أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الحسين شعبان - تمنيت أن يتّبع الحزب الشيوعي المقاومة المدنية السلمية اللاّعنفية- ح/1















المزيد.....

تمنيت أن يتّبع الحزب الشيوعي المقاومة المدنية السلمية اللاّعنفية- ح/1


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5121 - 2016 / 4 / 2 - 00:01
المحور: مقابلات و حوارات
    


الزمان تحاور المفكر والكاتب عبد الحسين شعبان:
تمنيت أن يتّبع الحزب الشيوعي المقاومة المدنية السلمية اللاّعنفية
الحلقة 1/5

يعدّ الحوار مع كاتب ومفكّر كبير ذو شجون خاصة، لاسيّما إذا كان عن صفحات تاريخية ومواقف سياسية لمرحلة مهمة من تاريخ العراق عامة، ومدينة النجف خاصة، كشف فيها المفكّر عبد الحسين شعبان، ربّما للمرة الأولى عن تلك الصفحات، خاصة في كيفية بناء الدولة، التي يضعها بمنزلة علوية طبقاً للقانون وفوق أية مرجعية سياسية كانت أو حزبية أو دينية أو طائفية أو عشائرية، وبناء الوحدة المجتمعية وفق ثقافة الحوار والسلام واعادة النظر في المناهج التربوية وفق أسس علمية سليمة تقوم على التسامح ونبذ العنف والكراهية والكيدية والاستعلاء..
وعن تاريخ مدينة النجف التي وصفها بملتقى للثقافات والحضارات والإثنيات وهي مدينة منفتحة ومفتوحة وتقبل الآخر، وكيف إن الشخصية النجفية منطبعة بالحوار والجدل وبالرغبة للتعرف على الآخر، والنجف مدينة غير منغلقة وغير طائفية وبقدر ما هي متجانسة، فهي متناقضة لأن بيئتها مدنية بقدر ما هي تقع على طرف الصحراء وتمثل عاداتها وتقاليدها هذا التناقض الاجتماعي.
البيئة النجفية عند عبد الحسين شعبان حلم وثيق وعميق في داخله، نشأ فيها وتشرّب من روافدها الفكرية الثقافية ويقول (رغم أنني غادرتها لكنها لم تغادرني تعيش وتكبر معي أحاورها، ألومها أحيناً لكنني لا أستطيع الانفكاك عنها).
تطرّق إلى صفحات مهمة من تاريخ النجف ورفاق الأمس بأسمائهم ونشأة وتطوّر الفكر اليساري في النجف، وكيف كانت للعديد من الشعراء والمثقفين والأدباء والسياسيين مواقف تذكر في مراحل سياسية من تاريخ العرا ق منذ العشرينات في تلك المدينة العريقة.
تحدث عن رؤيته المستقبلية لخارطة الأحداث السياسية للوطن الجريح وكيف يجري تخطيط وتنفيذ محاولات تقسيم العراق منذ أن أعلنه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر عام 1974 من أنه لا بدّ من وضع وراء كل بئر نفط إمارة، وكيف اقترح إقصاء العراق وما يمكن أن يخطط ضد سوريا واليمن الجنوبية حينها، ومنذ ذلك التاريخ ما تحقّق على الأرض في المنطقة هو مؤشرات لما قاله كيسنجر وأكمل أهدافه مشروع جو بايدن بتقسيم المنطقة إلى دويلات وما يجري من تحرّكات لهذه الكتلة السياسية أو تلك مع جهات دولية هي في الاتجاه نفسه.
وكان هذا الحوار مع شعبان الذي ننشر نصه ..
