أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مولود مدي - من شكّ فقد تزندق !














المزيد.....

من شكّ فقد تزندق !


مولود مدي
(Mouloud Meddi)


الحوار المتمدن-العدد: 5704 - 2017 / 11 / 20 - 23:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفكر الانساني عندما يشكّ في الأفكار التي بين يديه, سيتحرر حتما ويخرج على التقاليد, لأن جوهر التقاليد هو اليقين, لكن لا يقين بعد شكّ, ان حين يشكّ المرء في أمر واحد من أمور دنياه لن يستطيع أن يوقفه شكّه وارتيابه عند هذا الحد, لأن هذا الارتياب سيطال أمورا أخرى, حتى يعمّ الشكّ جميع النواحي, والانسان اذا كسر تقليدا واحدا, لا بد أن يأتي يوم يكسر فيه جميع التقاليد.

لقد كان الانسان قبل ظهور ” المدنية ” أي الانسان البدائي, يعيش قانعا مطمئنّا لا يشك ولا يسأل, ولا يحقق ولا يدقق, ولهذا كان سعيدا سعادة يحسد عليها, وعندما بدأ الزمان في المرور أصبح مجبرا على أن يسأل ويبحث ويدقّق, فتضاءلت سعادته شيئا فشيئا, وأصبح يواجه مشاكل جديدة لم يسبق وأن واجهها, فأصبح مجبرا على أن يبحث عن حلول لها, وما أن يجد الحلول حتى يجد نفسه أمام مشكلة جديدة وهكذا, فأصبح الانسان كائنا مفكّرا مبدعا من جهة وشقيّا وكادحا من جهة, ولهذا كان يحتاج الى التجديد في كل شيء .. في الفكر, في أسلوب الحياة وغيره, ان التقدّم والتطوّر يا عزيزي المسلم, محال أن يكون بالتمسّك بالتقاليد القديمة التي تأمرك بالتسليم الكامل والخنوع وأن من تمنطق تزندق, ومن جهة أخرى بالقناعة والاتكال على عقلية الابتلاء الالهي وانتظار الحلول الجاهزة من السماء, رغم أن التاريخ برهن أنه لا يهتم لهذه المقاييس الاعتباطية بتاتا.

في الماضي كان الكهنة يضحكون على ذقوننا بتفسيق الأخر الأكثر حضارة منّا ورميه بالانحلال الخلقي, وصدّقناهم فانشغلنا بتكفيره والسخرية منه, لأنه ليس من زمرة خير أمة أخرجت للناس, وعندما نضجنا وفتحنا عيوننا على الواقع, وجدنا أطلال بلدان اسلامية مهدّمة ومدّمرة متناحرة مخرّبة, وأناس لا يهتمون بالمتسوّلة على قارعة الطريق بقدر ما يهتمون بماذا عليها أن تلبس, وسفك يومي للدماء وانحراف لا مثيل له في الأخلاق عند العامة وأهل الدين, في المقابل الاخر لا يزداد الا تقدّما وحضارة ورفاهية, ولم يسبق وان اهتمّ ولو بدقيقة بتكفيرنا له, فشوارع بلدانه نظيفة, ومجتمعاته امنة مطمئنّة, وشعوبه مختلفة في العرق والدين ومع ذلك اقتنع ان هذا الاختلاف من النعم التي يحسد عليها وفهم أن كل ثقافة هي مكمّلة للأخرى وينبوع اثراء وتجديد لها, عكس نحن الذين أعملنا السيف فيمن اختلف معنا في صغائر الأمور.

و لأننا نعيش في عصر أصبح عنوانه السرعة والتقنية, يجب أن نعترف بأننا خارج هذا العصر من جميع النواحي, فلازلنا في القاع نستنشق الخرافة ونستحسن عقلية الأبائية والوصاية على عقولنا التي أصررنا على وصفها بالقاصرة أمام عقول دهاقنة الاسلام, ونؤمن بالأسطورة, حتى وصل الحد بهذا الايمان الى أن يعتقد الكثير من النّاس أن خلاصنا لن يأتي بالتشمير على سواعدنا, وأن نكشف غمامة الجهل على عقولنا, وأن نأخذ باسباب القوّة من الأخر الذي سبق وأن أخذها منّا, بل الخلاص سيأتي به المهدي المنتظر, الذي سيقضي على الظلم في الأرض بطريقته السحرية, وسيمكّن لنا في أرض الله لنعود الى أستاذية العالم ليدفع لنا العالم الجزية عن ذل وهو صاغر, ويكسر الصليب تكسيرا, وسينبري سيفه حتى للخنزير ليقتله والذي لا نعرف للأسف ما ذنبه لكي يٌقتَل …

