أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - رغم نفور ترامب من اوباما، سينفذ مشروعه لشرق اوسط جديد بثوب جديد لما فيه من ضرر لايران















المزيد.....

رغم نفور ترامب من اوباما، سينفذ مشروعه لشرق اوسط جديد بثوب جديد لما فيه من ضرر لايران


ميشيل حنا الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 5436 - 2017 / 2 / 18 - 00:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الأمر بطبيعة الحال، ليس فقط بسبب ما يلحقه من ضرر بايران، بل أيضا لأن مشروع الشرق الأوسط الجديد بثوبه الجديد، قد تخطى مرحلتين هامتين على طريق التنفيذ، هما مرحلتي سوريا والعراق اللتان تقتربان من مرحلة التخرج والانجاز، ويتطلع الآن للشروع بالمرحلة الثالثة منه، وهي مرحلة ايران.
أسباب عنصرية وراء نفور ترامب من انجازات أوباما
===============================
من المعلوم أن الرئيس دونالد ترامب الذي تعشش في صدره توجهات شبه عنصرية كشف عنها في خطاباته الانتخابية وخص بها اللاجئين من اصل اسباني، والمسلمين الذي كان من بين اول قراراته التنفيذية حظر دخول رعايا سبع دول اسلامية الى بلاده، تم لحسن الحظ ايقافه من القضاء الأميركي الحريص على دستورية القوانين.

ومما عكس ايضا رواسب العنصرية الكامنة في صدره، الغاء سلسلة من القرارات التي صدرت في العامين السابقين على رحيل اوباما. وكان الكثير منها موضع ترحيب بها في صفوف الشعب الأميركي الذي عبر عن امتعاضه من الغائها. ومن أبرزها قانون "اوباما كير" الصحي، ثم الانسحاب من اتفاقية التبادل التجاري عبر المحيط الهادىء، وهو الاتفاق الذي وقعه أوباما في نهايات عام 2015 بعد الاتفاق مع فيتنام واستراليا ودول أخرى في شرق آسيا. كما وقع يوم الثلاثاء الأول بعد توليه الولاية، أمرا معارضا لقرار الرئيس أوباما المتعلق بأنبوب زيت داكوتا الساعي للحد من التلوث المناخي. بل ودعا الرئيس نتانياهو الذي لم تكن تربطه علاقة ود بالرئيس اوباما، لزيارة واشنطن خلال شهر شباط ، ويعتقد أنه سيكون من أبرز المواضيع التي سيناقشها معه، كيفية احباط قرار مجلس الأمن الصادر في نهايات العام الماضي، والذي صيغ برعاية أميركية أوبامية، ولذلك لم تستخدم الولايات المتحدة الفيتو في سبيل افشاله مكتفية بالامتناع عن التصويت. فقد بات الآن من الضروري التغلب على معوقات القرار الذي يحظر بناء مزيد من المستوطنات في القدس أو في الأراضي الفلسطينية. وقد رشح مؤخرا عشية لقاء ترامب بنتانياهو، بل وتأكد في مؤتمرهما الصحفي المشترك، أن ترامب لم يعد متمسكا بحل الدولتين، أسوة بسلفه أوباما، مما قد يؤدي الى ضم الضفة الغربية واعتبارها جزءا من اسرائيل. ومن ابرز القرارات التنفيذية الأخرى المتوقع تفعيلها من قبل ترامب في وقت قريب، بل وشرع في تنفيذها فعلا دون أن يقيم وزنا لعواقب القرار من فراغ مفاجىء في الأيدي العاملة والرخيصة منها بشكل خاص... قرار بطرد ثلاثة ملايين (من أصل أحد عشر مليونا) مقيمين في أميركا بطريقة غير شرعية ( من الصينيين أو الايطاليين أو المكسيكيين أي من أصل اسباني)، وكان الرئيس اوباما يسعى لاضفاء المشروعية على اقامتهم لحاجة البلاد لهم اضافة لمقتضيات انسانية.