• الكثير من القراء يريدون معرفة من هو الكاتب والمفكر عبد الحسين شعبان مراحل مسيرته التي بدأت اولى خطواتها من مدينة النجف ؟
- (شربت الثقافة والمعرفة منذ نعومة الأظافر في المنزل بالدرجة الأساس حيث كان الأسرة تقرأ وتهتم بقضايا الثقافة والأدب والشعر، إضافة إلى القرآن الكريم، وسبق وأن أشرت إلى هكذا ملاحظة، من أن والدي كان يبدأ يومه صباحاً بقراءة القرآن بصوته الجهوري المؤثر، وهذا الأمر ترك في نفسي تأثيرات للروافد التي حفرت بذهني وذاكرتي ووجداني بالدرجة الأساس، إضافة إلى القرآن والأدب كان هناك ماركس بكل طلعته البهية كما يقال، كان حاضراً في المنزل.
لذلك أجد أن هناك ثلاثة روافد أسهمت في تكويني: رافد ديني الذي يمثّله القرآن والذي أعدت قراءته مرتين، مرة في عام 1978 وأخرى في 1982، قراءة معمقة مع التفاسير، ولذلك أشعر أن جزءًا من ثقافتي هي ثقافة دينية وأعتز بذلك، ورافد آخر ثقافي وأدبي وكل ما يتعلّق بالأدب والشعر والرواية والقصة والسينما والمسرح والذاكرة البصرية أيضاً، وصور المشاهد الأولى من المواكب الحسينية، إلى الاسترخاء عند نهر الفرات في مدينة الكوفة، والكوفة أيام زمان كانت ناحية جميلة حيث ينساب فيها نهر الفرات وتتوزّع على جانبيه البساتين وكثافة أشجار النخيل والأشجار المثمرة الأخرى.
أتذكر شجرة التوت وما زلت أشعر بحنين شديد إليها، بل إن طعم ذلك التوت ما زال تحت لساني ولم أتذوق طيلة حياتي مثل ذلك التوت اللذيذ. كانت الشجرة قريبة من قصر الملك في مدينة الكوفة، حيث كنّا نذهب دائماً إليها في مناسبات مختلفة، لقضاء أوقات ترفيهية بريئة أو في مناسبة عامة أو اجتماعات سرّية أحياناً.
أما الرافد الثالث فهو الرافد الفكري، والتأثر منذ وقت مبكّر بالأفكار اليسارية والماركسية. ربّما هذه مفارقة أن يكون عدد من أبناء الأسر الدينية انخرطوا مع التيار اليساري وتأثروا بالفكر اليساري الشيوعي، وساروا بدروب متواصلة في هذا الطريق.
كل هذه الأمور استطاعت أن تعجن شخصيتي في هذا الهارموني، وأن تسهم في تكويني الذي أنا عليه الآن، ولاسيّما إن البيئة التي عشت فيها منفتحة، سواءً كانت على صعيد العائلة أو المدينة).
وأضاف (وعلى صعيد المدينة حيث تعد محافظة (قضاء) النجف ملتقى للثقافات والحضارات والإثنيات، ففيها الأفغاني والإيراني والباكستاني والهندي والتركي والتبتي ومن آسيا الوسطى، إضافة إلى العرب: اللبناني والسوري والخليجي، ولاسيّما إن النجف مدينة منفتحة ومفتوحة وتقبل الآخر، ولذلك نلاحظ إن الجدل في النجف كان بنبرة عالية حيث إن الشخصية النجفية بصورة عامة منطبعة بالحوار والجدل وبالرغبة للتعرّف على الآخر، وهي مدينة غير منغلقة وغير طائفية، ولا تعرفها لعدم وجود طوائف أخرى في المدينة، ولاسيّما أن الكل متساوون بهذا المعنى، والشيء الآخر إن النجف مدينة سياحية كبيرة وفيها سياحة دينية، إضافة إلى كونها مدينة تجارية وثقافية.
