أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - فلسفة هيغل ودورها التاريخي (3-3)















المزيد.....

فلسفة هيغل ودورها التاريخي (3-3)


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 5614 - 2017 / 8 / 19 - 14:46
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



**اعادة صياغة
لقد احتاج الأمر الى عبقرية ماركس من اجل العثور على النواه العقلانية لديالكتيك هيغل، في خفايا مذهبه المثالي والإبقاء على هذه النواة. ان هذه النواة العقلانية تكمن في التأكيد بأن كل شيء في العالم يوجد في تغير وتطور وأن التناقضات الداخلية هي مصدر هذا التطور، ولكن من اجل فصل هذا المذهب التقدمي للتطور عن القشرة المثالية كان من الضروري صياغة ديالكتيك هيغل من جديد صياغة جذرية على أساس مادي. وهذا أمكن من خلال جمع المادية مع الديالكتيك في وحدة لا تنفصم عراها.





لقد نوه إنجلز بدور هيغل البارز في بناء الفلسفة الديالكتيكية، ولكن اشار إنجلز في الوقت نفسه الى ان الموضوعة التي صاغها أعلاه بصدد الجوهر الثوري حقا للتفكير الديالكتيكي لا ترد في أي من مؤلفات هيغل. فلماذا لم يقترب هيغل نفسه من تلك الاستنتاجات الجذرية التي تنبع بصورة محتمة من تطبيق الطريقة الديالكتيكية بدأب وانسجام؟؟ ان إنجلز يرى سبب هذا في كون الطريقة الديالكتيكية في مذهب هيغل لا تضطلع في نظامه الفلسفي بالدور الحاسم بل بدور ثانوي.
ذلك ان هيغل، حين انتقد نظرات سابقيه لم يستطع ان يتغلب كليا على الفهم الخاطئ السائد بينهم لمكان الفلسفة ودورها في المجتمع. وهذا أدى الى ظهور تناقضات عديدة في قلب المذهب الهيغلي.
ومن هذه التناقضات كان انكار هيغل لقدرة الطبيعة على التطور، فبما ان الطبيعة هي نتاج الفكرة المطلقة، فقد كان لا بد لها من ان تنشأ كلها على الفور. وعلى الفور كان ينبغي ان يظهر كل الواقع الطبيعي المتنوع الذي لا يفعل فيما بعد غير ان ينتشر في المكان، ولكن لا في الزمان، الامر الذي هو شرط ضروري للتطور الفعلي.
والمفهوم الهيغلي عن العملية التاريخية التي تنقسم الى ثلاث مراحل هو ايضا متناقض جدا. فإن المرحلة الاولى (ويربطها هيغل بتاريخ شعوب الشرق القديم) تتميز بكون الانسان لا يعي بعد جوهره الحر، ولذا كان الجميع هنا عبيدا. وفي المرحلة الثانية من التاريخ العالمي (العالم القديم) اخذ بعض الناس يعون ان الحرية انما هي جوهر الانسان، ولكن الأغلبية لم ترتفع بعد الى هذا المستوى من تطور الوعي وظلت في وضع العبيد. أما المرحلة الثالثة فإنها تتصف ببلوغ الحرية العامة لأن جميع الناس يعون جوهرهم الحر الحقيقي، ويجري هذا في العالم المسيحي والمانيا هي ذروة عملية الوعي الذاتي هذه.
وهكذا أعلن هيغل ان الملكية البروسية المتخلفة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، والمصلحة قليلا جدا فقط بدستور دمقراطي معتدل هي صورة مجسدة عن الروح المطلق وذرة التطور التاريخي.
ثم ان وصف هيغل لفلسفته ليس اقل تناقضا. ففي البدء يجعل هيغل من الحقيقة السرمدية وعملية تطور الوعي البشري اللامتناهية أمرا واحدا. ولكن هيغل يرى نفسه مضطرا الى ان يضع حدا لهذه العملية لأن منهجه الفلسفي، مثل أي منهج آخر، كان يتطلب نهاية، والسبيل الى هذه النهاية كان واحدا: الفكرة المطلقة التي تنطوي عملية تطورها وانتشارها على تطور البشرية التاريخي، كان لا بد لها ان تدرك نفسها بالذات، ويعلن هيغل فلسفته تلك النقطة التي يجري فيها ادراك الفكرة المطلقة لنفسها بنفسها، وبالتالي لا تنتهي عملية المعرفة وحسب، بل ينتهي ايضا تاريخ البشرية.
ويستخلص إنجلز قائلا حول ذلك: "ولكن هذا يعني ان كل ما هو عقائدي جامد في منهج هيغل يعلن الحقيقة المطلقة، وهذا ما يناقض طريقته الديالكتيكية التي تنسف كل ما هو عقائدي جامد، وهذا يعني خنق الجانب الثوري بضغط الجانب المحافظ المضخم الى ما لا نهاية له، لا في ميدان المعرفة الفلسفية وحسب، بل ايضا في مجال النشاط التاريخي". (ماركس إنجلز مختارات في ثلاثة مجلدات المجلد 3، الجزء 2 صفحة 191) كتب إنجلز يقول: "كان هيغل مثاليا، أي ان افكار رأسنا لم تكن، في نظره، انعكاسات للاشياء والعمليات الواقعية مجردة نوعا، بل بالعكس كانت الأشياء وتطورها في نظر هيغل، انعكاسات متجسدة "لفكرة" ما كانت موجودة قبل نشوء العالم في مكان ما، وبذلك قلب كل شيء رأسا على عقب وشوهت تماما الصلة الفعلية بين ظاهرات الكون. ولهذا كان لا بد لمنهج هيغل رغم تفهمه بفائق الصحة والعبقرية بعض الصلات الفردية بين الظاهرات، من ان يبدو حتما في كثير من جوانبه، للأسباب المنوه بها