أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد النحيلي -  الإنزال العسكري الأمريكي بالمغرب إبان الحرب العالمية الثانية: الظروف والخلفيات















المزيد.....



 الإنزال العسكري الأمريكي بالمغرب إبان الحرب العالمية الثانية: الظروف والخلفيات


محمد النحيلي
كاتب

(Mohamed Nhili)


الحوار المتمدن-العدد: 5451 - 2017 / 3 / 5 - 22:45
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



برزت أهمية المغرب كموقع استراتيجي حيوي بالنسبة لمخططات الحلفاء العسكرية بشكل جلي خلال الحرب العالمية الثانية ، فبات واضحا أن الجوار مع أروبا من شأنه أن يعوض الحلفاء عن فقدان مواقع جديدة على الضفة الأخرى للمتوسط، فبحكم الواقع كانت في رصيد دول المحور نظرا لتحالف نظام الجنرال فرانكو مع النازية و الفاشية. فضلا عن ذلك كانت فرنسا محتلة أنذاك من قبل القوات الألمانية ، وأن الإنزال العسكري فيها في حكم المغامرة ، وأن المعبر البري الوحيد للهجوم على ألمانيا كان سوفياتيا وشيوعيا، تبين إلى أي حد شكل المغرب العربي ذلك الموقع الإستراتيجي المتميز الذي لا تستطيع الولايات المتحدة الاستغناء عنه في الحرب. إنه نقطة انطلاقها الوحيدة في بداية الأربعينات لمواجهة القوات النازية في الجبهة الجنوبية للحرب في أروبا.
وقد اتضح أن المغرب هو الخط الأمامي في الدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية. تأكدت أيضا أهميته الإستراتيجية بالنسبة للحوظ المتوسطي ، إذ ظلت القضايا الإستراتيجية و الأمنية بالمنطقة محكومة بظروف الصراع بين دول المحور و الحلفاء ، وبعدها الجناح الشرقي و الغربي خلال الحرب الباردة لعقود طويلة.
وبذلك دخلت الولايات المتحدة الامريكية الحرب في دجنبر 1941، إلى جانب الحلفاء ضد المحور، بعد أن أصبحت الحاجة ملحة وماسة لهزيمة المحور في الحرب . وهي مهمة تحمل في طياتها فرصا عظيمة لمد النفوذ الامريكي بالعالم وتحمل الولايات المتحدة الامريكية لمسؤلياتها الدولية ، وإنهاء لعزلتها عن العالم . فقد تأكد أن الدولة الأمريكية قد أصبحت دولة عالمية ، ومهمتها هي الدفاع عن سيادة الحق وشرعيته التي تعرضت إلى الخطر ، بعد أن أصبحت الحكومات الحرة في كل مكان تواجه تهديدا شديدا من جانب دولة معتدية لا تقيم وزنا لحق أو التزام . فمواجهة اليابان أتاحت للولايات المتحدة الأمريكية تحضير هيمنتها السياسية ثم الاقتصادية على آسيا، وذلك لإنهاء النفوذ الأروبي في هذا الجزء من العالم. أما النوايا الأمريكية في أروبا فسوف تتضح من خلال العمليات التي سيجرى التخطيط لها و تطبيقها فوق الأراضي الأروبية. كما أن مواجهة دول المحور يجب ان يتم في إطار تحالف كبير أطلق عليه أحيانا "الحليف الغريب" . لأنه جمع بين ثلاث أطراف متناقضة إلى حد بعيد : بريطانيا أعظم دولة استعمارية في العالم بقيادة "تشرشل"، وروسيا الدولة الشيوعية الوحيدة في العالم بقيادة "ستالين"، و الولايات المتحدة الأمريكية أعظم قوة رأسمالية في العالم بقيادة "روزفلت".
تعود الإرهاصات الأولى لفكرة الإنزال الأمريكي بالمغرب إلى سنة 1941 م أي بعد سنتين من إندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 م) ،حين التقى الرئيس "روزفلت*"والوزير الأول البريطاني "ونستون تشرشل" على متن السفينة الحربية "بوتوماك " التي كانت راسية في المياه الكندية ،وفي هذا اللقاء وضعت وثيقة ما سمي بالميثاق الأطلسي ووقع عليها الرئيسان .ومن جملة المبادئ التي جاء بها هذا الميثاق :أنهما لا يرغبان في رؤية تبديلات جغرافية تتنافى مع الرغبات الحرة للدول المعنية.ومعنى ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية أرادت من هذا الميثاق الخروج من صمتها وحيادها ،وهو ما حصل بالفعل بعد هجوم اليابان على بيرل هاربور Pearl Harbour في صباح 7 دجنبر 1941 م حيث شنت الطائرات اليابانية المحمولة على حاملات الطائرات هجوما كاسحا ضد الأسطول الأمريكي في المحيط الهادي الراسي في بيرل هاربور بجزر هاواي.هذا الأمر دفع الولايات المتحدة الأمريكية دخول الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول الحلفاء ،خصوصا وأن ألمانيا أصبحت تهدد دول الحلفاء في شمال إفريقيا بعدما إنضمت إليها اليابان سنة 1941 م إلى جانب إيطاليا .