وفي حواري مع الشاعر محمد مهدي الجواهري كنت أقول له كيف سمعت بثورة أكتوبر؟ أجاب أن الصحف كانت تصل إلينا قبل أن تذهب إلى بغداد أحياناً، وتأتي من لبنان ومن سوريا ومن مصر، وكان البعض مشتركاً بها، بالإضافة إلى هذا الخليط الهائل الممزوج بالفسيفساء المتجانسة وغير المتجانسة من القوميات والسلالات واللغات، ففي النجف هناك من يتحدث بلغات من بلاد فارس وتركيا وأذربيجان وكازاخستان وأفغانستان والأردو وغيرها، وتوجد أسر عريقة من هؤلاء في النجف، ولكل مجموعة مهنتها الخاصة، حيث قسم منهم كرجال دين، والآخر يعمل في المخابز و الحلويات، فالنجف مختبر ومعهد علمي من جهة، مثلما هي سوق كبيرة ومزار كبير لضريح الإمام علي، وهي تجمع في حناياها هذا الخليط، فضلا عن تعدّد اللغات، على الرغم من انصهارها في إطار اللغة العربية والعروبة فيها طاغية لدرجة كبيرة.
ولذلك لا نستطيع أن نقول إن النجف مدينة دينية ونكتفي لهذا التوصيف، حيث سيكون هذا نصف الحقيقية، لكون العلمانية قوية في النجف، والعلمانية والدينية يسيران بخط متواز، وبهذا المعنى يمكن القول إن النجف ترتكز على قاعدتين الأولى علمانية والأخرى دينية، والأمر يمتد إلى داخل أوساط الحوزة العلمية، حيث تجد هناك من يدعو للحداثة والمدنية ويؤيد التجدّد الحضاري، والجدل هو من صلب المدينة ولهذا أبدعت الكثير، وكان جدلاً حضارياً وسلمياً في الغالب، خصوصاً في سنوات الأربعينيات وحتى أواخر الخمسينيات.
• ماذا عن بدايات القرن الماضي ؟
- (بداية القرن الماضي تأسس في مدرسة الآخوند حلقة سمّيت (معقل الأحرار) ضمّت خمسة شخصيات، ونلاحظ أن كل من هذه الشخصيات صار له شأن لاحقاً، وهم سعيد كمال الدين وسعد صالح جريو وعباس الخليلي وأحمد الصافي النجفي وعلي الدشتي، الذي عاد إلى إيران عام 1918 بعد أن درس في الحوزة العلمية وأصبح مركز ثقل وتأثير كبير فكري وسياسي في إيران، ومن أهم ما كتب هو كتاب بعنوان "23 عاماً على السيرة المحمدية". في هذا الكتاب جدل حقيقي، فهو يقنعك وفي الوقت نفسه يشككك بكل شيء، حيث يدفعك إلى القراءة العقلية والتفكير والتأمل، لا النقلية والنصّية والتلقي، بل قراءة النص وتأويله وتفسيره وإعادة قراءته وإعادة بناء استنتاجات جديدة على النص.
ويذكّرني هذا الكتاب بكتاب الشاعر معروف الرصافي "الشخصية المحمدية" ولكن هذا الكتاب مكتوب بلغة أكثر حداثية . أما سعد صالح جريو فقد درس بالحوزة أيضاً وكان بنفس المدرسة وأصبح وزيراً للداخلية وهو أديب وشاعر ومثقف وله شعر رقيق وقد كتبت عنه كتاباً بعنوان (سعد صالح الضوء والظلّ: الوسطية والفرصة الضائعة).
- الشخصية الثالثة أحمد الصافي النجفي وهو شاعر مبدع ورقيق ومغترب ..عاش الاغتراب بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى بالاغتراب الروحي الداخلي والبدني الفسيولوجي الخارجي .أما سعيد كمال الدين فقد كان واحداً من الفقهاء إضافة إلى اهتماماته الأدبية والثقافية. وعباس الخليلي هو شقيق الروائي المعروف بجعفر الخليلي ). وتابع شعبان (عندما حدثت ثورة 1920 هرب سعد صالح وسعيد كمال الدين إلى الكويت، وكانا مشتركين بالثورة، أما النجفي والخليلي فقد هربا إلى إيران وبقيا فيها، وبعدها عاد صالح وكمال الدين بعد بضعة أشهر إلى العراق وحصلا على العفو، أما النجفي فقد بقي في إيران ثمانية أعوام، ترجم خلالها رباعيات الخيام، وأعتقد بأنها أفضل من ترجمة أحمد رامي والتراجم الأخرى التي عرفناها، ولا أدري إن اطلعتم على ترجمة أخرى جيّدة لصالح الجعفري، حيث كان يتقن الفارسية، وهو أستاذ لغة عربية وشاعر، وأصوله تعود إلى آل كاشف الغطاء.
