أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مارك مجدي - لينين و قضايا الثقافة















المزيد.....

لينين و قضايا الثقافة


مارك مجدي

الحوار المتمدن-العدد: 5251 - 2016 / 8 / 11 - 13:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لينين و قضايا الثقافة
اذا كانت المرحلة السابقة من تطورنا قد شهدت لاسباب ذاتية و موضوعية , غلبة الاتجاه الداعي الي تنمية الاقتصاد و تغيير البني التحتية و ترك الثقافة لالية العلاقة بين البناء التحتي و البناء الفوقي , و هو اتجاه ساد علي مدار تجربة اليسار المصري و العربي عموما , متناسيا ان المجتمعات لعربية مجتمعات متخلفة بحاجة الي مرحلة من التنوير و النهضة كي تتدارك تتخلف مئات السنين . و نحن بقولنا هذا نقر حقيقة فرضتها طبيعة الظروف التاريخية التي مرت بها المجتمعات العربية حيث لا نهدف الي وضع معوقات في مسيرة التحويل الفكري للمجتمع , بل علي العكس من ذلك , فأن اكتشاف الواقع كما هو , ليس كما نحلم بة او كما نقرأه في الكتب , هو السبيل نحو تغيير الواقع بشكل جذري و ألزالة القيم التي تعرقل بالفعل مسيرة التطور . ان النظرة الواقعية هي سمة الثوريين الحقيقيين , اما النظرات الرومانسية الحالمة ليست سوي تجليات مثقفي البرجوازية الصغيرة الذين يندفعون وراء التغييرات السريعة التي تترك اثرا دعائيا عالي الصوت و لكنة قليل الفعالية في نفس الوقت .
تحدث لينين تعليقا علي كتاب"التعليم الشعبي في روسيا ": " بينما نثرثر بصدد الثقافة البروليتارية و علاقاتها بالثقافة البرجوازية , تقدم لنا الواقع بارقاما تدل علي ان الامور تسير صورة سيئة جدا حتي فيما يخص الثقافة البرجوازية . و الحقيقة , كما كان ينبغي توقعها , هي انننا لا نزال بعيدين جدا عن المعرفة الشاملة للقراءة و الكتابة , وأن تقدمنا بالذات بالنسبة للعهد القيصري لا يزال بطيء جدا . و هذا تحذير صارم و لوم لاولئك الذين كانوا و لا زالوا يحلقون في سماء "الثقافة البروليتارية" فأن هذة الارقام تبين لنا اي عمل شاق و عاجل لايزال يترتب علينا القيام به لكي نبلغ مستوي بلد متمدن عادي في اوروبا الغربية " رغم حديث لينين من موقعة في السلطة ,و رغم قوة و اهمية احداث الثورة البلشفية التي تعبر عن تقدم ملحوظ للطبقة العاملة علي مستوي التكوين المادي و درجة الوعي . الا ان النظرة الواقعية طاغية علي رسائل لينين دائما . فبمثل هذة النظرة الواقعية لطبيعة المجتمع , يمكن التوصل الي أدراك وسائل تغييرة , و اذا كانت المرحلة التاريخية التي نمر بها كدول تعاني التخلف قد فرضت علي مجتمعاتنا ان تمر بتغيرات سريعة في شتي المجالات , و في طليعة تلك المجالات المسألة الثقافية . لا يمكننا معالجة تخلف مجتمعاتنا علي طريقة القفز الاعمي الي الامام . ينبغي ان نضع عقولنا في رؤؤسنا في الوقت اللازم ينبغي ان نتمتع بحذر بالغ من كل ركض الي الامام دون رؤية .