متكلفا مصطنعا، ملفقا، أي مشوها. فكان منهج هيغل بوصفه منهجا طرحا هائلا، ولكنه الطرح الأخير من نوعه وفضلا عن ذلك كان هذا المنهج ينطوي على تناقض داخلي لا شفاء له، فمن جهة كانت مقدمته الجوهرية تتلخص في النظر الى تاريخ الانسانية بوصفه عملية تطور لا يمكن لها بحكم طبيعتها بالذات، ان تبلغ خاتمتها العقلية في اكتشاف حقيقة مطلقة مزعومة، ولكن منهجه يدعي من جهة اخرى، بأن يكون خاتمة هذه الحقيقة المطلقة، ان منهجا لمعرفة الطبيعة والتاريخ يشمل كل شيء وموضوعا مرة واحدة بصورة نهائية يتناقض مع قوانين الفكر الديالكتيكي الاساسية، الأمر الذي لا ينفي بل يفترض بالعكس ان معرفة العالم الخارجي قاطبة بدأب وانتظام يمكن لها ان تخطو خطوات الجبابرة الى امام من جيل الى جيل".
ويضيف إنجلز:
"ان إدراك الواقع التالي وهو ان المثالية الألمانية القائمة هي كاذبة تماما، قد أدى لا محالة الى المادية" (ماركس إنجلز مختارات الجزء الثالث صفحة 94). ان التناقضات الملازمة لفلسفة هيغل لم تنبع من خصائصها الداخلية وحسب، ففي كثير من الجوانب نبعت كذلك من الظروف الاجتماعية الخاصة للواقع الالماني في ذلك الزمن. كانت الفلسفة الكلاسيكية الالمانية وثيقة الارتباط بمصالح البرجوازية واشتركت في تكوين مفاهيمها ومثلها الاجتماعية والسياسية، أما تحول البرجوازية الالمانية الى طبقة سائدة فقد رافقته مضاعفات وتعقيدات كبيرة وجرى ببطء بالغ، مثله في ذلك مثل قيام وتوطد اسلوب الانتاج الرأسمالي بوصفه الاسلوب الحاسم في حياة المانيا الاقتصادية، ثم ان البرجوازية الالمانية، المصابة بالتشتت، الضعيفة اقتصاديا كانت ايضا ضعيفة ومترددة سياسيا، وخلافا للبرجوازية الفرنسية من قبل الثورة لم تطمح الى الاستيلاء على السلطة بالعنف بل سعت الى توفير ظروف وشروط أفضل لأجل تطور الصناعة والتجارة عن طريق الاتفاق مع القوى الاقطاعية السائدة، وأقدمت على المساومة مع الطبقة البائدة بقدر من الرغبة أكبر بكثير مما اقدمت على التحالف مع الشعب الثوري.
ولكن الجانب المحافظ من فلسفة هيغل، حتى رغم انه ه،يغل نفسه مال اليه على الأغلب – لم يستطع ان يخنق كليا جانبها الثوري الديالكتيك.
وان المفهوم العام عن العملية التاريخية بوصفها عملية مشروعة، محتمة، ضرورية، والافكار الديالكتيكية العبقرية التي صاغها هيغل فيما يتعلق بجميع ميادين المعرفة – كل هذا جعل مذهبه يسترعي لزمن طويل، لا انتباه الفلاسفة وحسب بل ايضا وعلى العموم انتباه جميع الناس المتعلمين في ذلك الزمان وعلى الدوام كان تأثير نظرات هيغل في تطور الفلسفة وكل الميدان الروحي في المجتمع يشتد لا في السنوات الاخيرة من حياة هذا المفكر، بل ايضا بعد وفاته في سنة 1831.
وفي النهاية نستطيع ان نقول بأن منجزات الفكر الفلسفي تجلت أكثر ما تجلت في نهاية القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، ان أقرب اسلاف ماركس وإنجلز في ميدان الفلسفة هما الفيلسوف المثالي الألماني هيغل (1770 -1831) والفيلسوف المادي الألماني البارز لودفيغ فورباخ (1804 – 1871) ان مذهب هيغل الفلسفي كان ذا قيمة كبرى لكونه احتوى على فكرة التطور – الديالكتيك. اما مذهب فورباخ الفلسفي فتضمن اسطع فهم مادي للطبيعة في ذلك الوقت. وقد طرح لودفيغ فورباخ بقوة جديدة مسألة ضرورة النضال ضد المثالية.
وهنا لا بد أن نؤكد بأن من أروع نتائج الانقلاب الثوري الذي انجزه ماركس وإنجلز هو انشاؤهما للفلسفة الماركسية أي المادية الديالكتيكة، والتي هي أتم وأشمل نظرية عن التطور، من خلال توحيد المادية والديالكتيك في مذهب موحد وكامل هو المادية الديالكتيكية وتطبيقه على تاريخ المجتمع.
لقد احتاج الأمر الى عبقرية ماركس من اجل العثور على النواه العقلانية لديالكتيك هيغل، في خفايا مذهبه المثالي والإبقاء على هذه النواة. ان هذه النواة العقلانية تكمن في التأكيد بأن كل شيء في العالم يوجد في تغير وتطور وأن التناقضات الداخلية هي مصدر هذا التطور، ولكن من اجل فصل هذا المذهب التقدمي للتطور عن القشرة المثالية كان من الضروري صياغة ديالكتيك هيغل من جديد صياغة جذرية على أساس مادي. وهذا أمكن من خلال جمع المادية مع الديالكتيك في وحدة لا تنفصم عراها.
وفي النهاية فقط بامتلاك جماهير الشعب الكادح والطبقة العاملة لا بل كل الناس المعارف الفلسفية العلمية الماركسية يصلون الى الاعتقادات الراسخة ويذودون بثقة عن مصالح شعبهم ويدافعون عن حرية واستقلال الشعوب وإحداث التراكمات من اجل إحداث الثورة الاجتماعية والقيام بنضالات عظيمة من اجل السلم وبناء مجتمع المستقبل مملكة الحرية على الأرض.

