أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم مشارة - الدين في خدمة الاستعمار قصة نشأة مسجد باريس















المزيد.....

الدين في خدمة الاستعمار قصة نشأة مسجد باريس


إبراهيم مشارة

الحوار المتمدن-العدد: 5553 - 2017 / 6 / 16 - 01:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحفة هندسية رائعة في قلب الدائرة الخامسة بالقرب من متحف التاريخ الطبيعي إنه مسجد باريس، ترتفع شامخة منارته المبنية على الطراز المغربي والأندلسي وتتوسطه حديقة جميلة ،الهندسة مغربية تستوحي كذلك بدائع العمران في الأندلس ،الزليج والرخام والقبة والآيات القرآنية كلها تعود بك إلى الإسلام في عز مجده يوم كانت قرطبة منارة العالم الثقافية وكذلك القيروان وفاس، حين تدخل وتتمشى في الحديقة لتخلص إلى الصحن البديع المربع والمغطى ثم إلى قاعة الصلاة لا تنفك رائحة البخور تتسلل إلى أنفك ، فتنتشي الروح وتشرق على الجوهر الإنساني بنور ربها في قلوب سليمة الفطرة تنظر بنور الله ،صمت وسكينة تسير الهوينى خاشعا ويسرقك الجمال حينا آخر من رحاب التأمل والخشوع فتنبهر بجلال وجمال الهندسة والألوان والصحن وقاعة الصلاة التي صارت ضيقة لا تسع المصلين كثيرا وفي الجمعة إذا وصلت متأخرا لن تجد مكانا للصلاة حتى في الحديقة وحتى بالقرب من الميضاء عليك أن تبكر وإلا تعقدت أمورك، ما يلفت نظرك في القاعة هو المنبر الذي أهداه الملك فؤاد للمسجد، من هنا مر كبار رجال الإسلام في القرن العشرين شكيب أرسلان، مالك بن نبي، رجاء جارودي ،موريس بوكاي، مراد هوفمان،محمد الغزالي ،البوطي، وحتى رجال الاستشراق جاك بيرك،لويس ماسينيون بلاشيروغيرهم،يتوفر المسجد على معهد الإمام الغزالي ومكتبة تضم هدايا من الملك فؤاد الكرسي،الخزانة، وقفت أتأمل الكتب وإذا بفوج من السياح يدخل رفقة الدليل وكان رجلا مكتهلا أسود يشرح لهم حقيقة الإسلام وجوهره ومزاياه ويقارن بينه وبين المسيحية حين فرغ سألته :
-هل أنت مسلم بالميلاد؟فأجاب :
-كلا ولدت مسيحيا وأنا مسلم منذ 42عاما .
-وما موطنك الأول ؟
-أثيويبا.
تذكرت للتو مقولة لرجاء جارودي لما سئل عن سبب إسلامه فرد:(فتحت التوراة فلم أجدعيسى وفتحت الإنجيل فلم أجد محمدا وفتحت القرآن فوجدتهم جميعا).إنهافسيفساء الألوان الحمراء والسوداء والبيضاء والصفراء تنقلب لونا واحدا بنور السماء تماما كالضوء تراه أبيض ولكنه سبعة ألوان. كثيرا ما أنفعل بإسلام السود يبدو لي نقيا عفويا طيبا أريحيا، مرة جلست مع شيخ سنغالي في حديقة وكان الرجل يلقي فتات الخبز إلى الحمام فقلت له:
-أتحب الحمام؟
فرد:
-نعم أحبه لأنه موه على المشركين في غار ثور