النجفي بعد ذلك انتقل إلى سورية ولبنان وكنت ألتقيه في مقهى عجاج بالشام ومقهى البحرين في بيروت في الستينات والسبعينات. وعاش مغترباً حتى عام 1976 وفي هذا العام جرح أثر تعرّضه لشظية، حيث بدأ سعار الحرب اللبنانية يتصاعد، فاضطر العودة إلى العراق، ومن ثم توفّي في عام 1977، وحسناً فعلت وزارة الإعلام آنذاك بطبع مجموعاته والنتاجات الجديدة، وأول ما عاد إلى بغداد قال في قصيدته (يا عودةً للدارِ ما أقساها / أسمعُ بغدادَ ولا أراها) .
• هل الاتجاهات العلمانية تعكس تأثر هذه الشخصيات ؟
- إن (معقل الأحرار) بذر بذرة، وبالطبع هذه البذرة، لها بعد ديني أيضاً، حيث كان هناك صراعاً بين المشروطة والمستبّدة، ولاسيّما إن قسماً كبيراً من مثقفي النجف اتجهوا نحو المشروطة، والتي تعني وجود دستور والحكومة مقيدة على عكس من المستبدّة، وكان كتاب الشيخ حسين النائيني (تنبيه الأمة وتنزيه الملة) مؤثرٌ ومهم جداً في النجف، لما فيه من مناغاة لحركتي الدستورية في تركيا. وكان هذا جزء من التأثر بالثقافة الأوربية أو الإصلاحات الدستورية التي حصلت في اوربا. حيث كانت هذه بذرة العلمانية والدولة المدنية في العراق، علماً بأنه لا النائيني كرجل دين آنذاك كان يدعو ولا غيره أيضاً إلى دولة دينية بالمعنى الذي نعرفه اليوم.
تلقّف الشباب تلك الأفكار النهضوية الحداثية وانتعشت حركة جدل بفعل الثورة الروسية وعقبها ثورة العشرين ضد الإنكليز، وكان ممن تأثر بها من الأوائل حسين مروة الذي جاء إلى النجف، وكان آنذاك شاباً بعمر الـ 14 عاماً، فدرس بالحوزة العلمية بالنجف، وصولا إلى العام 1938 حيث درس نحو 14 عاماً أنهى مراحل الدراسة من المقدمات والسطوح وبحث الخارجي، لكنه انتفض وتمرّد واتجه للآخر، وكتب مقالاً في جريدة الهاتف عام 1938 التي كان رئيس تحريرها آنذاك جعفر الخليلي عنوانها (أنا وعمامتي) وقال لقد رميتها بالكناسة، وربما تأثّراً بما كتبه الجواهري حينها، وخصوصاً في قصيدة الرجعيون (العام 1929) بشأن معارضة بعض رجال الدين افتتاح مدرسة للبنات في النجف.
أما محمد شرارة فقد جاء من لبنان ودرس في النجف، وتأثر بها وباليسارية وكلاهما أصبحا عضوين في الحزب الشيوعي، وكانت ابنتي محمد شرارة حياة وبلقيس عضويتين في الحزب الشيوعي وقد تزوجت بلقيس من رفعت الجادرجي، وحياة تزوجت من الشيوعي الدكتور محمد صالح سميسم، التي انتحرت مع ابنتها أيام الحصار إحتجاجاً، وكانت قد كتبت رواية عنوانها (وإذا الأيام أغسقت).
