أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قروق كركيش - نظرة جديدة للتاريخ














المزيد.....

نظرة جديدة للتاريخ


محمد قروق كركيش

الحوار المتمدن-العدد: 4989 - 2015 / 11 / 18 - 18:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


***(1)***
التاريخ: مبدأ الترتيب والإتساق

لا أعرفُ ماذاَ يحدثُ لي حينما أحاولُ ترتيبَ الأحداثْ التي تقعُ لي، بصراحة فإني أرى هذه الأحداث بطريقة خاصة لكي يتقبل عقلي منطقيا ووفق نظامه الخاصْ ترتيبها المذهل، يتقبَّلُ العقلُ ببساطة أن هذه الأحداث التي نسميها نحن البشر بالتاريخْ تحدثُ بفعلنا، لكنني حينما أنظر بتأمل صارم هذه الأحداث أجدها تسير في خط مستقيم وفق زمن مستقيم في أمكنة مترابطة.

كيفُ يحدثُ أن تتَّسِقَ كل تلك الأحداث لتكونَ غايةْ؟ أي غاية كانتْ، فالشخص مثلاً يموتُ وفقا للطبيعة البشرية، لكن عاملَ الموت هذا لا يمكن أن يحدثَ إلا وفقا لأحداث مترابطة تؤدي إلى الموتِ حقاً، إني أرى هذه الأحداث بصورة خاصةْ، معظم الناس لا يعيرون ذلك أي اهتمامْ، فيسيرونَ كالعميانْ داخلَ أحداث متسقة فعلاً دون أن يشعروا بذلكَ.

لنعدْ إلى مثال الموتْ، ولتتصور معي أنك مدعوٌّ لاجتماع عملِ مهم من أجل شركتكَ الخاصةْ في مدينة معينة، وطبعا ستأخذ سيارتك، وأنت في الطريق سيتصل بك صديق لتحمله معك لنفس الاجتماع، لنفترض أن صديقك من مدينة أخرى في طريقك للمكان المعلوم، وطبعا ستُجبر لدخول تلك المدينة لأخذه، ولمجرد وصولك سيدعوك صديقك لشرب القهوة أولا ثم الذهاب، وستركن سيارتك، وعند عودتكما ستجد أن السيارة أصابها عطب وأن اصلاحها سيستغرق وقتاً، وبالتأكيد ستفكر أنت وصديقك في طريقة أخرى للذهاب كي لا تخلفا موعد الاجتماع، أكيد ستختاران من بين الحلولِ الممكنةْ أن تذهبا للمحطةْ من أجل اقتناء تذكرتينْ للسفر إلى الوجهة، الحافلة ستنطلق حوالي 9 والربع صباحاً، ولأن أذنكَ ستشاركُ في موتكَ وستكونُ حدثا من أحداث الموتِ فإن هذه الأذن ستسمع من صاحب التذاكر أن الحافلة ستنطلق حوالي الـــ10 والربع عوض الــــ9 والربع، بالتأكيد ستذهبان إلى مقهى من أجل انتظار الساعة المطلوبة، وأنتما في المقهى سينظر صديقك إلى التذكرة، وطبعا لأنَّ عيناهُ ستشاركُ في موتكما فإنه لن يلاحظ في التذكرة سوى الثمن وتاريخ اليوم واسم الحافلة دون أن يلحظ ساعة الانطلاق، وعند عودتكما سَتُسْعَقانِ بالخبر، الحافلة خرجت في الـــ9 والربع، وستقيمان أنت وصديقك شوشرة، حينها سيقول لكما صاحب التذاكر أنكما أخلفتما الموعد، وفعلا حينما ستنظر إلى الساعة الحقيقية في التذكرة ستجدها الــــ9 والربع عوض الــ10 والربع، أكيد ستقتنيان تذكرة أخرى على السريع ولنقل في 11 عشرة، وستركبان معاً حافلة لا تحتوي سوى على الشروط الأدنى للسلامة الطرقية مُجبرين، وبما أن كل الأحداث تترتب في اتساق تام وبطريقة عجيبة من أجل أن تموتا اليومْ، تحدث مشاكل في الطريق، أولها نزول زخات مطرية ستؤدي بالحافلة إلى الخروج عن مسارها، أكيد ستنقلب على الجهة اليمنى، حيث أنت وصديقك تجلسان، وبالطبع ستموتان من بين أشخاص آخرين سيلقوا حتفهم لأنهم شاركوا في الحدث وفق مبدأ الإتساق.

