أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - الحكم القضائي بعضه قانون و كله لغةٌ وأدب














المزيد.....

الحكم القضائي بعضه قانون و كله لغةٌ وأدب


سالم روضان الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 5058 - 2016 / 1 / 28 - 22:22
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


الحكم القضائي
بعضه قانون وكله لغةٌ وأدب
يعد الحكم القضائي خاتمة المطاف في الخصومة ونقطة النهاية في سباق تصارع وناضل فيه ذوو الشأن بأساليب وأدوات وحجج قانونية، وهو تتويج لجهود كبيرة وإجراءات طويلة قام بها الخصوم وممثلوهم والقاضي وأعوانه، وهو واجب النفاذ وملزم لأطراف الدعوى، وأحيانا للكافة في بعض دعاوى القضاء الإداري ومثله القضاء الدستوري، وهذا الحكم لابد وان يكون بصياغةٍ تمكن الخصوم من معرفة ما ورد فيه ويتيح للمنفذ أن يعرف ماهية الفقرات الحكمية الواجبة التنفيذ وجهاتها، وهل هذا الحكم إعلاني (كاشف) يتعلق بإعلان حالة كانت قائمة قبل صدوره أم إنشائي يخلق مركزاً قانونياً جديداً اعتباراً من تاريخ صدوره، وهذه الخصائص وسواها توجب أن تكون صياغة الحكم القضائي بأسلوب من أساليب اللغة التي يكتب بها وفي العراق تكتب الأحكام القضائية باللغة العربية على وفق حكم المادة (4) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل، وهذا الأمر يدعونا لمراعاة الأساليب الأدبية في كتابته، فضلا عن الأحكام القانونية الواردة فيه لابد وان تكون على وفق صياغات أساليب اللغة القانونية التي كتب بها النص، وبذلك نجد إن الحكم القضائي منذ لحظة الشروع في كتابته ولحين صيرورته حكماً نافذاً مبني على الصياغة اللغوية ويصب في قوالب أساليبها الأدبية والبلاغية، ولابد من توفر القاضي على المهارة اللغوية التي تستوجب المداومة على التفكير والتنظيم ويرى بعض الكتاب، ومنهم احمد سعيد بيومي في كتابه الموسوم (لغة الحكم القضائي)، إن كتابة الحكم القضائي ليس له أسلوب إنشائي خاص وإنما يكتب الحكم القضائي كما يرى القاضي وما يسطره قلمه، لكن ذلك لا يمنع من إن كل فئة أو طبقة من المجتمع لها طريقتها الخاصة في وأسلوبها المميز في استعمال اللغة كما قال ابن خلدون إن (لكل فن من الكلام أساليب تختص به) وللقضاة أسلوب يختلف عن غيرهم من أهل الفنون والعلوم الأخرى ، ويرى بعض من كتب في هذا المجال إن الحكم القضائي يتضمن عدة أقسام(الديباجة والوقائع والأسباب والمنطوق) الأول هو الديباجة ويراعى فيها أن تكون بجملة تركيبية طويلة وتأخذ هيئة الجملة الاسمية لأنها تضفي على الحكم القضائي الصفة الرسمية كونها تتناول معلومات تشكيل المحكمة واسم القضاة أو القاضي وتاريخ إصدار الحكم والقسم الثاني عرض الوقائع ويتبع فيه أسلوب سرد الوقائع ويكون سردا لاحقا يحكي أحداث ماضية ودور القاضي فيه دور الراوي لان ذلك تمهيد للتحليل وإبداء الرأي ويكون من جمل تركيبية تربط مع بعضها بأدوات العطف والاستدراك والقسم الثالث وهو التسبيب وفيه تستخدم الجملة المركبة بتراكيب طويلة تتخلها كلمات مقيدة للمعنى أحياناً وأداة الربط بينها كلمات مثل (حيث ، بما ، بعد) لان الوظيفة الأساسية للجمل في الحيثيات والتسبيب هي حمل الحجة التي تبنى عليها عقيدة المحكمة عند إصدار الحكم وتتميز هذه الجمل بسمات ذكرها بعض الكتاب ومنهم احمد سعيد بيومي، أما القسم الرابع المتعلق بالمنطوق فان الجمل المستخدمة فيه جمل مستقلة عن بعضها وإن ارتبطت بواو العطف وتمتاز بالإيجاز والوضوح وتكون من تركيبين هما ( قررت أو حكمت وكذلك ألزمت أو إلزام) وبجمل قصير غير طويلة لذلك نرى إن اللغة وآدابها تحيط الحكم القضائي ولابد لمن يريد أن يتقن العمل عند إصدار الحكم القضائي أن يكون ملما بأدب الصياغة القضائية ولابد أن يميزها عن الصياغة القانونية لان صياغة الأحكام تكون مباشرة وحاسمة ولا وجود للاحتمالات أو التخمين فيها ومخصصة تجاه الواقعة محل العرض في الدعوى بينما الصياغة القانونية تتسم بالعبارات المرنة التي تستوعب الواقعة وقت صدور القانون أو التي ستحدث مستقبلاً ولا تختص بشخص عينه وإنما خطابها للجميع ، ومن الملاحظ إن بعض الكتاب في بلدان عربية وأجنبية تناولوا هذا الباب الذي يجمع بين اللغة والأدب والقانون والقضاء، إلا أن في العراق مازال هذا الموضوع غير مطروق ، ونأمل من أهل الاختصاص في اللغة والأدب العربي أن يلتفتوا إليه لإعداد الدراسات حول طبيعة تفرد القضاء العراقي بأسلوب صياغة أحكامه وتمييزه عن غيره من قضاء البلدان العربية، حتى تتوفر مؤشرات الاتجاه الذي يسير فيه القضاء عند تعامله مع اللغة في كتابة الأحكام القضائية والاطلاع على مدى مطابقة معايير استعمال أساليب اللغة العربية عند التدوين والتعامل مع المصطلحات الأجنبية والعربية لان القاضي عند كتابته يستعمل مصطلحات استقر العمل بها مثل ( الدعوى ، الخصومة ، المحل ، السبب ، الدفوع ...الخ) وهذه قد لا تكون واضحة لغير المختص ومطلوب شرح معناها لكن تستخدم بإيجاز في لغة الأحكام القضائية لأنها مصطلح يفهمه أهل الاختصاص والمصطلح كما عرفه البعض بأنه (الاصطلاح هو العرف الخاص، وهو عبارة عن اتفاق قوم على تسمية شيء باسم بعد نقله عن موضوعه الأول لمناسبة بينهما، كالعموم والخصوص، أو لمشاركتهما في أمر أو مشابهتهما في وصف أو غيرها) ويرى بعض المختصين إن لغة الحكم القضائي هي نمط خاص من أنماط اللغة العربية الفصحى المعاصرة ولها بنيتها التركيبية والدلالية وأحيانا يتعامل القاضي مع فنون الأدب مثل الشعر ويستعين به في تسبيب الحكم الذي يصدره، وفي احد الأحكام القضائية أورد القاضي بيتاً للشاعر العربي الذي يقول فيه (لَعَمْرُك لولا البَيْنُ لا يُقْطَعُ الهوى .... ولولا الهوى ما حَنَّ لِلبَيْنِ آلِفُ) وكان يوضح من خلاله معنى (البين) التي تدل على البعد والمسافة او يستخدم بعض أبيات من القصيدة الرحبية التي كتبت في علم الفرائض وغير ذلك من الأمثلة التي وردت في الأحكام القضائية.
وفي الختام أتمنى أن ينهض المجمع العلمي العراقي والجامعات والكليات والمعاهد المختصة والأساتذة من المختصين وبالتعاون مع السلطة القضائية في العراق بمهمة الاهتمام في لغة الأحكام القضائية عبر عقد الورش والندوات والدراسات لإظهار الأسلوب القضائي العراقي في كتابة الأحكام والمحررات القضائية لان الحكم القضائي وان كان أساسه القانون إلا أن كل ما فيه لغةٌ وأدب.
القاضي
سالم روضان الموسوي



