أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - سندريلا . . . الأميرة الغامضة















المزيد.....

سندريلا . . . الأميرة الغامضة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5098 - 2016 / 3 / 9 - 12:30
المحور: الادب والفن
    


تحظى الأفلام المُرشّحة لجوائز الأوسكار في كل عام باهتمام إعلامي كبير يتصدّر الصفحات الثقافية للصحف والمجلات، ويهيمن على البرامج الفنية لشاشات التلفزة في كل أرجاء العالم تقريبا. وفيلم "سندريلا" للمخرج البريطاني كينيث برانا هو من بين خمسة أفلام تتنافس على جائزة أفضل "تصميم أزياء" في الدورة الـ 88 للأوسكار. تُرى، هل ينجح فيلم "سندريلا" في اختطاف هذه الجائزة خصوصًا وأن وراءه ساندي باول، مصممة الأزياء المبدعة التي فازت بالأوسكار ثلاث مرات عن أفلام "شكسبير عاشقًا" لجون مادن، و "الطيّار" لسكورسيزي، و "فيكتوريا الشابة" لجان مارك فاليه؟

قصة مُحكمَة
لا جديد في القول بأن السيناريو الناجح يصنع فيلمًا ناجحًا بالضرورة، وأن القصة السينمائية التي كتبها كريس ويتز تمتلك كل عناصر النجاح لجهة بنائها المُحكَم، وشخصياتها المتطورة التي تنمو على مدار الحدث، ونهايتها السعيدة التي يفضِّلها الجمهور في الأعم الأغلب.
اعتمد كريس ويتز في كتابة سيناريو هذا الفيلم أيضًا على النسخة الحديثة من قصة "سندريلا" التي كتبها الشاعر والمؤلف الفرنسي شارل بيرو عام 1697، ذلك لأن القصة تعود إلى القرن الأول قبل الميلاد في أقل تقدير. كما أفادَ ويتز من أول فيلم أنيميشن أنتجتهُ والت ديزني يحمل العنوان نفسه عام 1950. وعلى الرغم من التاريخ البعيد لهذه القصة إلاّ أنّ مُصمِمة الأزياء ساندي باول لم تذهب زمنيًا أبعد من القرن التاسع عشر، إذ أرادت تجسيد الأزياء التي كان يرتديها الناس في عقدي الأربعينات والخمسينات من ذلك القرن.
لابد من الإشارة إلى أن الثيمة الرئيسة لهذا الفيلم تعود إلى والدة سندريلا "هايلي أتويل" التي طلبت من ابنتها وهي على فراش الموت أن "تكون شجاعة وطيبة" وقد ظلت سندريلا "ليلي جيمس" كذلك حتى انتصرت على الظلم والإجحاف الذي تعرّضت له من قِبل زوجة الأب تريمين "كيت بلانشيت" وابنتيها الماكرتين دريزلا "صوفي ماكشيرا" وأنستيزيا "هوليدي غرينغر" وما هذا بمستغرب فهي تتوفر على جرأة كبيرة، وطيبة نادرة قلّما نجدها عند أترابها من الفتيات.
بَنى ويتز شخصية سندريلا بناءً واقعيًا رصينًا حيث جعلها تؤمن، مثل أمها، بالسحر، فالقصة خرافية في مغزاها السردي لكنها واقعية في جانبٍ كبيرٍ منها. فهي ابنة تاجر ميسور الحال كان يغيب لبضعة أشهر في مهمات تجارية ويعود متلهفًا لزوجته وابنته الوحيدة. غير أن الحياة كانت لهم بالمرصاد إذ مرضت الأم وفارقت الحياة الأمر الذي يدفعه إلى الاقتران بأرملة أحد معارفه الأثرياء متخيلاً أنها سوف تكون الأم البديلة التي تعوضها حنان أمها الراحلة. لم تكن هذه التمنيات في محلها فحينما توفي الأب في واحدة من مهماته التجارية أظهرت تريمين مخالبها التي كانت تخبئها خلف قفازات من حرير وبدأت تنهش في روح سندريلا وتطعن في كرامتها الإنسانية لكن هذه البنت النجيبة كانت تتذكر دائمًا الوعد الذي قطعته لأمها في أن تظل شجاعة وطيّبة تقابل الإساءة بالإحسان على الرغم من الإهانات المتواصلة التي تتلقّاها من زوجة الأب الماكرة وابنتيها اللئيمتين. فهي تعرف في قرارة نفسها أن الظلم قد يستمر لبعض الوقت لكنه لا يدوم أبدًا، ولابد للظالِم أن ينهار في خاتمة المطاف.
عانت سندريلا من عسف تريمين طويلاً فلقد حوّلتها من فتاة مدلّلة إلى خادمة ذليلة وأسكنتها في عِلّية المنزل الباردة، وحرمتها من تناول الطعام على المائدة لكنها لم تستطع أن تكسر شوكتها أو تمسخ شخصيتها القوية التي تآلفت مع فئرانها وعصافيرها وكلبها الأثير. لقد وجدت سندريلا ضالتها في التماهي مع عناصر الطبيعة حيث كانت تخرج بين أوان وآخر إلى الغابة المحيطة بمنزلها وذات مرة صادفت تشارمنغ " ريتشارد مادِن" في إحدى نزهاتها ولم تعرف أنه الأمير لأنه قدّم نفسه باسم "كِيت" كما يحلو لوالده أن يناديه حينما يكون معتدل المزاج. ستعْلق صورة هذه الفتاة الجريئة في ذهن الأمير ولن تغادره أبدًا. وحينما يصرّ والده على تأهيله للزواج يطلب من أبيه أن يدعو جميع فتيات المملكة لحفلة رقص كي يختار الفتاة التي يخفق لها قلبه.

