أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - احمد الذوادي - مئوية الثورة البلشفية :ماذا بقي من وصية بليخانوف















المزيد.....

مئوية الثورة البلشفية :ماذا بقي من وصية بليخانوف


احمد الذوادي

الحوار المتمدن-العدد: 5660 - 2017 / 10 / 5 - 18:01
المحور: ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا
    




يبدو العنوان غريبا اذ يربط بشكل يتبادر لا معقولا بين ثورة انجزها التلميذ (لينين) بعد قطيعة حد العداء مع استاذه (بليخانوف ) ولكن هذه الغرابة لن تساور إلا اولئك المدرسيين ضيقي الافق ممن عجزوا عن فهم الماركسية كمنهج جدلي متطور وكمرشد عمل وان لا حقيقة مقدسة إلا بقدر ما تحدثه من وحدة بين الفكر والممارسة تسهم في دفع تطور المجتمعات الانسانية نحو الافضل
ثورة اكتوبر المجيدة ليست حدثا عابرا فقد غير انبعاثها الخارطة الجيوبولوتيكية للعالم باسره وطبعت بإسهامها مجمل النضال العالمي وأحدثت في مجرى صراعها مع الرأسمالية تغييرا صلب ايديولوجية هذه الاخيرة ودفعتها الى تقديم التنازلات المتكررة لفائدة الطبقة العاملة كما ان سقوط الثورة البلشفية بعد انحرافات ادت الى انهيار الاتحاد السوفياتي احدث بدوره تغييرات جيوبولوتيكية جديدة وأعطى ذلك الضوء الاخضر لقوى الامبريالية لتنفيذ مخططاتها الاجرامية بحق شعوب العالم ووطننا العربي يتربع راس القائمة
نظرا لما للثورة البلشفية من اهمية رأيت ان افتح زاوية جديدة للنظر اليها بعيدا كل البعد عن كلاسيكيات التمجيد واللطم والتباكي على ماض اكد صانعه انه لن يتكرر في التاريخ فكلنا يعرف مقولة كارل ماركس "التاريخ لا يعيد نفسه إلا في شكل مهزلة " ولكن وحيث ان الماركسية فكر حي متجدد فقد عرف التاريخ بروز اسماء لامعة جهدت بكل اخلاص للطبقة العاملة وعشق لثورة العدل فكتبت والفت وحاولت استقراء الواقع ورسمت طرقا للثورة وقد نجح البلاشفة بقيادة لينين في تجسيد الماركسية وتحقيق انتصار الثورة والمضي قدما في طريق البناء الاشتراكي ولكن علينا ان نتساءل هل يحق لنا ان نسجد تقديسا للبلاشفة وزعيمهم لينين ونكيل الاتهامات لكل من خالفه وخالف خلفه (ستالين ) فنرمي ماوتسي تونغ بالتحريف وتروتسكي بالخيانة وبليخانوف بالردة
ان الماركسي الفذ هو ذلك الذي يؤمن ان الفكر الماركسي حي متجدد ويتطور من افكار بسيطة حول العالم الى نظرية ثرية تمسك بتلابيب اعقد القضايا وأكثرها حساسية وحيث ان التاريخ لا تخضع كتابته للموضوعية بل هو خاضع لمنطلقات ذاتية للمنتصر فان سقوط الثورة البلشفية دعوة الى التعاطي الايجابي مع كل الشيوعيين الذي انخرطوا سواء في تشييد صرح الثورة البلشفية (علينا ان لا ننسى ان تروتسكي مثلا هو من اسس الجيش الاحمر وقاده الى الانتصار النهائي على الثورة المضادة ) كذلك الامر مع الشيوعيين الذين انتقدوها دون ان يمنعنا ذلك من الفخر بها بل ان انصاف ثورة اكتوبر يحتم علينا الوقوف عند هناتها ومكامن ضعفها وفي هذا الباب نأخذ وصية بليخانوف الاخيرة رغم تأكيد البعض انها لم تصدر عنه ولكن ما يهمنا هو مضمونها وما اتت به في علاقة بثورة اكتوبر
جورجي بليخانوف هو شخصية ثورية عاصرت كارل ماركس وانجلز وتبنا دعوتهما ليؤسس انطلاقا من ذلك رابطة تحرير العمل التي التحق بها لينين فيما بعد وتعرف من خلالها على الفكر الماركسي وتعتبر كتابات بليخانوف خاصة "تطور النظرة الواحدية للتاريخ " ودور الفرد في التاريخ" ومقالاته في تاريخ المادية من افضل المؤلفات المتناسقة والمميزة والتي تتمتع بجاذبية في الدفاع عن الماركسية وشرحها بشكل واضح وعميق وهو ما دفع لينين نفسه الى الاشادة به ودعوة الشبيبة البلشفية الى الاطلاع على ما مؤلفاته خاصة الفلسفية
