أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - امنة الذهبي - الثقافة بين التغيير والتجديد















المزيد.....


الثقافة بين التغيير والتجديد


امنة الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 1424 - 2006 / 1 / 8 - 10:42
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ادت عملية عدم فهم المعاني الثلاثة . الثقافة . المثقفين ، الانتاج الثقافي ، الى رواج اتجاه اعتقد القائمون عليه انهم يستطيعون تغيير ثقافة المجتمع بوسائل عديدة من اهمها الانتاج الثقافي ، وقد جاءت التعريفات مختلفة لهذه المعاني في الثقافات العالمية الأم وهي اليابانية ، الصينية ، الغربية العلمانية الحديث ، والثقافة العربية الاسلامية . فكل ثقافة من هذه الثقافات يتفرع منها ثقافات فرعية تبعا للغة والظروف الجيوفيزيائية والظروف البيئية والاقليات العرفية والاقليات الدينية فالثقافة شيء مختلف عن وصفنا لشخص بانه مثقف ، لان الثقافة يشترك فيها المتعلم والامي وقد يكون المثقف متأثرا بالثقافة الغربية الحديثة او مثقفاً بما يتوافر له من عوامل المعرفة والنضج ، او حيز الحرية المتاح له ومدى اتساعه للفكر والابداع ، اما الانتاج الثقافي فيشمل الابداع في الادب والفن وغيرها ولكي يصبح هذا الابداع مؤثراً في المتلقي عليه ان يحمل مفهومات الثقافة التي ينتمي اليها والثقافة مصطلح يسيطر على ادبيات العلاقة بين الدول المختلفة وهي القوة الاساس لدعم الامم والدول المتسابقة للتحضر والتي تدعو الى اهمية نمو الثقافات الانسانية ،
لكن ظهور العوامل الثقافية السائدة في العلاقات الدولية ألان بدأت حسب تأكيد (جيهان سليم,عولمة الثقافة واستراتيجيةالتعامل معها) بعد الحرب الباردة
معنى الثقافة والثقافة العربية
والثقافةحسب تعريف (عبد الوهاب الكيالي , الموسوعة الساسية) ذلك الارث الاجتماعي ومحصلة النشاط المعنوي والمادي إذ ، للمجتمع ، إذ يتكون الشق المعنوي من حصيلة النتاج الذهني والروحي والفكري والفني والادبي والقيمي الذي يتجلى في الرموز والافكار والمفهومات والنظم وسلم القيم والحس الجمالي ، في حين يتكون الشق الثاني من مجمل النتاج الاقتصادي والتقني (الادوات والآلات) والبيوت واماكن العمل والسلاح ، اما الاطار الاجتماعي الذي يتعمق من خلاله هذا الارث المستمر والمتطور من جيل الى آخر ، فنعني به تلك المؤسسات والطقوس وانماط التنظيم الاجتماعي الآخر.
لكنها تأخذ معنى اخرعند (محمود الخالدي ,الاصول الفكرية للثقافة الاسلامية )حيث يعدها ذلك الكل المكون من مجمل العادات والتقاليد والدين والسلوك والفنون والادب . وانسجاما مع هذا التعريف فمكونات الثقافة العربية الاسلامية على سبيل المثال لا الحصر هي القران الكريم والسنة النبوية لذلك فهي اقرب الى التماثل والتشابه منها الى الاختلاف في كل اجزاء الوطن العربي ، فاللغة العربية تبرز أهم موحد للعرب يعمل على شد اواصرهم وتفاعلهم ويزيد من وحدتهم وكذلك حال الدين الاسلامي الذي يعد القاسم الاساس ويشكل مع اللغة العربية اهم قواسم الاشتراك