ويرجح البعض أن أهمية ما تعكسه وترجحه قرارات ترامب اللاغية لقرارات اوباما، كونها تكشف عن نزعة عنصرية لدى ترامب تجعله يعادي اوباما ويسعى لمسح آثاره كلما أمكن، لكونه رئيسا أسود من أصل افريقي جلس على كرسي رئاسة الولايات المتحدة ذات الجنس الأبيض النقي بغالبية شعبها من الأنجلو سكسون، والتي باتت غالبيتهم تنكمش تدريجيا نتيجة الهجرة الى أميركا. ويقول برنامج على قناة بي بي سي عربي أن سكان ولاية جورجيا من المهاجرين، قد تفوق عددهم على نسبة الأنجلو سكسون منهم. وانطلاقا من هذه المخاوف، يرى الرئيس ترامب كما يبدو ويحتمل، أنه من المعيب، بل من العار أنه قد أذن لأسود بالجلوس على كرسي رئاسة الدولة الأميركية. فلو امتد زمن رئاسته لفترة أطول، لأضفى الشرعية والجنسية الأميركية على هولاء الأحد عشر مليون مهاجر آخر من المقيمين بطريقة غير شرعية.
الا أن مشروعا معينا ما بدأه أوباما، لا يتوقع أن يسعى ترامب لالغائه او تجميده، بل قد يسعى لتفعيله بصورة أقوى وأسرع مما هو متوقع. وذلك هو اشعال الفتنة بين اكراد ايران المتواجدين في شمال شرق ايران، بموقعهم القريب والمحاذي للحدود مع تركيا والعراق، وأبرز مدنهم "مهاباد" عاصمة الاقليم. فاضافة الى كون هذا المشروع يرتكز الى استراتيجية اساسية معتمدة في الولايات المتحدة منذ عهد بوش الأب وبوش الابن باسم مشروع الشرق الأوسط الجديد، بل وكان المحافظون في الحزب الجمهوري قد حاولوا تنفيذه منذ عام 1991 عبر حرب عاصفة الصحراء بذريعة تحرير الكويت، لكنهم منوا بالفشل نتيجة التدخل الايراني المفاجىء. ومع مجيء المحافظين الجدد الأكثر تشددا منذ عام 2001، أعادوا الكرة في عام 2003 ، وذلك بغزو العراق غزوا مباشرا نتيجة ضغوط مارسها المحافظون الجدد على بوش الابن. وقد مارسها آنئذ نائبه ديك تشيني ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد وبول وولفويتز وآخرون من المتأثرين بمبشري نظرية الشرق الأوسط الجديد وعرابيه، ابتداء من برنارد لويس الذي رسم لبوش الأب خرائط ما سمي بالشرق الأوسط الجديد، ورالف بيترز بمقاله الشهير "حدود الدم" الذي رسم تلك الحدوده بلون الدم، وجيفري كولدبرج، المنظر الأكبر للمحافظين الجدد، وسلسلة مقالاته في هذا الشأن التي نشرت متسارعة في مجلة اتلانتيك.

