أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امنة الذهبي - قصة قصيرة / قدح ومطر اخر الليل














المزيد.....

قصة قصيرة / قدح ومطر اخر الليل


امنة الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 1404 - 2005 / 12 / 19 - 05:06
المحور: الادب والفن
    


حبات المطر تعزف لحنا قاسيا على زجاج نافذتي .. لحنا يذكرني بنقر اصابعك على الباب عند عودتك كل ليلة وانا نائمة من التعب … على العكس منك تماما ، لا أدري من اين كنت تاتي بكل تلك القدرة على تحمل ساعات العمل دون احساس بالاعياء .
اشتد المطر في الخارج وارتفع صفير الرياح مع الرعد حتى انقطع التيار الكهربائي ، بدا كل ما في الغرفة هلاميا ،كأن لا وجود له ، كل الاشياء الثمينة تفقد قيمتها في الظلام ، همست بها في اذنك ذات مرة ، فانبتني كثيرا ، لا ادري مالذي يشدك الى العتمة ,....دائما كلما عرض التلفاز فلما للسهرة ، تضايقت واوصدت بعدها الابواب والنوافذ مثلما فعلت انا الليلة ، تطفئ الانوار كلها قبل ان تتوسد ذراعي وتحرمني النوم حتى الفجر ، في العتمة ، تبدين سرا عصيا ، دائما كنت ترددها حتى اقتنعت بها او اقنعتني رغما عني ، لا اذكر ان للمطر صوتا عندما نكون معا ، لم اسمع صوته في كل الشتاءات العشر التي قضيتها على صدرك ، ربما كان نبض اوردتك او صوت انفاسك اعلى ؟
برق ضوء قوي في الخارج ، كانت صاعقة نفذ شيء منها عبر النافذة وانعكس على قدح كان يقبع على الطاولة ، نصفه مليء بعصير الليمون ، تلألأ الضوء فيه .. كانما حبات لؤلؤ في القعر،مازلت اذكر نصيحتك " لا تتركي الاقداح فارغة كي لا تغضبي الاشباح" .. من يومها وانا املأ القدح كل ليلة بنوع من العصير اشربه حتى المنتصف ، واترك الباقي للاشباح التي لم تات بعد .. عاد المطر يعزف لحنه على زجاج نافذتي ، تركت سريري وترجلت صوبها ازحت الستائر ، كان الظلام قد غزا المكان ، اضواء الشوارع انطفأت ، والسيارات هجرت الطريق العام او اختبأت خوفا من الاشباح والرعد .
في قريتي ، كانوا يبتهجون بالمطر ويصلون من اجله اذ غاب عنهم ، فهو عندهم قرين الخير دائما ، خلاف اهل مدينتك هذه ، يختبأون منه ويفزعون كانه ماء النار الذي سيذيب اجسادهم اذا لامسها . امن شدة تعلقي بك صرت مثلهم ، اخشى المطر او هكذا يخيل لي هذه اللحظة ؟! كم اشتاق اليك .. افتقدك .. لماذا تتركني وحدي اتحدى المطر مع قدح نصف مملؤ ينتظر الاشباح التي اشعر انها ستأتي هذه الليلة ، هدأ صوت الرياح ، وبدا لوهلة كانه انين متقطع يطلب الغوث .. انقطع نشيج السماء وعاد التيار الكهربائي يرذرذ النور في الارجاء ، التفت الى القدح ، لم تعد اللآلي في قعره ، مددت يدي صوب مقبض النافذة فهب نسيم رائق من نسائم اخر الشتاء واول الربيع ، تحركت الستائر وسقط القدح من المائدة ناثرا شضاياه في ارجاء الغرفة . المطر توقف ولم يعد معي نصف قدح مليء ولا نصف قدح فارغ ، بل لم يعد معي ايّ قدح اصلا . قرع قاس يحاول خلع الباب ، الوقت تجاوز منتصف الليل منذ وقت بعيد ، انها الاشباح الغاضبة ، قلتها لنفسي وسارعت باطفاء الانوار ليمضغني الخوف في الفراش ، ما عسى ان تفعل امرأة وحيدة في مواجهة اشباح غاضبة اخر الليل؟! تصاعدت حدة النقر حتى انفتح الباب تحت ضغطها .. برهة .. وصوته الدافئ يداعب سمعي .. لماذا تركت النوافذ مفتوحة .. الا تخشين البرد والاشباح .؟!!



#امنة_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امنة الذهبي - قصة قصيرة / قدح ومطر اخر الليل