أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بتول قاسم ناصر - ثورة تموز والتحديات















المزيد.....

ثورة تموز والتحديات


بتول قاسم ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 14:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ثورة تموز والتحديات

عمل الاستعمار الذي خسر نفوذه بعد قيام ثورة تموز المجيدة (في 1958) بكل الوسائل وبواجهات مختلفة على القضاء على الثورة والإجهاز عليها والعودة بالبلاد إلى ما قبل أيام الثورة ولجأ إلى العمل بوساطة قواه في الداخل والخارج ليعيد نفوذه إلى سابق عهده. وقد استخدم مختلف أسلحته وأهمها ضرب مكونات الشعب بعضها ببعض والتفرقة بين القوميات والأقليات واستغلال كل أوجه الاختلاف من أجل تعويق مسيرة الثورة وإضعافها ثم القضاء عليها. وأخذ الحاقدون وشراذم العهد المباد الذين ضربت مصالحهم والذين أحسوا أن لامكان لهم في العهد الجديد ولا لأفكارهم وتصوراتهم عن العالم يتآمرون في دهاليزهم المظلمة على الثورة يعينهم في ذلك شراذم من العصابات الضالة وقطاع الطرق. كما واجهها الانتهازيون الذين كانو يتظاهرون بالولاء لها في حين كانوا ينخرون في جسمها ، وقد تعرى كثير منهم وفضحهم التاريخ وأظهر تعاونهم مع القوى الإنقلابية فيما بعد . وتعرضت جهات سياسية أخرى للثورة وآثرت اتخاذ مواقف ليست في مصلحة الشعب ورفعت بعض هذه الجهات شعارات القومية والوحدة العربية التي لم تكن لديهم عقيدة أصيلة إنما شعارات وطريقا سهلا يوصلهم الى الأطماع. لقد كانت صلة الثورة بالقومية العربية على عكس صلة هولاء ، صلة مبدئية ومصيرية ، فلقد عاشت الثورة المعاناة القومية وتمثلت أفكارها و أهدافها سواء أكان ذلك قبل الثورة أم بعدها. ولقد سجل التاريخ لقائد الثورة بطولات نادرة وعبقرية عسكرية فذة وهو يقود المعارك في كفر قاسم في حرب فلسطين حتى أن اسمه كان يرد في المنشورات التي يلقيها العدو الصهيوني على أفراد الجيش العراقي يدعوهم إلى التخلي عن (المقدم عبد الكريم قاسم) والالتحاق بصفوف العدو. وفي عهد الجمهورية الفتية بادر الزعيم إلى دعم القضية الفلسطينية فأنشأ جيش التحرير الفلسطيني الذي أعده ليتولى بنفسه مهمة تحرير بلده من المحتلين الصهاينة. كما دعم كفاح الشعب العربي في الجزائر وأمدهم بالمال والسلاح وبالتأييد الشعبي والإعلامي ، وكذلك فعل بالنسبة إلى كفاح شعب عمان وفي الجنوب العربي وفي كل المواقف القومية الأصيلة والثابتة ضد الاستعمار العالمي. لقد دعمت ثورة تموز القضايا القومية واَمنت بها ولم تكن لديها شعارات جوفاء يراد منها تحقيق مكاسب خاصة. ونحن نجد في المادة الثانية من الدستور المؤقت للجمهورية العراقية نص يؤكد أن العراق جزء من الأمة العربية والجزء يعني ارتباطاً عضوياً بالكل ويعني التحاما مصيريا ووجوديا ولا يعني انفصالا وتخليا ، وهذا المعنى أكدته مسيرة الثورة وأفعالها وأفعال قائدها. ولقد أكد التاريخ زيف الشعارات القومية والوحدوية التي رفعها المناوؤن للثورة فلم يسعوا إلى تحقيق هذه الشعارات بعد وصولهم إلى السلطة ولم يتقدموا خطوة على صعيد تحقيق الوحدة العربية وهذا ما يؤكد أن شعاراتهم كانت مجرد أدوات للإطاحة بالثورة والوصول إلى السلطة. وفضلاعن جميع هذه القوى التي ناهضت العهد الجديد فإن القوى اليسارية التي كانت مع الثورة والتي اصطبغ العهد الجديد بأفكارها وتوجهاتها كان منها من تعرض للثورة وإن كان هذا التعرض انتقاديا وليس تآمريا. وانطلق هذا الانتقاد من أنماط فكرية جاهزة آمنت بها هذه القوى لا تأخذ الخصوصيات الوطنية بعين الاعتبار فوصفت الثورة بأنها (ثورة برجوازية وأنها حدث عسكري) فوضع العراق الذي كان يسيطر عليه الاستعمار البريطاني يجعل من إمكان التحرر أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا بوساطة العمل السياسي. ولهذا عجز السياسيون والأحزاب وكذلك الانتفاضات الشعبية العزلاء أو ذات التسلح المحدود والبسيط عن أن تقف في وجه الاستعمار وأن تزيحه فكان لابد من عمل عسكري منظم وكبير وقيادات مرموقة ومتميزة للقيام والتصدي لهذه المهمة والا فلن يكتب لسوى المحاولة العسكرية النجاح. وكان الزعيم عبد الكريم قاسم يدرك هذا ، وتذكر بعض الكتابات التي أرخت لحياته أن إدراكه لهذا الأمر كان السبب في انتقاله من التعليم إلى الخدمة العسكرية ، لقد فات هولاء الذين ينطلقون من الأفكار المجردة أن الجيش سند للشعب وأن قياداته تحمل تطلعات الشعب وتكتوي بعذابه وإن لم تكن من الطبقات الكادحة والفقيرة ، فكان الجيش أداة للتعبير عن إرادة الشعب حين تعجز الأدوات الأخرى والوسائل السلمية. صحيح أن التغيير العسكري قد يرافقه قمع وإراقة دماء وأنه قد لا يعبر عن إرادة مجموع الشعب بل إرادة قلة قوية وغير وطنية وذات طابع دموي إلا إن هذا لا يصدق على ثورة تموز وعلى قياداتها العسكرية وجيشنا الباسل الذي كان ملكا للوطن وخادما للشعب كله بدون انحياز لجهة دون أخرى فكان كما وصفه الزعيم ((فوق الميول والاتجاهات ويدافع عن الحياد الإيجابي)). لقد صدر هولاء السياسيون والمثقفون اليساريون عن تبعية فكرية وسياسية خارجية جامدة تفسر أحداث التاريخ ومظاهر الحياة تفسيرا تحدده النظرية الماركسية في تفسير التاريخ. وفي حين كانت هذه النظرية تراجع في ضوء الأحداث التاريخية وفي ضوء المستجدات في البلدان التي تطبق الأفكار الماركسية لم يستطيع هؤلاء عندنا أن يتزحزحوا قيد شعرة عن توصيف هذه الأفكار ولم يكيفوها أو يضيفوا إليها لتلائم أوضاع البلاد الخاصة ، ولم يوسعوا من آفاقهم ويفسروا بها الثورة التفسير الصحيح. وكان هذا اليسار المتابع والمقلد لمصادره الخارجية تقليدا أعمى لا يلقى تأييدا من جمهور المد اليساري الذي يتسم بالمرونة في الرؤية والذي كان مع الثورة ومتحمسا لها. والى جانب تحديات الداخل جابهت الثورة تحديات خارجية كبيرة تمثلت بمنظمات ودول مجاورة وغير مجاورة أخذت تضغط على الثورة وتجاهر في عدائها لها وتخطط للإطاحة بها. فعمل الاتحاد الأردني السعودي - الذي تولى مهمة الإسهام في المحافظة على مناطق النفوذ الاستعماري والدفاع عن مصالحه - على التآمر على العراق ، كما وقفت الجمهورية العربية المتحدة هذا الموقف المعادي الذي وقفته هذه الدول المرتبطة بالاستعمار. وكانت تتصرف وكأنها تمتلك تفويضا يحق لها بموجبه أن تكون الوصية على غيرها من الدول العربية وعلى ترتيب سياساتها وشؤونها الداخلية خدمة لأطماعها مما جعلها تضيف إلى المخططات الاستعمارية عوامل مساعدة وجهات متربصة إضافية وكأنها تريد أن تمارس استعمارا آخرعليها، فراحت تتآمر على الثورة مع القوى المعادية في الداخل وأخذت تتدخل في الشوؤن الداخلية على نحو مباشر وغير مباشر وتتعاون مع أية جهة تلتقي معها في سبيل تحقيق فكرة التسلط على بلدنا وإخضاعه لسياساتها الرسمية. وقد بالغت في التعريض والكيد وسلطت على الدولة إذاعاتها وأعلامها. ولعبت الجامعة العربية دورا مماثلا بسبب سيطرة جهات رجعية أرادت أن تسخرها لخدمة المصالح الاستعمارية مما جعلها تناقض الغاية التي أنشأت من أجلها وهي تقريب وجهات النظر ورعاية المصالح وتمكن الشعوب العربية من رفع مستوى حياتها والتزام قضاياها العادلة في التحرر ونيل الاستقلال والسيادة. لقد كانت التحديات التي جابهت الثورة كبيرة ، وفي مقابل هذه التحديات كان هنالك عامل ذاتي هو السبب الحاسم لإنجاح الأهداف التي مثلتها هذه التحديات وهو استهانة قادة الثورة بها وثقتهم اللامحدودة بقدراتهم ومساندة جماهير الشعب لهم. ولكل هذا انتهت حياة الثورة العظيمة التي لو استمرت لكان العراق في مقدمة بلدان العالم ومن أكثرها تطورا وتقدما ولكان الشعب العراقي من أكثرها رفاهية وسعادة.



