أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - الرقص في المكتبة















المزيد.....

الرقص في المكتبة


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 5060 - 2016 / 1 / 30 - 14:40
المحور: الادب والفن
    


الرقص في المكتبة

بينما كنا نستمع للمدائح النبوية على لسان أمي ( احمد ياحبيبي سلام عليك, ياعون الغريب سلام عليك ) كان والدي الرائع –الطائش يشرب الفودكا ويميل على وقع صوت الأناشيد ,
هل صحيح أن النزوع نحو الأطراف يعني تطرفا
ماذا عليّ أن أقول !! هل كان زوربا مجنونا !!
يرقص من الألم في مأتم صغيره ,
" بينما كان الآخرون يبكون بدأت بالرقص... نعم الرقص. وقال الآخرون عني : لقد جُنَّ زوربا. لو لم أكن رقصت لكنت قد جننت."
فالرقص تحرر و إنطلاق وإنفلات من عقال الروح , إنها يوغا الجسد الضامىء للتحرر من أثقال مآسيه و وجوده العبثي .
هذه الروح التي لا تنفك تشعرك أن ثمة خطأ حدث عندما ولدت , لاشيء يتغيّر و لاشيء يحدث ,فما الذي سيحدث يا ترى!
هل شعرتم بفقدان الأمل ,, ونفاذ الصبر ,حسنا لقد نفذ صبري!!
البارحة كانت الشمس تلعب في مساحة سريري المكشوفة نحو النافذة , فاستيقظت بشعور سابق حزين , خلفته رواية ثلاثية غرناطة .
إن الروايات بقدر ما تحييني تقتلني
هل سمعتم بمثل هذا !!
إنها رواية تحكي وجع الرحيل والطرد والنفي من بلاد الأندلس ولكن أيمكن للنفي والرحيل , أن يكونا نعشا للروح!
تقول صاحبة الثلاثية قد يكون الموت في الرحيل وليس في البقاء ."وأقول :
البقاء أيضا جريمة , و قد يكون فيه الموت أيضا
, وجدتني افرد شعري الطويل وأحركه يمنة ويسرة, إلى فوق وإلى تحت, في دوران وتتابع وأسال " لماذا يرقص الطير مذبوحا من الألم!
شعرت بالذوبان - بالتلاشي اقصد بضياع الذاكرة – رغبة التحرر- وحريته في أن لا تكون عبدا لجسدك ورغباتك .
دوران كرغبة أن تنسى , أن النفي واللجوء و الطرد مفردات تذيب الروح و تفتتها كذرات سائحة في الهواء . نعم , شعور بالخواء الفارغ يمتلكك ولكنه الهواء أيضا .
"الرقص ليس قفزاً في الهواء .. ! ولا رفع الألم في الهواء كالغبار , الرقص هو الارتفاع عن العالمين ..
الرقص هو الدم لألمك ..
الرقص هو التخلي عن حياتك
هذا ما قاله "جلال الدين الرومي" يوما, منذ مئات السنين, فكانوا يرقصون
نعم , الرقص و ما رقصة المولوية إلا رقصة غياب و تذكر , رقصة تطهير و تدبر, رقصة خشوع و عبادة , في الرقص تكون حرا , والحرية مطلب عزيز للروح , فلا يطهر الروح إلا ألم كبير و لا ينقذها إلا رقصة عبثية
نعم إرقصوا ,لقد رقصت في المكتبة بعد رحيل كل من فيها , ورأتني الكتب وضحكت وإني لأسمع صهيل ضحكاتها يتردد كل يوم مع كل حرف مشاكس يعرفني و يعرف عشقي للكتب .كلما تذكرت الممثل آدم ساندلر في فيلمه الحزين
Reign Over Me الذي فقد فيه عائلته وأعتزل الناس ومكث يطلي البيت لأن زوجته طلبت منه تغيير الدهان قبل موتها ,كان معتزلا الحياة بسبب ألمه الشديد , فلا يطلب العزلة إلا ذو ألم كبير و مصاب جلل , وشعور بالعبث واللاجدوى, لذا لا مخرج لكم إلا بالرقص و بالغناء .
فمن يفتي بأن هذه محض خروقات , فهو مخطىء, فالرقص علاج وقد نلجأ إليه لكي نطرد الكآبة , ونحي الجمال الكامن في الروح .

