أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - قراءة في المشهد السياسي المغربي على ضوء الانتخابات الأخيرة: هل قدرنا الديمقراطي وجهان لعملة واحدة؟















المزيد.....

قراءة في المشهد السياسي المغربي على ضوء الانتخابات الأخيرة: هل قدرنا الديمقراطي وجهان لعملة واحدة؟


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5070 - 2016 / 2 / 9 - 18:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قراءة في المشهد السياسي المغربي على ضوء الانتخابات الأخيرة:
هل قدرنا الديمقراطي وجهان لعملة واحدة؟
محمد إنفي
يصعب على من يتمتع بشيء من الوعي أن يلزم الحياد تجاه ما يعتمل داخل مشهدنا السياسي الحالي. وسيجد المرء نفسه أمام توجهين متناقضين ومتداخلين(قد يدرك الخيط الناظم بينهما وقد لا يدركه): توجه فيه كثير من الخبث بحيث يوهم الناس بأن البناء المؤسساتي سليم ومعافى، وتوجه فيه غير قليل من السذاجة التي تدفع إلى الاعتقاد (أو التسليم) بأن الوضع عادي وطبيعي؛ في حين أن الوضع أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه ملتبس وغير شفاف ولا يبعث على الاطمئنان أبدا.
كنا نعتقد أننا حققنا قفزة نوعية في مجال البناء الديمقراطي حين صادقنا بما يشبه الإجماع على دستور فاتح يوليو 2011، خاصة وأنه جعل من الاختيار الديمقراطي أحد الثوابت الوطنية وأقر مطلب الملكية البرلمانية (ولو بأسلوب تعويمي) ونص على مبدأ فصل السلط وتوازنها وتعاونها وربط المسؤولية بالمحاسبة... و"إرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية".
لكن الواقع الحالي يشبه إلى حد كبير أسطورة "سيزيف". فبعد أن كنا قاب قوسين أو أدنى من الهدف بفضل الحراك الاجتماعي والسياسي، تدحرجت الصخرة إلى الأسفل وعدنا إلى نقطة البداية. لقد شجع خفوت وهج وبريق الحراك الذي قادته حركة 20 فبراير، على التراجع على المكتسبات وأصبح الاختيار الديمقراطي مهددا بالعودة إلى الاستبداد، لكن، هذه المرة، باسم الديمقراطية (سلطة الأصوات الانتخابية والمنهجية الديمقراطية).
لن نقف عند التراجعات المسجلة في مختلف المجالات (الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والسياسية...)؛ لكن نسجل، بكل أسف، النكوص الحاصل، مع الحكومة الحالية، في مجال البناء الديمقراطي. لقد فشلت الأغلبية الحالية (تحضيرا وإنجازا) في تدبير أول انتخابات تشرف عليها في إطار الدستور الحالي.
لن أعود إلى ما كتبته حول هذا الموضوع في بضع مقالات، رصدت من خلالها العديد من الخروقات والتجاوزات التي باركتها السلطات بحيادها السلبي. وقد شكل هذا الحياد السمة العامة لموقف السلطات (بكل أصنافها)على الصعيد الوطني؛ الشيء الذي يطرح أكثر من سؤال ويسمح بأكثر من قراءة (وأنسبها القول بأن الحياد السلبي لم يكن وليد الصدفة ولم يكن موقفا معزولا أو قرارا شخصيا لبعض رجال السلطة).
ويبدو، من خلال النتائج والمواقف الرسمية منها، أن هناك توجها لبلورة (أو خلق) تقاطب سياسي مصطنع، وبالتالي هجين؛ لكنه يندرج ضمن إستراتيجية قارة للدولة، هدفها التحكم في الوضع السياسي. فبعد أن تم، في المراحل السابقة، تمييع التعددية السياسية عن طريق خلق أحزاب سياسية تنعت في القاموس السياسي المغربي بالإدارية (كانت تُزَوَّر لصالحها الانتخابات بشكل مفضوح)، تم الانتقال، فيما يبدو، بحكم تغير الظروف الداخلية والخارجية، إلى البحث، في المرحلة الحالية، عن وسائل أخرى لتدبير اللعبة السياسية بشكل يضمن التحكم في خيوطها، مع إعطاء الانطباع باحترام قواعد اللعبة.
لكن، في واقع الأمر، يتم تمييع هذه القواعد (بشكل "أرقى" !!!) من خلال العمل على إحداث تقاطب سياسي مصطنع ينقلنا من مستوى الأحزاب الإدارية إلى مستوى أحزاب الدولة.
كل المؤشرات (نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية، التصريحات السياسية لقطبي الصراع، الرهانات المرتبطة بالانتخابات التشريعية المقبلة، الخ) تدل على أن الصراع السياسي ببلادنا يُراد له أن يأخذ طابعا إيديولوجيا بين "قطبين" متناقضين: قطب المحافظة، ويمثله حزب العدالة والتنمية، وقطب الحداثة، ويمثله حزب الأصالة والمعاصرة (وبينهما يُنتظر أن تصطف باقي الأحزاب حسب القرب أو البعد، سياسيا وإيديولوجيا، من هذا الحزب أو ذاك، أو التموقع خارج القطبين).