حققت التجربة البلشفية تقدما ملحوظا جنبا الي جنب مع بعض التجارب الاخري , تقدما ملحوظا في تحويل بلد متخلف مثل روسيا الي بلد متقدم يقتسم مع بقية دول العالم الاول الريادة في مجالات كثيرة . و رغم ان تجارب اخري حققت ذلك بدرجات متفاوتة مثل التجربة الصينية بقيادة ماوتسي تونج , التي جعلت من بلد اكثر تخلفا من روسيا القيصرية بمراحل زمنية مهولة الي بلد ينافس في الاقتصاد العالمي , و مع بروز تجارب اخري في النصف الثاني من القرن ال21 و ظهور نظريات اكثر عمقا في التحليل الثقافي , تبقي التجربة اللينينية مرشد مبسط لكل من يسعي ليكون لة دورا في تنوير و تثقيف مجتمعة . مع الاخذ في الاعتبار ان كل قراءة لافكار لينين و مواقفة يجب ان تكون قراءة واعية و ليست نصوصية تتم بذهن مفتوح مستفيدين منها في تحقيق موقف مميز من اهم القضايا الثقافية التي تواجهنا في أشكالنا الثقافي الراهن .
ظهر لينين في فترة انتقالية مميزة من تاريخ روسيا , فالمجتمع الروسي في اواخر القرن التاسع عشر يستعد للأبحار , ورياح التغيير تهب من كل الجهات ,و النظام القيصري يواجه كل ذلك في محاولة للتغلب علي الظروف الجديدة التي ستأتي بالتغيير الثوري في المجتمع .
و في هذا المجتمع المليء بالصراعات السياسية و الاجتماعية , كانت الثقافية منها متسارعة و متضاربة , و قد تبلورت الصراعات الفكرية في تيارين كبيرين هما : الدعوة السلافية و الدعوة الي المدنية الغربية . انتشرت الدعوة السلافية في الفكر الاجتماعي الروسي لتعظم من شأن و من اصالة النظم و القيم الروسية وحدها , و كان هدفها منع تسرب الفكر الغربي .
اما دعاة المدنية الغربية فم علي النفيض من سابقهم يرون ان اذا ارادات روسيا ان تنهض و ان تصبح قوة كبيرة , فعليها ان تخرج من عزلتها الاقليمية و ان تبحث عن مثلها في الثقافة الغربية , و ظل هذان التيارين يتقاسمان الوسط الثقافي حتي نهاية القيصرية . حيث استطاع لينين ان يطور صياغة نظرية تستوعب في مضمونها الوفاء بمطلبي الخصوصية و الكونية . اهتم بضرورة استيعاب التراث الفكري الغربي السابق لماركس و اكد في اكثر من موقع ان الماركسية هي استمررار لتراث فكري سابق , و ان نظرية ماركس " هي الوريث الشرعي لما انتجتة البشرية في القرن التاسع عشر : الفلسفة الالمانية , الاقتاصد السياسي الانجليزي , و الاشتراكية الفرنسية .
و كذلك يؤكد لينين مرارا ان المجتمع الروسي , ينبغي ان يتدارك التأخر الطويل في مضمار الثقافة الذي فرضتة القوي الرجعية علي الشعب الروسي . و هو بذلك يشير الي اهمية انتقال الثقافة البرجوازية التي لم تنتقل الي روسيا بسبب طبيعة التطور اللا متكافيئ للرأسمالية في روسيا حيث تأخر ظهور البرجوازية في روسيا عن نظيرتها في اوروبا , و بالتالي تأخر ظهور الثقافة البرجوازية في روسيا .
و لذلك كانت المسالة الاولي في رأي لينين في ميدان الثقافة ليس في خلق ثقافة بروليتارية و لكن اكتساب الثقافة البرجوازية اولا , اي القيام بالدور الذي كان ينبغي ان تقوم بة الليبرالية الروسية . ان لينين يعرف تماما ان التغيير الثقافي لا ينشأ بقرار و لا بنوايا حسنة و حماس مفرط , فالثقافة لا تعرف حرق المراحل و لكن ينبغي ان تكتسب خطوة خطوة .