وبدأت الحركة اليسارية تنتعش في ذلك الوقت لأنها حركة تمرّد ضد الواقع حيث يعاني العراق من التبعية لبريطانيا، ويرتبط باتفاقيات دولية مذلّة وغير متكافئة، والأمر أبعد من حدود اليسار، فالكثير من أبناء العوائل الدينية، الذين درسوا بالحوزة العلمية تمرّدوا ... الجواهري والخليلي، إضافة إلى تعاطف الكثير من العوائل الدينية مع أفكار اليسار التي تدعو للدفاع عن الحقوق وضد الظلم والتسلّط الأجنبي ومن أجل العدالة الاجتماعية، ثم بدأ الموضوع يأخذ بعداً آخر، ولاسيّما في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، لدرجة إن الكثير من أبناء العوائل الدينية انخرطوا في الحركة التنويرية والعقلانية واليسارية، التي كان للمدينة شأن كبير فيها، وتركت النجف والخلفية الدينية بصمتها على الثقافة المدنية العلمانية لاحقاً لدرجة التعقلن، بحيث حدّت من الاندفاعات الاغترابية، بحكم وجود التراث النجفي والعربي الإسلامي الأصيل.
في هذه البيئة نشأت وتربيت وتشربت كل تلك الروافد التي اختلطت بهذا الإطار، وبالتالي هي كوّنت شيء مما أنا عليه الآن، لذلك دائماً أكرر هذه النجف التي توشوشني، وباستمرار أسمع رنينها في أذني، غادرتها لكنها لم تغادرني، بقيت تعيش وتتربّى وتكبر معي، أحاورها، أنحني إليها ، ألومها أحيانا، لكنني لا أستطيع الانفكاك منها، بيني وبينها علاقة خاصة لا يستطيع أحد أن يفك طلاسمها، وهي أقرب إلى زواج كاثوليكي لا إنفصال بينهما .
• ما دور مؤلفاتك وكيف كانت في النجف ؟
- كتبت عدداً من الدراسات التي كنت أعود فيها إلى النجف، وذاكرتها، حاضرة معي، ولاسيّما إن البيئة النجفية، دائماً تصعد إلى قمة تفكيري، بل تتربع فيه، فجأة هكذا وتطفو لوحدها. في كتابي عن سعد صالح هناك فصل طويل عن النجف وآخر عن الحوزة النجفية، وكذلك دراسات أخرى عن النجف، وعلاقتها بالدولة، وهل هي على تصالح أم علاقة تعارض؟ حيث دائما أكرّر أن النجف تآخت مع التمرّد، بينها وبين التمرّد حلف وثيق وعميق لانفصال بينهما، قد تستكين أو تهدأ أو تجامل أو تتنازل، لكنها سرعان ما تستعيد وتيرتها بالتمرّد، ولاسيّما وأن التمرّد يعدّ جزءها العضوي .
إن المجتمع النجفي يمتلك العديد من المتناقضات، كونه مجتمع مدينة وتوجد فيه تعدّدية متعايشة فيه البدو والعشائر ورجال الدين والوجهاء من الحضر، من جهة ومن جهة أخرى هي قريبة من النهر، ولكنها على طرف الصحراء، وتعرّضت إلى غزوات ونزاعات قبائل كما تضم مللاّ ونحلاً، كلها تلتقي بهذا المجمّع الهائل، ولاسيّما بالمدرسة النجفية التي تلاقحت فيها الكثير من القضايا بحيث أصبحت معلم من المعالم في بيئة المتناقضة.
هناك مادة كتبتها عن النجف عنوانها (مقهى ورواد ومدينة) وهي عبارة عن سردية بستين صفحة عن مقهى كان يرتاده بعض اليساريين وهو معلم من معالم المدينة، ومن خلاله تحدّثت عن سسيولوجيا المدينة وسيكولوجية أبناء المدينة، والحوار الداخلي والخارجي، وبين أبناء المدينة والقادمين إليها، وكيف يختلط هذا بهذا الهارموني، الذي أستطيع أن أصفه مجمّعاً للمتناقضات، ولكن ضمن تواؤم محبب، وتوقفت فيه عند بعض الشخصيات المؤثرة في النجف من الذين على ملاك الحزب الشيوعي مثل حسين سلطان ود. خليل جميل والشيخ محمد الشبيبي (والد الشهيد حسين) وصاحب الحكيم ومحمد موسى الذي استشهد العام 1963 ورضا عبد ننه وغيرهم.
