Own Royal West Kent Regiment, 105.
48 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 11, Ramallah,29 December 1938, RYM.
49 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary Nos 12, 14,Ramallah, 5 and 20 January 1939, RYM.
50 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 13, Ramallah,12 January 1939, RYM.
51 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 16, Ramallah,2 February 1939, RYM.
52 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 17, Ramallah,9 February 1939, RYM.
53 Letter from Abdel Halim Julani, Abdel Kader Husseini and Ahmed Jaber, 19 December 1938 quoted in Police CID, Jerusalem, Intelligence Report 68/38, 21 December 1938, S25/22732, CZA.
54 Police CID, Intelligence Summary No 92/38, 31 December 1938, 3, S25/22732, CZA.
55 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 9 December 1938, BRM.
56 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 27 January 1939, BRM.
57 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 16 December 1938, BRM.
58 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 17 December 1938, BRM. The Air Force List details a Flying Officer N. O. Lash in November 1938, in Middle East command (presumably Norman Lash who went on to command in Jordan’s Arab Legion).
59 Arab Reaction to the White Paper, 19 May 1939, signed by A.H.K. [in Hebrew], A.H.K. to Moshe Sharett, 28 June 1939, reporting on a meeting between the High Commissioner and Chief Secretary and Fakhri and Ragheb Nashashibi [in Hebrew], S25/7644, CZA.
60 Typed up Official MS, Leicestershire Regiment, 2nd Battalion, Palestine, 1939–40, 1, 22D63/10/1-3, ROLLR.
61 Y. Slutsky and B.-Z. Dinur (eds), Sefer Toldot ha’Haganah [Book of the History of the Haganah]vol. 3, part 1, Me’ma’avak le’Milhama [From Struggle to War] (Tel Aviv 1972), 16.
62 Appendix, Notes on Captured Arab Documents [by Jews and written after 1941], Wingate Papers,M2313, 113, BL.
63 ‘Honi Soit Qui Mal Y Pense’, Palestine Police Old Comrades’ Association Newsletter 100 (September 1975), 46.
64 Ibid.
65 School Year Diary, Spring Term 1939, Wilson Papers, GB165-0302, 36, Middle East Centre, St Antony’s College, Oxford [MEC] personal information from Nir Arielli, 5 June 2013.
66 School Year Diary, Summer Term 1939, Wilson Papers, GB165-0302, 73, MEC.
67 Memoir (typed in 1985) entitled ‘Palestine 1938’ by Captain P.H. Graves-Morris, Worcestershire Regiment Museum Trust.
68 Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered, 147–52.
69 British Report, Armed Gangs 60/38, 5 December 1938, S25/22732, CZA
70 H. MacMichael (High Commissioner) to Malcolm MacDonald Secretary of State for Colonies),16 January 1939, S25/22761, CZA.
71 Police CID, Jerusalem, Intelligence Summary 92/38, 31 December 1938, 3, S/25/22732, CZA.
72 Interview, author with Edward Horne, Barton-on-Sea, 21 April 2013.
73 British Report, Armed Gangs 61/38, 6 December 1938, S25/22732, CZA.
74 Regimental War Diary, 1st Battalion, The Border Regiment, 18 March 1939, BRM Danin, Tsiyoni be-Kol Tnay, 140.
75 Danin, Te‘udot u-Dmuyot me-Ginzey, 24, n. 56.
76 ‘The Royal Bee Lady’, Palestine Police Old Comrades’ Association Newsletter, 124 (September 1981), 52.
77 Keith Roach to O’Connor, 25 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10, Liddell Hart Centre for Military Archives, London [LHCMA].
78 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 9, Ramallah, 15 December 1938, RYM.
79 Jewish Report, Hebron 29 February 1939, 140, S25/22269, CZA.
80 Memorandum on Hebron Sub-District, by Assistant District Commissioner Stewart, 25 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10-11, LHCMA.
81 Memorandum on Hebron Sub-District, by Assistant District Commissioner Stewart, 25 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10-11, LHCMA.
82 FIRM: Worcestershire Regiment Journal, 11, 2 (July 1939), 226
83 Quoted in ‘Arab Leader and Former Mufti’, Yorkshire Post (24 October 1938).
84 Mansour, HQ Arab Army in the South 28th Ramadan 1357 quoted in FIRM: Worcestershire Regiment Journal, 10, 4 (January 1939), 560.
