أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - يحيى غازي الأميري - زهرون وهام .... رمزٌ جميل للصداقة ، والتواضع















المزيد.....

زهرون وهام .... رمزٌ جميل للصداقة ، والتواضع


يحيى غازي الأميري

الحوار المتمدن-العدد: 1435 - 2006 / 1 / 19 - 10:15
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


أعطى العديد من المندائيين جهودا ً متميزة كبيرة في عطائها للوطن بشكل عام ، وللديانة المندائية وقضيتها بشكل خاص ، وقد اعطى كل منهم حسب قدرته وطاقته ، رغم الظروف الصعبة التي مرت عليهم ، ولم يزل نهر العطاء المندائي يقدم هذا العطاء الذي جبل عليه . ومن الرعيل الأول للمتعلمين المندائيين الى يومنا هذا برزت كوكبة تلو الكوكبة فعلى مدى القرن الماضي، برزت هنالك مئات من الاسماء التي خطت أسماءها بكل جدارة في سجل المبدعين والمضحين للوطن والشعب ، فقد تنوعت أبداعاتهم وتضحياتم ، بشكل جعل كل الباحثين والسياسين والمنصفين يشيرون اليهم بالبنان لما حققته هذه الفئة الصغيرة من ابداعات وخدمات جليلة وفي مختلف المجالات .
أذ كان والى يومنا هذا الهاجس الأول والقضية الأولى بالنسبة للمندائيين هي أخلاصهم وحبهم للوطن وأهله ودفاعهم عن ديانتهم المندائية ، ولم تبخل تلك الفئة الطيبة من تقديم عصارة فكرها ، وتعليمها ، وخبرتها ، وجهودها لأبناء وطنها وبني جلدتها ، و لم ينسَ المندائيون هذا العطاء الكريم لهم .
فـي مقالتي سأذكـر أحد هؤلاء الطيبين الذكر ، أنه المرحوم زهرون وهام الشيخ سام الذي ولد في ( لواء العمارة ) محافظة ميسان حاليا ً في( قلعة صالح ) من عام (1911ـــ 2003 ) م وهي السنة التي ولد فيها معه وفي نفس المدينة ( لواء العمارة ــ قلعة صالح) كل من العالم الجليل ( عبد الجبار عبد الله 1911ـــ 1969) و في ( لواء العمارة ــ المجر الكبير ) ولد الأستاذ المبدع والعقلية النيرة ، المفكر ( نعيم بدوي 1911ــ 2002 ) رحمهم الله.
المرحوم زهرون وهام نشأ وسط عائلة مندائية ملتزمة في ديانتها و تعاليمها وطقوسها ، وتحيط به العوائل المندائية التي لاتقل عن عائلته التزاما ً بالديانة المندائية وقيمها الأخلافية .
وسط هذا الجو عاش ونهل وترعرع ، ليكمل بعدها كل سنين عمره في سبيل خدمة وطنه وأخوانه المندائيين ، فهو بحق ( مربي فاضل ) فقد زرع مع كل كلمة علمها لطلابه الحب الحقيقي ،والصدق، والرحمة ، والطيبة ، والتسامح ، ونظافة الروح !! فلقد تخرج من دار المعلمين( عام 1937 ) وبعد خدمة طويلة في مهنة التعليم تجاوزت الثلاثين عاما ً أحيل على التقاعد ( عام 1968)
يكنُّ له أبناء الطائفة المندائية ، وطلابه والذين عرفوه حبا ً كبيرا ً وتقديرا ً جميلا ً ليس لكونه خدم الوطن وأهله بكل صدق وأمانة ، ذو شخصية لطيفة جمعت من حسن الصفات الشيء الكثير بل لانه إضافة لذلك مرهف الحس ، خفيض الصوت ، صادق النوايا ، ذو قلب مشحون دوما ً بالحب والطيبة ، مبتعدا ً عن الغرور والتكبر والأنانية ، كثير التواضع ، كريم النفس ، حسن الصوت فصيحا ً .
