أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - برجوازي صغير














المزيد.....

برجوازي صغير


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1448 - 2006 / 2 / 1 - 09:02
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


فرانسوا نوريسييه مؤلف هذا الكتاب هو أحد اعضاء اكاديمية «الغونكور» التي تمنح كل عام ومنذ بدايات القرن العشرين جائزة أدبية تحمل اسمها وتعتبر احدى أهم الجوائز، بل وأهمها على الاطلاق، من حيث المبيعات التي يحققها الكتاب الفائز. وقد كان بين الذين حصلوا عليها أمين المعلوف والطاهر بن جلون وقد اشتهر المؤلف كناقد أدبي وكروائي اشتهرت عدة أعمال له مثل «امبراطورية الغيوم» و«يتامى اوتيل» و«جسد ديانا»..
لكن شهرته الكبرى تعتمد في الواقع على كتاباته الخاصة بسيرته الذاتية ابتداء من كتاب «بورجوازي صغير» الذي يعود له اليوم من جديد بعد حوالي 40 سنة من طبعته الأولى وحتى «نقص العبقرية» الذي نشره خلال العام الماضي ومروراً بـ «متحف الانسان» المنشور عام 1978.
يبلغ فرانسوا نوريسييه اليوم الخامسة والسبعين من عمره، وهو مصاب بمرض «بركنسون» الذي دفعه نحو حالة من الضياع، كما يشير هو نفسه في كتابه الأخير «نقص العبقرية».
وهو يعود اليوم الى نشر أعماله السابقة الخاصة بسيرته الذاتية بعد ان قدمها وعلق عليها من موقعه الحالي بنوع من الاضاءات على الماضي «فلاش باك». وهكذا يعود فرانسوا نوريسييه الى الحديث عن السياق الأدبي الذي كان قد تم فيه نشر «بورجوازي صغير» للمرة الأولى عام 1963 وحيث كان يسود آنذاك تياران أدبيان تمثلا في الرواية الجديدة التي كان من أبرز رموزها الان روب غرييه و«الأدب الملتزم» مع جان بول سارتر وسيمون دوبوفوار وغيرهما.
ويؤكد فرانسوا نوريسييه من جديد بأنه يفضل كتاباته «الذاتية» على رواياته، ذلك ان الأدب بصيغة ضمير المتكلم يحمل دائماً في طياته الكثير من «المخاطرة» و «الكشف» وأحياناً «التحدي»، هكذا يؤكد بأنه لم يكن في الواقع «بورجوازياً صغيراً» عندما نشر كتابه وإنما كان ينتمي بالأحرى إلى أسرة من الحرفيين «لم يرث عنها شيئاً» ولكنه بالمقابل كان يحلم باستمرار بالانتماء إلى نمط من «البرجوازية المستنيرة، التقدمية، الحضارية»
وبالتالي شكلت هذه الفكرة المحور الأساسي الذي نظم حوله حياته وصداقاته وقراءاته ونشاطاته، وكان قد كتب في أحب جمل «بورجوازي صغير» ما يلي: «انني لست فخوراً بحياتي، ولا أحد نفسي ولا أحب حياتي» أما اليوم فإنه يرى بأن مثل هذه الجملة إنما كانت في الواقع بمثابة تعبير عن رغبته في ان يرى كل شيء من كل زواياه.. الأمر الذي يتماشى كثيراً مع نفس المنهج الذي اعتمدته النظرية التكعيبية في الفن ولا يتردد فرانسوا نوريسييه ان يقول اليوم بأنه إذا أراد ان يعيد كتابة هذه الجملة المأخوذة من «بورجوازي صغير» فإنها ستكون أيضاً أكثر عنفاً وأكثر راديكالية».
وتقول جملة أخرى في كتاب بورجوازي صغير ما نصه: «ان الكتابة لا تشكل سبباً للحياة وعلة للوجود، ولا يشكل أطفالي وأعمالي مثل هذا السبب، ولا شك بأن الانسان يحيى بشكل أفضل جداً بدون ان يكون هناك سبب وعلة لحياته» هذه الجملة أثارت الكثير من الانتقادات عند كتابتها.. واليوم يعترف فرانسوا نوريسييه بأنه كان قد عاش قبل اصدار كتاب «بورجوازي صغير» خمس سنوات كاملة، أسيراً للصمت وللغياب، اذ انه لم ينشر شيئاً وكان ممكناً ان تستمر تلك الحالة إلى ما لا نهاية في حياته ولذلك يعتبر بان كتاب «بورجوازي صغير» الذي «كسر فيه» الصمت الذي كان يلفه بمثابة كتابه الأول،
