أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - السقوط الأخلاقي لرواد الإسلام السياسي















المزيد.....

السقوط الأخلاقي لرواد الإسلام السياسي


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 5415 - 2017 / 1 / 28 - 22:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السقوط الأخلاقي لرواد الإسلام السياسي

كتاب قيِّم للكاتب والفيلسوف العراقي الراحل الطيب الذكر هادي العلوي يحمل العنوان " خلاصات في السياسة والفكر السياسي في الإسلام" من منشورات دار المدى لعام 1999، يتطرق فيه الكاتب إلى كثير من المواضيع المتعلقة بممارسة الحكم السياسي في الإسلام منذ النشأة الأولى وما تلاها من خلفاء وامراء وسلاطين ويضع مقارنة بين مَن التزموا بما اقتنعوا به من اوامر دينهم ونواهيه فعاشوا عيشة البؤساء والفقراء بالرغم مما كان تحت تصرفهم من اموال وضياع وتحكم بكل شؤون الرعية، وبين اولئك الذين جعلوا من الدين ستاراً يمررون من خلفه كل ما يقع تحت ايديهم لإشباع رغباتهم في الإثراء الفاحش ولنقل انفسهم وذويهم من واقع العوز والفقر والحاجة إلى اعلى المراتب الإجتماعية وقمة الرفاه الإقتصادي. يبدو ان هذه الظاهرة التي تتجلى على ابشع صورها في وطننا العراق اليوم، اعني ظاهرة الفساد واللصوصية والإستحواذ على الجمل بما حمل في حكومات احزاب الإسلام السياسي التي خلفت البعثفاشية المقيتة،غير جديدة على هؤلاء الذين سقطت مفردة الأخلاق من قواميسهم حتى اصبح سماعهم لها كما يسمع الشخص كلمة سباب بلغة اجنبية فيبتسم لها دون ان يعي معناها.
إلا ان الجديد في الأمر هو ان رواد الإسلام السياسي المتحكمين بسلطة العراق منذ سقوط دكتاتورية البعث قبل ثلاثة عشر سنة وحتى يومنا هذا طالما ينسبون انفسهم إلى شخصية الإمام علي بن ابي طالب معتبرينها قدوتهم في الورع والتدين، في الوقت الذي تنطبق تصرفاتهم مع مَن يدعون باختلافهم معهم مذهبياً مما يقود إلى التصور بان هذا الإختلاف المذهبي يؤدي بالضرورة إلى اختلاف السلوك الذي ينبغي ان يكون علي بن ابي طالب قدوتهم فيه. إلا ان الغريب في الأمر هو ان هذا الإقتداء يظل، كما تشير وقائع السياسة اليومية في العراق منذ سنين طوال، مجرد طرح نظري لا يخجل هؤلاء من المعممين والأفندية من التجارة به والإختفاء وراء المذهب الذي ينسبون قيادته إلى هذا الإنسان، علي بن ابي طالب الذي كتب عنه هادي العلوي في كتابه اعلاه على الصفحة99 ما يلي:

" لقد اراد الرجل، ويقصد به هنا علي بن ابي طالب،(ص إ)، ومن وراءه تلك الفئة المتطرفة التي تضم امثال الغفاري وعمار وسلمان ان يمنع الفاتحين من النهب في دولة تقوم سياستها على التوسع . واراد ان يحد من الإستحواذ على الثروة في نطاق شريعة تبيح التجارة والتملك غير المحدود . وسلك وهو يتبوأ حكم بلاد شاسعة سلوك الراهب المنقطع عن لذائذ الدنيا ساعياً في عين الوقت إلى فرض هذا القيد على اعوانه في الحكم ......... وعلينا الآن ان نؤكد ان سياسة هذا الخليفة كانت تجري ضد التيار وبالتالي فإن تحقيق اهدافها لن يكون ميسوراً "