كان الأستاذ زهرون يجيد اللغة المندائية قراءة وكتابة ، وقد سمعته أكثر من مرة يقرأ النصوص المندائية بلكنة خاصة جميلة ( رطنة ) تختلف عن الرطنة المندائية الدارجة عندنا في العراق ..
زاد تركيزي عليه من خلال أحتفالية (جائزة ) العالم الجليل( عبد الجبار عبد الله ) التي كانت تمنح للطالب المتفوق للمرحلة الأعدادية ،والتي كانت تقام سنويا ً في (نادي التعارف ) ببغداد ، وقد كان من أهم فقرات الأحتفال أن يقدم خلالها شيء عن العالم (عبد الجبار عبد الله ) وعن علماء الصابئة المندائيين في الفترة العباسية ،وللأستاذ المرحوم زهرون مساهمات جميلة بذلك ، لقد كنت أحضر بشكل مستمر لتلك الأحتفالية الرائعة ، أحدى تلك الأحتفالات كان الأستاذ (زهرون ) يتألق نجما ً فيها أذ كان يتحدث عن معرفة قريبة وصداقة حميمية عن صديقه ورفيق طفولته (المرحوم العالم الجليل عبد الجبار) .
كان يقف منتشيا ً ، وهو يتلو مفرداته الجميلة بحق صديقه بعد أن دونها بأحداثها المتسلسلة بكل عناية ، موضحا ً عبقريته وأبداعاته وصفاته النبيلة !!
في تلك الأمسية كان يطلق آهاته من صدره كلما يذكر أسم صاحبه لا حزنا ً يشبه حزن عينيه والدموع تترقرق فيها ، وبيده اليمنى وبطرف منديله الأبيض كان يجفف دموعه بعد أن ينتزع نظارته باليد الأخرى .
بين تلك الكلمات الجميلة والذكريات الشجية ودموعه المنحدره على خديه ، وصوته المتهدج ، كنا نستمع له خاشعين !
لقد كنت ارقب حضوره المستمروالمبكربذكرى صديقه ، كنت أراه ممزوجا ً بين الفرح والحزن ، فرحا ً أن يرى ويسمع صوتا ً ينشد لـ (عبد الجبار ) وحزنا ً لفراقه السريع والمباغت وهو في قمة العطاء .
كان مرهف الحس فلكل شاردة أو واردة يذكر فيها أسم (عبد الجبار ) ، يبتهج ، يصفق بحرارة ،و تدمع عيناه.
في أحدى تلك الأمسيات الأحتفالية كنت قد كلفت من قبل الهيئة الأدارية لنادي التعارف بأعداد وألقاء كلمة عن أحد أعلام الصابئة في الفترة العباسية ودورهم المشرف في المساهمة ببنائها ونهضتها ، أذ كان في السنة التي سبقتها قد أتحفنا الدكتور (قيس مغشغش) بكلمة جميلة قيمة عن الأديب البليغ صاحب الرسائل ( أبي إسحاق الصابي ).
كانت كلمتي عن العالم والرياضي الفيلسوف الصابئي ( ثابت بن قره ) ، كان الأستاذ زهرون يجلس في الصف الأول كان يزداد طربا ً وهو يسمع أن عبد الجبار يقارن بثابت أبن قره ، يقارن بعباقرة الأجداد الأفذاذ .
بعد أن أنهيت كلمتي ، كانت كـفّا زهرون تصفـق بحرارة ، وما ان خطوت بأتجاهه حتى نهض ليستقبلني فاتحا ً ذراعيه ، هامسا ً بأذني (( أحسنت ياولدي )).
سألته مرة :
أستاذ ابو صلاح ........ المرحوم العالم عبد الجباروأنت في نفس العمر وأنتم في ذلك العمر ( ليس الأن طبعا ً ) هل كان يمثل قدوة لك ؟
