|
زكي درويش ..شكراً لك !
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 5651 - 2017 / 9 / 26 - 15:26
المحور:
الادب والفن
بالغبطة والحبور تلقيت نبأ حصول الكاتب القصصي الفلسطيني زكي سليم درويش ، ابن البروة المهجرة ، المقيم في الجديدة الجليلية ، وشقيق شاعر فلسطين الكبير الراحل محمود درويش ، والمربي والسياسي والكاتب احمد درويش ، على جائزة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب ، التي تمنح سنوياً للسرد .
وهذه الجائزة هي تكريم وتقدير لفلسطين الأم ، التراب ، الوطن ، الهوية ، التراث ، اللغة ، والثقافة الديمقراطية الملتزمة .
فشكراً لك زكي درويش ، يا صاحب الباع الطويلة في السرد القصصي ، وصاحب القلم البارع في التوصيف والتصوير السردي ، يا من نجحت في اقتناص هذه الجائزة التقديرية النفيسة التي تعني لنا الكثير نحن الفلسطينيين المقيمين الصامدين فوق ارضنا ، المنزرعين عميقاً حتى الجذور في تراب وطننا المقدس الغالي .
شكراً لك يا من تكتب روحنا بدم شهداء يوم الأرض ويوم القدس والأقصى على أوراق سنديان وزيتون الجليل الذي يتحدى جرافات المصادرة والتهويد ، وتنقش بحروف مضيئة حنين وشوق المهجرين والمشردين في الخيام السود ، الى ثرى الوطن وصباره وزعتره وعيون مائه ،وهم يحملون في جيوبهم مفاتيح العودة الى ديارهم وقراهم الفلسطينية المهجرة .
شكراً لفلسطين التي انجبت زكي درويش ورفاقه من الكواكب الادبية والثقافية من عشاق الالتزام الوطني والواقعية ، الذين سطروا بحروف من نور سفر الكفاح والحرية والعودة .
يعد الفائز زكي درويش من القامات والعلامات البارزة في الأدب القصصي والروائي الفلسطيني ، والأسماء السردية الوازنة في الداخل الفلسطيني ، اعتلى خشبة المسرح بخطى فسيحة ، وقدم راسخة ، ليطلع شمساً جديدة مشرقة في سماء القصة القصيرة والطويلة ، وعرفناه منذ زمن بعيد حين بدأ ينشر كتاباته في صحيفة " الانباء" ومجلة " الشرق " الشهرية التي كان احد اعضاء هيئة تحريرها في بداياتها ، وفي دورية " الاسوار " العكية ، واحتفينا به قاصاً مبدعاً اثرى خرانة أدبنا الواقعي بما هو هادف وجاد ومدهش .
استوعب زكي درويش المعارف الانسانية وحركة التاريخ ، والأساليب الفنية القصصية الابداعية ، واستطاع بموهبته الفذة ، وامتلاكه ناصية اللغة والخيال القصصي ، وتوقد عواطفه وفكره، تخطي كل الأشكال والمضامين التقليدية السائدة ، ونجح في النفاذ في عمق وذكاء الى آفاق مشاكل وقضايا مؤرقة يطرحها واقعنا الصاخب المعقد ، وزماننا الذي يكاد يقذف كل قيمنا وحضارتنا ومكتسباتنا في هوة الموت السحيق الفظيع .
قصة زكي درويش هي زغزودة طويلة للحياة ، وأنشودة حب وعشق يرتفع ويسمو بها صوت وخيال فنان مبدع كبير القلب قدر ما هو كبير المعرفة ، ولعل أكبر قدراته وأهمها تتمثل في أنه أزال نهائياً ذلك الحاجز غير المنظور الذي يفصل بين الكاتب وبين ناسه ، مهما اشتد حبه لهم ، وهي صور من واقع مجتمعنا ومن صميم حياتنا الاجتماعية والسياسية التي نعيش وسط معمعانها . انه يعرف تمام المعرفة شخوصه وناسه ، ويحبهم في اخلاص طبيعي ، وكان جالسهم طويلا ً كواحد منهم ، وهذا -حقاً وصدقاً - شيء عظيم .
