أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد جعفر - أب عودة للذات؟














المزيد.....

أب عودة للذات؟


أحمد جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 5291 - 2016 / 9 / 21 - 14:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في كتابه العودة إلى الذات ، تعرض علي شريعتي إلى ثورة اللحى التي قام بها بيتر رومانوف قيصر روسيا الخامس ، بعد أن تلقى تعليمه في هولندا، ورأى هنالك تمظهر الحضارة في حلق الناس للحاهم ، وكيف تبدو وجوههم نظيفة وأنيقة من اللحى الكثة والقبيحة، والتي تعبر عن المشهد الرجعي بكل تمثلاته الثقافية والاجتماعية! ثم يقرر علي شريعتي أن الاكسندر عندما عاد إلى روسيا ، في العام قام بحملة كاسحة على اللحى، لم تقد لا للتقدم ولا للتحضر ، بل يقول ساخرا : " ربما قادت بزيادة سوق الشركات الهولندية التي تبيع موسي الحلاقة " !

وإذا كان علي شريعتي يقرر أنه رفيق في الروح والنضال مع فرانز فانون وايما سيزار ، لكن على الجميع أن يفترقوا ويعود كل واحد منهم إلى منزله، إلى ذاته وهويته الثقافية ! فالذات تمثل تفردا عميقا للتاريخ ، ومن ثم لا يوجد مجتمع وانما مجتمعات! ولا توجد ثقافة وإنما ثقافات ! ويسرد في كتابه (العودة إلى الذات ) مشهد المثقف والمفكر وهو يحمل حقيبته عائدا إلى تراثه وثقافته، معتزا بها ومتمسكا بهويته وتاريخه وتاريخ أجداده الذي امتزج بتراب الأرض ، وبرموز التقدم والنضال والعقل في المحمول الثقافي للمجتمع، فلا ينفصل عنه ويقع في فخ التغريب ، فيصبح كومبارس في مسرحية عبثية تقودها البرجوازية في صورتها الثقافية، مثل استرجون فلاديمير في مسرحية "انتظار جودي" العبثية !

ولكن أي عودة للذات يقررها علي شريعتي؟ هل يقصد أن ننطلق من عمقنا الثقافي في مسيرة النضال والتحرر ! ولكن يقع علي شريعتي في فخ التلفيق ، الذي يخرج التراث من سياقه حتى يبرر لموضوعية الآخر الذي يدعي أنه يرغب في مفارقته وهو في طريقه للذات ! فيرى في أبو ذر الغفاري نموذج للإشتراكية ورفض جبروت الإقطاع ! وفي سلمان الفارسي طريق الإنسانية والانقلاب على فكرة الهوية الضيقة، وفي الحسين بن علي نموذج الثورة على الديكتاتورية الشمولية ، وفي جندب بن جنادة قائدا ثوريا بعد أن كان قاطع طريق وهلم جرا !

إن عودة علي شريعتي للذات هي عودة للآخر في لباس الذات ! فهو يأتي لذاته معبأ بالأفكار الكبرى التي استقاها من كلية مجد الوجودية وسارتر والكوايج دي فرانس في جامعة السوربون، من ثم يقوم بتلفيق الآخر مع ثوب الذات ، لكي يخلق المشروعية للاستنارة من داخل عباءة الذات ! فعلي شريعتي يرغب في تلك الروح الإيمانية المتفجرة والحرارة الدافئة للعقيدة التي تقود الإنسان نحو التحرر والتقدم والخلود. لا أن يكون المسجد مخدع للمؤمن ومستراح المؤمن، وانما ثكنة للنضال ومعسكرا للثورة ! ولكن هل هذا هو طريق العودة إلى الذات؟ أم هو طريق العودة إلى الآخر؟! هل يعني نقد طريق شريعتي نحو الذات أننا ضد الأفكار التقدمية أو أننا ضد الأفكار الرجعية والتي تكبل الأمم ؟

إننا ننتقد التلبس بتلفيق الشاهد على الغائب ، مماحكة أن يقود المثقف المجتمع نحو الطريق المزيف ! إننا لا نريد هذه الأفكار عارية من ملابساتها التاريخية الفلسفية التي خلقت هذه مساحة الوجود لهذه الأفكار ! الماركسية ليست هي نضال أبو ذر ضد عثمان بن عفان ، وثورة الحسين ليست الثورة على المؤسسة السلطة في شكلها الحديث، وربعيي بن عامر لم يكن يحرر العباد بذات مفهوم جون لوك الفلسفي أو احداثيات أبراهام لينكولن ! العودة إلى الذات في شكلها هذا غير أنها تنتج مسخا فلسفيا مشوها واعتدادا مزيفا بالذات الحضارية وتمثلا مشبوها بالآخر في ذاتية الذات ، فهي تحرم الأمة من تفهم السياق الفلسفي والعقلي الذي أنتج هذه المذاهب الإنسانية والتي حررت الإنسان من جبروت الناسوت واللاهوت ! المثقف يحمل في وعيه منهجهه النضالي ، ويحمل في لاوعيه روحه الذاتية التي تشربها من الثقافة المحلية، ولكن ما ضرورة الخلط المجحف بين هذه الجواهر المغايرة ؟ ما ضرورة المتلازمة إن نحفظ الله أن نتمثل بصورة مضحكة ذواتنا المنتفخة بقصص تاريخية دفنتها تجارب الإنسانية الغنية ورمال التاريخ الطويل، من ثم نعود إليها بطريق التلفيق والتلبس ؟!

كما يقول جورج طرابيشي في هرطقاته ، أننا نحتاج قبل الديموقراطية كمفتاح للعصر الجديد، مفتاحا لهذا المفتاح نفسه ! وكذلك نحن نحتاج مفتاحا للوقائع الإجتماعية الحاضرة أمامنا ، حتى نتوصل للمفتاح الذي نفتتح به عصورا قادمة ! ان عودة إلى ذات المجتمع، تقتضي الوعي بالأخر نفسه كما هو دون ملابسات الذات ، لأنه يمثل شكلا من أشكال العودة الحقيقة للذات (الوعي بحقيقة الذات وحدودها وحياتها العقلية الحقيقية) ! يقول الفيلسوف الوجودي كارل ياسبيرز : " ليس هناك وجود بﻻ اتصال مع الآخر،  فالعلاقة بين الأنا و الآخر علاقة وجودية، وأنا موجود في هذا التواصل".  ﻻ تتحقق أماني ياسبيرز هذه بدون تحقيق وجود الآخر في مخيلة الذات ، ووجود الذات على حقيقتها دون توهم الآخر فيها ، من ثم التواصل العقلي الفكري بينهما !



#أحمد_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول معرفتنا بالتاريخ
- تركيا إلى أين ؟ سيناريوهات ما بعد الانتخابات
- البرزاني يوحد الكورد على تراب شنكال
- عن الفيدرالية
- سوريا وإمكانية تحقيق العدالة الانتقالية
- العنف والدولة المدنية
- القائمة المغلقة في العراق... من وراء ذالك ؟
- الفرد في تاريخنا
- مرتكزات التعددية والواقع العراقي
- من هنا سأبدأ
- الحكومات وأسس الظاهرة السياسية
- مسؤولية البناء وعمق المعالجة ..هل نملكها ؟؟
- الموروث... وأمي ... ودراجتي
- من ركب الحصان في الفلوجة.. عقولنا ام الملائكة ؟؟!!


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد جعفر - أب عودة للذات؟