لكن، أليس الحزبان وجهان لعملة واحدة؟ وهذه العملة، أليست هي عملة "المخزن" (بالمفهوم التاريخي والسياسي والشعبي)؟ أليس"البيجيدي" و"البام" من صنع المخزن وصنيعته؟ وبالتالي، ألا يحق لنا أن نقول بأن دار لقمان لا زالت على حالها، رغم ما طرأ على الواجهة من تلميع ديمقراطي وسياسي وحقوقي...؟ وبمعنى آخر، ألم يعد الانتقال الديمقراطي المنشود ( بما يعنيه من ملكية برلمانية وقطبية سياسية حقيقية) حلما بعيد المنال، بعد أن عدنا إلى ما يشبه نقطة البداية؟... فهل قدرنا الديمقراطي وجهان لعملة واحدة؟ ويا ليتها كانت عملة أصلية وأصيلة!!!
فمن حيث النشأة (وهذا تاريخ لن تمحيه لا المواقع التمثيلية الحالية للحزبين ولا الكتابات المأجورة التي تعمل على خلط الأوراق وتزييف الواقع والتاريخ)، لم يكن تأسيس أي من الحزبين استجابة لحاجة مجتمعية - كما هو الحال بالنسبة للأحزاب الديمقراطية- وإنما كان استجابة لرغبة مخزنية في التوفر على أدوات يتحكم من خلالها في اللعبة السياسية.
يتذكر جيل السبعينات والثمانينات من القرن الماضي كيف احتضن رجال الخزن الفصائل الإسلامية في الجامعة. لقد كان "أحمد العلوي" (وزير دولة) يجتمع بهم ليلا وفي رحاب الجامعة من أجل الإعداد لمواجهة الفصائل التقدمية التي كانت مهيمنة على الساحة الجامعية ولها ارتباطات مجتمعية قوية. ويتذكر المهتمون بالحركات الإسلامية بالمغرب الرسالة المشهورة التي وجهها "بنكيران"(باعتباره مسؤولا في الجماعة الإسلامية) إلى "إدريس البصري" (وزير الداخلية)، عارضا خدماته وخدمات جماعته على أمل أن تتداركهم عناية الله على يد الداخلية. وسوف يحتضن الدكتور "عبد الكريم الخطيب"، رجل المخزن المعروف، الجماعات الإسلامية (حركة الإصلاح والتوحيد ورابطة المستقبل الإسلامي...) ويفتح لهم أبواب حزبه ("الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية"الذي أسسه بعد انفصاله عن "المحجوبي أحرضان") الذي سيتحول، بعد حوالي أربع سنوات، إلى حزب العدالة والتنمية.
أما الوجه الثاني للعملة، ونقصد به حزب الأصالة والمعاصرة، فحديث العهد بالمسرح السياسي ومعروف كيف نشأ وعلى يد من تأسس. ويكفي أن نعرف أن مؤسسه وزير منتدب في الداخلية سابقا ومستشار ملكي حاليا، لندرك طبيعة وأهداف هذا التنظيم. ولن تستطيع الوجوه المتياسرة (والأصح، التي كانت متياسرة) التي تسلمت قيادة "البام"، رغم شعاراتها وخطابها الحداثي (المشكوك في صدقه ومصداقية أصحابه)، أن تخفي كنهه ومشروعه الحقيقي. والقول بأن "البام" تأسس لمواجهة نفوذ "البيجيدي" يبدو تبسيطيا، وربما تمويهيا. وكيفما كان الحال، فخطاب كل منهما لا يمت للديمقراطية بصلة.
إنهما يعطيان انطباعا بأن الصراع بينهما محتدم ويحدثان ضجيجا إعلاميا كبيرا. لكن، ما سر هذا الصراع، وقد خرج الاثنان من نفس "الرحم"(رحم المخزن)؟ يبدو أنه صراع الإخوة الأعداء. فكلاهما ينافس الآخر في إرضاء "المخزن" (نوع من الاعتراف بالجميل ضدا على المبادئ الديمقراطية والأحكام الدستورية) وفي تقوية البنية الاستبدادية للدولة وتكريس الملكية التنفيذية رغم تنصيص الدستور على الملكية البرلمانية. وهو ما يعني أنهما يلتقيان في مواقفهما السياسية (وربما حتى في رؤيتهما الاقتصادية: الليبرالية المتوحشة)، وإن اختلفا في الخطاب.
نعتقد أن فئات كثيرة من المجتمع المغربي تعي هذا الواقع وتدرك أن في العمق لا تغيير في بنية "الخزن" ذي الطبيعة الاستبدادية؛ لذلك، فهي ترفض المشاركة في تزكية هذا الوضع. وهو ما يفسر العدد الهائل من الذين يرفضون التسجيل في اللوائح الانتخابية. ونفس الشيء يمكن أن يقال على المسجلين الذين يقاطعون التصويت (المقاطعة كموقف سياسي).
خلاصة القول، بمثل الممارسات التي حاولنا كشف خيوطها ومساوئها، نُعرِّض بناءنا الديمقراطي الهش للانهيار والعودة إلى الاستبداد. ويكفي النظر إلى التهم المتبادلة بين وجهي العملة الفاسدة التي حاولنا سبر أغوارها، لإدراك الخطر الذي يتهدد مكتسباتنا الديمقراطية. فـ"البيجيدي" يتهم "البام" بالتحكم (أو السعي إلى التحكم). وهو قول فيه الكثير من الصحة. لكن حزب العدالة والتنمية يمارس هذا التحكم قولا وفعلا من خلال مواقعه التنفيذية والتمثيلية. وهذا ما يؤكد أننا أمام وجهين لعملة واحدة.