وتعتبر وصية بليخانوف التي نشرت في ملحق لجريدة" نيزافيسمايا جازيتا " سنة 1999 مثيرة للجدل حيث ذهب البعض الى رفض نسبتها لبليخانوف في حين اكد البعض عكس ذلك ولكن وانطلاقا الى اطلاعي على مجمل اعمال بليخانوف فان ما جاءت به الوصيه يتطابق مع منهج تفكير الرجل اجمالا ولا يتطرق الشك الا لبعض الجمل التي حملت قراءات وانطباعات ذاتية عكس ما يذهب اليه في الحديث عن الصراع الطبقي وتطور الراسمالية ومستقبل الطبقة العاملة فهي روح بليخانوف التي تتحدث منبها الى طريق البلاشفة المسدود والى انحرافهم عن احد اهم اسس الفكر الشيوعي الذي جاء لتحرير الانسان لا لاستعباده وعبادة السلطة وتنبا في رسالته بسقوط الثورة وانحسار النضال العمالي وتراجعه اما قدرة الرأسمالية على استيعاب التناقضات الاجتماعية وتطوير نفسها وهي نبوءة اذا امعنا انطلاقا من معايشتنا للرأسمالية حاليا امر مبهر يدفعنا للتعاطي مع الوصية بكل جدية ممكنة
اكد بليخانوف على ان التطور التكنولوجي الهائل واعتماد الطاقة الكهربائية ويمكن ان نؤيد ذلك باكتشاف الطاقة النووية واختراع الالة سيحول الطبقة العاملة الى انتلجنسيا اي الى طبقة اخرى ارقى لن يعود همها النضال من اجل تخفيض ساعات العمل لان الالة والمكننة ستحل المشكلة بل اضيف ان العالم مسكون بهواجس اختراع الروبوت الذي سيحل محل العامل وقد تسير الطبقة العاملة برمتها الى الاضمحلال . ان ما اشر اليه بليخانوف ندرك ان مسيرة التاريخ تحققه فعلا وهو ما يكشف فهمه العميق جدا للمادية التاريخية ولتطور مجرى الصراع الطبقي
سيبدو للقارئ ولوهلة ان الماركسية انتهت او ستنتهي قريبا بانتهاء الطبقة العالمة كحتمية للتطور التكنولوجي والطاقي الهائل ولكن واقع الحال ان بليخانوف يقدم قراءة فريدة تؤكد ان الطبقة لن تضمحل بل ستتحول الى طبقة مثقفة ومتعلمة ومنتجة للمعرفة وتلعب دورا تاريخيا كطبقة مستقلة عن البرجوازية وحاملة لمشعل الافكار الانسانية والتقدمية ( ليس غريبا ان طلائع القوى المدافعة عن القيم الانسانية والديمقراطية في عصرنا هو من جذور يسارية ) ويؤكد هنا ان طبقات جديدة ستشكل وسيجري الصراع الطبقي بشكل جديد تماما وستبقى الحاجة الى التغيير الاجتماعي لكن علينا الاخذ في الاعتبار ان العامل سيرتقي وان مجرى التطور العامل سيفرض الحاجة اليه بشكل مختلف اي كانسان متعلم ومثقف ومتمكن من احد فروع العلم والمعرفة ومطالب لا بحقوقه الدنيا بل بالحق في الرفاه اذن فلن يكون امامنا مستقبلا طبقة عاملة تنادي بتخفيف اعباء العمل وتحديد ساعاته بل بالحق في السياحة بعد ان اقر العالم واجب الدولة في توفير الحماية الاجتماعية للعمال وحقوق النقل والتعليم والصحة وغيرها من حقوق اساسية اصبحت الراسمالية ومنظروها يدافعون عنها بعد ان رفع لوائها الماركسيون لعقود
لقد رأى بليخانوف ان البلشفية هي تعبير عن البروليتاريا المتخلفة الفوضوية وان فكرها ما هو الا مزيج من الماركسية مضاف اليه باكونية عنيفة ولا ارى بليخانوف قد جانب الصواب ولكن حقيقة البلاشفة هذه اعتبرها ضرورة تاريخية في مواجهة القيصرية الرجعية المتخلفة والحاجة الى النهوض بالمجتمع الروسي لم تكن لتنتظر نضج شروط موضوعية واعتبر ان نجاح لينين قد اكتسب من تعويضه لعدم نضج الشروط الموضوعية ببناء الحزب الحديدي بطابعه العسكري ورغم الحبر الذي سال حول نجاحات الثورة البلشفية فاننا لا يجب ان ننكر ان الطبقة العاملة الروسية انذاك كانت لا تزال في بداية نشأتها وأمام ترامي اطراف روسيا وضعف الوسائل الدعائية من المحال ان نصدق ان الثورة كانت نتاجا لطبقة واعية تمام الوعي بمهامها بل هي نتاج لحزب ثوري اقتنص اللحظة المناسبة لوضع الشعار المناسب في يد الجماهير الغاضبة والمحتجة بقيادة محترفين ثوريين وهو ما يحسب للينين رغم احتجاج بليخانوف على ذلك