أجابني وقد تلألأت الدموع في عينيه ، وراحت شفتاه ترتجف الكلمات ، وهو يبتلع ريقه ، وبصوت قوي أجابني (نعم ).
واردف بعدها ( أنه قدوة في كل شيء ).
كنت أرى حضوره في تلك الأحتفاليات كمن يكون في موعد مع صلاة الحج !
كان زهرون يكن حبا ً كبيرا ً وتقديرا ً عاليا ً لصديقه الأخر( نعيم بدوي ) لايقل عن حبه لـ (عبد الجبار) ، ان زهرون وهام رمز جميل للصداقة الصادقة ، جميل أن يذكر المرء أصدقاءه بهذا الأخلاص والتقدير والحب والطيبة .
للأستاذ زهرون مشاركات ومساهمات جميلة وكثيرة في نشاطات الطائفة التنظيمية والاجتماعية و الثقافية وقد كان لي الشرف بتقديمه في أحدى الندوات الثقافية على قاعة مندى الطائفة في بغداد عام 1997م وكانت محاضرته بعنوان ( الزواج في العقيدة المندائية ) رغم تقدمه في العمر لكن حبه لمندائيته وأهله يدفعه لتقديم خدماته وخبراته لهم بكل تواضع وممنونية ، وقد تناول في محاضرته القيمة طقوس الزواج وأهميته في العقيدة المندائية ، وكذلك تحدث عن تقاليد الزواج ، وكيف كان يجري التعارف بين المندائيين لغرض( الخطوبة ) فيما بينهم ، وقد ركز أكثر أهتمامه في محاضرته على أهمية أيجاد الطرق والوسائل الجديدة لغرض أدامة تعارف ابناء الطائفة المندائية فيما بينهم وأهمية دور المؤسسات المندائية بأبتكار أفضل الوسائل لغرض زيادة فرصة تعارفهم وتقاربهم بعد أن تكاثر عددهم وزادت وتباعدت مناطق انتشارهم ، وأصبح من الصعب معرفة البعض للبعض بعكس ماكان سابقا ً اذ كان التقارب في سكناهم وتجمعاتهم حلا ً ميسرا ً وسهلا ً للتعارف والتزاوج فيما بينهم .
وأني أذ اشاطر( الأستاذ زهرون وهام ) رحمه الله الرأي في طرحه هذا وأدعو أن يصار الى عقد مؤتمر مندائي على مستوى عالٍ من الأهمية وأن تقدم فيه دراسات وبحوث يمكن أعتمادها بأيجاد طرق أسهل وأيسر لغرض تعارف ابنائنا لما لهذه المشكلة من أهمية كبيرة على مستقبل الصابئة المندائيين ، بعد ان زاد انتشارهم في شتى بقاع الأرض ،وبات ابن العم لا يعرف بنت العم ....!



#يحيى_غازي_الأميري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العزيزية ...... سحرها بنهرها وشاطئيها وأهلها
- مسودة الدستور الجديد ضربة موجعة للأقليات الدينية غير المسلمة ...
- الى : أول صوت ( للصابئة المندائيون ) في لجنة كتابة دستور الع ...
- تثبيت حقوق طائفة ( الصابئة المندائيين ) في الدستور يقطع عنهم ...
- الصابئة المندائيون ....أخيراً ....في لجنة كتابة دستور العراق ...
- أحداث من الماضي الأليم .... محفورة في الذاكرة
- الصابئة المندائيون : حصتهم من الاضطهاد كبيرة ...ومن الغنائم ...
- سلاما ً يا أحبتي
- قديس أسمر من الناصرية أسمه سلمان منسي
- من يضمــــــــــــد جراحنا ؟ من يوقف مآسينـــــــــــــــا؟


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - يحيى غازي الأميري - زهرون وهام .... رمزٌ جميل للصداقة ، والتواضع