عقب الجمعة جلست إلى شيوخ سود يتلون الفاتحة والإخلاص والمعوذتين مرات ويصلون على النبي-عليه السلام- مرات ومرات ثم يصافحون بعضهم البعض ويقدمون التهنئة إلى بعضهم البعض بتمام أداء الفريضة، أحسست إحساسا عجيبا الوهج الرباني في الوجوه السود وتذكرت محمد علي كلاي ومالكوم إكس .... وفي زاوية المسجد مقهى ومطعم عربي يقدم الأكلات المغربية والشاي المغربي بالنعناع، مر على عمادة مسجد باريس كثيرون بن غبريط الشيخ حمزة أبو بكر الشيخ عباس بن الحسين، تيجاني هدام والدكتور دليل أبو بكر ، وأكثرهم أهمية الشيخ حمزة أبو بكر مترجم القرآن إلى الفرنسية،ثم الشيخ عباس بن الحسين ،ولكي تلقى العميد تقدم طلبا ، في الفناء نصب تذكاري للمسلمين الذين ماتوا جنودا في القوات الفرنسية في الحرب العالمية الأولى والثانية وقبالة النصب قبر عبد القادر بن غبريط أو قدور بن غبريط ،وقفت قبالته تأملت فيه طويلا وتذكرت المقالة التي كتبتها على صفحتي سابقا:
أحدثكم عن شخص صادفت اسمه في كتب قيمة فرغت من قراءتها لا شك في قيمتها العلمية والتاريخية والأدبية أما الشخص فهو قدور بن غبريط وأما الكتاب الأول فهو مذكرات شاهد على القرن لمالك بن نبي يصف فيه مسجد باريس بأنه صار إقطاعا لبن غبريط وأما الكتاب الثاني فهو "وحي الرسالة "للأستاذ أحمد حسن الزيات ص168 الجزء الرابع حيث ذكر الأديب أحمد حسن الزيات أنه حضر تدشين "مسجد" باريس في 1926، واتّسخت أذناه مما سمع من التزلف والتملق لفرنسا فلما جمعه لقاء ببن غبريط سأله: "كيف يبتهج العرب بعيد الحرية وهم عبيد؟" ويفتخرون بمجد فرنسا وهم أذّلة؟"، فلم يدعني أتمّ كلامي وإنما قاطعني محتدّا بقوله: "لا ياسيدي، ليس الفرنسيون بأكثر فرنسية منا، نحن نتمتع في ظلال الجمهورية بالإخاء الصحيح، والرخاء الشامل. وإن الجنود الجزائريين في الجيش والشرطة، والعمال المراكشيين والتونسيين في المصانع والمزارع يُعاملون بما يعامل به الفرنسي القحّ. أدام الله نعمة فرنسا على شعوب العرب، ونفع بعلومها وحضارتها أمم الإسلام وأما الكتاب الثالث فهو ذكريات باريس للدكتور زكي مبارك يقول فيه:فلما انتهى المصلون من قراءة ذلك الدعاء مشيت إلى ذلك الخطيب الفصيح
فسلمت عليه تسليم المعجب بإخلاص
– أحب أن أتشرف بمعرفة اسمكم الكريم
– أنا الفقير إلى لله زكي مبارك
– أهلا وسهلًا! يا سيد قدور تعال سلم على السيد مبارك
فالتفت فإذا السيد قدور بن غبريط يصافحني، فتأملت في وجهه طويلًا، وكنت
سمعت أنه سعى في إنشاء هذا المسجد ليخدم فرنسا! ولكني تيقنت الآن أنه خدم
دينه وبلاده حين استطاع أن يبني مكانًا للصلاة في باريس وفي جوار حديقة
النباتات، وصدق الإمام الغزالي حين قال:
.« طلبنا العلم لغير لله فأبى أن يكون إلا لله »