ولدى تولي الرئيس اوباما الرئاسة في عام 2009، تلقى عن هؤلاء مشروعهم الذي قاموا بتجربتين فاشلتين لتنفيذه، لم تحققا النتائج المرجوة للولايات المتحدة. وهنا عكف الرئيس اوباما على اعادة تقييم هذا المشروع المصنف استراتيجيا بالمشروع الضروري والحيوي لحماية مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، ولحماية أمن وبقاء ربيبتها اسرائيل التي باتت تشكل ركنا أساسيا في الاستراتيجية الأميركية الثابتة.
تطوير اوباما لنظرية الشرق الأوسط الجديد بالباسها ثوبا جديدا
============================================
لكن الرئيس اوباما بأفكاره المثالية وتميزه عن اٍسلافه بالتفكير والتخطيط، أراد أن يهذب الرؤية المتعلقة بالشرق الأوسط الجديد. فطالما لا بد من شرق اوسط جديد كما اراد مخططو الاستراتيجية، لما لا يكون شرق أوسط جديد بثوب جديد ومختلف نوعا، بحيث يمكن تقبله من المجتمعات الدولية التي رفضت الطرح السابق للشرق الاوسط الجديد القاضي بتفتيت دول الى دويلات، باستخدام القوة المسلحة وخلافا لرغبات شعوبها، ودون مراعاة لمقتضيات القوانين الدولية من وجوب اجراء استفتاءات حرة ونزيهة قبل اجراء تغيير جوهري في شكل وبناء تلك الدول خلافا لرغبات شعوبها.
وخرج الرئيس اوباما عندئذ بنظرية فيها لمسة من المثالية، في ظاهر الأمر على الأقل، وهي مساعدة شعب ما يرزح تحت حكم شعب آخر يخالفه في الاثنية، العرقية او الطائفية او اي اختلاف آخر جوهري...أن يساعده على تحقيق استقلاله وحكم نفسه بنفسه. ولكنه تطبيقا لهذه الرؤية التي قد تكون مثالية، لم يبادر لمساعدة مسلمي "الروهينجا" في ميانمار (بورما سابقا) المضطهدين من قبل البورميين وحكومتهم...كما لم يسع في نطاق ما يمكن تسميته "شمال افريقيا جديد"، لمد يد العون لآمازيق شمال افريقيا المسمون أيضا بالبربر والذين يقدر عددهم بين 25 الى 50 مليون امازيغي، ربما يتوق بعضهم لمجرد حكم ذاتي على الأقل كنقطة انطلاق.... اذ بدأ الشروع في تنفيذ رؤيته المثالية تلك الراغبة بمساعدة شعب ما في منطقة الشرق الأوسط الجديد تنطبق عليه هذه المواصفات، وذلك بتقديم الدعم له ومساعدته في التحرر والوصول الى الاستقلال، مما يضفي على مشروع الشرق الأوسط الجديد، رؤية أخرى هي بمثابة شرق أوسط جديد لكن بثوب جديد. وقد اختير الشعب الكردي، ليكون بالون الاختبار في الشروع بتنفيذ هذا المشروع الذي يفترض به أنه يتصف بالمثالية، ويتناسق مع مبادىء حقوق الانسان وحق تقرير المصير لشعب ما.
السيناريو الممهد لتنفيذ الشرق الأوسط الجديد بثوب جديد
=========================================
فبعد عامين من الدراسة والتطوير، أخذ ت تظهر من اللامجهول وبدون مقدمات مع بدايات عام 2011، معالم أجواء جديدة في المنطقة بدأت بثورة الياسمين في تونس مع بدايات الشهر الأول من ذاك العام. وسرعان ما تبعها قبل نهاية ذاك الشهر، في 25 يناير، ثورة مشابهة في مصر، لتتبعها بعد ثلاثة أو أربعة أسابيع (17 شباط) ثورة ثالثة مشابهة في ليبيا، ومن ثم في سوريا التي بدت كآخر ثورات الربيع العربي، ولكن تأكد لاحقا بأنها هي المستهدفة الفعلية من موجات الربيع العربي المفاجئة. وتبع ذلك ثورة خامسة في اليمن بدت أقل أهمية من غيرها. كل ذلك في فترة زمنية قصيرة، فكأننا كنا بصدد متابعة مسلسل من عدة فصول تتوالى وقائعه سريعة أمام أعيننا.

وهنا لا بد من تسجيل ملاحظتين: أولهما أن ثورات الربيع العربي لم تطل أيا من دول الخليج، أو أيا من دول عربية أخرى في شمال أفريقيا كالجزائر والمغرب العربي وموريتانيا والسودان وجيبوتي والصومال (رغم وجود نشاط ارهابي فيها لكن لم يبلغ حد الثورة الشاملة) وجزر القمر. وثانيهما أن ثورتي تونس ومصر سرعان ما همدتا مع حصول بعض الاضطراب الطفيف فيهما بين مرحلة وأخرى. أما الثورة في ليبيا، فقد شهدت بعد سقوط القذافي ولم تزل، مرحلة من الاضطراب وعدم الاستقرار، لكنها لم تبلغ مرحلة الحرب الأهلية الشاملة كتلك التي شاهدناها تنمو في سوريا بسرعة البرق وتنتشر سريعا كانتشار النار في الهشيم، ثم تنتقل الى العراق ايضا التي لم تشملها ثورات الربيع العربي، لكنها كانت منذ الغزو ولم تزل تواجه اضطرابات متفرقة، الا أنها اضطرابات لم تبلغ مرحلة الحرب الأهلية (الا في ثلاث سنوات سابقة، في العقد السابق، حيث نشبت خلال مرحلة الغزو الأميركي للعراق حربا أهلية بين السنة والشيعة استمرت ثلاث سنوات)... خلافا لما بات الحال عليه في سوريا التي واجهت وضعا متميزا بين ثورات الربيع العربي الخمس تحول الى حرب أهلية دامية. حتى اليمن، رغم تواجد مظاهرات عارمة فيها مطالبة بالتغيير ووقوع بعض الضحايا أحيانا، فانها لم تصل الى مرحلة الحرب الفعلية الا قبل عام ونصف العام مع انطلاقة ما سمي بعاصفة الحزم، وكانت حربا أهلية بظاهرها فحسب، اذ رافقها تدخل خارجي معلن ومكشوف.