زكي درويش يكحل عيوننا في الصباح مع فنجان القهوة وصوت فيروز المخملي الملائكي ، في ومضاته وبرقياته على صفحته الفيسبوكية ، فيدهشنا بأفكاره النيرة وكلماته الرشيقة واسلوبه المشوق الجذاب ، وقد راقني ما كتبه من وصف عن نفسه ، قائلاً :
" لم ادع الى حفل أمير ، لم أشارك في جنازة وزير ، لم ادخل قصراً ، لم اجلس في الصفوف الاولى ، لم أسافر في الدرجة الاولى ، لا احفظ قصيدة مدح ، ولا قصائد هجاء ، لا اذكر قصيدة رثاء ، لم اقتن ملابس أو أحذية "mad in" .
لا أحب الطعام ، لا أثقل في الشراب ، افضل سماء الشتاء على سماء الصيف ، والليل على النهار ، معلوماتي في الموسيقى بائسة ، وفي الرسم تدعو الى الرثاء ، اذكر الوجوه وأنسى الأسماء ، لا أحب القطط وأكره الكلاب ".
هنيئاً لك زكي درويش ، وهنيئاً لنا جميعاً ، وهنيئاً لفلسطين بهذه الجائزة التقديرية ، وشكراً بحجم السماء ، وبحجم كل كلمات قصصك ، كونك حققت انجازاً ابداعياً لنا نحن المتمسكين بالحياة في وطننا الذي لن نرضى بديلاً له ، ولحركتنا الثقافية الفلسطينية التي شكلت دوماً رافداً من روافد الكفاح ومقاومة المشروع الصهيوني الرامي الى تشويه تاريخنا وتذويب هويتنا واغتيال تراثنا الاصيل .
انها فعلاً جائزة عن استحقاق وجدارة تليق بزكي درويش ، سارداً جميلاً بارزاً ملتزماً بهموم وقضايا شعبنا الوطنية ، قدم للثقافة الفلسطينية الكثير من العطاءات والمنجزات الابداعية والمعرفية ، وكما قال الشاعر الفلسطيني مراد السوداني ، الأمين العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين : " اننا نرى في هذه الجائزة شرفة ضوء وسيعة لتبديد الغربة والحصار عن ثقافة اهلنا في فلسطين العام ١٩٤٨الذين بقيت انساغهم الخضراء لافحة وشاهقة ، رغم التراب الذي غمرها ، فنهضت بما يليق بثقافتنا العميقة والمقاومة ، وحافظت على صورتها وبهائها ، فهي لا تغيب ولا تغيب ، ليواصل كتابنا تدوين روايتهم في رواية النقيض الاحتلالي واستطالاته .
زكي درويش مبروك ، والمزيد من جوائز الاستحقاق وشهادات التقدير ، لك الحياة ودوام العطاء ، ولك محبتنا الفياضة العابقة بعطر الحبق وياسمين الجليل .
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطاب اسلامي تنويري في مواجهة الارهاب الداعشي المتطرف ..!!
-
في ذكرى الرحيل الموجع : نواف عبد حسن .. وهج القصيدة وألق الف
...
-
الذكرى الستون لمجزرة صندلة ..!
-
نظرة نقدية في ثقافتنا العربية المعاصرة ..!
-
صوت المثقف العراقي الغائب ..!!
-
رحيل آخر العاشقين العراقيين اليهود ، البروفيسور شموئيل موريه
...
-
رحيل المناضل السوري باسم عبدو
-
في الراهن السياسي
-
ليلغ حكم الاعدام بحق اشرف فياض
-
صلاح العمروسي .. وداعاً
-
يوسف الصديق مفكر تنويري تونسي
-
خليل كلفت فارس الفكر والنضال الذي ترجل
-
يعقوب قوجمان نموذج للمناضل العنيد
-
الى محمد بركة قائداً ومناضلاً
-
الكاتب والمناضل الدكتور محمد أيوب .. وداعاً يا ابن المخيم
-
حوار مع الشاعرة الفلسطينية سلمى جبران
-
في نقد الموقف المصري ..!
-
ورحل (الخال) شاعر الغلابة عبد الرحمن الأبنودي
-
أهداف العدوان السعودي على اليمن
-
مخيم اليرموك .. آه يا جرحنا النازف
المزيد.....
-
فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
-
وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف
...
-
-الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال
...
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|