بين ابناء الوطن العربي اما تعريف الثقافة فقد اختلف عليه المنظرون والمؤلفون فهو يختلف باختلاف الامم ، الا ان ادوارد تايلور عرفها على نحو اكثر دقة فالثقافة من وجهة نظره هي الكل المعقد الذي ينطوي على المعرفة والعقائد والفنون والاخلاق والقوانين والعرف وغير ذلك من القدرات اما المفكر الاسلامي مالك بن نبي فقد عرفها بوضوح قائلا انها ((مجموعة الصفات الخلقية والقيم الاجتماعية التي يتلقاها الفرد منذ ولادته كرأسمال اولي في الوسط الذي ولد فيه ، وعلى هذا تكون الثقافة هي المحيط الذي يشكل فيه الفرد طباعه وشخصيته
ان النزعة الحمائية المفرطة انما هي في حقيقتها تمويه يغطي الرغبة في تضييق الخطى في طريق التغيير ، او حتى ابقاء الوطن العربي في قبضة التقليد ، ومن ثم تحت هيمنة انظمة القوة الراهنة على المستويين الوطني والدولي لكن هذا التغيير الثقافي يجب ان يسير تصاعديا للحفاظ على الثقافة الاصل وليس لتصغير هذه الثقافة لخدمة مصالح الغرب كما يراه (روجيه غارودي,حفارو القبور ) وتتحول دول العالم الثالث الى بلدان تتسلم المعونات وتستهلك فقط مثلما جيء بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ليخرب نصف الكرة الارضية الجنوبي منذ عشرين عاما السؤال القائم الان ما هي الاصالة الثقافية العربية . وكيفما تكون فهل هي خصيصته ، ويمكن ان تعد سجية في العرب ؟ وهل وهب العرب خصلة جوهرية تميزهم من جميع الشعوب الاخرى ؟ وهل الثقافة العربية شديدة التباين مع ثقافة كل كيان اخر في العالم الى حد وجوب التعامل معها باسلوب مخالف في العصور الحديثة ؟ وللاجابة على ذلك يمكن القول ان هنالك اتفاقا عاما على وجود اصالة ثقافية عربية وان كان من الصعب الاتفاق على طبيعتها ، ويترتب على ذلك عدم وجود اتفاق بشأن الدرجة من التغيير الثقافي التي يمكن ان يبادر العرب اليها ، وان يظلوا مع ذلك صادقين مع اصالتهم الثقافية النابغة من التراث العربي في الوطن العربي وقد قدم المفكرون العرب المعاصرون نظرات ثاقبة لما يعدونه تراث الماضي الثقافي العربي ان العرب يعاملون المجتمعات انطلاقا من الماضي العربي الزاهر فهو في الحقيقة يكشف عن اهتمامات العقل العربي المعاصر اذ يعبر عن نفسه من خلال واحدٍ من اكثر متطلبات الفكر اشكالية وأهمية من اجل الوصول الى مكانة مرموقة للعرب في العالم المعاصر بين القوى والحركات السياسية العالمية المتصارعة في وقت يصعب الاستقلال فيه والحفاظ على السيادة
الغزو الثقافي .
ولما كان موطن الثقافة العقل والفكر فان الغزو الثقافيكما يعرفه(عبد الملك عودة,الثقافة الاسلامية) هو غزو فكري وهو يعني دخول فكر انسان او مجتمع ما لاحداث تغيير في فكره الجديد واساليبه اما اسلحة الغزو الفكري المؤثرة في العقل والنفس والعقيدة فهي الكلمة ، الكتاب ، الندوة ، المحاضرة ، وسائل التعليم ، النظريات والشبهات .
ويمتاز الغزو الفكري من العسكري بالشمول والامتداد فهو حرب دائمة ذاتية لا يحصرها ميدان ، بل انها تمتد الى جميع شؤون الحياة ، ويسبق الغزو العسكري ثم يواكبه ويستمر بعده .