أما سوريا، فهي دون الدول الخمس (باتت ستة لاحقا) التي هبت عليها رياح الربيع العربي. فقد شهدت حربا أهلية تمتد لعام بعد عام، ووقودها تسليح من الخارج، ومقاتلون أغراب جاءوا عبر الحدود التركية المفتوحة، من أقصى بلدان العالم الى اقصاه. وكان من بين القادمين للمشاركة في القتال ضد النظام السوري القائم، مقاتلون ينتمون لحزب دولة العراق الاسلامية المنتمي لتنظيم القاعدة، وذلك لمؤازرة رفاقهم في تنظيم القاعدة السوري المسمى بجبهة النصرة. ولكن مع بدايات عام 2013 دب الخلاف بين أميري التنظيمين، ففك أبو بكر البغدادي، أمير دولة العراق الاسلامية ارتباطه بأبو محمد الجولاني أمير جبهة النصرة، وانفرد بالعمل مستقلا في سوريا تحت اسم "داعش". وكان ذلك هو الفصل الثاني من فصول السيناريو (بعد فصل الربيع العربي) الساعي لاشاعة الاضطراب في المنطقة، وتنمية ما يسمونه بالفوضى الخلاقة التي في عتمتها تنمو وتزدهر وتنفذ المؤامرات.

فداعش التي كانت أصغر الفصائل المقاتلة في سوريا، نمت فجأة بسرعة البرق وأصبحت أقوى الفصائل المسلحة قاطبة. فسيطرت على مدينة الرقة ومواقع أخرى في شمال سوريا بما فيها بعض آبار النفط. وكان ذلك هو المشهد الثاني في تطورات الفوضى الخلاقة سريعة الانتشار، حبث كانت ثورات الربيع العربي هي المشهد الأول منها. وسرعان ما دخلت العملية المشهد الثالث في شهر حزيران (يونيو) 2014، عندما زحف مقاتلو الدولة الاسلامية في العراق الذين كانت لهم قواعد في الحبانية في محافظة الأنبار، ليتوجهوا شمالا بموكب كبير، وفي وضح النهار، وتحت عيون وبصر طائرات الاستكشاف الأميركية واقمارها الصناعية، ويسيطروا على ثلاث محافظات عراقية بعضها غني بالنفط ومساحتها تشكل ثلث مساحة كامل القطر العراقي. وهنا أعلنت الخلافة الاسلامية واعتبرت مدينة الموصل، ثاني اكبر مدينة عراقية، عاصمة للخلافة. وشكل ذلك التطور الأكبر في دراما مجريات الأحداث في كل من سوريا والعراق الذي أصابه الآن المس الذي اصاب الدول العربية الخمسة الأخرى.