إضافة إلى ما سبق ،شكل هزيمة الجيش الفرنسي أمام النازية سنة 1940 م منعطفا في تاريخ المغرب ،حيث تشكلت حكومة فيشي الموالية لألمانيا والتي تحكمت في المتربول الفرنسي ،واستنزفت خيرات ومقدرات المستعمرات الفرنسية ،والمغرب بدوره كان موضوعا لتشريعات حكومة فيشي لأن المقيم العام الفرنسي " نوكيس " كان وفيا لسياسة فيشي للحفاظ على منصبه كمقيم عام بالمغرب ،وبالتالي يظهر جليا أن النازيين وحلفائهم سيطروا على أوروبا وشمال إفريقيا ،وجنوب شرق أسيا ،وهو الأمر الذي لم تستسغه أمريكا حيث سارعت إلى الوقوف إلى جانب دول الحلفاء للقضاء على هذا الخطر المحدق الذي بات يهدد شمال إفريقيا بصفة عامة والمغرب بصفة خاصة ،خصوصا وأن المغرب يشكل حزام أمني بالنسبة للإستراتيجية الأمريكية إبان الحرب العالمية الثانية وفقدانه يعني خسارة أمريكا وحلفاؤها .
ومن هذا المنطلق ، سارع الرئيس الأمريكي روزفلت إلى إرسال ثلاثة وفود للبحث عن المكان والوسائل التي يجب إستعمالها لمواجهة دول المحور قبل متم 1942 م .وبالفعل قررت القيادة العامة المشكلة من أمريكا وإنجلترا أنه من الأجدر والأنسب إستراتيجيا أن يقع إنزال قوات الحلفاء في شمال إفريقيا وتشكيل قواعد عسكرية يمكن من خلالها ضرب ألمانيا في أوروبا .لكن وقعت خلافات بين القادة الإنجليز والأمريكيين بشأن إختيار مكان وتاريخ الإنزال ،فالإنجليز إختاروا أن يكون الإنزال في البحر الأبيض المتوسط للوصول سريعا إلى تونس حيث توجد قوات الحلفاء ،بينما الأمريكيين أصروا أن يكون الإنزال بالمغرب على المحيط الأطلسي لخوفهم من إحتلال جبل طارق الإستراتيجي من طرف القوات الألمانية الذي سيشكل لا محالة ضربة قوية لقوات الحلفاء .أما بالنسبة لتاريخ الإنزال فقد إقترح الإنجليز تاريخ 7 أكتوبر ،بينما أوصى الأمريكان ب 7 نونبر ليكون الإنزال في 8 نونبر .
وهكذا وبعد مفاوضات طويلة بين إنجلترا وأمريكا تم الإتفاق على إنزال قوات الحلفاء بالشواطئ المغربية والجزائرية وذلك بتوصية من رئيس الوزراء البريطاني "ونستون تشرشل" الذي أطلق على هذه العملية اسم "الشعلة" L’opération Torche والتي نصت على ان تكون الدار البيضاء قاعدة أمريكية تحت قيادة الجنرال "باتون Patton والواقعة تحت مراقبة أمريكية ،بينما يتكفل الجنرال"فراندلندال Frendlendall بقيادة القوات الأنجلوأمريكية في وهران تحت مراقبة بريطانية ،أما بالنسبة للجزائر العاصمة فكانت القوات الأنجلوأمريكية تحت قيادة الجنرال الأمريكي "ريدر".
أسباب الإنزال
تضافرت مجموعة من الأسباب لإختيار المغرب كقاعدة إستراتيجية لإنزال القوات الأمريكية على أراضيه إبان الحرب العلمية الثانية ،ومن جملة هذه الأسباب نذكر:
-إهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب بسبب موقعه ومعادنه الإستراتيجية وإمكانياته التجارية ،حيث أصبح المغرب قبل سنة 1939 م سوقا للمحروقات السائلة والسيارات والجرارات الزراعية الأمريكية.
- شكل الموقع الإستراتيجي للمغرب أهمية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وبخاصة أثناء الحرب العالمية الثانية ،حيث راهنت عليه كنقطة إنطلاق رئيسة لمحاصرة ألمانيا كمرحلة أولى والقضاء عليها كمرحلة أخيرة .
- هزيمة فرنسا عام 1940 م من طرف ألمانيا النازية شكل تهديد حقيقي للمصالح الفرنسية والأمريكية بالمغرب.
- منع سقوط المغرب في أيدي القوات المعادية (المحور) نظرا لأهميته الإستراتيجية،وعدم إعطاء الفرصة للقوات المعتدية باستغلاله واستخدامه كقواعد بحرية وجوية لهجوماتهم ضد التراب الأمريكي .