#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الادارة القضائية .... ادارة ميدانية
- يجب ان يكون التخارج بين الورثة لمورث واحد
- لايجوز لمحكمة الاحوال الشخصية اصدار حجة ضبط الوقف لان الضبط ...
- السياسة القضائية في العراق
- الدفع في الاختصاص المكاني (بين حكم القانون والتطبيق القضائي)
- ماهية الدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية (طلب تأييد الحضانة إ ...
- الإطار الدستوري للعمل القضائي في العراق
- الحق الدستوري لرئيس الوزراء في حل مجلس النواب
- الوصي المؤقت والولي الجبري ... جدلٌ قانوني
- عقد إيجار دور السكن المبنية بعد عام 1998 بين القانون المدني ...
- مصادفة موعد جلسة تلاوة الحكم والنطق به يوم عطلة رسمية ( وجهة ...
- مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا والتوافق مع الدستور
- التعاون الدولي في المجال القضائي
- مفهوم وسائل الإعلام في قانون العقوبات ((مواقع التواصل الاجتم ...
- موقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك) يعد من وسائل الإعلام المش ...
- الثابت القضائي والمتغير السياسي
- تصحيح القرار التمييزي في القضاء المستعجل
- كتاب جريمة اثارة الفتنة الطائفية ...... دراسة تحليلية مقارنة
- القضاء بين الإصلاح والتجريح
- الدستور والقضاء والتوازن


المزيد.....




- إسرائيل: قرار إلمانيا باستئناف تمويل أونروا مؤسف ومخيب للآما ...
- انتشال 14 جثة لمهاجرين غرقى جنوب تونس
- خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة تعود لمهاجرين حاولوا العبور ...
- العراق.. إعدام 11 مدانا بالإرهاب في -سجن الحوت-
- السعودية ترحب بالتقرير الأممي حول الاتهامات الإسرائيلية بحق ...
- -العفو الدولية-: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريك ...
- صحيفتان بريطانيتان: قانون ترحيل اللاجئين لرواندا سيئ وفظيع
- قبالة جربة.. تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين
- بعد إدانتهم بـ-جرائم إرهابية-.. إعدام 11 شخصا في العراق
- السعودية وقطر تُعلقان على تقرير اللجنة المستقلة بالأمم المتح ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - سالم روضان الموسوي - الحكم القضائي بعضه قانون و كله لغةٌ وأدب