أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد سيد رصاص - نموذج الحزبي الشيوعي















المزيد.....

نموذج الحزبي الشيوعي


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 5106 - 2016 / 3 / 17 - 07:11
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



يروي شيوعيون سوريون، درسوا في الستينيات في المعهد الحزبي السوفياتي الذي كان مديره بوريس بوناموريوف وكان يضم في طلابه كوادر من الأحزاب الشيوعية والعمالية كافة في العالم، أن الحزبي عند الشيوعيين (وعلى الأرجح أن ذلك يشمل أيضاً في النظرة الأحزاب القومية العروبية والتنظيمات الاسلامية التي تأثرت جميعاً بنظرية لينين حول التنظيم المقدمة في كتاب «ما العمل؟») ينظر له من مسطرة بناء يضم أربعة طوابق: 1- القدرات الفكرية (القدرة على انتاج أفكار جديدة أو شرح أفكار قديمة بطريقة جديدة) والثقافية من خلال كون المعلومات الثقافية تنتظم أو تقدم عبر منظومة فكرية، 2- المهارات السياسية، 3- القدرات التنظيمية، 4- الصفات الشخصية والاجتماعية.

هنا يمكن للحزبي أن يملك الطوابق الأربعة، وهذه حالة نادرة مثل لينين وغرامشي وماو تسي تونغ، ويمكن أن يكون مفكراً مع مهارات سياسية من دون قدرات تنظيمية (تروتسكي وبوخارين)، أو مثقفاً مع مهارات سياسية وتنظيمية (كامينيف)، أو مهارات سياسية وتنظيمية عالية من دون قدرات فكرية وثقافية (ستالين)، أو قدرات تنظيمية فقط (زينوفييف). يمكن أن تكون الصفات الشخصية والاجتماعية مساعدة أو معيقة للحزبي، فمثلاً غرور تروتسكي الشخصي واستعلاؤه على الآخرين واستعراضيته الفكرية - الثقافية، وهو ما كان ممزوجاً بموهبة خطابية عالية، جعلته من دون شعبية في الجهاز الحزبي فيما كان صاحب شعبية وازت لينين في الشارع وأيضاً عند جنود الجيش الأحمر أثناء تسلمه مفوضية الحرب أثناء الحرب الأهلية (1918-1920)، بينما استطاع ستالين من خلال موهبة تنظيمية، مع حس سياسي عال وقدرة على شم الرياح السياسية القادمة وموهبة في الإحساس وقياس التوازن السياسي الراهن مع قدرة اصغاء عالية وتواضع وغريزة بعد عن الأضواء أتت من خبرة العمل السري، أن يكون محبوباً من كوادر الحزب في أثناء فترة الصراع مع تروتسكي (1924-1925) في فترة ما بعد وفاة لينين، ومع التكتل الثلاثي (تروتسكي- كامينيف- زينوفييف) عامي 1926-1927، ثم مع بوخارين عام 1929، وليخرج متغلباً عليهم جميعاً في المكتب السياسي للحزب البلشفي.
كان لينين، من خلال امتلاكه للطوابق الأربعة في شخصه، قادراً على قيادة هؤلاء الذين شكلوا النواة الصلبة للمكتب السياسي للحزب البلشفي، وعلى أن يكون مايسترو ناجحاً لهم في الفترة بين 1917-1921 حتى مرضه، وكان ظله أثناء مرضه حتى وفاته بالشهر الأول من عام 1924 مانعاً من انفجار الصراع بينهم. لم يستطع ستالين القيادة من دون إزاحة هؤلاء السياسيين ذوي المواهب العالية والقامات الكبيرة، وقد أتى بدلاً منهم ليحل محلهم في المكتب السياسي أشخاص كانوا باهتين بالقياس لأولئك مثل مولوتوف وفوروشيلوف وكاجانوفيتش وأوردجونيكدزة. وهو عندما ظهرت مواهب جديدة مثل مسؤول لينينغراد للحزب، أي سيرجي كيروف، شعر بخطر هذا القادم الجديد الذي نال أصواتاً في انتخابات المؤتمر السابع عشر للحزب عام 1934 فاقت الأصوات التي نالها ستالين أثناء انتخاب أعضاء اللجنة المركزية، وربما لم يشعر بكثير من الحزن عندما اغتيل كيروف على يد طالب موال لزينوفييف في 1 كانون أول 1934 ليكون ذلك، ربما بتواطؤ من ستالين في الاغتيال وربما ذلك بشكل موضوعي، ضربة مزدوجة: تخلص من منافس محتمل وفي الوقت نفسه ذريعة لبدء المحاكمات بين عامي 1936 و1938 التي تم فيها اعدام كامينيف وزينوفييف وبوخارين ومعظم قيادات الحزب في العشرينيات وأيضاً غالبية اللجنة المركزية التي انبثقت عن مؤتمر 1934 ونسبة كبيرة من أعضاء ذلك المؤتمر، ربما في انتقام من ستالين لعملية التصويت تلك.