يتضح مما سبق ، أن المغرب يأخذ لدى الولايات المتحدة الأمريكية إستراتيجية عسكرية متقدمة ،وهو ما شجعها لأن تميل إليه أكثر من غيره من بلدان شمال إفريقيا ،وأسباب إختيار المغرب للقيام بهذا الدور واضحة وقد أبرزها خبراء الإستراتيجية في أمريكا بقولهم "إن المغرب هو الخط الأمامي في الدفاع عن أمريكا " فالمغرب كما عبر عنه المفكر" روم لاندو "لم يوضع على الخريطة الأمريكية إلا لقيمته الإستراتيجية البحثة " .


مظاهر وتجلــيات الإنـــــزال الأمريكي بالمغرب
يعتبر الثامن من شهر نونبر 1942 م تاريخا لا ينسى في الذاكرة المغربية ،هذا التاريخ الذي شهد أكبر إنزال للقوات الأمريكية على السواحل المغربية وبالضبط الساحل الأطلسي في مواقع الدار البيضاء وأسفي والمحمدية (فضالة) والمهدية ومراكش وأكادير بقيادة الجنرال "داويت إيزنهاور"وقد سميت هذه العملية "بالشعلة "L’opération torche .
وكان الوجود الأمريكي بالمغرب حدثا عسكريا وجيوإستراتيجيا بامتياز بالنسبة لدول الحلفاء ،لكن شكل هذا الإنزال ضربة قوية للمقيم الفرنسي نوكيس الذي قرر في البداية أن يقاوم هذا الإنزال ،منفذا بذلك الأوامر التي تلقاها من الجنرال "دارلان" الذي كان مقيما في الجزائر.وهكذا دخلت الجيوش الواقعة تحت إمرة نوكيس في حرب مع الجيوش الأمريكية التي يقودها إيزنهاور ،لكن هذه الحرب لم تدم إلا ثلاثة أيام وهي 8 و9 و 10 من شهر نونبر ،حيث توقفت بأمر من الجنرال دارلان نفسه ،واستسلمت للجنرال الأمريكي إيزنهاور الذي أتم عملية الإنزال في المغرب .وقد إنتهى الأمر بعزل الجنرال نوكيس من منصبه كمقيم عام بالمغرب ثم فر بعد ذلك إلى البرتغال ،لتنتهى بذلك مقاومة فرنسا دخول الولايات المتحدة الأمريكية إلى المغرب.وبعد ذلك تناثرت عدة وحدات من الجيش الأمريكي في أجزاء مختلفة من المغرب ،حيث وصل تعداد الجيش الأمريكي في 27 نونبر 1942 م حسب الأستاذ مصطفى عزو 65000 جندي تركزت أساسا في الدار البيضاء ومراكش وأكادير.
والجدير بالذكر هنا ،أن الطائرات الأمريكية فور دخولها الدار البيضاء قامت بتوزيع منشورات تحمل رسالة الرئيس الأمريكي روزفلت ،والتي كانت ترمي إلى إقناع المغاربة بحسن نية الأمريكان ،لكي يحظوا بمساندتهم ومما جاء فيها: «الحمد لله وحده، الرحمن الرحيم... أنتم يا أبناء المغرب، فليباركم الله... ها قد أتى هذا اليوم العظيم لكم ولنا جميعا... نحن، من نحب الحرية، نحن الأمريكان، مقاتلي الحرب المقدسة... جئنا إلى هنا لكي نخوض الجهاد الأكبر من أجل الحرية... لقد جئنا لنحرركم ،عبرنا المحيطات لنصل إليكم، فلترحبوا جميعا بإخوانكم ،ولترحب نساؤكم برجالنا بالزغاريد ، نحن لا نشبه أولئك المسيحيين الذين عهدتموهم، والذين والجدير بالذكر هنا ،أن الطائرات الأمريكية فور دخولها الدار البيضاء قامت بتوزيع منشورات تحمل رسالة الرئيس الأمريكي روزفلت ،والتي كانت ترمي إلى إقناع المغاربة بحسن نية الأمريكان ،لكي يحظوا بمساندتهم ومما جاء فيها: «الحمد لله وحده، الرحمن الرحيم... أنتم يا أبناء المغرب، فليباركم الله... ها قد أتى هذا اليوم العظيم لكم ولنا جميعا... نحن، من نحب الحرية، نحن الأمريكان، مقاتلي الحرب المقدسة... جئنا إلى هنا لكي نخوض الجهاد الأكبر من أجل الحرية... لقد جئنا لنحرركم ،عبرنا المحيطات لنصل إليكم، فلترحبوا جميعا بإخوانكم ،ولترحب نساؤكم برجالنا بالزغاريد ، نحن لا نشبه أولئك المسيحيين الذين عهدتموهم، والذين يدوسون عليكم بأقدامهم، اعتبروا جنودنا إخوة لكم، إنهم مجاهدون أبرار مستعدون لإتمام واجبهم ، ساعدونا لأننا، قدٍمنا لمساعدتكم " .كما أنها استفزت بشكل غير مباشر ممثلي نظام فيشي بالمغرب ،الذي جاء رد فعلها عنيفا كما أسلفت الذكر والمتمثل في إستعمال القوة لمنع أمريكا من دخول المغرب .لكن ما زاد من قلق الجنرال نوكيس هو مساندة الملك محمد بن يوسف لمساعي روزفلت ، الذي رفض أن ينقل عاصمة ملكه إلى فاس عندما طلب منه نوكيس ذلك ،ولم يوافق كذلك على مقاومة الجيوش الأمريكية الراسية في الشواطئ المغربية ،مؤكدا للمقيم العام الفرنسي أن المغرب غير مستهدف للأخطار ، ونزول الجيوش الأمريكية ليس نزول إحتلال ،ولا حرب ضده ،بل إن هذا الإنزال يتماشى مع الخط الذي إرتضاه لنفسه ، عندما أعلن الحرب هو نفسه ضد ألمانيا المعتدية على الشعوب ،وبذلك جاء رد السلطان محمد بن يوسف على رسالة روزفلت بقوله "عندما أكدت لنا قواتكم أنهم جاؤوا إلى المغرب كمحررين لا كمستعمرين ...رحب جميع المغاربة بهم ،كما يرحب بالأصدقاء .أضف إلى هذا أن المغرب ليست لديه أي خلافات مع الشعب الأمريكي ،خصوصا وأن أمريكا لم يسبق لها أن إعترفت بنظام الحماية المفروض على المغرب ".