غير ان بليخانوف اشار الى عواقب هذا التمشي وأستطيع القول ان لينين نفسه كان واعيا بهذه العواقب في سجاله مع روزا لوكسمبرغ حين تمسك بحزب الثوريين المحترفين وتمسكت روزا بمقولة الحزب الجماهيري فقد تبعت الثورة البلشفية حرب اهلية طاحنة هي نتاج طبيعي للامساك بالسلطة من قبل حزب يستطيع قيادة الجماهير في لحظة ما دون ان يكون هو ذاته حزبا جماهيريا كما ان تصدير الثورة يعتبر حلا تغذيه مقولة ماركس حول الثورة الدائمة وهو ما تفطن اليه تروتسكي في محاولة لتصدير ازمة الثورة ذاتها غير ان روسيا كانت محاطة بضواري امبريالية دفعت ستالين الى نبذ سعار الثورة الدائمة اعتبارا الى انه خاطئ التطبيق في تلك الظروف بالذات كما ان عدم نضج الظروف للانتقال الى البناء الاشتراكي دفع لينين الى اقرار سياسة النيب والسماح بتطور محدود للرأسمالية في محاولة للتعويض عن تخلف التطور الاجتماعي
اعتبر ان ما لم يفهمه بليخانوف هو امكانية الانتقال من وضع اجتماعي الى وضع اخر دون حاجة الى المرور بحالة وسيطة فلا يمكن ان ننتظر تطور المجتمع راسماليا حتى ننتقل الى مرحلة البناء الاشتراكي وهو ما يؤكده العلم الذي يثبت لنا مثلا ان الماء قد ينتقل من حالة صلبة الى غاز دون مرور بمرحلة السائل شرط توفر حرارة وضغط معينين وهذا ما لم يدركه بليخانوف برفضه الثورة ودعوته الى الانتظار
اجمالا فان قراءة وصية بليخانوف تفتح افقا جديدا في فهم شخصية لينين وفهم الثورة البلشفية نفسها خاصة مع تحولها فيما بعد من اداة للتحرر الانساني الى بلد الستار الحديدي المنغلق ورغم رفضنا للتشويهات الامبريالية حول دموية البلاشفة خاصة ستالين فاننا لا يجب ان نصرح ان روسيا البلشفية كانت واحة للديمقراطية وحرية التعبير وعلينا ان نقر بذلك لان الامبريالية نفسها بحصارها للاتحاد السوفياتي فرضت عليه الانغلاق وعرقلت تطوره وهي تتحمل مسؤولية كل انتهاك حصل اضافة الى ان البرجوازيين ومنظريهم من الليبراليين ليسوا مدافعين جيدين عن حقوق الانسان والديمقراطية خاصة وأنهم اول من استخدم السلاح الذري ضد الانسانية واستعمروا مختلف دول العالم ونكلوا بشعوبها
ما اردت قوله ان القراءات الوردية لا تسمح بالذهاب بعيدا في معركة الانتصار للماركسية بل تجعل من الماركسيين مجرد انصار طريقة صوفية يرددون بكل غباء مقولات دون تنزيلها في ياقها التاريخي وهو ما جعل وبشكل عام الشيوعيين خاصة في تونس يطنبون في النقاش حول الثورة الشيوعية ولكن يذهبون بعيدا عنها في الممارسة وسرعان ما يسقطون في مستنقعات الانتهازية معللين ذلك بان الايدولوجيا الماركسية مجرد حلم جميل غير قابل للتحقيق ومبررين كل اشكال التنازل النظري والفعلي .
ان قراءة التاريخ بشكل علمي وموضوعي وبعيدا عن الانتصار لهذا او ذاك وبشكل عقلاني يؤكد بلا جدال اهمية وضرورة الشيوعية وحتميتها التاريخية ومن هنا تسائلت ماذا بقي من وصية بليخانوف لا بهدف الانتصار له بل بهدف الدعوة الى قراءة علمية لكل الشيوعيين الذي انتقدوا تجارب شيوعية بحثا عن الحقيقة فيما ذهبوا اليه وتنزيل ما جاؤوا به على ارض تلك التجارب حتى ندفع بعملية الثورة الى الامام



