أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - دامداماران [7]















المزيد.....

دامداماران [7]


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 5503 - 2017 / 4 / 26 - 21:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في علم اجتماع الدين..

يمكن تقسيم الحياة الدينية في شبه الجزيرة العربية الى ثلاث طبقات متراكبة متعاقبة، على غرار الطبقات الارضية التي كلما تقدم الحفر، تكشف عن طبقة جديدة أقدم، تراكمت عليها عوامل التعرية وتبعات الظروف. وسوف تتكون كل طبقة زمنتاريخية من ثلاث ديانات أو معتقدات رئيسة، وذلك كالتالي، بدء من أقدمها..
أولا: الطبقة الاولى الاقدم تاريخيا، وقد سادت خلالها معتقدات: [الطوطمية، عبادة النجوم، عبادة الملائكة، عبادة الاوثان]. وذلك حسب توزيع جغرافي معين.
ثانيا: الطبقة الثانية التالية والاقرب تاريخيا لزمن ظهور الاسلام، وقد سادت فيها معتقدات: [الصابئية، اليهودية، النصرانية].
وفي ازاء كل هاتيك الأطر العقائدية والعناوين الدينية، ثمة اعتقادات وافكار غيبية مما يتعلق بعالم الروح أو الايسخاتولجي مما لا يندرج تحديدا في ديانة متكاملة، بقدر ما هي بقايا ديانات أو تصورات غيبية ميثولوجية او فلسفية عابرة في الزمن، ما زال بعضها منتشرا لدى جماعات معينة، كالقول: ان روح الميت تبقى عالقة داخل البيت، متشبثة بأدق التفاصيل، فترى اهل الميت يبالغون في غسل البيت الذي يموت فيه احدهم، ويرمون كل متعلقات الميت خارجا وأحيانا يتم حرقها.
وفي بابل القديمة كان يتم قرع الطبول/ الدفوف وترديد تسابيح واناشيد دينية وارواحية لطرد الارواح من المكان، كما يحصل لدى المسلمين في حفلات الذكر والمناقب الدينية التي تستمر طيلة الليل بطلب من اهل الميت. وهاته الميثولوجيا تخلخلت في مختلف الديانات، ومن يدرس توزيع الكنائس الجغرافي القديم، ومسمياتها يجد ان لكل منطقة قديسا يشفع لها، والقديس هذا يهزم روح شريرة كائنة في تلك البقعة، مما يقتضي اجتماع اهل المنطقة للصلاة ورفع الصلوات الدورية لحمايتهم من النكبات. وبحسب المعتقد فان مناطق النكبات هي تلك التي تفتقد القديسين المصلين والمتشفعين لها، او أنها تسببت في قتل الصديقين والقديسين عبر الزمن، فبقيت نهشا للارواح الشريرة!.
ومن ذلك اعتقاد ان روح الميت تبقى تدور في المكان اربعين يوما، أو انها تعاود الحضور عند القبر مرة في الشهر او العام، تنتظر من يكرمها ويدفع عنها حسنات، أو يأخذ بثأرها عند موت الشخص غيلة. ومنه تقاليدنا الاجتماعية في توزيع الطعام ومظاهر الاحسان باسم الميت واكرامه وبعضهم يصوم ويحج باسم الميت. فضلا عن زعم البعض ان روح الميت ما ان تخرد حتى تدخل في مولود يولد في نفس اللحظة في مكان اخر، فتستمر صفات الميت وشخصيته في العالم، مما يصعب الالمام به تماما او تشخيص مصادره واصوله.