الا ان الغربيين يرون ذلك امرا ايجابيا فاستبدلوا لفظة الغزو الثقافي بمفردة اكثر نعومة وقبولا الا وهي (العولمة) وقالوا عنها انها عملية فتح الحدود للافكار والمعلومات والانسان والثروة والتكنولوجيا للعبور بحرية بين الدول وكان لها وسائل متعددة بدأت منذ عصور بالحملات التبشيرية والمستشرقين وانتهت بالبث الفضائي والانترنت وقد تبنت الثقافة العربية الكثير من عناصر الثقافة الغربية الحديثة ، ولم يكن هذا ملحوظا في عالم المادية فقط ولكن ايضا في التنظيم المجتمعي وهنالابد من الاشارة الى راي (محي الدين تيتاوي ,العولمة وتحديات الاختراق الثقافي )الذي يرى ان المقصود بالغزو الثقافي هو اختراق الهوية المذهبية التي تشكل ذهنية الانسان وتحدد مشاعره ووجدانه وسلوكه كما تشكل رؤيته الكلية الى العالم من حوله والى عالمه الخاص به وتأتي اهمية قضايا الاسرة والمرأة والطفل وحقوق الانسان وصلة المجتمع بالدولة وواجب الدولة تجاه المجتمع والتنوع الثقافي والاثني بين طوائف المجتمع مداخل للاختراق الثقافي والغزو والفكري فالغرب يسعى لتغيير الاسرة بمفهومها الاسلامي ويشكو النمو السكاني في الوطن العربي والاسلامي واختلف التأثير الخطير للغزو الثقافي في عصر العولمة عنه في العصور السابقة قبل اختراع الحاسوب والانترنت والقنوات الفضائية لان المعلومات عبر الانترنت لا تعرف حدوداً وتجري بعيدا عن سيطرة الحكومة ثم ان الفكر الاميركي واحتكاكه بالفكر العربي زاد من مأساة الغزو الثقافي فالفكر الاميركي لم يترفع عن مستوى المراهقة ولا يجوز الخلط بين بريق القوة ونجاح الذكاء ان عنفوان الشباب السياسي وقوة الغزو الاميركي وسيادة مفهومات السيطرة الاميركية اعطت للفكر الاميركي بريقا لكن لم يقدم هذا البريق جوهرا حقيقيا لهذا الفكر .
ان رخاوة الفكر العربي ادت الى قدرة الفكر الخارجي الاجنبي على غزوه وبصفة خاصة الصهيوني والغربي وقدرته على التغلغل المدمر في الادراك العربي، لذلك اصبحت قضية الغزو الفكري من اشد القضايا خطرا ، اذ انه يحقق اهدافه بعد مدة ليست بالقصيرة من الزمن ليتم ابعاد المستهدف من ثقافته باسلوب هادئ لا اثارة فيه ولا استفزاز فتتم المؤامرة الخطيرة التي قلما يشعر بخطرها وابعادها في اول الامر احد . واخطر انواع الغزو هو الذي يستخدم ابناء الامة نفسها الذين يتكلمون مع الهدف باللغة نفسها لان هؤلاء اكثر تاثيرا من غيرهم، فيعملون اولا على هدم الدين ثم افساد الاخلاق ثم العادات والتقاليد
اهداف الغزو الثقافي الغربي للوطن العربي
ان من اوائل اهداف الغزو الثقافي للوطن العربي السعي لمسخ الشخصية العربية بصورة عامة والاسلامية بصورة خاصة ، وقبر منابع الاصالة والابداع فيها وتحريف مقومات امتنا الحضارية واثارة العجز في نفوس ابناء الوطن وبهذا يتوقف النمو الحضاري ، اذ يشعر المرء بعدم قدرته على مسايرة حضارات العالم ولما كانت اللغة العربية هي لغة الحضارة والابداع العربي كان لابد للغزو الثقافي الغربي من ان يستهدف اللغة العربية ويشجع لغة المستعمر اضافة الى اللهجات العامية في البلاد العربية لتمزيق وهدم الوحدة الفكرية في العالم العربي وفصم الصلات بين اجزائه ويذهب فرانسيس فوكاياما الى حتمية سيادة الحضارة الاميركية وهيمنتها على كل المجالات ويرى ان الحضارة الاميركية قد وصلت الى اعلى مستوى من الرقي والتقدم الذي يمكن ان يبلغه الانسان في أي زمان ومكان وان الانسان الغربي صانع هذه الحضارة هو اعلى سلالة بشرية يمكن ان تخرج الى الوجود وانه ، (خاتم البشرية)
ويعد مثل هذا التفكير ارتداداً حضارياً وفكرياً الى مرحلة استعباد الشعوب غير الاوربية لانه ينطوي على تفكير يفيض ويتميز بالغطرسة والاستكبار واحتقار حضارات الشعوب وتحقير ثقافاتها وموروثاتها .
العلاقة بين العقل والثقافة.
اما العلاقة بين العقل والثقافة فهي علاقة نسبية إذ ان مبادئ التفكير تنطلق من الثقافة السائدة كالانحناء للملك او رفع احدى اليدين .