المراجع:
- ماركس إنجلز – مختارات
- مبادئ ما هي الثورة – سيرتسوفا ياكوفليفا
- ملامح المستقبل – بغاتوريا
- مدخل الى المادية الجدلية – موريس كورنفورت
بصدد مؤلف إنجلز – "لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية – كوزنيتسوف



#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة هيغل ودورها التاريخي (2-3)
- فلسفة هيغل ودورها التاريخي
- أهمية دمج الفكر الماركسي مع نضال الحركة العمالية والنضال الط ...
- أهمية دمج الفكر الماركسي مع نضال الحركة العمالية والنضال الط ...
- الفلسفة الماركسية وتطور المجتمع
- المنهج الجدلي - مقدمة لدراسة الديالكتيك
- حول دور روسيا في سوريا – وبداية نهاية هيمنة القطب الواحد
- مداخلة حول القانون الجدلي للتطور الاجتماعي
- وجهة نظر جدلية نقدية للحاضر
- فريدريك انجلز -الأنا- الثانية لماركس
- أمريكا وآل سعود
- مقاومة محور الشر ضرورة موضوعية وتاريخية
- مدخل إلى المادية الجدلية 5
- مدخل إلى المادية الجدلية (4)
- مدخل إلى المادية الجدلية (3)
- مدخل إلى المادية الجدلية (2)
- مدخل إلى المادية الجدلية (1)
- دور روسيا في إفشال خريطة طريق أمريكا لإعادة هيكلة الشرق الأو ...
- الصهيونية حركة كولونيالية
- قراصنة العصر


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - فلسفة هيغل ودورها التاريخي (3-3)