وللوقوف على كل معتقد من المعتقدات الآنفة بكل تفاصيله الاساسية، نحتاج بحثا شاملا أو كتابا كاملا، ولا يعرف مغزى اهمال السابقين توجيه العناية لذلك، بينما تنتشر الاشارات المتداخلة اليهم في كثير من الكتب العمومية، ومعظم التفاسير وكتب الحديث.
فاجمال تقديم معتقدات تاريخية تختلط فيها الخرافة بالميثولوجيا بالخصائص المحلية والتناحرات القبلية والنفسية، هو أمر فوق احتمال مقالة من بضع صفحات. مع ضرورة اعتبار عنصر المحلية الجزيرية، في فهم وتفسير كل معتقد منها، وعدم التعويل على المشهور والمتعارف، وهو أمر يقع فيه الكثيرون، ويتحمل الكثير من تبعات سوء الفهم وتشويش الامور.
فالعبرانية الجزيرية او اليمنية القديمة مثلا ليست هي اليهودية المعروفة كتابيا، ولا صلة لها بفهمنا المعاصر للديانة اليهودية بعد تطور المفاهيم والتلاقح الابستمولوجي الاخير. ونفس الامر ينطبق على الصابئية والنصرانية. فقد تبلورت لدى القارئ رؤية أوضح عن المندائية في المدة الأخيرة، فيما لما يزل كثيرون يحسبون ان النصرانية هي المسيحية، وان الصابئة يعبدون النجوم، وان اليهود والهندوس ديانات سحرية.
والمسلمون المتطرفون اليوم يستخدمون الاصطلاح القديم -النصرانية-، للاشارة الى أتباع العقيدة المسيحية اليوم. وهو أمر يتوافق فيه الجهل والازدراء بالاصرار على سوء الفهم والمعاملة. وبالنسبة لهم تعبير عن الالتزام الديني العبودي لمنهاج السلف.
كل هاته التفاصيل والملاحظات تحضر لدى التصدي لموضوعة الاديان والمعتقدات البشرية في خريطة جزيرة العرب، والذي انعكس تاريخيا على تركيب وبناء النص القرآني، وما تبعه من صياغة الفكر الاسلامي، في القرون الاربعة الاولية، وراهنيا في سوء الفهم المقصود والمقترن بالزراية لكل معتقد غير الاسلام، في محاولة البعث الاسلامي.
والواقع الدراسي، يكشف عن شمول وتداخل خصائص تلك المعتقدات التاريخية وثبوتها في تشكيل الفكر القرآني والمعتقد الاسلامي، مما لا يغيب كل دارس مخلص، سواء ما اختص منها بعبادة النجوم أو الاصنام والاوثان كاللات والعزى وتبجيل إساف ونائلة، وما الى ذلك مما دخل في تشكيل الدين الاسلامي فكرا وعبادات.

ان الطبيعة هي الاطار العام لاصول المعتقدات القرآنية، وبالشكل الذي يستشف منه معنى الطبيعة [nature, naturalism] والتي اصطلح عليها العرب بـ(الفطرة) او (الطبع) كمقابل ضمني لمفردات [الاصالة، الفصاحة] والمحيلة جغرافيا على (الصحراء) بوصفها – الطبيعة البكر التي لم تتدخل فيها يد الانسان-. وقد نسب الاجتماع العربي الموروث الفساد الى الحضارة، وعمل الانسان الى الانحطاط والخطيئة والنقص [باطل: كل ما تعمله يد انسان!]- (سليمان في سفر الجامعة).
واستنادا لهذا المفهوم يمكن استشفاف الميل العام للشرقيين للالتصاق بالتراث والتقالي،د والنزعة الارثوذكسية والسلفية المحيلة بالجملة، على الشرق وسكانه، ومنهم العرب. وقد استشف المستشرق الانجليزي جورج سال [1697- 1736م] شدّة الشبه وعظيم التقارب بين العرب والهنود، اللذين يشتركان في ملامح اجتماع شبه الجزيرة وظروفها المناخية واصولها الثقافية.
دون اغفال اثر التنقيبات الانثروبولوجية التي ترى ان عرب الجزيرة انحدروا اساسا من الجنس الهندي/(الرأس الدائري وقصر القامة)، والجنس الافريقي/(طول القامة والفظاظة)، وقد سبق التلميح لذلك في التمييز بين سكان اليمن/ (غلبة الاصل الهندي)، وسكان الحجاز/(غلبة الاصل الافريقي).
من الشخصيات المحورية في القرآن هي شخصية ابراهيم وهو ينقل بصره في السماء، فيلحظ القمر تارة والشمس تارة اخرى. وهو يبحث اين يضع ركن عبادته. وهي اشارة واضحة للديانات والعقائد السماوية البابلية القديمة. تلك التي ارتكزت الى ملاحظة الظواهر الطبيعية في الجو وفسيفساء اللوحة السماوية، مما لا يملك البدوي غنى عنها في واقع نهاراته المشمسة الشديدة الحرارة ولياليه المقمرة الطيبة او الدافئة نوعا ما.
والصورة الاخرى المكررة هي قصص عاد وثمود، التي اهلك أحدها بريح صرصر عاتية، والاخرى بالصيحة والبوق السماوي. ويثبت علم الطب الحديث ان (الهالوسين) حالة تنتاب خلايا الدماغ المسؤولة عن تصوير/ تصور سماع اصوات او رؤية اشياء لا اساس لها في الواقع، ولا تتجاوز رأس الشخص المصاب.

وفي العموم، ثمة [مهيمنات سماوية وطبيعية] على عموم المشهد القرآني، متخلخلة في العقل الباطن للشخصية الشرقاوسطية عموما، وقد ترسخت في الاسلام وصارت سمة اساسية فيه. وللقارئ التساؤل عن مغزى وابعاد هيمنة مفردات الطبيعيات والسماويات في نصوص القرآن في العرض الوجيز ادناه:
سماويات: السماء- السماء الدنيا- سبع سموات طباق- الطارق- النجم الثاقب- الشمس- القمر- البروج- المعارج- الكواكب- النجوم- شهب- زخرف..