و لذلك فهو يكتب في مقال " من الافضل اقل , شرط ان يكون احسن " : ... و لكن السنوات الخمس الاولي قد حشت رؤوسنا بقدر كبير من الحذر و لارتياب . فنحن ميالون عفوا الي التشرب بهذا الشعور ازاء أولئك الذين يسهبون في الكلام كثيرا جدا و بسهولة فائقة حول الثقافة البروليتارية ..مثلا , فحسبنا في البداية ان تكون لنا ثقافة برجوازية حقيقية , حسبنا في البداية ان نعرف كيف نستغني عن النماذج الفظة الفظيعة جدا من الثقافات السابقة للثقافات البرجوازية , اي من الثقافة الدواوينية , من الثقافة الاقطاعية , الخ .. ان العجلة المفرطة و المزايدة هي الاشد خطرا في مجال الثقافة "
و هو بهذا الموقف من الثقافة البرجوازية انما يطور مفاهيم التطور الجدلي للاشكال الاجتماعية ليجعل قوانين التطور هذة اكثر شمولية , بحيث تستوعب القضايا الثقافية و افاق تطورها .
" ان ماهية التطور الديالكتيكي للاشكال الاجتماعية يتلخص فيما يلي : لا تنشأ الاشكال الجديدة للعلاقات الاجتماعية من لا شيء ابدا : (كل شيء يحمل في داخلة بذرة نقيضة , كذلك كل مفهوم . و لهذا فان اي شكل جديد يصبح , اذ ينفي الشكل القديم , نقيضه و نفيا له ) متضمنا في ذاتة قطعا اجزاء من الشكل القديم , و يتحول اذ يتحد بها من نفي أي الي أي شيء كامل هو التأليف , و لديالكتيك التطور المفعول نفسة بالنسبة للصراع الايدولجي فالقضية هي الثقافة البرجوازية الطبقية , و نقيضها هي الثقافة للبروليتاريا اما التأليف بينهما , و هو الثقافة ذات الطابع الانساني العام , فيتم بعد القضاء علي المجتمع الطبقي فقط . في عهد الاشتراكية . وهذا يدحض ما نهم بة من اننا نهدف بسعينا الي انشاء ثقافة طبقية الي هدم القوي المادية للثقافة البرجوازية "
الثقافة البروليتارية اذن لا تظهر من الفراغ الثقافي و لا تخترع اختراعا , انها تطوير لافضل النماذج و التقايد التي انجبتها الثقافة الانسانية خلال مراحل تطورها و من هنا تأكيد لينين علي اهمية استيعاب التراث بشكل جاد , ان استيعاب التراث عند لينين هو غير ترديدة بل التفكير فية مجددا بافق المسائل النظرية و العلمية الجديدة التي تطرحها الحركة الثورية , و هوبهذا الموقف يقرأ التراث قراءة تاريخية واعية , اي يأخذ بنظر الاعتبار الظروف التاريخية الي احاطت بكاتب او مفكر في مرحلة من المراحل و بهذة الطريقة تمكن لينين نت قراءة التراث الفكري لروسيا بصورة دقيقة و استطاع ان يستخلص العناصر الهامة لتطوير و نمو الثقافة الروسية التقدمية . فقد قرأ تراث روسيا و تراث الفكر الانساني كما هو , اي كما عبر عنة المفكرون و الكتاب في مختلف العصور و لم يقم بعكس ذلك اي بقاءة افكار في التراث و البحث عن تبريرات تراثية لافكار معاصرة .



#مارك_مجدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقف في مجتمع متخلف
- انطونيو لابريولا..فلسفة البراكسيس
- باولو فريري..معلم و ثائر
- ثيودور ادورنو..صناعة الثقافة
- كارل كورش..تجديد الماركسية
- التخلف بين الاستعمار و الازمات الداخلية
- هربرت ماركيوز .. التكنولوجيا وتنميط الإنسان
- جورج لوكاتش .. الماركسية الغربية
- التعليم و اعادة انتاج المجتمع المتخلف
- الشباب و الحركة بلا تنظيم
- نظرية التربية الاسلامية و اثرها علي المنظومة التعليمية الحدي ...
- التعليم واعادة انتاج التخلف


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مارك مجدي - لينين و قضايا الثقافة