وعليه فإن الرئيس الأمريكي أعرب عن إرتياحه الكبير لموقف السلطان محمد بن يوسف الإيجابي ،والذي أكد على قيام تعاون وثيق بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية ،وأنه مبتهج لانضمام المغرب إلى صف الحلفاء ،وختم الرئيس الأمريكي خطابه بأن مجيء قوات بلاده إلى المغرب ،هو تطهير الشمال الإفريقي من النازية وإنقاذه من سيطرة المحور ،الذي يريد التحكم فيه سياسيا واقتصاديا .
بعدما نزلت القوات الأمريكية بالمغرب وتقوت شوكة الحلفاء بهذا الموقع الإستراتيجي الجديد ،صارت الاجتماعات تتوالى لتقرير مصير الحرب وتوحيد الأفكار ،ووضع إستراتيجية موحدة عسكريا وسياسيا لضمان الإنتصار وتثبيت مواضع الحلفاء ،وهكذا إنعقد مؤتمر أنفا التاريخي بالدار البيضاء ما بين 14 و 24 يناير 1943 م ،حضره بالخصوص الرئيس الأمريكي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل ،والجنرال شارل دوكول رئيس فرنسا الحرة فيما بعد (أي بعد سنة 1944 م) ،والجنرال جيرو Henri Giroud قائد القوات الفرنسية بالشمال الإفريقي ،وتغيب عن الحضور جوزيف ستالين رئيس الإتحاد السوفياتي للجمهوريات الروسية ،لانشغاله في الحرب في الجهة الشرقية لأوروبا.وقد إجتمع هؤلاء ليخططوا لشن الضربة القاضية على النازية في شمال إفريقيا من جهة ، والقضاء على النازية في أوروبا إنطلاقا من الشاطئ النورماندي بفرنسا المطل على المحيط الأطلسي من جهة ثانية .وبذلك قامت القوات الأمريكية والفرنسية المتواجدة في شمال إفريقيا الفرنسية بشن حملات عسكرية على القوات الألمانية المحصورة بين القوات المتقدمة من الشرق والغرب مما إضطرتها إلى التراجع ثم الإستسلام في مايو 1943 م.
ومن ناحية أخرى شهدت أعوام 1942 و 1945 م تصعيدا كبيرا للغارات الجوية من جانب قوات الحلفاء ضد الأراضي الألمانية والأقاليم التي تحتلها ،ثم قام الحلفاء في 6 يونيو 1944 م بإنزال جيوشهم على السواحل الشمالية الغربية لفرنسا (منطقة نورماندي )في أكبر عملية عسكرية في التاريخ الحديث للحروب ،وقد إستطاعت قوات الحلفاء أن تواصل تقدمها صوب باريس حيث تم تحريرها في 25 غشت 1944 م ودخلها الجنرال ديغول معلنا قيام حكومة مؤقتة.
ومن هذا المنطلق ،يتضح جليا أن الحلفاء قد حققوا نجاحا باهرا على دول المحور خلال الحرب العالمية الثانية إنطلاقا من الموقع الإستراتيجي للمغرب في المحيط الأطلسي .وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية قامت أمريكا بسحب معظم جنودها من المغرب ،لكنهم عادوا بعد بضع سنوات ،فمع بداية الحرب الكورية كانت أمريكا بحاجة إلى قواعد بالمغرب لتكون محطة توقف بين أمريكا وأسيا .ومند عام 1947 م تأكدت أن المغرب يشكل إحتياط إستراتيجي لمحاصرة الإتحاد السوفياتي من خلال موقعه المتميز ،فسارعت لتوقيع إتفاقيات مع الإقامة العامة الفرنسية،من ضمنها إتفاقية 15 سبتمبر 1947 م بين فرنسا المحتلة للمغرب وأمريكا والتي أعطت(هذه الاتفاقية) تسهيلات مينائية وجوية في البحرالمتوسط. خصوصا وأن فرنسا ستصبح في 4 أبريل 1949 م قوة حليفة في الميثاق الأطلسي ،وهو ما حتم عليها تقديم الدعم للولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا .وبالإفادة من متطلبات الدفاع المشترك بالغرب ستقيم الولايات المتحدة شبكة من القواعد العسكرية بالمغرب لخدمة هذا الغرض الدفاعي ، فوقع اتفاق سري يوم 22 دجنبر 1950 بين وزير خارجية فرنسا بيدرو و السفير الأمريكي في باريس جيفرسن كافيري، حيث سمح للجيش الجوي الأمريكي بإقامة 5 قواعد جوية و محطة اتصالات تشكل جزءا من شبكة اتصالات عالمية للجيش الجوي الأمريكي ،وكان ذلك دون إستشارة العاهل المغربي محمد بن يوسف.