أما الدول الأخرى من دول الربيع العربي، فقد سادها منذ عام 2013 ، وربما قبل ذلك، هدوء شبه تام في كل من تونس ومصر، ونوع من الهدوء القلق والمضطرب في ليبيا واليمن، خلافا للوضع في سوريا ولاحقا بالعراق. وكان السبب الواضح لبقاء هاتين الدولتين مشتعلتين بل وتزدادا اشتعالا يوما بعد يوم، كونهما يضمان اقليمين كرديين، أحدهما كردستان العراق الذي كرسه الغزو الأميركي عام 2003 اقليما ذو حكم ذاتي، ويسعى الآن ناشطا وعلنا لتكريس نفسه دولة مستقلة استقلالا تاما، وثانيهما مناطق الاكراد في الحسكة والقامشلي وغيرهما من مناطق الشمال السوري التي في خضم الفوضى الخلاقة في سوريا، باتت لها ادارتها الذاتية وقوات حمايتها الكردية، بل وجيش سوريا الدمقراطي بغالبيته الكردية. فالأكراد هو الشعب الذي اختار الرئيس أوباما أن يشمله برعايته (كما اختار الله في الماضي فلسطين لتكون أرض الميعاد لليهود على حد قولهم)، وأن يقدم له الحماية ويدرب رجاله ونساءه عسكريا، ويعزز قدراته التسليحية الى حد تشكيل جيش خاص بهم ذو غالبية كردية. فلا أكراد في ليبيا او في تونس او مصر او اليمن، ولذا لم تكن ثمة حاجة لابقاء أيا من هذه الدول ملتهبا. وللأسباب ذاتها لم تشتعل ثورات الربيع العربي في دول الخليج، أو في الدول العربية الأفريقية. فالفوضى الخلاقة في تلك الدول، ليست خلاقة وليست مفيدة لمشروع الشرق الأوسط الجديد لكن بثوبه الجديد. وتدريجيا بدأت تتضح الصورة. فالمناطق التي مسها الربيع العربي، عادت تدريجيا الى الهدوء باستثناء سوريا والعراق. والسبب في ذلك ان الدول الأخرى سواء تونس او مصر أو ليبيا أو حتى اليمن،(رغم وجود حرب في الأخيرة لكنها حرب ليست داخلية صرفة، ففيها أصابع مشاركة دول أخرى)، ليس لها علاقة بالمخطط الذي يستهدف تحقيق شرق أوسط جديد بثوب جديد، ممثلا بدولة كردية مستقلة تقتطع من أراضي أربع دول هي العراق وسوريا وايران وتركيا.
حكاية بلاد للأكراد... حكاية طويلة
====================
ومع انتشار ارهاب الدولة الاسلامية، وتضافر الفوضى الخلاقة معها على شاكلة الحرب الأهلية في سوريا وشبه الأهلية في العراق، اقتربت كثيرا قضية كردستان العراق من الانتهاء والتخرج دولة مستقلة ، بينما أخذت مسألة كردستان سوريا تقترب تدريجيا من بلوغ خط النهاية، رغم بقاء عقبات صادرة عن اعتراضات تركية متخوفة من مؤازرة الكيان الكردي في سوريا، للمتمردين ال PKK الأكراد في جنوب شرق تركيا، حيث تشتعل ثورة كردية كانت مرشحة لأن تشكل المرحلة الثالثة في عملية تكوين الدولة الكردية، لكنها وضعت الآن في مرحلة الانتظار، شغفا من الرئيس ترامب الكاره لمنجزات اوباما الا واحدا هو الانجاز الكردي وخصوصا الجانب منه المتعلق بايران، والذي بات الآن كما يبدو متعجلا للشروع به.
فالرئيس ترامب الرافض لتوقيع اوباما على الاتفاقية النووية مع ايران، اتفاقية خمسة زائد واحد، لكن العاجز عن فعل شيْ ازاءها نظرا لأنها اتفاقية دولية متعددة الجوانب والأطراف، والمتعاطف مع رغبة صديقه نتانياهو المتخوف من الخطر الايراني والراغب في استئصاله، وهو الخطر الذي تتخوف منه أيضا بعض الدول العربية والذي بات تخوفها المشترك من ايران يقربها من اسرائيل (على حساب القضية الفلسطينية)، شاءت أم أبت، أدركت أم لم تدرك....بات يجد في مسألة أكراد ايران الشرارة المستحبة لاطلاق الفوضى الخلاقة في الدولة الفارسية الاسلامية، أسوة بالفوضى الخلاقة السائدة في سوريا والعراق. ففي ظلال هذه الفوضى الخلاقة اذا نجح ترامب في اطلاقها، ستصبح الفرص متاحة لا لافشال اتفاقية خمسة زائد واحد، بل أيضا لارضاء وتطمين المخاوف الاسرائيلية ومخاوف بعض الدول العربية أيضا، اضافة الى تقديم نفسه، وهو الرئيس الذي بات معروفا بتسرعه في اتخاذ القرارات، وعدم تحري عواقبها بدقة، بأنه أيضا جنرال عسكري بارع اضافة الى كونه تاجرا، رجل أعمال، ثم رئيسا بالصدفة.

