أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبد الله الأنصاري - حربنا ضد العلم














المزيد.....

حربنا ضد العلم


عبد الله الأنصاري

الحوار المتمدن-العدد: 5350 - 2016 / 11 / 23 - 04:28
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


التاريخ يخبرنا أن الدِّين لم يكن له الفضل وحده في التطور العلمي "التاريخي" الذي نتغنى به في كل مرة نحتاج فيها إلى ما يشبه التعزية حتى نتجاوز بفخر ومن غير شعور بالذنب واقعنا المؤلم الذي نكابده كل يوم.
بل الفضل يرجع بالأساس إلى ما كان انفتاح كبير على علوم ومعارف وثقافات الحضارات المعروفة والترجمة منها والسفر إليها وإلى قابلية الاقرار بالحقيقة والالتزام بها أيا كان مصدرها.. وهذا يعني أن ذلك الوضع نتيجة تراكمية، ينجح دائما مع من يتبع الطريقة الصحيحة في الوصول إليه، وليس عطيّة خاصة بنا بسبب أننا "مسلمون"..
لا أحد ينكر أن فترة من تاريخ "المسلمين" عرفت ازدهارا كبيرا في مجال العلوم الطبيعية، تلك العلوم التي تستند على عدة جوانب منها التحليل المنطقي وحرية التناول والطرح وحرية النقاش وتناقل المعلومة، لكن هذا لم يكن فقط نتيجة التوجيهات الدينية لإعمال العقل والنظر في الكون، ولكن نتيجة توفر هذه الجوانب في الحياة الاجتماعية وقتئذ (بالخصوص خلال فترة انتشار فكر الاعتزال). "إن تناول هذه العلوم جميعها كانت ضمن البيئة الدينية المنفتحة نسبيا والتي ساهمت في بروز هذه الظاهرة الغريبة عن المجتمعات العربية التي لم يسبق لها التعامل مع العلم فقد كان يعرف عن هذه الحضارة أنها حضارة أدبية لغوية أكثر من كونها منطقية أو فكرية، وكان للترجمة دور كبير وهائل في تقليص عامل الزمن وتسريع النمو التراكمي للمعرفة العلمية"1.
وبعد أن أصبحت البيئة العامة غير ملائمة، نتيجة اعتبارات سياسية واجتماعية، بدأ التراجع في الاهتمام العلمي وبدأت معه مرحلة انحطاط حضاري ما زلنا نعيشه إلى اليوم، فقد أصبحنا نعتبر العلوم التجريبية والمشتغلين بها أقل منزلة وشأنا من "العلوم الشرعية" وأهلها، ثم انتقلنا إلى رمي روادها يومئذ (من أمثال ابن سينا وأبي بكر الرازي والكندي وابن الهيثم وابن طفيل والطوسي وعباس بن فرناس2...) بالزندقة والهرطقة أوالكفر ثم إلى تحريم تعَلم المنطق والفلسفة والكيمياء والفلك... وحتى إلى إحراق كتب العلم وهدم المراصد الفلكية.
إن الادعاء بتشجيع العلم والمعرفة والدعوة والترويج لهما يسقط مباشرة حين نصر على التمسك بمواقف مسبقة عن قضايا أو نظريات علمية قبل أن ننهض بأي مراجعة أو تمحيص لها، إنها وثوقية عمياء تبقينا مرتهنين بالمألوف ومأخوذين بوهم كماله وتفرده، فنكتفي به ونرفض نقده أو مراجعته ولا نصغي لما يخالفه، فنتحجر فكريا وننغلق عقليا بدعوى أن النص الديني يخالف ذلك.
يسقط هذا الادعاء أيضا عندما نتناول العلم بطريقة انتقائية، فالنظريات التي يتبين أنها تخدم شيئا من المزاعم الدينية (توسع الكون مثلا) يتم ترقيتها لتسمى إعجازا "علميا"، أما التي تتحدى الموروث (قصة الخلق مثلا 3) فهي مجرد هراء !
ولا يجب أن تعتقد أننا –كمجتمع- تجاوزنا هذه المرحلة اليوم، فواقع أننا ندرس في جامعاتنا اليوم آخر ما توصلت إليه العلوم "الحقة" لا ينفي أن علاقتنا بها ما تزال مريبة ! وللأسف فـ "كل ما حدث هو إعادة تعريف العلاقة، فهي (بالنسبة لنا) علوم نحتاجها للحصول على الشهادة والوظيفة، وليست علوما للكشف عن المجهول كما هي روح العلم عند أمم الأرض.
فالتغيير الذي حدث تم بفعل ضغط الواقع ولكنه لم يؤثر في العلاقة بالعلوم "الكاشفة" فما زال في عقل كثير من منتسبي هذه العلوم (ناهيك عن غيرهم) أشواق للعودة إلى "العلوم الشرعية" باعتبارها هي التعبير (الوحيد) عن الدين وهي ميراث الأنبياء" 4.
ويساهم التراث الفقهي في جزء من هذا الأمر، فمجموعة من الفتاوى (القديمة والجديدة) التي تستند على أفهام معينة لنصوص دينية تبشر المسلمين بالعودة –في آخر الزمان- إلى ركوب الخيل والقتال بالسيف! وهذه النماذج من الفتوى تجد قبولا كبيرا بين الناس، وهي أكبر من مجرد رأي فقهي، إنها رجاء وأمل بئيس من أمثال هؤلاء "العلماء" في أن تختفي وتزول كل مظاهر الحضارة وتختفي العلوم الحديثة والاكتشافات التقنية والطبية والفلكية والهندسية... حتى يتمكن أقوامهم "المستهلِكون" في الدقائق الأخيرة من عمر الكون، من لحظة يتساوون فيها مع بقية أمم الأرض.. وهو أيضا جواب لك -عزيزي المسلم- عندما تتساءل: لماذا لا يشارك المسلمون في التقدم العلمي 5؟ مختصرُه: لا فائدة .. فهما بلغت الاكتشافات والابتكارات، سيختفي يوماً كلُّ شيء! وهذا أيضا قد يدل على أملهم في أن تعود كتاباتهم المنهكة ومجالسهم المملة المصدر الوحيد لشيء يمكن أن يسمى: "العلم"، لأنهم "جمهور العلماء!"
وحتى تدرك أثر كل هذا، يكفي أن تعلم أن عددا كبيرا من المشتغلين بالعلوم التجريبية عندنا يرفضون مجموعة من النظريات العلمية بدعوى معارضتها للنص الديني، وهذا في الحقيقة يثير القلق ويبشر بمستقبل مظلم في علاقتنا بالعلوم.
__________
1 محمد عز الدين الصندوق (2012)، العلوم الطبيعية بين الدين والفكر الديني
2 تجد إشارات إلى هذا في كتب: المنقذ من الضلال والبداية والنهاية وغيرهما
3 المقصود هو نظرية التطور في مواجهة الفهم الموروث عن خلق الإنسان
4 جاسم سلطان، أزمة التنظيمات الإسلامية
5 نسبة مساهمة الدول الإسلامية (75 دولة حاليا) من الابتكارات العلمية ضئيلة جدا (حوالي 2%) ورديئة الجودة في الغالب الأعم



#عبد_الله_الأنصاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبد الله الأنصاري - حربنا ضد العلم