وبذلك قامت الحكومة الأمريكية مند بداية عام 1951 م بإنشاء ثلاث قواعد جوية إستراتيجية بترخيص من الحكومة الفرنسية ودون إستشارة المخزن الشريفي ،وذلك في سيدي سليمان والنواصر وبن جرير ،وذلك من أجل إقلاع المقاتلات المتجهة نحو الإتحاد السوفياتي ومن المحتمل أن تكون تكاليف هذه القواعد قد بلغت 800 مليون دولار ،أي 280 مليار فرنك ،وقد عهد ببنائها لشركة "أطلس بناء" المكونة باشتراك خمسة مؤسسات أمريكية كبرى للأشغال وشركة باتينيول Batignolles وقد نفذت الأشغال بإدارة مصلحة عامة ،أي أن خزينة الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تؤدي النفقات ،وأن شركة أطلس بناء تأخذ 15 % من النفقات المصروفة.وفي عام 1953 م أستكمل بناء قواعد بن سليمان وسيدي سليمان وبن جرير ،وقررت واشنطن وقف الأشغال في الأخريين (النواصر وجمعة السحايم )بفعل الإتفاق المبرم بين فرانكو في شتنبر 1953 م القاضي ببناء قواعد أمريكية في إسبانيا بفعل الاضطرابات التي كان المغرب يشهدها إذ كانت القواعد الأمريكية بالمغرب في حالة إستنفار مستمر وهو ما كان يهدد سلامة الجنود الأمريكيين .
وكان للأمريكيين من قبل قاعدة جوية – بحرية بالقنيطرة وهي قاعدة بور ليوطي ،أعدت بعد إنزال نونبر 1942 م ولم ينسحبوا منها البتة (عكس القواعد الأخرى )وقد غطوا المنطقة بمحطات من رادار ،وانطلقوا في تحسين خطوط الإتصال ،كالطرق والسكك الحديدية حول محور القنيطرة –الرباط –الدار البيضاء النواصر-مراكش ،كما أقاموا شبكة من الاتصالات مع الجزائر وتونس .
لم تكن الوضعية الداخلية بالمغرب لتسمح للأمريكيين بالمكوث طويلا في المغرب ،فبعد الإستقلال الشكلي سنة 1956 م طالب المغرب بانسحاب القوات الأمريكية من القواعد بعد تدخلها في لبنان عام 1958 م ،وكان من ضمن مواضيع زيارة عبد الله إبراهيم إلى الولايات المتحدة في أكتوبر 1959 م جلاء القوات الأمريكية عن المغرب ،خصوصا وأن المغرب في هذه المرحلة كان يسعى لاستكمال وحدته الترابية .والجدير بالذكر أن المفاوضات حول القواعد العسكرية الأمريكية بالمغرب بين عودة الملك من واشنطن ومنتصف عام 1959 م لم تكن منتظمة بل كانت متفرقة وبلا نتيجة ،لكنها ستنتهي في أخر المطاف بقبول الولايات المتحدة الأمريكية إنسحابا أوليا بدءا من ديسمبر عام 1959 م ونهائيا في عام 1963 م لتنتهي بذلك أزمة القواعد الأمريكية في المغرب .
الموقف المغربي والفرنسي من الإنزال الأمريكـــي
- موقف المغرب من الإنـــــــــــــزال:
شكلت سنة 1942 م تاريخا لا ينسى في الذاكرة المغربية ملكا وشعبا ،والذين فوجؤا بالقوات الأمريكية ترسوا في الموانئ المغربية. وكان موقف المغاربة إيجابيا تجاه القوات الأمريكية لسببين رئيسين : الأول هو العلاقة الحسنة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية لتشبث الأخيرة بسياسة الحياد تجاه القضية المغربية ،والثاني هو أن دخول الولايات المتحدة الأمريكية سيخلص المغرب والمغاربة من نير الحماية الفرنسية ،لذلك نجد المغاربة قد علقوا أمالا كبيرة على أمريكا للخلاص من قبضة الأجنبي .