,,,في زيارة لمنزل أخي ذات صباح , وجدتني أحدثهم أن لابد أن تكون لهم أغنيتهم الخاصة ورقصتهم المميزة كعائلة ,ضحك الصغار و التمعت عينا الأم و سخر أخي من الأمر كالعادة .
هذا ما نفتقده كعائلات لكي نشعر بالإنسجام , فلو كانت هناك أغنية مشتركة لكل عائلة لتخففنا من كثير من المشكلات ,التي نقدر أن نحاربها بابتسامة وأغنية .
وجدت أن رأسي يدور ويدور وكأنه لا يريد أن يتذكر ,خفت أن أفقد توازني ,واسقط على كتبي وفناجين قهوتي, ولكني لشدة استمتاعي بها ,لم أحفل بكل ذلك .
أكان ذلك ضياعا وغيبوبة !!! أم هروبا وغيابا ,أم تغييبا لذاكرة متقدة ,أم سموّا روحيًا وتطهيرًا داخليا. ربما كل ذلك , كل ذلك هو الصحيح .وتذكرته , روح والدي الذي تمدد أمامي , بدون روح , كانت تتمايل أمامي في رحلته المسافرة , وأحسست بجثته النابضة , وعندما همست , شعرت به يرقص
كنت ارقص معه, وانشده شعرا
هل تصدقون !!!
كانوا يعتقدون إني أقرا عليه سورة يس ,ولكني لم أكن أفعل
كنت أرقص معه وأغني له عن وطن ينتظره , سيذهب إليه بعد النعش والكفن .
نعم بدون الرقص لكنا أيتام اللحظة ,نموت في كل دقيقة تجل وحقيقة, وعندما توقفت عن الدوران وعادت لي الذاكرة حضرت لي صغيرات الإمارات اللواتي يجدن هذه الرقصة .
رقصة النعش
كن يرقصن في مكتبتي ,تطير الشعور السوداء الطويلة في الهواء وتضيع الملامح ,
يقلن بلا أسف ولا حزن , نريد أن نرقص رقصة النعش.
ياآلهي ,,,,هل يمكن أن تحمل رقصة أسم نعش !!
خرجت من فمي حائرة " رقصة ونعش !!
... نعم ... هناك رقصة نعش في الإمارات , وقد تعجبت من عدم معرفتهم لطبيعة حضورها بالتراث الإماراتي ,ففي ذات يوم عمل , استضفنا في مكتبة المدرسة الباهية في ابوظبي ,ثلاث نساء إمارتيات و خبيرا بالتراث الإماراتي ,كان رجلا طاعنا في السن ,يتحدث عن تجارة اللؤلؤ القديمة , وعن رجال يغيبون لأشهر في وسط البحر لأصطياد اللآلىء . وهناك في البيوت تنتظرهن النساء .
نعم النساء يجتمعن بعد حساب المعدود من الأشهر , يذهبن للشاطىء ينتظرن عودة الزوج أو الأب أو الأخ ,وعندما تلوح مراكب الصيادين وتقترب وجوههم الغارقة في ملح الماء , تبتهج نسوة وترتاح خفقاتهن و آخريات تصعق وتنوح ,
فأين الزوج !!! هل غرق الأب والأخ والحبيب .
تصيح النسوة ينشرن الشعور السوداء الطويلة في الهواء يملن يمنة ويسرة ,يردن أن يقنعن الذاكرة و يعدنها إلا ما قبل اللحظة النازفة , لعل الوجه المخطوف يظهر ,
تغيب العقول في الدوران,
تميل وتميل و تفقد إتزانها, لعل النعش يتسع لأثنين, ولعل الموت يأتي مثنى, ليأخذهم سويا
إنها رقصة الندب و النعش حاضر .
,وو تلك الرقصة التي تذوب بها الروح في إنطلاقة حائرة الى ما ورائيات المنطق. وهل كان جلال الرومي إلآ عابدا ومجلا وعالما قديرا ,
, وما شمس التبريزي سوى معلم ترانيم الخشوع, حيث جعل من الرقص عبادة .
تأتيني مدائح أمي فأرددها وأرقص وكأني أنسى, مثل أبي ,كل حمولات الغربة القسرية وكل حمولات اللجوء المخزي وكل حفنات الوطن الغائب ,وكل مشاعر الضياع التي كانها وكان يحتضنها في صدره .
الى أبي , الرقص يا ابي عبادة واسمع أمي تؤكد كلامي ,
( ياغوث الغريب ,سلام عليك)
أليس كذلك !!!













#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة - توبليرون g400 - الأبيض-
- العادية الجميلة بذوق إمرأة ريفية
- قطار منتصف الليل
- ترمي بشرر ,,,
- يا غوث
- ما بعد صناعة الكتاب - الترجمة واقع و وقائع
- دوامة الرحيل ‏ ‏ - البوصلة الأخيرة تتجه الى الوطن حتما -.‏
- - يامريم - رواية سنان أنطون التي تتضرع و تشكو من الإقصاء الط ...
- عناق عند جسر بروكلين - قراءة إنطباعية لرواية عناق على جسر بر ...
- -الخبز الحافي- وسؤال السّيرة الذاتية الصّريح و المفضي والمُل ...
- هاله ابوليل – قراءة في رواية (طابق 99) للروائية - جنى فواز ا ...
- قراءة في رواية - شوق الدرويش - للروائي حمور زيادة – سباق الب ...
- شوق الدرويش - للروائي حمور زيادة – سباق البوكر
- قراءة في رواية - حياة معلقة - للكاتب عاطف أبو سيف (سباق البو ...
- قراءة في رواية الطلياني - الطلياني رواية تشيّد على ركام العم ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاله ابوليل - الرقص في المكتبة