ولكن مخاطر فتح الجبهة الايرانية قد تنطوي على مخاطر لا يمكن التنبوء بعواقبها، أدناها تحالف مع روسيا التي لن ترغب بتواجد أميركي على الحدود الايرانية القريبة جدا من الحدود الروسية اضافة الى اشتراك الدولتين في حدود بحرية عبر بحر قزوين الفاصل بين ايران وروسيا ودول اخرى في المنطقة. فروسيا تشكو أصلا من تواجدهم في دول اوروبا وخصوصا دول اوروبا الشرقية القريبة من روسيا. وبالتالي فان فتح الجبهة الايرانية تحت شعار تحرير اكرادها، قد يقود الى تفاعلات لها بداية وليس لها نهاية، تماما كما حدث في سوريا، ولكن بشكل أوسع وأخطر نظرا لأهمية ايران الاستراتيجية، لا بالنسبة للصراع العربي الاسرائيلي فحسب كما هو الوضع في سوريا، بل لمستقبل الحرب والسلم وتوازانته في العالم.
ومن هنا يأمل المراقبون أن يفكر الرئيس ترامب طويلا، وألا يرتجل قرارته في القضايا الحساسة والمصيرية على مستقبل السلم العالمي. فالحروب النووية قضية غير مستحبة على الاطلاق، واذا هوجمت ايران، ولو عبر أكرادها، قد يفلت الحابل من النابل، وقد تضطر ايران عندئذ في معرض الدفاع عن النفس، لانتاج قنبلتها النووية التي ستبدل موازين القوى في المنطقة... مع اسرائيل، مع بعض دول الجوار وخصوصا السعودية، اضافة الى احتمال تحولها الى كوريا شمالية أخرى يخشونها، لكن يخشون أيضا التعرض لها بمكروه الا عبر فرض مزيد من العقوبات عليها.
ميشيل حنا الحاج
الكاتب، المفكر والمحلل السياسي
مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب - برلين.
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي - واشنطن.




#ميشيل_حنا_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل -الموت ولا المذلة- معركة لتصفية تواجد النصرة في درعا أم م ...
- قيام اسرائيل بقضم الضفة الغربية قطعة قطعة قد يفرض الحاجة لمن ...
- ترامب: يالتسن اميركا، أم تسونامي يطيح بالدمقراطية سعيا وراء ...
- قرارات ترامب هوجاء مفاجئة أم مدروسة تسعى لتكريسه زعيما لا مج ...
- مطلوب (جاستا) دولي لتعويض العراقيين والفلسطينيين عن عدوان ام ...
- الأحجية وراء مساعي تركيا لانهاء الاقتتال في سوريا عندما كانت ...
- انقشعت الغيوم وانتهى الغموض وراء المسببات الحقيقية لغبار الح ...
- الصراع بين دهاء بوتين ودهاء أردوغان والفائز فيه حلب الشرقية ...
- هل المعارك المتزامنة في سرت، حلب، الموصل والرقة: تنذر حقا بن ...
- الأكراد شرطي للمنطقة في ظل صراع سعودي ايراني على القيادة ومس ...
- نحو مفهوم جديد للدمقراطية في دول العالم وخاصة في الولايات ال ...
- ترامب الرافض للأقليات(اسبانية، أفريقية ومسلمة): هل تنتعش كوك ...
- الانتخابات الرئاسية الأميركية: انتخاب الكوليرا أم الطاعون
- معركة الموصل كما يراها الرئيس أردوغان على ضوء فكر عثماني ومخ ...
- معركة الموصل استعراضية ومعركة الرقة لاستنزاف العسكرية الروسي ...
- تزامن معركة الرقة مع الموصل: هل هي لتحرير الرقة أم لاعاقة تح ...
- احتمالات ما بعد الموصل والرقة: دولة أشباح تحت الأرض، وخلايا ...
- امارة اسلامية للقاعدة في سوريا كأنها تحظى بحماية أميركية
- معركة الموصل ومعركة حلب ونتائج غير مستحبة للمدنيين مع حاجة ل ...
- احتمال تفكك الاتحاد الاوروبي، وامكانية اقامة اتحاد الجهاديين ...


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميشيل حنا الحاج - رغم نفور ترامب من اوباما، سينفذ مشروعه لشرق اوسط جديد بثوب جديد لما فيه من ضرر لايران