أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - كريم عامر - وإجتزت الإمتحان ... بنجاح














المزيد.....

وإجتزت الإمتحان ... بنجاح


كريم عامر

الحوار المتمدن-العدد: 1385 - 2005 / 11 / 21 - 10:45
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


جزى الله الشدائد كل خير ..
وإن جرعننى غصصا بريقى .
وما مدحى لها حبا ولكن ..
عرفت بها عدوى من صديقى ! .
تمر المصائب والمحن على الإنسان ، فإما أن تضعفه وتلين من قناته ، وإما أن تدعمه وتذيد من صلابة ذاته ، وفى كل الأحوال تضعه أمام إختبار قاس وعسير ، إما أن ينجح فى إجتيازه ، وإما أن يخفق ويمنى فى ذالك بذريع الفشل ، وهى فى ذات الوقت تضع من حوله أمام إختبار آخر يصنفون - بالنسبة اليه - بعد إجتيازه الى عدو أو صديق .
ولقد ساعدتنى المحنة التى جابهتها أخيرا على أن أفتح عينى على حقائق جديدة لم أكن أدركها قبل ذالك ، دعمت من موقفى ، وشدت من أزرى ، وجعلتنى أشد ثقة فى نفسى ، وأشد صلابة فى الدفاع عن رأيي - الحر- حتى وإن خالف مافرضه أهل الأرض - قاطبة - على أنفسهم ، ولقد ساعدتنى هذه المحنة فى الكشف عن بعض سرائر من حولى ، وأعطتنى القدرة على التمييز بين العدو والصديق ، وبين الشامت والمتعاطف ، وبين المخلص والمنافق ، من آحاد الناس الذين تربطنى - أو لا تربطنى - بهم صلات وروابط .
لقد جعلتنى هذه المحنة أقيم ذاتى لأول مرة فى حياتى ، وأحكم لصالحها بإنصاف تام ودون أدنى قدر من الكبر أو التحيز ، بأنها إجتازت الإمتحان بنجاح ، بل بتفوق ، لقد نجح هذا الذى يسكن بين جنباتى فى إيصال رسالته بقوة ، وماقسوة المحنة إلا دليل على وصول الرسالة ، بل وتغلغلها فى عقول مستقبليها ، وإستفزازها لرواسب الماضى المتخلفة داخل هذه العقول ، والتى لم تستطع مواجهة هذه الأفكار الجريئة ، فما كان منها إلا أن صوبت ردة فعلها نحو مصدر هذه الأفكار ... وكان ما كان ! .
إنه كلما إستفز الفكر مشاعر الناس كلما كان ذالك دالا على تمكنه من عقولهم ، وكلما كان رد فعلهم نحوه قاسيا كلما دل ذالك على أنه فى الطريق نحو إقناعهم ، فلقد حكم على سقراط بالموت مسموما .. ولا يزال أثره باقيا بيننا حتى يومنا هذا ، ولقد قام الغوغاء بسحل جسد هيباثيا فى شوارع مدينتى ( الإسكندرية ) ولا يزال ذكرها يتردد على ألسنة الكثيرين منا ، ولقد غدر أرباب الفكر بالمتطرف بالمفكر الشجاع صاحب العقل المستنير الدكتور فرج فودة ، ولا تزال كتاباته المحاربة للفكر الظلامى تسرى فى العقول المتفتحة يوما بعد يوم كسريان الماء فى الأرض الجدباء ... وهلم جرا .
لقد نجحت ، ويكفينى فخرا أننى نجحت ، نجحت فى إثارة المياه الراكدة منذ أربعة عشر قرنا من الزمان ، نجحت فى إجتياز الأسلاك الشائكة التى وضعت على العقل العربى منذ القرن السادس الميلادى ، يكفينى فخرا أننى جعلت الناس يعيدون النظر فى المسلمات التى وجدوا أنفسهم ملزمين بالخضوع لها دون تفكير أو روية ، لقد منحتهم الفرصة كى يقرأوا النص المتمرد على العرف السائد ، أهديتهم الممنوع الذى يتحرقون شوقا ورغبة للإطلاع عليه ، وضعتهم على رأس طريق التحرر من الأفكار المهلكة التى أكل الزمان عليها وشرب .
لم أتضايق عندما إنتقلت من سجن مصر الكبير إلى سجن مزرعة طرة الصغير ، ولم أتألم كون حرية جسدى فى الحركة تم تقييدها داخل حيز صغير ، وإنما كل ما آلمنى وضايقنى أن ما حدث لى منذ لحظة إعتقالى حتى وقت إطلاقى تم بغير إرادتى ودون أدنى رغبة منى ، ضايقنى أن دخلت السجن الصغير بجرة قلم من مسئول فى وزارة الداخلية ، وبعد أن بذلت جهدا نفسيا مضاعفا للتكيف مع وضعى الجديد وبدأت أعتاد عليه ، إذا بالطامة الكبرى تحل فوق رأسى عندما تم نقلى إلى السجن الكبير بجرة قلم من وزير الداخلية ، شعرت حينها أن أمرى فى تلك الفترة لم يكن بيدى وآلمنى أن تحولت فى تلك الفترة إلى مجرد خاتم فى أصبع غيرى يحركنى كيفما يشاء دون إستشارتى أو الإطلاع على رأيي .
أنا لم أسجن ، فعقلى كان ولا يزال حرا من كافة القيود المادية والنفسية التى لم تستطع أن تمسه بسوء ، وإذا كان جسدى قد سجن فهذا ليس بجديد ، كل مافى الأمر أننى إنتقلت من سجن كبير إلى زنزانة تأديب ضيقة لأننى خرجت عن النص الذى تم إلزام سبعين مليون سجين مصرى به مخالفا بذالك العرف السائد داخل سجن جمهورية مصر العربية الكبير ! .
لقد إكتشفت حريتى خلف الأسوار عندما الفيت عقلى يتحرك دون قيود متحررا من كافة الضغوط التى كان يجابهها خارج هذا المكان ، لقد كانت تجربة مثيرة ، خرجت منها أشد صلابة وقوة وأكثر إيمانا بذاتى وبقدرتى على تحدى الأقدار والتمرد على المسلمات وإعلان الحرب على الثوابت والتغيير نحو ما أراه أفضل .
فظيع جدا أن يسلب إنسان حريته بسبب رأى له أو معتقد ، ولكن .. جميل جدا أن يكون إعتقاله هذا حافزا له للثبات على مبدأه ودافعا له للتحدى والتمسك بما يراه صحيحا حتى وإن خالف عرف ومعتقدات السواد الأعظم من الناس داخل حدود مجتمعه ، حيث لا يصح فى النهاية سوى ما كان صحيحا ، ولا يبقى إلا من يستأهل البقاء .



