أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم مشارة - حكايات الميترو














المزيد.....

حكايات الميترو


إبراهيم مشارة

الحوار المتمدن-العدد: 5537 - 2017 / 5 / 31 - 09:29
المحور: الادب والفن
    


عمل أجدادنا من المغرب العربي ومن إفريقيا ومن إسبانيا والبرتغال في شق أنفاق الميترو منهم من قضى نحبه في العمل ومنهم من دفع صحته ثمنا لأجرة يرسل بنصفها إلى البلد ليعيل أسرة كثيرة العدد والحق أن الميترو إنجاز حضاري عظيم إنه تماما كالشرايين تحمل المسافرن تحت الجلد الترابي إلى وجهاتهم الخلوية تماما كما لا ترى الدم يتدفق في العروق ولكن ترى أثره الحياة تتدفق والروح ممراح والنشاط يدب في الجسم تحت باريس مدينة أخرى من الأنفاق تتيه فيها بلا لوحات تحدد الوجهة تيه بني إسرائيل في سيناء وقد تاهوا أربعين سنة أما أنت فستتيه قرنا بالتمام بحر متشابه من الأنفاق ظلمات بعضها فوق بعض لولا الإنارة ولكن ماذا تعمل في غياب اللوحات الإرشادية، بالميترو لا تحتاج إلى سيارة تصل إلى مبتغاك أسرع من استعمال السيارة عمل خلاق وإبداع إنساني فريد بعض الميتروهات في العالم متاحف كميترو موسكو لكن ميترو باريس له مذاق خاص إنه متحف وصالة للعرض المسرحي والغنائي والدعاية السياسية ، تصادف عازف قيتار يعزف ،أو عازف كمنجة تسيل عذوبة ورقة أنغامها ، في الميترو تشم العطر الأنثوي الذي تنتشي به فتختلس نظرة مؤدبة لبقة إلى صاحبته ،أو رائحة نبيذ من سكير تعتعه السكر وتسمع لغات شتى ولكن في هدوء ونظام وسكينة فهذا غارق في قراءة كتاب والآخريتصفح في جريدة،لكن للميترو حكايات مع عمالنا في بداياتهم لاستعماله فأحد أبناء بلدتنا وكان الرجل لا يقرأ كان يتعرف على المحطة التي ينزل فيها من لوحة إشهارية عملاقة تمثل رأس عجل وقد دام الإشهار مدة فلما استبدلوه تاه الرجل وظل في العربة قابعا لا يعرف أين ينزل حتى أوشك الليل على الانصرام فنزل رفاقه في الليل يبحثون في اتجاه الخط لقد أدركوا بحاستهم الاجتماعية أن الرجل تاه لأنه لم يجد رأس العجل.
وبعضهم من الذين لا يعرفون القراءة كانوا يضعون الحصىفي جيوبهم بعدد المحطات وكلما توقف الميترو في محطة نزعوا حجرا حتى تنتهي الحجيرات فيعرفون أنها محطتهم المعنية.
حتى الأستاذ مالك بن نبي-رحمه لله- لما قصد باريس أول الأمر نزل إلى الميترو واشترى تذكرة إلى الوجهة المقصودة لكن العاملة أرشدته إلى ضرورة الاتجاه إلى الجهة المقابلة فما كان من الرجل إلا أن هم بالنزول مرورا بالسكة ليعبر إلى الرصيف المقابل فأدركته العاملة صائحة بضرروة التوقف لأنه سيقتل نفسه لأن الخط عالي التكهرب بل لا بد من الخروج من النفق والسير في الشارع ثم النزول إلى النفق المناسب نعم حكى ذلك في مذكرات شاهد قرن، كما حكى عن محاولته اجتياز ساحة الكونكورد مشيا على الأقدام وكاد يتلف نفسه وسبب توقفا للسيارات والكل يهتف: يا عبيط انزل تحت الأرض وغير الجهة، نعم مالك العملاق هكذا كانت بداياته الباريسية مع الميترو وميدان الكونكورد.حتى جدي محمد مر مع أحد اصدقائه في أحد الآحاد بساحة الكونكورد وكان الصديق نكاتا خفيف الروح انبهر بشساعة الميدان فاخبر جدي أنه يصلح لصلاة العيد فعاتبه جدي على هذا الكلام لأن الفرنسيين يدنسون المكان بكلابهم وكان الصديق يمزح فقط.
منذ سنوات خلت عدت بالميترو متأخرا وكنا ثلاثة في العربة أنا ومتشرد وشاب يلبس بزة أنيقة رأيت عجبا الشاب الأنيق يخرج صكا يمضي عليه ويقدمه للمتشرد فقلت في نفسي ليس للمعروف ملة إنه فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ومرة عدت بعد منتصف الليل وكنت وحدي داخل العربة صعد شخص طويل عريض بلحية كثة تفوح منه رائحة الكحول وكان السكر قد نال منه وكان متعبا ويريد النوم فماكان من الرجل إلا أن تمدد على أرضية العربة واستسلم للنوم العميق ولا أحد اعترض عليه أو أفسد عليه نومه ضحكت في كمي وقلت في نفسي مرددا بيت امرئ القيس:
وتضحي فتيتُ المِسكِ فوقَ فراشها
نؤُومَ الضُّحى لم تَنْتُطِقْ عن تفضُّل
فغدا سينهض من نومته وسيجلس على الرصيف ويستجدي ويعود إلى السكر والتمدد على أرضية الميترو دون إيذء من بشر أو رقابة.
ليلتكم هادئة في ميترو الأحلام إلى محطات السعد واليمن والبركة في ليلة مباركة.



#إبراهيم_مشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى أسير فلسطيني مروان البرغوثي مانديلا العرب
- دالية الحنين،عنقود الوفاء كأس العودة
- باقة ورد لكل عامل
- هوامش على متن أدب الرحلة سويسرا بعيون عربية
- الانتخابات العربية ودمى الماترويشكا
- ليالي القاهرة
- محمد أركون من الغربة إلى الاغتراب
- على خطى سارتر في مقهى دي فلور
- رحلة البحث عن رأس بوبغلة/ ملامح من قصة مناضل ضد الاستعمار
- في بيت هوجو
- في مملكة الجمال اللوفر في الآحاد
- حنين/ قصة الغربة،الشوق والموت
- قصتي مع السماء وأجرامها
- محنة العقل في الإسلام / أبو العلاء نموذجا
- أيام في الخليج
- كار بوكامل والحافلة الزرقاء/قصة الصراع بين القديم والجديد
- عمر المداح
- بيدي لا بيدك عمرو حول ظاهرة الانتحار عند بعض أدبائنا
- حكاية جدي من مطرقة الاستعمار إلى سندان الحنين إلى الوطن
- رقصة زوربا في حضرة راعي السويقة


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم مشارة - حكايات الميترو