ان التجديد في طريقة التفكير هو الذي يخشاه كهنة الاسلام, ولا يخشون الأفكار بذاتها, ولهذا يحاولون بأي طريقة الابقاء على بلاهة العقول التي تجلب للمسلم الطمأنينة والسعادة فتجدهم يحرّمون أشياء لا علاقة لها أبدا بالدين, وبسيادة ثقافة التحريم ظن المسلم أن ما لديه هو الحق وما لدى الأخر هو الكفر والباطل وهو أصلا لو يشغلّ عقله ولو لمرّة لكي يعرف عن أي فكر هذا يدافع عنه لقام وانتحر, ولهذا تجده يدافع عن الكهنة ودينهم مع مجموعة القيود التي ألبسوها غطاء الدين, وكذبوا على العامة وقالوا له أن الدين ليس هو شأن العامة, بل شأن الكهنة وحدهم, وبسبب هذه البلاهة تتعجّب كيف تنفق المليارات من طرف الدول التي تهتم بالعلم والبحث العلمي بل سجّل التاريخ انتحار العديد من العلماء بسبب فشلهم عن ايصال أفكارهم للناس وتوضيحها لهم مثلما فعل عالم الفيزياء ” بولتزمان ”, ثم يأتي المسلم في لحظة واحدة ليفنّد تلك البحوث والنظريات لا سوى لأنها تخالف حسب زعمه الدين وأن الغرب يمثّل حزب الشيطان الذي يتأمر على المسلم عضو حزب الله ,و لأن أنصار حزب الله هم الغالبون, تجده لا يعير اهتماما للتقدّم الحاصل في العلوم والنظريات وظهور أساليب تفكير جديدة نسخت القديم وأحالته على التقاعد, لا زال يتمسّك بنظريات اجداده المغفّلين واساليبهم في التفكير التي أكل عليها الدهر وشرب فالمسلم يفكّر بأسلوب القرن العاشر وهو في القرن العشرين, بل وتراه يفتخر بجدالات ابن حنبل وابن تيمية ناسيا أن العلم الحالي جعل جدالاتهم شبيهة بلغو الأطفال.

و ما يخافه المشايخ كما قلنا سابقا ليس الأفكار, بل تجديد طريقة التفكير هي التهديد الكبير لهم .. ولهذا ذهبوا لكي يقاوموا أي شيء قادم من الغرب, فصبغوا هذه المقاومة بلون الدين, وحرّموا ذات يوم فقهاء السلفية ركوب السيّارة لأنها من بنات الجنّ, وحرّموا الرسم والجغرافيا والتصوير واللغات وكفّروا من يؤمن بكروية الأرض باعتبار هذه الأفكار ذريعة للوقوف على عقائد الكفّار وعلومهم الفاسدة التي هي شيطان مريد يريد أن يتفوّق على المسلمين كراهة في الاسلام, وكل هذا لأنهم خافوا من ” الجدل المنهي عنه شرعا “, لأن الاطلاع على الأراء الجديدة التي لا يعرفها المسلم البسيط هي فاتحة شهيّة للأطلاع أكثر وهنا ستكون المصيبة الكبرى على الشيوخ, فسيتحرر العقل تدريجيا وتسقط خرافة ” النقل قبل العقل ” ويصبح من غير المجدي الضحك على ذقون الناس بغطاء اسأل ” أهل العلم “.



#مولود_مدي (هاشتاغ)       Mouloud_Meddi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم محاربة الفساد
- السعودية في طريقها لانكار السنّة
- أكذوبة الفتوحات.. غزو مصر كدليل
- المسلمين و أسئلة التنوير
- هل التصّوف وسيلة للقضاء على الارهاب ؟
- هل تتّجه السعودية نحو العلمانية ؟
- لماذا يكره المتطرفون الفن؟ الموسيقى نموذجًا
- المشكلة أعمق من حذف البسملة ..
- الاسلاموية و مشكلة الديمقراطية
- أسباب التقارب الايراني التركي
- حول مسألة الشريعة و تطبيقها
- كيف تأثر الفقه الإسلامي بالعقلية العربية البدوية؟
- هل تعرف من هو لورنس العرب الألماني؟
- حول الاشتراكية الديمقراطية
- مأساة الفلسفة في العالم العربي
- ما لا تعرفه عن نظرية الانفجار الكبير
- ملاحظات حول الماركسية
- ملاحظات حول فكر المعتزلة
- الاسلام السياسي هو من أدوات الامبريالية
- هل السنّة هي من الوحي ؟


المزيد.....




- ترامب يتهم اليهود المؤيدين للحزب الديمقراطي بكراهية دينهم وإ ...
- إبراهيم عيسى يُعلق على سؤال -معقول هيخش الجنة؟- وهذا ما قاله ...
- -حرب غزة- تلقي بظلالها داخل كندا.. الضحايا يهود ومسلمين
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مولود مدي - من شكّ فقد تزندق !