#احمد_الذوادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى السادسة لرحيل الطاهر قرقورة : الانبياء لا يورثون
- منطلقات جديدة للعمل السياسي والمدني
- اليوم العالمي للعمال : ليس مجرد ذكرى..
- العمل النقابي الطلابي :مدخل عام
- الشعب ثوري واليسار ليبرالي
- صراع المعارضة في تونس


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- الإنسان يصنع مصيره: الثورة الروسية بعيون جرامشي / أنطونيو جرامشي
- هل ما زَالت الماركسية صالحة بعد انهيار -الاتحاد السُّوفْيَات ... / عبد الرحمان النوضة
- بابلو ميراندا* : ثورة أكتوبر والحزب الثوري للبروليتاريا / مرتضى العبيدي
- الحركة العمالية العالمية في ظل الذكرى المئوية لثورة أكتوبر / عبد السلام أديب
- سلطان غالييف: الوجه الإسلامي للثورة الشيوعية / سفيان البالي
- اشتراكية دون وفرة: سيناريو أناركي للثورة البلشفية / سامح سعيد عبود
- أساليب صراع الإنتلجنسيا البرجوازية ضد العمال- (الجزء الأول) / علاء سند بريك هنيدي
- شروط الأزمة الثّوريّة في روسيا والتّصدّي للتّيّارات الانتهاز ... / ابراهيم العثماني
- نساء روسيا ١٩١٧ في أعين المؤرّخين ال ... / وسام سعادة
- النساء في الثورة الروسية عن العمل والحرية والحب / سنثيا كريشاتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا - احمد الذوادي - مئوية الثورة البلشفية :ماذا بقي من وصية بليخانوف