#كريم_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الإسلام كما شاهدتها عارية فى محرم بك
- هوية الفرد فى المجتمع الإنسانى
- لن أسير مع القطيع !
- قضاة ... أم خيالات مآته ؟؟!!
- بايعوا الرئيس مبارك ... أميرا للمؤمنين !! .
- رسالة الى السيد الرئيس
- إنطبعات متظاهر
- الدفاع عن المرأة ... دفاع عن الذات
- تعليم الإناث وأثره فى إنهيار الفكر الذكورى .
- فتش عن القاعدة
- النظام الأسرى بين المساواة والقوامة .
- من واقع رسالة طالب أزهرى : الأزهر والقاعدة ... وجهان لعملة و ...
- إعدام الشريف إعلان حرب ضد مصر
- صيفى ... ولكن حافظى على حجابك !
- الزواج والبغاء ، إطلاقات متباينة لسلوك واحد !
- ثورة العبيد .... ضد الحرية !
- حركة كفاية ... ومواجهة الإستبداد
- عفوا أختى الفاضلة ... لقد غيبوا وعيك
- هل نحن ولدنا أحرار ؟؟!!
- شبكة الإنترنت .... وتحطيم الأبواب المغلقة للمجتمع الذكورى ال ...


المزيد.....




- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - كريم عامر - وإجتزت الإمتحان ... بنجاح