يقدم ستالين صورة عن الحزبي الشيوعي: قيادي في العمل الحزبي السري دخل السجن يملك صفات الصبر والتواضع وقدرات عالية على الملاحظة وذاكرة كبيرة وقدرة على الالمام بتفاصيل واسعة عن مواضيع كثيرة وهو ما أدهش تشرشل أثناء مفاوضاته معه. لا يحب الأضواء وهو ما يلاحظ على غالبية الخارجين من العمل السري الحزبي. كلامه مركز ومن دون تفاصيل كثيرة، يمسك بكافة الخيوط ولكن عبر القيادة «من وراء»، كما في فترة 1924-1929، أو «من أمام» ولكن من دون ظهور اعلامي.
يملك مواهب كبيرة في التآمر، ولكن من دون ترك بصمات، وفي الصراع التكتلي. ربما أعطى صورة عن شخصيته المركبة، أو المعقدة، ما يرويه جاكوب بيرمان عضو المكتب السياسي للحزب البولندي ومسؤول الجهاز الأمني، أنه ذهب في عام 1949 إلى موسكو لاستشارة ستالين حول ألبوم عن القادة المؤسسين للحزب الشيوعي البولندي، وكان منهم من أعدم في محاكمات 1936-1938، وقد اندهش بيرمان عندما سمح زعيم الكرملين بنشر صورهم، وقال عن بعض من أعدمهم بأنهم «شيوعيون جيدون»: ندم أم مشاعر متناقضة، أم صحوة متأخرة؟ ربما هناك صورة ثانية عن ستالين تضاف الى تلك: في أثناء مؤتمر يالطا في شباط 1945، أخبر تشرشل ستالين عن نية بابا دولة الفاتيكان بإعلان الحرب على هتلر، ولكن ما أدهش رئيس الوزراء البريطاني هو التعليق الساخر لزعيم الكرملين: «كم دبابة لدى البابا؟». شخص لا يؤمن سوى بالتوازنات المادية وبالقوة كعناصر مقررة في السياسة، وبأن الأفكار لا قيمة لها من دون حواملها المادية والاجتماعية. ربما كان وقوف بابا الفاتيكان، وهو كان بولندي الأصل، وراء حركة «التضامن» التي ضمت ملايين من العمال والفلاحين البولنديين بعامي 1980-1981 انتقاماً متأخراً من قول ستالين، وقد كانت تلك الحركة أول مسمار في نعش الكرملين السوفياتي الذي سقط وتفكك أواخر عام 1991، ولكن يمكن القول بأن هذا الذي جرى في وارسو بالثمانينيات أيضاً يؤكد عملياً صحة قول ستالين أمام تشرشل عام 1945.
يمكن أن تضاف جوانب ثانية إلى صورة الحزبي الشيوعي: انضباطي، دقيق في التنفيذ، يؤمن بأهمية التفاصيل، لا يحب اظهار عواطفه. كذلك، هو لا يحب المظاهر الفاقعة أو النافرة في الزي والشكل، كالذي رأيناه عند «اليسار الجديد» أو «مقلدي غيفارا» من المتمركسين منذ النصف الثاني من الستينيات، والشيوعيون بخلاف هؤلاء هم محافظون أو تقليديون في موضوع «المرأة»، وعملياً فإن «اليسار الجديد»، بالقياس الى الشيوعيين، أقرب إلى حالة تمردية اجتماعية من كونه ظاهرة فكرية - سياسية - تنظيمية مثل التي انبثقت عند الشيوعيين في أكثر من 120 حزباً شيوعياً وعمالياً عالمياً خرجوا من رحم «الكومنترن» الذي أتى بعد سنتين من نطفة ثورة أوكتوبر 1917.



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الماركسيون السوريون
- بناء السياسة بدلالة مركز خارجي
- صعود القوى الإقليمية يواكب انكفاء واشنطن عن الشرق الأوسط
- المنتصرون عام 1989... وتداعي قوة أفكارهم
- سطحية الإلحاد العربي الحديث والمعاصر
- فلاديمير بوتين وروسيا الجريحة
- نزعة الاستعانة بالخارج: عن «الجلبيين» العرب
- كم دبابة عند بابا الفاتيكان؟
- أربعة أعوام من أداء المعارضة السورية
- لا خرائط جديدة
- فكر القتل
- الوظيفية السياسية للتيار الماركسي العربي
- هل من مستقبل للتيار الماركسي في العالم العربي؟
- وظيفية الفكر السياسي
- الانقسام التركي
- فراغ السلطة
- باراك أوباما إذ يدير ظهره للشرق الأوسط
- الشيوعيون العرب في مرحلة مابعد السوفيات
- لماذا الإنخفاض في مستوى المعارضة السورية؟.....
- السياسة كشكل


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد سيد رصاص - نموذج الحزبي الشيوعي