كما انها علاقة تقاطع لا تطابق كما يراها (نوري صافي , العقل والتجديد)، فالعقل المكتسب يرتبط ارتباطا وثيقا بالثقافة، بينما ينقل العقل الفطري عن الثقافات كلها ليشكل القاسم المشترك الرئيس بينهما ، لكن العقل المكتسب يمثل مساحة محدودة من مساحة التأثير الثقافي لمجموعة سكانية ما تقتصر على مجموعة الاحكام المتعالية والتجريبية والقيمية التي توظف لتقوية الدعاوى النظرية والممارسات العملية ويبقى خارج دائرة العقل بوصفه القاضي بالصدق والكذب او الصواب والخطأ .
العلاقة بين الحضارة والثقافة .
يقترب مفهوم الثقافة من مفهوم الحضارة وقد تعددت تعريفات كلا المفهومين لا بل ان هنالك من لا يفرق بينهما ، وعليه فان مفهوم الحضارة تميز منذ ظهوره في الفكر الغربي لاول مرة عام 1772 بغناه وتعقيده الى درجة ان فلاسفة ذلك التأريخ حللوا اكثر من 160 تعريفا وصنفوا هذه التعاريف حسب (محمد جمال باروت ,مابعد المركزية ) الى ست زمر . وصفية ، تاريخية ، معيارية ، نفسية ، بنيوية ، وتكوينية .والعلاقة ما بين (Civilization) الحضارة و (Cullure) الثقافة كما يراها (حسين فهيم, قصة الانثربولوجيا ) هي ان الحضارة انموذج داخلي او خارجي من السلوك يتكون من مجموعة رموز تعلمها الانسان خلال عملية احتكاكه بالمجتمع وهذا السلوك هو حصيلة الانجازات التي حققتها الجماعات والاقوام المتعاقبة.
اما في مضمار الحضارة والثقافة (كما يؤكد (محمود الخالدي ,في الاصول الفكرية للثقافة الاسلامية )فان المسلمين ما يزالون يحتفظون باسباب الرقي والنهضة والتقدم ذلك لان ثقافتهم من تصور العقيدة الاسلامية للانسان والكون والحياة ولان حياتهم هي المرآة التي تبلور تلك الثقافة وتوظفها داخل النهضة الحقيقية وعلى اية حال فان كلاً من الثقافة او الحضارة تعد الكل المعقد المتشابك في الانظمة التي تتضمن اساليب الحياة المادية والروحية فهي تتولد من عملية انتاج الوجود الجماعي بوصفه وجودا اجتماعيا
ويرى علماء الانثربولوجيا ان الحضارة كائن حي ينشأ ويتطور وينتهي ، والحضارة مجموعة من المعارف ذات علاقة بالطبيعة والمجتمع وذاك يقيد علاقة الانسان بالزمان والمكان وان الحضارات محكوم عليها بالتصادم في ظل الطغيان . في حين تؤكد وجهة نظر ثانية ان ليس هنالك فوارق بين تعريف الثقافة والحضارة ، فالحضارة ثقافة معممة وداخل الحضارة العديد من الثقافات ووجهة نظر ثالثة تؤكد ان الصراع بين الحضارات ليس صراع مصالح ، فذاك مفهوم غربي ، فالحضارة الاسلامية لديها الخبرة للافادة من الحضارات الاخرى والحوار معها وان الحضارة الغربية عنصرية .
اما في قضية الثقافة فقد ظهرت وجهات نظر تقول ان الثقافة رؤية للعالم واداة تكيف مع التحديات وليست تعبيرا عن هوية ميتافيزيقية ، والتفاعل الثقافي يعبر عن توازن القوى بين الثقافات والشعوب والامة القادرة على هضم الثقافات الاخرى ، كما يمكن لثقافة عظمى ان تهيمن على ثقافات صغرى عن طريق التعليم واللغة فتدمرها فالثقافات لا تحمي نفسها بالانغلاق ولكن بالتفاعل المتبادل والاستثناء الثقافي في مواجهة الهيمنة ، ليس عودة للانغلاق وانما هو بمثابة روافد جديدة ومتجددة للثقافة العالمية .
ارتباط التقدم بالقيم الثقافية
اشارت الكتابات الاولى لمدرسة الحداثة الى ان حل معضلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدول النامية تكمن في تقليد الغرب واقتفاء المسار التاريخي للنموذج الغربي والسير خطوة بخطوة على خطى الغرب .