ولو طرحنا سؤالاً عابراً على كل من يوظف عقله في تقييم ساسة العراق اليوم جميعهم بدون استثناء اية واحدة او اي واحد منهم سواءً من منتسبي الأحزاب الدينية او من التابعين لهم قولاً وفعلاً ، لو سألنا ذوي العقول والألباب : اية صفة من هذه الصفات التي كانت ملازمة لشخصية وممارسات علي بن ابي طالب تنطبق او يمكن ان تتقارب حتى من بعيد مع كل ما يحمله هؤلاء الساسة من فكر وممارسات في ادارة شؤون الدولة التي يقودونها والشعب الذي يتحكمون بمقدراته، بالرغم من تبجحاتهم التي لا حدود لها بانتسابهم فكراً وعقيدة وشرعاً، بل وحتى نسباً إلى الإمام علي . هؤلاء الساسة الذين لا يملون من النباح يومياً بانتسابهم إلى اهل بيت النبي، وعلي ابن ابي طالب هو ثاني الخمسة اهل الكساء نواة اهل البيت . هؤلاء الساسة العراقيون الذين لفوا العمائم على رؤوسهم وكووا جباههم وتزينوا بمحابسهم الفضية واطلقوا لحاهم وتبسملوا في احاديثهم وحوقلوا في مواجهتهم للفكر العلماني الديمقراطي وسكنوا القصور المسلوبة من الدولة او المشتراة باثمان بخسة حددوها هم بانفسهم او من قِبَل حاشيتهم في الحكم وامتلكوا الأموال الطائلة بعد ان كان كل منهم يستجدي قوت يومه واقتطعوا الأراضي والعمارات السكنية ولم يبخلوا على انفسهم وعوائلهم بالحل والترحال بين اراضي المعمورة بحثاً عن نزهة عابرة او طبابة فاخرة او تجنباً لصيف حارق او برد صاعق ، يرتكبون مختلف المعاصي ويمارسون معظم المحرمات وهم قائمون صائمون لا يتأخرون عن تكرار فريضة الحج كل عام ، إذ ان التكرا يزيل ما تراكم من جرائم وآثام السنة التي انقضت في اللصوصية وسرقة المال العام واموال الفقراء والأرامل والأيتام ، حسب ما يعتقدون به من شرع فقهاءهم، فقهاء السلاطين ، وحلفاء الشياطين، مثل هؤلاء الأوباش لا ينتمون في اي جانب من حياتهم المُشينة هذه إلى ما سلكه علي بن اب طالب في كل مسارات حياته السياسية والإجتماعية العامة او العائلية الخاصة. إن اكاذيبهم على الملأ تفضحها تصرفاتم اليومية في كل نواحيها وبمختلف توجهاتها ، وإن كل ذي عقل سوف لن يتردد لحظة واحدة في تصنيف سياساتهم وتصرفاتهم ضمن السقوط الأخلاقي الذي ينتمون لمريديه حقاً وحقيقة حيث انهم ورثوا هذه الصفات المشينة التي أكد عليها الكاتب الراحل هادي العلوي في كتابه اعلاه عندما تحدث فيه عما يسمى بالخلافة الإسلامية بدءً بالأمويين وانتهاءً بالعثمانين وكل من تبعهم في التحكم باحوال الناس في البلدان التي يشكل غالبية سكانها مسلمون. لقد تطرق الكاتب إلى:

" الهوَّة العميقة التي صارت تفصل بين الأخلاق والسياسة عند الخلفاء المسلمين ... " وإلى : " التطور الذي اصاب المجتمع العربي بعد برهة من ظهور الإسلام كنتيجة حتمية لظهور السلطة . وكان من المستحيل مع هذا التطور ان يكون للتقوى بمفهومها الأخلاقي الذي صدر عن بعض الصحابة والخلفاء الراشدين مكان في اوساط رجال السلطة.... ولا يصعب على الباحث ان يرى في سياسة الأوساط الحاكمة في الإسلام كل تلك الخصال التي تميز سياسة من سبقهم وتلاهم من الملوك والأباطرة في سائر الأمم ، والتي تبناها ميكافيللي في كتاب الأمير مستفيداً من حصيلة التجارب المتراكمة لديه من استقراء وقائع التاريخ "( الصفحات 104 و 105 )

ومن المفيد الإشارة هنا إلى ان المقارنة الأخلاقية التي اجراها الكاتب الراحل في كتابه اعلاه لم تقتصر على حقبة معينة من التاريخ الإسلامي الذي برزت فيه قوى مارست الكذب على الجماهير وسلكت مختلف سبل الخداع والرذيلة كي تمهد وتبرر طريقها إلى اللصوصية ولممارساتها اللاأخلاقية تجاه شعوبها وللمضي في نهب المال العام وحرمان طبقات واسعة من الجماهير من حقها في حياة حرة كريمة تسير مع الركب الحضاري لمجمعات القرن الحادي والعشرين ، وهذا ، بل وغيره الكثير ما يميز الحقبة التاريخية السوداء التي يمر بها وطننا العراق وشعبه اليوم.
الدكتور صادق إطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آخر ما ابتكرته مختبرات الإسلام السياسي ... تحويل الإنسان إلى ...
- مفردة - الوطن - لا مكان لها بين مصطلحات الإسلام السياسي
- صرخة حرة اخرى ينبغي الإتعاض بها
- طامتا الدولة ... الدين والعشيرة
- قانون الحشد الشعبي ما له وما عليه . . .
- تحية للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي
- وأعدوا لهم ما استطعتم من النساء . . .
- لا مساومة في حق تقرير المصير . . . القسم الثالث
- لا مساومة في حق تقرير المصير ... القسم الثاني
- لا مساومة في حق تقرير المصير ...
- مسلمون بلا أذان
- سياسة التتريك الجديدة
- خلايا داعش النائمة ... هل هي نائمة فعلاً ؟
- قوانين اسلامية جداً ...!!!
- بعد دواعش الدولة الإسلامية ... ماذا عن دواعش الدولة العراقية ...
- تقيؤات الطائفيين
- مسلمون بالتقسيط
- حينما يصبح الدين الإسلامي مهزلة بدُعاته
- الإسلام السياسي عاهة المجتمعات الإسلامية
- صروح الإسلام السياسي تتهاوى ... غير مأسوف عليها


المزيد.....




- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - السقوط الأخلاقي لرواد الإسلام السياسي