85 Cohen, Army of Shadows, 133.
86 J.B. Schechtman, The Mufti and the Fuehrer: The Rise and Fall of Haj Amin el-Husseini (New York, NY 1965), 62–3.
87 Ibid. Intelligence Summary, Palestine and Transjordan, by Wing Commander Ritchie, 2 December 1938, CO732/81/10, TNA.
88 Photographic Collection, Truman Institute Library, Hebrew University, Jerusalem.
89 CID Intelligence Summary 92/38, Jerusalem, 31 December 1938, 4–6. S25/22732, CZA.
90 Ibid.
91 Information re Mohd. Sherif and the Yatta Meeting, From Mohd. Abu Sharar, son-in-law of Mohd. Sherif and Mustapha Issa Unis Dudein of Dura, from Mr Stewart (to Charles), 25 January 1939, dated 26 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10, LHCMA.
92 Keith Roach to O’Connor, 25 January 1939, O’Connor Papers, 3/4/10, LHCMA.
93 Ibid.
94 John Baynes, The Forgotten Victor: General Sir Richard O’Connor (London 1989), 58.
95 Diary, 18 December 1938, Foster Papers, GB165-0110, 101–2, MEC.
96 MacMichael (HC, Palestine) to MacDonald (Secretary of State for Colonies), 16 January 1939, Security Matters 1938–39, S25/22761, CZA.
97 Letter, Burr to Parents, n.d. [December 1938–January 1939], 88/8/1, Burr Papers, IWMD.
98 Summary of Intelligence, Palestine and Transjordan, Wing-Commander Ritchie, 30 December 1938, CO732/81/10, TNA.
99 CID Intelligence Summary 90/38, Jerusalem, 21 December 1938, S25/22732, CZA.
100 2nd Battalion The West Yorkshire Regiment, Battalion Intelligence Summary No. 5, Ramallah, 17 November 1938, RYM.
101 FIRM: Worcestershire Regiment Journal, 11, 1 (April 1939), 55.
102 Palestine Police CID, Intelligence Summary 92/38, 31 December 1938, 4, S25/22732, CZA.
103 W.D. Battershill, Chief Secretary on behalf of the High Commissioner to District Commissioners and IG Police, 29 December 1938, S25/22761, 4, CZA.
104 GOC Palestine (Haining) to War Office, Despatch on the Operations carried out by the British Forces in Palestine and Trans-Jordan, 1 November 1938–31 March 1939, 24 April 1939, Evetts Papers, File 1, LHCMA see also O’Connor Papers, 3/4/53, LHCMA.
105 To Zaslani from ‘M’ in Haifa, 5 June 1939, Files of Shiloah Zaslani, S25/22424, CZA.
106 Letter, Feitelson (Tiberias, Intelligence Chief in North of Palestine) to Zaslani, 1 June 1939, S25/22424, 7, CZA.
107 I. Pappe, The Rise and Fall of a Palestinian Dynasty: The Husaynis, 1700–1948 (London 2010),258 Palestine Police Force, Report from Tiberias Police on Nazareth District, c.1940, Nazareth Town, 17/4212/8, Israel State Archive, Jerusalem.
108 Porath, The Palestinian Arab National Movement, 256.
109 F. Kitson, Gangs and Counter-Gangs (London 1960), 78, 84, 150–1 and H. Bennett, Fighting the Mau Mau: The British Army and Counter-insurgency in Kenya (Cambridge 2012), 152–8. See also, G. Hughes and C. Tripodi, ‘Anatomy of a Surrogate: Historical Precedents and Implications for Contemporary Counter-insurgency and Counter-terrorism’, Small Wars and Insurgencies, 20, 1 (2009), 1–35. ساعد الأمين العام السير فرانك كيتسون على إنشاء وحدات زائفة في كينيا في الخمسينيات ونفى هذا المؤلف أي معرفة بعد ذلك بما حدث في فلسطين في الثلاثينيات من القرن الماضي: رسالة الجنرال السير فرانك كيتسون إلى المؤلف، 26 يوليو 2013
110 J. Pittaway, Selous Scouts, Rhodesia: The Men Speak (Avondale 2013), passim.
111 CID Police Intelligence Summary, 89, 38, 17 December 1938, S25/22732-94, CZA MacMichael (HC, Palestine) to MacDonald (Secretary of State for Colonies), 16 January 1939, Security Matters 1938–39, S25/22761, CZA.
112 A. el Rahim el Haj Mahmad, Office of the Arab Rebellion in Palestine, Mountains, to Abdallah el Beiruti, 19 October 1938, Wingate Papers, M2313, 43, BL.