وكتب روستو كتابه(مراحل النمو الاقتصادي) الذي عد بمثابة مانفيستو غير شيوعي للتنمية ويوضح فيه أنّ على الدول النامية أنْ تتبع خطى الغرب لتصل الى ما وصل اليه . وظهرت كتابات عديدة تتناول سمات كل من المجتمعين التقليدي والحديث وكيف يتم الانتقال والتحول من الاول الى الثاني . ومن ضمن كتابات مدرسة الحداثة في تلك المرحلة نشرت دراسات تتناول تاثير الثقافة في السلوك السياسي وجاء الاهتمام منصبا على دور الثقافة السياسية . وارتبطت كتابات الثقافة السياسية بمفهوم اولويات الامن القومي الاميركي(حسن الحاج احمد , تغيير السياسة باستخدام الثقافة ) وفي الوطن العربي نجد ان نظرية التحديث كانت تقوم على افتراض ان الانتقال من القديم الى الحديث . ومن التقليدي الى المعاصر ، يعتمد على دور الطبقة الوسطى الحديثة ، هذه الطبقة المتأثرة بالمعرفة غير التقليدية والمتمثلة في الخدمة المدنية والمؤسسة الفكرية والاداريين والخبراء والسياسيين هي عماد التغيير وركيزة التحديث وبسبب تلقي معظم النخبة المعنية بهذا الخصوص من الطبقة الوسطى قسطا من التعليم والتدريب في الغرب فان تمكنها من عملية الانتقال والتحول الى الحداثة هي مسألة وقت فقط .

الامبريالية الثقافية
ان الامبريالية الثقافية جزء عضوي مكمل للامبريالية الاقتصادية والسياسية ايضا وهذه الجوانب الثلاثة الامبريالية تكمل بعضها بعضاً ، وتتلاحم في ظل نظام واحد يسيطر على العالم الثالث ويستغل بما في ذلك الشعوب العربية وثرواتها ومن هذا المنطلق فان الفهم الواضح للغزو الثقافي في العالم العربي يتطلب تحليلا للامبريالية الثقافية ( سميح فرسون,الغزو الثقافي للعالم العربي)
وقد مرت الامبريالية الثقافية في الماضي بتغيرات عميقة وذلك بالرغم من الاساليب التأريخية المعهودة التي اتبعتها في التسرب الى او اختراق المجتمعات الاخرى ، وقد حدث هذا التغيير النوعي الهام المهم ، لأسباب عدة منها :
1. التطورات النوعية في مجال تكنولوجيا الاتصالات العالمية المشار اليها سلفا .
2. تركزت السيطرة في هذا المجال في ايدي عدد من الشركات الاميريكية المتخصصة في الاتصالات العالمية هي السبب الاهم .
3. تبني الحكومة الاميركية والحكومات الاوربية سياسة مدركة ونشطة في السعي لتحقيق الاحتراق (الغزو الثقافي) .
وفي نهاية مرحلة الامبريالية التي قامت على دبلوماسية المدفع وعلى السيطرة العسكرية المباشرة ، بدأت مرحلة جديدة اتسمت بالامبريالية الاقتصادية غير المباشرة ، وارتبطت بأساليب سيطرة غير مباشرة ترتكز على الاقناع اكثر من ارتكازها على القوة ، وفي هذه المرحلة كانت عملية الاختراق الثقافي والسيطرة الثقافية المدركة مسألة رئيسة ، وهكذا فان في اثناء هذا المنعطف التاريخي تم تحديد وضع البنى والقواعد والاساليب الايديولوجية الموجهة لصناعة الاعلام الثقافي التي يسيطر عليها الغرب ، ومثلما هي حال التوسع الامبريالي القديم ، نجد صناعة الثقافة الاعلامية تسعى لتحقيق سيطرة عالمية من خلالها في فرض التبعية الثقافية على المجتمعات الاخرى ، ويتقبل اصعب واهم جانب في تحليل الامبريالية الثقافية هو عملية الكشف عن الترابط العميق بين الطبقات والبنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحلية منها والخارجية .
* الامبريالية الثقافية الجديدة
ان منشأ التبعية الثقافية الجديدة هو الاعتماد على التكنولوجيا المصنعة في الغرب والمصدرة لبقية اجزاء العالم .. ويعد اعتماد العالم العربي والعالم الثالث على هذه التكنولوجيا امراً في غاية الوضوح ، ولا يوازي هذا الاعتماد في الاهمية سوى الاعتماد على المنتوجات الثقافية الغربية والاميركية منها على نحو خاص ، وهنالك نسبة كبيرة من الافلام الاوربية التي تعرض في الوطن العربي منتجة من شركات استثمارية اميركية ، اما البرامج التلفازية الاميركية فقد حققت رواجا اكبر في الاسواق العربية

* ثقافة العولمة.