#بتول_قاسم_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استفتاء
- النظرية الأخيرة : ( القانون المطلق )
- الريادة في القصة العراقية : ذو النون أيوب
- التفكيكية والديمقراطية الرأسمالية
- الحوار المتمدن مع اسحاق الشيخ يعقوب
- اللاعقلاني في حركة الحداثة
- 3 - بين ملحمة كربلاء وملحمة كلكامش
- 2 - ملحمة كربلاء
- ملحمة كربلاء والفن الملحمي
- في الأسس الفلسفية للسميولوجيا جدل المربع والدائرة
- السرطان : جدل الوجود بالقوة والوجود بالفعل
- ثورة الرابع عشر من تموز ، إرادة شعب وإنجاز بطل
- الحياة الخلوية : أي المركبات العضوية فيها أسبق في الوجود
- المرأة : سر ظهور الخلق
- الحزب الشيوعي والانتخابات
- دعوة متكررة الى مشروع ثقافي لإنقاذ العراق
- من ذكريات 8شباط الأسود - جارتنا أم عباس -
- تداخل الأجناس الأدبية في (المقاصة) / أبو هريرة وكوجكا - انمو ...
- مع الفلاسفة الإلهيين في استنباط القانون المطلق
- دفاع عن هيجل


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بتول قاسم ناصر - ثورة تموز والتحديات