لقد جاء الموقف المغربي واضحا تجاه الإنزال الأمريكي بالمغرب ،والذي لم يعر أي إهتمام لسياسة نوكيس القاضية بمقاومة الإنزال الأمريكي بالشواطئ المغربية ،حيث رفض السلطان محمد بن يوسف طلب الأميرال دارلان رئيس حكومة فيشي والجنرال نوكيس القاضي بنقل جلالة السلطان والإدارة الفرنسية إلى مدينة فاس حيث رفض السلطان رفضا قاطعا هذا الطلب بقوله "إننا لسنا في حرب مع أمريكا ،ولا أسمح لقوات بلادي أن تريق دمائها في مقاومة النزول الأمريكي."وبذلك يكون موقف السلطان موقفا جريئا، لأنه لم يرضى الدخول في حرب لا ناقة له فيها ولا جمال، وبخاصة بعد إعلان المغرب سنة 1939 م الحرب على النازية وأنصارها .وهكذا يكون السلطان محمد بن يوسف قد أبان في ذلك الوقت على الروح الوطنية الصادقة لأنه لم ينصع لما قرره نوكيس من مقاومة القوات الأمريكية ،مؤكدا للمقيم العام الفرنسي أن المغرب غير مستهدف للأخطار ،ونزول الجيوش الأمريكية ليس نزول إحتلال ولا حرب ضده كما أسلفت الذكر،بل إن هذا النزول يتماشى مع الخط الذي إرتضاه لنفسه ،وهو ما تم تأكيده إنطلاقا من الرسالة التي بعث بها الرئيس الأمريكي روزفلت إلى السلطان المغربي والتي مفادها :"أن الرئيس روزفلت يتذكر العلاقات الودية التاريخية ،التي قامت بين المغرب وبلاده منذ قرنين ،ولا ينسى ما ربط رئيسي الدولتين: السلطان سيدي محمد بن عبد الله ،والجنرال واشنطن مؤسس الدولة الأمريكية ،من مودة واحترام ...وأنه(روزفلت) مبتهج بانضمام المغرب إلى صف الحلفاء ، وختم الرئيس الأمريكي خطابه ،بأن مجيء القوات الأمريكية إلى المغرب ،هو تطهير للشمال الإفريقي من النازية وإنقاذه من سيطرة المحور ،الذي يريد التحكم فيه سياسيا واقتصاديا ،ثم أضاف ...أن النصر الذي سيحصل عليه الحلفاء ،سيكون فاتحة عهد جديد من السلام والرفاهية للمغرب والمغاربة ".
وبالتالي تكون رسالة الرئيس الأمريكي روزفلت إلى السلطان محمد بن يوسف ،الدعامة الرئيسية لارتياح المغرب للإنزال الأمريكي وتقديم المساعدة المادية والمعنوية للجيش بعدما اتضح جليا للمغاربة هدف الإنزال الأمريكي بالمغرب .
وإلى جانب موقف السلطان محمد بن يوسف برز موقف أخر لا يقل أهمية عن سابقيه وهو موقف النخبة المغربية الذي كان متماشيا مع موقف السلطان والقاضي بعدم الوقوف في وجه الإنزال الأمريكي بالمغرب ،لما له من إيجابيات على الحركة الوطنية في سبيل خدمة القضية المغربية .ولا شك أن هناك دافعا وراء هذا الموقف الإيجابي الذي تحلت به النخبة المغربية لاتخاذ قرار الوقوف مع أمريكا ،وهذا الدافع يتجلى بالأساس في إنبهار المغاربة بالقوة والعظمة الأمريكية مقارنة بالقوة الفرنسية التي أخذت تتراجع في أعين المغاربة بسبب إنهزامها في الحرب ضد ألمانيا ،إضافة إلى العلاقات المتأزمة بين الإقامة العامة الفرنسية والمغرب ،على عكس العلاقات مع أمريكا التي كانت في مجملها جيدة ،وكانت الولايات المتحدة بلاد الحرية وخصم لاستعمار ،ولم تكن بحكم حداثة عهدها قد حكمت أي من الشعوب الإسلامية.وهو ما أكده البند الأول والثاني من الميثاق الأطلسي المبرم بين روزفلت وتشرشل في 14 غشت 1941 م .بالإضافة إلى تأسيس نادي روزفلت في فبراير 1946 م من طرف المغاربة بهدف تبيان مدى إرتياح المغاربة من التواجد الأمريكي على أراضيه ومدى إهتمام المغاربة بإحداث تقارب بينهم وبين الجنود الأمريكيين الموجودين على التراب المغربي.
وفضلا عن ما تقدم ،فإن الموقف المغربي كان موقفا إيجابيا تجاه إنزال القوات الأمريكية بالمغرب ،لأنهم رأوا فيه المخرج الوحيد من قبضة الحماية الفرنسة المفروضة علية مند سنة 1912 م ،لذلك دعم المغرب ملكا وشعبا قرار الإنزال.
- موقف الإقامة الفرنسية من الإنزال:
تجلى موقف الإقامة الفرنسية من الإنزال الأمريكي بالمغرب سنة 1942 م، بالرفض القاطع لما يحمله من خطر على التواجد الفرنسي بالمغرب .حيث شكل هذا الإنزال صدمة للجنرال نوكيس التابع لحكومة فيشي النازية ،فقرر أن تقوم الجيوش التي تحت إمرته بمقاومتها ،متجاهلا كل التجاهل موقف السلطان المغربي .