113 A. el Rahim Haj Mahmud, Arab Rebellion Office in Palestine, to Abu Abdallah, n.d., Wingate Papers, M2313, 52, BL.
114 D. Murray, Bloody Sunday: Truths, Lies and the Saville Inquiry (London 2012), 195.
115 Y. Slutsky (ed.), Sefer Toldot ha’Haganah [Book of the History of the Haganah] vol. 2, part 2, Me’Haganah le’ma’avak [From Defence to Struggle] (Tel Aviv 1963), 991.
116 See C. Lloyd, Collaboration and Resistance in Occupied France: Representing Treason and Sacrifice (Houndmills 2001), viii–ix
117 Note, typed, n.d., Security Matters, 1938–39, S25/22762, CZA.
118 Appendix, Notes on Captured Arab Documents [by Jews and written after 1941], Wingate Papers, M2313, 114, BL.
119 Undated note [by Jews], S25/4960-184, CZA.
120 The Meeting of the Military Officers with Nimer Abu Rosh in Imwas, 29 [or 20] January 1939, 1, S25/22269, CZA.
121 Dekel, Shai, 197–8.
122 Dekel, Shai, 207.
123 Dekel, Shai, 223.
124 Slutsky, Sefer Toldot ha’Haganah, vol. 2, part 2, 990–1.
125 Discussed in the classic text by E. Hobsbawm, Bandits (London 1969) without reference to Palestine, but his de-script-ion of ‘social banditry’ (22–3) is apt.
126 C. Schmitt, Theory of the Partisan (New York, NY 2007), 14–15.
127 J.P. Jankowski, ‘The Palestinian Arab Revolt of 1936–39’, Muslim World, 63, 3 (1973), 226.
128 Arnon-Ohanna, Herev mi-Bayit, 284.
129 Arnon-Ohanna, Falahim ba-Mered, 45.
130 Cohen, Army of Shadows, 150.
131 Subject: Fakhri Abdul Hadi, from Robert Newton, Assistant District Commissioner, Jenin, 17 December 1938, S25/22793-39/43, CZA.
132 W.D. Battershill, Chief Secretary on behalf of the High Commissioner to District Commissioners and IG Police, 29 December 1938, S25/22761, 3, CZA
133 Council of High Command of Rebellion Army in Palestine, Abd el Rahim el Haj Mahmad to Abu Khaled, 23 August 1938, Wingate papers, 37, BL.
134 British Army Field Manual, Volume 1 Part 10, Countering Insurgency (AFM 1-10) (October 2009), 3–5 Frank Ledwidge, Losing Small Wars: British Failure in Iraq and Afghanistan (New Haven, CT and London 2011), 194–6.
135 Hillel Cohen examines post-1948 collaboration in his more recent book entitled Good Arabs: The Israeli Security Agencies and the Israeli Arabs, 1948–67 (Berkeley, CA 2010).



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل القديمة: حدوتة أم تاريخ؟؟
- التعاون البريطاني اليهودي والفرق الليلية الخاصة في فلسطين خل ...
- استعمار الصهيونية لفلسطين :الاستيطان و التهويد
- التخوم و الحدود : ملاحظات حول الجغرافيا السياسية في القدس
- الوجه الآخر لاستيطان القدس : تسييس العمران و احتكار السردية ...
- علم الآثار الكتابي القديمالجديد وتاريخ فلسطين
- من شارون إلى شارون: التخطيط المكاني ونظام الفصل في إسرائيل / ...
- من شارون إلى شارون: التخطيط المكاني ونظام الفصل في إسرائيل / ...
- قدس جديدة : أرض أكثر .. عرب أقل
- علم الآثار في فلسطين: حياة و موت ألبرت غلوك
- (تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-1 ...
- تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل 1949-19 ...


المزيد.....




- أضرار البنية التحتية وأزمة الغذاء.. أرقام صادمة من غزة
- بلينكن يكشف نسبة صادمة حول معاناة سكان غزة من انعدام الأمن ا ...
- الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح ولم تنتظر إذنا م ...
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يشكل فريقا خاصا لتحديد مواقع الأنفاق ...
- باشينيان يحذر من حرب قد تبدأ في غضون أسبوع
- ماسك يسخر من بوينغ!
- تعليقات من مصر على فوز بوتين
- 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟
- أمام حشد في أوروبا.. سيدة أوكرانية تفسر لماذا كان بوتين على ...
- صناع مسلسل مصري يعتذرون بعد اتهامهم بالسخرية من آلام الفلسطي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود الصباغ - فصائل السلام و الثورة العربية في فلسطين 1936-1939, نموذج لتعاون الفلسطينيين مع سلطات الانتداب البريطاني