اللمسة السحرية
تتهيأ تريمين وابنتاها لحضور الحفل الراقص وحينما يشاهدن سندريلا قد تهيأت أيضًا وارتدت فستان أمها القديم بعد أن أصلحته بمعونة فئرانها وعصافيرها تحدث المواجهة حيث يمزقن ثوبها ليحُلنَ دون مجيئها إلى الحفل. وبما أنها محاصرة بعامل الوقت فلابد للسحر أن يتدخل وأن المرأة الفقيرة التي طلبت كسرة خبز أو كوب حليب لم تكن في واقع الحال شحّاذة وإنما كانت ساحرة حوّلت، بعد أن عرفت قصتها، ثوبها الممزق إلى فستان سهرة، واليقطينة إلى عربة ذهبية، والفئران إلى جياد، والعظاءتين إلى خادمين، والإوزة إلى حوذي، كما حوّلت خُفّيها القديمين إلى حذائين زجاجيين يخطفنَ الأبصار وسيكون لهما دورًا مهماً في المسار القصصي الذي أخذ الآن بُعدًا عجائبيًا يُذكِّرنا بحكايات "ألف ليلة وليلة". وما أن تصل سندريلا في الوقت المناسب حتى تلفت انتباه الأمير تشارمنغ الذي يراقصها من دون الأميرات جميعًا، وحينما ينفرد بها في الحديقة السريّة التي لم يدخلها أحد من قبلها، ويتجاذب معها أطراف الحديث حتى تنتبه إلى تحذير الساحرة بأن السحر سيتعطل في الساعة الثانية عشرة تمامًا فتغادر مسرعة من دون أن يعرف اسمها أو عنوانها، ونتيجة لسرعتها تخلّف فردة حذائها الزجاجي على درج القصر وسوف تكون هذه الفردة الزجاجية هي الخيط الوحيد الذي يوصل الأمير إلى الفتاة الغامضة التي حرّكت مشاعره من الأعماق.
يدور الحذاء الزجاجي في طول المملكة وعرضها لكنه لا يناسب أي فتاة باستثناء سندريلا. عرفت تريمين بحدس الأنثى أن خادمتها قد خطفت قلب الأمير ولكي تحفظ سرّ سندريلا يتوجب عليها أن تضعها على رأس الأسرة المالكة، وأن تزوج ابنتيها من أمراء أثرياء، وأن تترك لها أمرَ التحكّم بالأمير الذي سوف يصبح ملكاً على البلاد. لم توافق سندريلا على هذا العرض مهما كلّفها من تضحيات كبيرة. فهي لم تستطع حماية والدها من هذه المرأة الشرّيرة لكنها سوف تحمي الأمير والمملكة في آنٍ معا.
عملية البحث عن صاحبة الحذاء الزجاجي جارية على قدم وساق وقد وصل حرس الأمير إلى قصر تريمين وأوشكوا على المغادرة لأن الحذاء الزجاجي كان أصغر بكثير من أقدام الفتاتين. وبينما كانت سندريلا تغني استطاعت الفئران أن تفتح النافذة ليصل صوتها إلى الحرس الشخصي ويكشتف في نهاية الأمر أنها صاحبة الحذاء فيصطحبها إلى القصر الملكي ويتزوجها تشارمنغ، الملك الجديد، بعد أن اعترفت له بأنها فتاة ريفية صادقة أحبته من كل قلبها، وسألته إن كان يقبل بها كما هي عليه الآن؟ فوافق شرط أن تقبلهُ كما هو عليه كإنسان مبتدئ لا يزال يتعلّم أمور الحكم! ولأن سندريلا طيبة فإنها تسامح أختيها لكن الدوق الأكبر يأخذهن جميعًا إلى خارج حدود المملكة التي لن يطأنها مجددًا. وبحسب العرّابة الساحرة فإن الملك والملكة سوف يكونان من أعدل وألطف حُكّام هذه المملكة، واستمرت سندريلا برؤية العالم ليس كما يبدو، وإنما كما يجب أن يكون عليه شرط أن يؤمن الإنسان بالشجاعة واللطف وقليل من السحر.