كان موقف الجنرال نوكيس غير متجاوب مع موقف السلطان المغربي ،لذلك كان مصرا على مقاومة نزول الجيوش الحليفة على الأراضي المغربية ،منفذا لأوامر التي تلقاها من الجنرال دارلان الذي كان مقيما بالجزائر آنذاك ،وهكذا دخلت الجيوش الواقعة تحت إمرة نوكيس في حرب مع القوات الأمريكية ،لكن هذه المقاومة لم تدم سوى ثلاثة أيام 8 و 9 م 10 من نونبر 1942 م للتفوق الأمريكي على المستوى البحري والجوي الذي كان حاسما ، لتستسلم بذلك القوات الفرنسية للجنرال الأمريكي إيزنهاور.
يتضح مما سبق ،أن الموقف الفرنسي كان معاديا للإنزال الأمريكي الغير المتوقع ،لأنه شكل قوة حقيقية تهدد الوجود الفرنسي بالمغرب ،وبالتالي تهديد المصالح الفرنسية في هذا البلد الإفريقي الحيوي ،وهو الأمر الذي جعل فرنسا بالرغم من ضعفها أثناء الحرب العالمية الثانية تبدي ردا عنيفا تجاه الإنزال الأمريكي بالمغرب ،والذي إنتهي في الأخير بالإمعان لأمر الواقع ،لتقرر فرنسا التحالف مع الحلفاء وبخاصة بعد تحريرها من حكومة فيشي سنة 1944 م وإعلان حكومة ديغول الإنتقالية .
نـــتائـــــج الإنــــزال الأمريـكي بالـمــــــغرب
كان للوجود العسكري الأمريكي بالمغرب (1942 -1963 م ) بالغ الأثر على المغرب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، ويمكن توضيح ذلك على الشكل التالي :
سياســـــيا :
- شكل إنزال القوات الأمريكية على الأراضي المغربية ،بمثابة إشارة واضحة على التحولات الطارئة آنذاك في موازين القوى ،والتي بدأت تطفوا على السطح عندما دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب دول الحلفاء .
- كان لدخول الولايات المتحدة الأمريكية المغرب دور هام في تطور الوضع في المغرب ،حيث لعبت القواعد العسكرية وما تقوم به من أنشطة إستعراضية للقوة العسكرية من زعزعت سلطات الحماية الفرنسية بالمغرب ،خصوصا بعدما ثبت بالملموس ضعف القوة الفرنسية في مواجهة التوسع النازي سنة 1940 م .
- مساهمة الوجود الأمريكي بالمغرب في وعي النخبة المغربية بضرورة المرحلة ، حيث سارعت لطلب الإستقلال (من خلال تقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال في 11 يناير 1944 م )،للإستفادة من الدعم الأميركي في ظل العلاقة الجيدة بين الرئيس الأمريكي روزفلت والسلطان محمد بن يوسف .
- أعطت الحرب الباردة هذا الوجود العسكري طابعا دائما في إطار سياسة ردع الخطر الشيوعي، حيث كان لهذا النشاط العسكري الأمريكي بالمغرب بين سنتي 1945 و 1963 م أثر كبير على التطور السياسي للمغرب وعلى الصراع الفرنسي الأمريكي في الفترة الممتدة ما بين سنتي 1952 و 1956 م.
إقتصاديـــــــــا:
إهتمت الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب مند الحرب العالمية الثانية ،بسبب موقعه ومعادنه الإستراتيجية وإمكانياته التجارية .حيث تعاظمت مكانته من منظور القوى العظمى الطامعة في ثرواته .ليشكل بذلك المغرب نقطة جدب محورية بين القوى العظمى وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا المحتلة.
- احتلت الولايات المتحدة الصف الثاني بين الدول التي تتاجر مع المغرب بنسبة قدرت ب 16 مليار فرنك ،فاشتركت المؤسسات النييوركية التابعة لمجموعة "مورغان" Morgan في شركة المعادن (مجموعة والثرWelter ) في تكوين شركة الشمال الإفريقية للرصاص.
- كما قام رجال الأعمال الأمريكيين بإنشاء مؤسسات النقل بالسيارات في المغرب ، إضافة إلى إنشاء شركات المشروبات الغازية ،وهو ما أدى إلى إغتناء مجموعة من التجار (حوالي الأربعين ) عن طريق الإستراد وبيع المنتوجات الأمريكية (سنة 1948 )،متضرعين بمعاهدة الجزيرة الخضراء التي تخول لهم إستيراد منتوجاتهم بنسب ضعيفة مما يدر عليهم أرباح طائلة .
- إستفادة الأمريكيين من المعاهدات السابقة لتطوير التجارة الأمريكية في المغرب ، وهو ما شكل تهديد ومنافسة للمنتوجات المحلية التي تراجعت أمام السلع الأمريكية.