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنكيران ومحاربة الفساد أو حين يصبح الكذب منظومة سياسة وأخلاق ...
- إلى رئيس الحكومة وإلى كل من يهمه الأمر
- فتاوى التكفير إنكار لمشيئة الله وتهديد لاستقرار المجتمع
- عن الطعن السياسي والطعن القضائي في الانتخابات
- ما ذا يُهيَّأُ للشعب المغربي باسم -الإصلاحات الكبرى-؟
- ما المانع من العودة إلى البيت الاتحادي من أجل بناء حزب اشترا ...
- تقييم نتائج الاتحاد الاشتراكي في الانتخابات الأخيرة بين النظ ...
- الإرث في الإسلام بين الفهم الجامد والفهم المتجدد للنص القرآن ...
- في حضرة عريس الشهداء المهدي بنبركة، نداء من أجل وحدة الاتحاد ...
- في الحاجة إلى عمر بن الخطاب، مرة أخرى!
- ملاحظات حول دور القضاء في الإشراف على الانتخابات
- من وحي أجواء 4 سبتمبر: لماذا لا نجرب المقاطعة؟ فكرة للنقاش ! ...
- الغش الانتخابي على طريقة -السماوي- أو النصب على الديمقراطية ...
- -اللوك- الجديد لحسن طارق والهذيان السياسي-بتجرد ومصداقية- !! ...
- عن الترحال السياسي وسوق القيم
- الفاعل السياسي بين القيم النضالية الأصيلة وقيم الانتهازية ال ...
- بنكيران والديمقراطية
- حكومة -الأخسرين أعمالا-.
- على هامش برنامج -ضيف الأولى-: هم أولاء أعواد كبريت فوق خزان ...
- في انتظار أن يكون لنا رئيس حكومة


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - قراءة في المشهد السياسي المغربي على ضوء الانتخابات الأخيرة: هل قدرنا الديمقراطي وجهان لعملة واحدة؟