• كثير من الناس يتساءلون كيف تكون النجف جانباً روحياً ودينياً ويظهر فيها أفكار ماركسية يسارية ؟
- قال شعبان (من يعرف النسيج الاجتماعي والعلاقات الفسيفسائية الموزائيكية الخاصة في البيئة النجفية قد لا يستغرب، ولربما يكون الاستغراب خارجياً، ولاسيّما أن أبناء العوائل الدينية، هم أنفسهم الذين توجهوا إلى اليسار، وعملوا معه، بل حتى كانوا قادة له وبشكل عام هناك عوائل غلبت عليه الانتماءات اليسارية أو على عدد كبير من أفرادها رجالاً وأحياناً نساءً أيضاً مثل آل الرفيعي (الكليدراية) وكذلك آل شعبان (سرخدمة- أي رؤساء الخدم في حضرة الإمام علي) وآل الحكيم وهم باستثناء بعض رجال الدين، فهم مع اليسار، بل أستطيع أن أقول إن بعض رجال الدين، من آل الحكيم كانوا مع اليسار، وهم في حضرة الإمام علي، وكذلك الحال لـ آل شعبان والرفيعي وآل الخرسان وهؤلاء هم من الحضرة، فضلا عن أن هناك عوائل كثيرة من خارج الحضرة منهم آل الجواهري وآل الشبيبي وآل بحر العلوم وآل سميسم وآل الزيردهام (المخزومي) وآل الدجيلي وغيرهم وهؤلاء كلّهم عوائل دينية، ولكن كانت الحركة اليسارية متغلغلة في صفوفهم لدرجة كبيرة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن تفجيرات بروكسل
- حوار الحضارات أم صدامها؟
- .. وماذا عن سد الموصل؟
- الجامعة ومستقبل العمل العربي المشترك
- الحق في الأمل
- العراق.. الأزمة تعيد إنتاج نفسها
- كيف نقرأ لوحة الانتخابات الإيرانية؟
- اللاجئون واتفاقية شينغن
- العقد العربي للمجتمع المدني
- كيف ستدور عجلة التغيير في العراق؟
- عن الهوية والعولمة
- كيسنجر والتاريخ والفلسفة
- سوّر مدينتك بالعدل
- أحقاً وزارة للتسامح وأخرى للسعادة!؟
- - مستقبل التغيير في الوطن العربي- - تأملات فكرية في الربيع ا ...
- من الدولة العميقة إلى الدولة الغنائمية
- كردستان العراق.. جدل البنادق وحدود الخنادق
- عام الدستور في تركيا
- المجتمع المدني بين التوقير والتحقير
- العراق.. تراجيديا الموت أم أرقام إحصائية؟


المزيد.....




- فيديو: إصابة 11 شخصاً من بينهم طفل في قصف على مدينة يبلغورود ...
- إسرائيل تهاجم شرق رفح ومحادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق
- بالفيديو..-القسام- تستهدف جرافة عسكرية وتقصف قوات إسرائيلية ...
- لوكاشينكو يطلب من قوات الأمن البيلاروسية ضمان سلامة القاضي ا ...
- السعودية.. أستاذ ينقذ طالبا من الاختناق بـ-نباهة وفطنة- ويثي ...
- -السلحفاة-.. ابتكار روسي جديد لاختراق دفاعات العدو (فيديو)
- فيديو بكاء وصراخ من داخل سجن يثير جدلا على مواقع التواصل..هل ...
- انطلاق مسيرة النصر بالسيارات في بيروت
- ألمانيا تعلن عزمها على شراء منظومات -هيمارس- الصاروخية لتسلي ...
- زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الحسين شعبان - تمنيت أن يتّبع الحزب الشيوعي المقاومة المدنية السلمية اللاّعنفية- ح/1