ارواحيات: ملائكة- جن- انس- حرس- اللات- العزى- الشعرى- مناة..

اقسام النهار: اليوم الموعود- الضحى- الفجر- الشفق- الصبح- العصر- الليل- النهار - عسعس- العشية- المشرق والمغرب- سبات/ معاش/ لباس..

هوائيات: العاديات- المغبرات- النازعات- الناشطات- السابحات- السابقات- المدبرات- المعصرات- المرسلات- العاصفات- الناشرات- الفارقات- الملقيات- زمهرير- صرصر عاتية- ينفخ- القاضية..

ناريات: الحريق- سعير- سعرت- سقر- نار حامية- النار الكبرى- النار ذات الوقود..

صوتيات: الصور- زجرة واحدة- الرعد- الطارق..

متحركات: القارعة- الزلزلة- العاقبة- الاسراء- فاطر- الانشقاق- الانفطار- التكوير- الراجفة- الرادفة- الحافرة..

ظلمات: الغاشية- الطاغية- الدخان..

ارضيات: الجبال- الارض- المرعى- البحار- الوادي المقدس- دحاها- ماء ثجاج- ص- ق- رواسي شامخات..

مفاتيح رمزية للالهيات: القدر- الدين- العقبة- القيامة- الاعلى- الساعة- الحشر- يوم الفصل- الدهر- المساق- الناقور- الحاقة- قرار مكين..

هاته الرموز والمفاتيح والاشارات اللغوية ودوالاتها تتراكم في العقل الباطن وتتفاعل في بودقة الاحاسيس والمشاعر من خوف ورعدة ويأس، لتتبلور في جملة افكار تشكل لوحة الميث/[myth] التي خرج منها الدين. وهذا لا يعني ان جذر الدين الاول ظهر في شبه الجزيرة، ولكن الوعي البشري المكنون يشترك ويتشارك في خلاصة تشكلات الفكر ومنتجاته السلوكية، بحسب عوامل البيئة المحلية وظروف الطارئ الزمني.
لذلك تبدو وحدة جوهرية اساسية ومشتركات موحدة بين انمط الفكر والوعي السلوك بين سكان المعمورة، وحدة ارضية الميثولوجيات والعقائد والهواجس والتطلعات الانسانية في مختلف زوايا العالم.
ولا ينفي ذلك طبعا.. عاملين اساسين في تشكيل جغرافيا السكان في الجزيرة..
- موقع الوسطية – ترانزيت- بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، كما يتضح في التقاء طرق التجارة والقوافل البرية قديما، والملاحة البحرية والجوية راهنا، وانعكاساتها السوسيوثقافية حتما..
- بيئة الصحراء والانغلاق وشظف العيش، جعل منها ملجأ آمنا لضحايا الاضطهادات والاتهامات والثارات السياسية والدينية والقبلية، فاجتمع فيها –كوكتيل- سوسيوثقافي من اعراق وثقافات واهتمامات متنوعة، لصوص وقتلة وهراطقة وجنود هاربين من جيوش الروم والفرس، الى الهاربين من الاضطهاد الديني والرفض الاجتماعي، كاليهود والمانوية والابيونية والمريمية. وفي الصحراء ايضا، سوف تتشكل نويات المتوحدين والمتاملين السماويين، وبذور الاديرة الرهبانية والزهاد والمتصوفة، مما انعكس في صورة التناقض المنسجم، او الانسجام المتناقض والمتنوع العنيف الذي يقتضي القراءة التحليلية الهادئة بعيدا عن الادلجة والاحكام المسبقة، والكليشيهات الجاهزة التي حاول فرضها الاستشراق من جهة، وانداء محليون من جهة، في سياق الهيمنة الحضارية والهزيمة التاريخية.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دامداماران [6]
- دامداماران [5]
- دامداماران [4] امة.. امتان.. أم أمم..
- دامداماران [3]
- دامداماران [2]
- دامداماران [1]
- اربعة عشر عاما على احتلال العراق
- هل تناولت فطورك اليوم؟..
- ياهودايزم [20]
- ياهودايزم [19]
- ياهودايزم [18]
- ياهودايزم [17]
- ياهودايزم [16]
- ياهودايزم [15]
- ياهودايزم [14]
- ياهودايزم [13]
- ياهودايزم [12]
- ياهودايزم [11]
- ياهودايزم [10]
- ياهودايزم [9]


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - دامداماران [7]