هذا على الرغم من انه كان قد نشر قبله بسنوات عملاً روائياً يحمل عنوان: أزرق من الليل» بل ويؤكد فرانسوا اندريسييه بأن أفق الابتعاد عن الكتابة لم يكن يثير لديه الكثير من القلق حيث كان قد استكان لمنطق اللاجدوى في كل شيء، ومع نشر «بورجوازي صغير» عادت الآلة للعمل من جديد.. ويقول المؤلف اليوم: «لقد أصبح عمل الكتابة سبباً وعلة لحياتي، انه نقطة تعلقي الوحيدة في العالم، والتي تمنحني اكسجين الحياة، لكن هذا لا يمنع واقع ان الثقوب تتكاثر في الشبكة».
ومع المسافة الزمنية يتحدث فرانسوا نوريسييه عن «عظمة» سن الشباب خاصة عندما يدرك المرء متأخراً للأسف بأن حياته تصبح فيما بعد نوعاً من النضال المستمر ضد المرض والانهاك وفقدان الذاكرة، وهذه اشارة جديدة لمرض باركنسون الذي يعاني منه المؤلف، لكنه يؤكد بالمقابل على اهمية ان يقيم الانسان علاقات متوازنة وسهلة مع الآخرين، إذ لا يمكن للانسان ان يبحث عن السلام مع نفسه عبر اعلانه الحرب على الآخرين».
من جهة أخرى يعترف فرانسوا نوريسييه بأنه لجأ طيلة حياته لتعاطي المنشطات والمحفزات من أدوية وغيرها وذلك بغية «جعل الحياة محتملة والعمل ممكناً».. كما يقول في احد مقاطع بورجوازي صفير.. هذه الممارسة التي يبدو انها قد رافقته طيلة حياته. يقول اليوم: انني لا انفي ابداً المخاطر الكبيرة التي عرضت نفسي لها بسبب مثل هذه الممارسة، ثم يؤكد، لم اكن في يوم من الايام من أنصار التدمير الذاتي.
لكنه مع ذلك حافظ، وكما يعترف هو نفسه، على الكثير من سلوكيات الشباب وهواياته وفي مقدمتها حبه المفرط لـ «الخيول» التي كتب عنها في بورجوازي صغير، ما مفاده: «علي ان اعلن امتناني للخيول فهي التي دفعت دراستي الى الامام، وهو الذي قد اصبح اليوم بمثابة جنرال متقاعد.
«بورجوازي صغير» كتاب قديم يعود الى الواجهة من جديد وليثير الكثير من الضجة والتعليقات، كما كان الامر عند نشره للمرّة الاولى.. وآنذاك كتب عنه الشاعر الكبير لويس اراغون: «سيرة ذاتية ام رواية» الامر الاساسي كما ارى يكمن في اللغة التي يكتب المؤلف بها حيث انه قد وصل الى سن النضج عبر النثر الجميل الذي يكتبه ويمثل درساً في اللغة الفرنسية المعاصرة التي تفتقر المدارس لها. ومنذ زمن طويل لم يكتب احد بمثل هذه الطريقة. اريد ان اقول بنفس القدر من السيطرة على الجملة التي لا يمكن إلا وان يلتفت المرء لها كامرأة جميلة.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرقابة على الفكر او قمع الحرية الفكرية
- الشاهدة...مونودراما....
- المسرح العراقي :بين الإرهاب والفتاوي..
- أنواع الشعر وأشكاله
- مستقبل العراق.. هل هو الديكتاتورية، ام الديمقراطية ام التقسي ...
- قبل أن أنسى ..قحطان العطار ...الجزء الأول
- ربيع الأرمل....قصة قصيرة جداً..
- صورة الإسلام في الإعلام الغربي
- الروائية الأميركية أرسولا لوغين: لغتي قريبة من ملحمة جلجامش
- . .. العلمانية...وكيف نشأت...؟
- الأديان الكبرى ..
- محاكم التفتيش..
- حياة موليير..
- كاركترات ح1..- الخال عوده
- مدينة الثورة..أُختطفت.. .. !


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - برجوازي صغير