هل نحن في اتجاه ثقافة عالمية واحدة تخضع للتمايز في داخلها بين ثقافة شعبية وثقافة طبقة نخبة ام في اتجاه صراع بين ثقافة نخبوي مسيطرة مرتبطة بسيرورة العولمة وثقافات وطنية محتفظة بديناميتها ومستمرة على مقاومة ثقافة العولمة ؟
ويجيب (برهان غليون في ثقافة العولمة وعولمة الثقافة) بالقول ان عمليتين متوازيتين يشهدهما العصر ، تتبع الاولى خط نشوء ثقافة عالمية تشكل الموارد المشتركة للنخبة الدولية وتتبع العملية الثانية خط التمايز بين ثقافة العولمة والثقافات المحلية والاقليمية التي سوف تفقد طابعها الوطني او القومي ، الامر الذي يعرضها للانحلال الداخلي والتفتت دون ان يعني هذا الانحلال القضاء على هذه الثقافات لكنه يشكل مرحلة اولى على طريق اعادة تركيب هذه الثقافات من افق العولمة او من افق الرد على تحديات العولمة وثقافتها الخاصة ، تتخذ المعركة بين هاتين الثقافتين كما يميزها لنا (عادل عبد الله) اتجاهين أساسين هما .
اولا: تاكيد استقلالية الثقافات الاقليمية عن الثقافة المعولمة والثقافات الكبرى ، وهو ما يمثل الرفض لمبدأ الهيمنة .
ثانيا : اثبات اصالتها ، أي قدرتها على الابداع في ايجاد حلول مختلفة وناجحة للمجتمعات المرتبطة بها الامر الذي يعني في نهايته ان هناك تحديان يواجهان الثقافات المسيطر عليها هما .
أ.تحدي الاستسلام والتسليم الذي يؤدي الى التفكك والانحلال .
ب.البقاء على مستوى الرفض والاحتجاج ومن ثم التحول حتما الى ثقافة مضادة لثقافة العولمة ، وهذا هو النمط الذي تبنته ثقافة العالم العربي ممثلة بردها الاحتجاجي على صعود ثقافة الهيمنة والعولمة التي تهدد الثقافة العربية وتخفضها الى مستوى الثقافات الاثنية غير الفاعلة حضاريا ، ان موقف رفض السيطرة الثقافية والكشف عن اليات التبعية وتشديد الصراع ضدها هو المنبع الرئيس لارادة الاستقلال والمشاركة الحضارية وان اساس وشرط التحرر والتحول هو الابتعاد قليلا عن الذات والتجرؤ عليها إذ ان الدفاع عن الهوية العربية من خلال اعادة بنائها في اطار الثورة العلمية والتقنية أي بناء العالمية فيها ثم العمل على اعادة بناء العالمية من افق التعددية الثقافية وهناك من يرى ان العولمة الثقافية تعني اشاعة قيم ومبادئ ومعايير الثقافة الاميركية والانموذج الاميركي وجعله انموذجا كونيا ، يتوجب تبنيه وتقليده ، وقد أفادت من التطور الهائل السريع الحاصل في وسائل واجهزة الاعلام والتقنيات العلمية والمعرفية في نقل وتقديم هذا الانموذج الى المجتمعات الاخرى
ولعل ما يزيد عولمة الثقافة تأثيرا هو ان عولمة الاقتصاد والسياسة ونظم الحكم والاعلام والتكنولوجيا تفضي كلها الى عولمة الثقافة التي يراد لها ان تصبح انموذجا فكريا وحيدا تركزه ، في العقول والضمائر ، الاشرطة التلفازية والفديوية او ذلك الذي تبثه القنوات الفضائية



#امنة_الذهبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أدب المحنة/ اختبار حقيقي لثقافة الشعوب
- الكراسي احجام
- قصة قصيرة / قدح ومطر اخر الليل
- قصة قصيرة


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - امنة الذهبي - الثقافة بين التغيير والتجديد