وواضح أن الدكتور زكي مبارك يقر أن عميد مسجد باريس كان عميلا لفرنسا وبنى المسجد ليتقرب إليها بتخدير وعي المهاجرين وتبييض صورة فرنسا أمام الرأي الدولي وزوار فرنسا وبقي كتاب آخر قرأته للدكتور عبد الله ركيبي عنوانه"مبارك جلواح من التمرد إلى الانتحار" وهذا الشاعر من قلعة بني عباس قرب أقبو مات منتحرا لكن ركيبي يورد هذه الجملة أنقلها بتمامها"وهناك رأي آخر يؤكد اغتيال الشاعر ولكنه يذكر أن السبب غير ما ذكرنا وهو رأي محتمل مثل الرأي السابق ويوعز سبب القتل صراحة إلى شخص معروف بولائه للإدارة الفرنسية وهو الشيخ بن غبريط الذي كان مفتيا وإماما بمسجد في فرنسا وعرف بولائه لفرنسا وإدارتها الاستعممارية في الجزائر وبسطوه ونفوذه لدى الفرنسيين ويقال إنه دس للشاعر وأوعز صدر الإدارة الفرنسية فاغتالته هذه الأخيرة وتآمرت عليه" .
حاول المغرب السيطرة على تسيير المسجد كما حاولت السعودية إلا أن الجزائر لم تسلم مقاليد الامور لأية دولة وقاومت بعناد كل المحاولات للسيطرة على المسجد، ولو أنني أحبذ تسامي دول العالم العربي عن الصراعات السياسية في بيوت الله والنظر إلى مصلحة الإسلام والمسلمين فوق كل اعتبار، ولكن للأسف حمأ السياسة لا يني يلطخ مصلحة الإسلام ومستقبله في أرضه وفي العالم.
مررت يوما بالدائرة التاسعة عشرة أظنه يوم السبت بحي يقطن به اليهود فاستقبلني شاب أبيض بدين:
- حضرتك يهودي؟
-لا، لم تسأل
-إننا نجمع المال للمدارس اليهودية.
صعقت من الخبر أنتم تجمعون المال للمدارس اليهودية وأنتم من أسس أول بنك في العالم بنك روتشيلد في فرانكفورت، وأنتم صيارفة العالم وثروته تحت أرجلكم. طبعا لم أقل له هذا الكلام ولكن قلته في نفسي ونظرت إلى حال المسلمين شيعة وسنة، ممالك وجمهوريات وإمارات ، تذكرت للتوقول أبي الطيب عن البلاد العربية:
في كل أرض وطئتها أمم** ترعى بعبد كأنها غنــــــم
يستخشن الخزحين يلبسه**وقد كان يبرى بظفره القلم
يا نواطير مصر والعراق والمغرب وتونس والسعودية طالت نومتكم والثعالب قد بشمت وما تفنى العناقيد، وعناقيد كرومنا مبذولة لأراذلنا ولسفلتنا والشركات متعددة الجنسيات .
جاعت الحرة وقد أكلت بثديها.



#إبراهيم_مشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبق الإباء من قمم جرجرة زيارة لضريح الزعيم حسين آيت احمد
- جمهورية مونمارتر
- عام في صحبة الدكتور علي شريعتي
- حكايات الميترو
- رسالة إلى أسير فلسطيني مروان البرغوثي مانديلا العرب
- دالية الحنين،عنقود الوفاء كأس العودة
- باقة ورد لكل عامل
- هوامش على متن أدب الرحلة سويسرا بعيون عربية
- الانتخابات العربية ودمى الماترويشكا
- ليالي القاهرة
- محمد أركون من الغربة إلى الاغتراب
- على خطى سارتر في مقهى دي فلور
- رحلة البحث عن رأس بوبغلة/ ملامح من قصة مناضل ضد الاستعمار
- في بيت هوجو
- في مملكة الجمال اللوفر في الآحاد
- حنين/ قصة الغربة،الشوق والموت
- قصتي مع السماء وأجرامها
- محنة العقل في الإسلام / أبو العلاء نموذجا
- أيام في الخليج
- كار بوكامل والحافلة الزرقاء/قصة الصراع بين القديم والجديد


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم مشارة - الدين في خدمة الاستعمار قصة نشأة مسجد باريس