إجتماعيـــــــــا :
رحب المغاربة بالتواجد الأمريكي على الأراضي المغربية لما رأوا فيه منفذا وخلاصا من السيطرة الفرنسية الاستعمارية :
- تعاطف الشعب المغربي مع القوات الأمريكية ،للرسالة النبيلة التي يحملونها وهي تخليص المغرب من قبضة النازية وسيطرتها على السياسة والإقتصاد المغربي ،زد على ذلك معاملة الأمريكان للمغاربة ،حيث كانوا يوزعون عليهم الملابس ويقدمون الشوكولاته والحلوى والعلكة للأطفال الصغار ،الشئ الذي لعب دورا كبيرا في اندحار التواجد الفرنسي .
بالإضافة إلى ذلك ظهرت بعض التمظهرات الجديدة على المجتمع المغربي نذكر منها:
- الإقبال المتزايد على تعلم الللغة الإنجليزية من طرف تلاميذ منطقة بور ليوطي .
- الإعجاب الكبير باللباقة الأمريكية فخلال الأسبوع 11-18 يوليوز 1946 تدخلت المطافئ الامريكية لإخماد سلسلة من الحرائق التي شبت في مجموعة من مدن الصفيح ببور ليوطي. حريقين "بدوار الساكنية" في أوقات مختلفة والثالث في هوامش المدينة مما خلف خسائر بشرية ومادية كبيرة . حيث تدخلت القوات الأمريكية بفعالية للحد من تفاقم الوضعية. على عكس السلطات الفرنسية التي تشير بعض الآراء إلى تورطها في هذه الأحداث بدعوى أن الدواوير كانت محج المقاومين وأنها مكان إخفاء الأسلحة.
- تشغيل اليد العملة المغربية وبأعداد كبيرة لخدمة الفرق العسكرية و المدنيين الأمريكيين برواتب مغرية، فحتى الذين يتم تسريحهم يحصلون على امتيازات نهاية الخدمة جد مهمة .
- هذا الإعجاب بالقوات الأمريكية والمعاملة الحسنة التي يعاملون بها المغاربة ،ترجمه المرحوم الفنان حسين السلاوي في أغنيته الشهيرة التي تحمل إسم "الأمريكان " التي تشيد بالإنزال الأمريكي ،وتأثيره على العادات والتقاليد المغربية.


تأسيسا على ما سبق يمكن القول ،أن الإنزال الأمريكي بالمغرب في الثامن من شهر نونبر 1942 م ، شكل محطة هامة في تاريخ المغرب المعاصر ،لما حمله من تغيرات في القضية المغربية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي .وهذا الإنزال لم يكن إعتباطيا بل كان نتيجة القيمة التي يحض بها المغرب في الإستراتيجية الأمريكية بحكم الموقع الإستراتيجي الهام للمغرب والدي يقع في الزاوية الشمالية الغربية من القارة الإفريقية والمنفتح على واجهتان بحريتان المحيط الأطلسي غربا والبحر الأبيض المتوسط شمالا ،وكما يقال فالجغرافيا هي العنصر الدائم في السياسة .
إن الإنزال الأمريكي ورغم ما صاحبه من إعداد استراتيجي وتكتيك عسكري وسياسي مقاومة "نوجيس" له، إلا أنه اعتبر هزيمة أخلاقية لفرنسا ، إذ أدرج العمل الأمريكي في حلقة دولية تجاوزت فرنسا . ونظر إليه على أنه عملية ناجحة على جميع الأصعدة بالنسبة لحكومة واشنطن فقد أعادت الثقة للجيش الأمريكي في قيادة العالم أزعجت القيادة السوفياتية والسلطات الفرنسية على حد سواء . دون إغفال أن هناك سياسة أمريكية تجاه المغرب قد تم بلورتها.


بعض المصادر والمراجع المعتمدة :
-كلارك جورج ،موجز التاريخ الأمريكي، ترجمة مفيد الديك ،مكتب برامج الإعلام الخارجي .
- القادري أبو بكر،مذكرات في تاريخ الحركة الوطنية من 1941 إلى 1945 م،الجزء الثاني ،الطبعة الأولى ،مطبعة النجاح .
- .Lhlou Abde Lmalek ,Casablanca à lheure de l’opération « torch » et de conférence d’anfa 1907 -1956 ,récit ,Casablanca ,najah El jadida ,1993.
- (Azzou (El-Mostafa), « La présence militaire américaine au Maroc, 1945-1963. », Guerres mondiales et conflits contemporains 2/2003 (n° 210) ,
URL : http://www.cairn.info/revue-guerres-mondiales-et-conflits-contemporains-2003-2-page-125.htm.
DOI : 10.3917/gmcc.210.0125.
- مزيان محمد، العلاقات المغربية الأمريكية 1912-1956، المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، الرباط 2015،.



#محمد_النحيلي (هاشتاغ)       Mohamed_Nhili#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدور الأمريكي في مؤتمرالجزيرة الخضراء 1906 حول المسألة المغ ...
- موقف الولايات المتحدة من حرب الريف المغربي


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد النحيلي -  الإنزال العسكري الأمريكي بالمغرب إبان الحرب العالمية الثانية: الظروف والخلفيات