لا شك في أن أداء ليلي جيمس كان جميلاً ومُقنعًا رغم أنها كانت تقف في مواجهة كيت بلانشيت التي تتوفر على خبرة فنية طويلة. وفيما يتعلق بالأزياء فقد تطابقت إلى حد كبير مع أزياء القرن الثامن عشر خصوصًا وأن البيئة العمرانية التي انتخبها المخرج للتصوير كانت مناسبة جدًا لتلك الحقبة الزمنية مثل قصر بلينهام، وقلعة وندرسور وغيرهما من الأماكن التاريخية المعروفة في المملكة المتحدة.
بقي أن نشير إلى الأفلام الأربعة التي تتنافس على جائزة أفصل تصميم للأزياء وهي "كارول" لتود هينز، و "الفتاة الدنماركية" لتوم هوبز ، و "ماد ماكس: طريق الغضب" لجورج ميلر، و "المُنبعث" لأليخاندرو غونزاليز إيناريتو علمًا بأن الحقبة الزمنية للفيلم الأخير تعود لعام 1823 وهي الحقبة الأبعد مقارنة ببقية الأفلام التي تدور أحداثها بين العقدين الثالث والسادس من القرن العشرين.
جدير ذكره بأن البريطاني المخرج كينيث برانا معروف باقتباس قصص أفلامه من مسرحيات شكسبير مثل "هنري الخامس"، "جعجعة بلا طحن"، "عطيل"، "هاملت"، "كما تهوى"، "خاب مسعى العشاق"، إضافة إلى "هاري بوتر وحجرة الأسرار"، "ميت مرة أخرى"، "الناي السحري" وسواها من الأفلام التي رسّخت مكانه في المشهد الثقافي البريطاني.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حارس الموتى. . رواية تختبر حدْس القرّاء (القائمة القصيرة لبو ...
- لماذا سقطت أقنعة التنكّر والتمويه في فيلم -تاكسي طهران-؟
- تجليات كردية في فيلم -رسالة إلى الملك- لهشام زمان
- تعدد الأصوات السردية في -نوميديا- طارق بكاري
- الفتى الذي أبصر لون الهواء. . أنموذج ناجح لأدب الناشئة
- تجاور الأديان وهيمنة الحُب الروحي في ما وراء الفردوس
- قراءة نقدية في العقليتين الشفاهية والتدوينية
- مريم مشتاوي ومتلازمة القلب المنكسر
- عالم داعش . . من النشأة إلى إعلان الخلافة
- مراعي الصّبَّار. . . يوميات ليست بريئة من الخيال
- سافروجيت. . بطلة شعبية تغيّر وجه العالم
- خِصال دستويفسكي في قالب روائي هندي
- (حديث في الممكن) ولعبة الاشتغال في ما وراء الفضاء التراجيدي
- سمبين . . رائد السينما الأفريقية وأعظم الكُتاب الأفارقة
- لا لملاعب الغولف في الجانب المُعتم من الخُضرة
- ثنائية الشرق والغرب في غربة الياسمين
- قصة كردية تمجّد ثقافة السلام في فيلم اتبع صوتي
- قراءة نقدية في مراحل الرواية العربية المُغترِبة
- الجانب المُعتم من الخُضرة
- جوائز مسابقة يلماز غوني في مهرجان الفيلم الكردي


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - سندريلا . . . الأميرة الغامضة