هذا المثال ينصرف على أمثلة عديدة في الحياة، دعني أقول لكم عن كل شيء في الحياة، عن أي كبيرة وصغيرة، أحداث تاريخية تحدث من أجل النجاح، من أجل الإخفاق، من أجل الزواج، من أجل العمل، من أجل الحرب، من أجل السلام، من أجل الشقاء، من أجل كل شيء يمس الإنسان ويمس الحيوان ويمس الجماد، سنعرف طبقا لذلك أن تلك الأحداث التي ندعوها نحن بالتاريخ ليست سوى ركن من الأركان التي وضعها الرب في دستوره؛ القرآن، تحت مسمى القضاء والقدر، أو كما يحب مغاربتنا تسميته المُكْتابْ ، إن التسمية هنا ليست سوى فرق في المفاهيم، لقد وصف الله الأحداث التاريخية بالقضاء والقدر وسميناها نحن البشر بالتاريخ، ليس التاريخ سوى أحداث تقع لنا، نشارك فيها، اعتقادا منا أنها تدعن لنا وتنحني، هنا نكون نحنُ من يصنعُ التاريخْ، نحنُ من يتحكمُ فيهِ، بغض النظر عن كل هذا سنقول ما يلي:إن القضاء والقدر وفق شريعة الرب ركنٌ من أركان الإيمانْ، وقد قالَ لنا أن ندين بالإسلام أن نؤمنَ بأركانه؛ بمعنى أن أي بشري لم يؤمن بالقضاء والقدر وفق دستور الإله فقد خرج عن الشريعة، إن الأمر إذن بغض النظر عن الاختيار أو الإجبار فيه تأكيد ملحْ، تأكيد مسبق من الله عن أن الأحداث كائنة وأنها تحدث بالإتساق، حتى هنا يبدو أن طرح سؤال جوهري عن مفهوم الإتساق أمر ضروري؛ ماذا نعني إذا نحنُ بمفهوم الإتساق ؟

ببساطة، الإتساق بالنسبة لنا ليس سوى أن تتسق الأحداث التاريخية وتتشابك وتترابط فيما بينها بطريقة يقبلها العقل لتتجه بطريقة مباشرة إلى غاية هي نهاية الحدثْ، لنقل بطريقة منظمة يفهمها العقل دون أن يتذوقها جيداً، طريقة تدل دلالة قطعية عن تخطيط مدبَّر مسبقاً، ليس الإتساق عبثا ولا يحدث بطابع الغرابة، ولا يمكن أن نقولَ عنهُ بأنهُ يقعُ صُدفة، سنفهم إذن بأن الإتساق هو تخطيط مسبق للأحداث التي تترابط من أجل هدف، أياً كان الهدف، سنخرج وفقا لما ذهبنا إليه بنتيجة واضحة:ليس الإتساق سوى مبدأ، لا يحركُ التاريخ، ولكنه يكونه ليسيرَ بهِ إلى غاية، والسؤال الجوهري الآن هو؛ من يحركُ الإتساق ليكَوِّنَ التاريخ من أجل أن يسير إلى غايةْ واضحة؟



#محمد_قروق_كركيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحكاية سوسيولوجيا:من فضاءات المحكي إلى تخوم العوالم
- في سوسيولوجيا القيم:قراءة تحليلية لقيم الفرد و الجماعة
- الوعي بالسياسة وعي بقضاء المصلحة العامة:نحو الإصلاح والتشبيب
- من النمو إلى تنمية الشخصية:اسهام مدرسة التحليل النفسي
- العنف الرمزي:نحو تفكيك استراتيجي للسلطة والقهر والهيمنة
- وُجودي مِن عَدَمي:هل يشكل ذلك فارقاً ؟
- حول مسألة التعدد اللغوي بالمغرب:مقاربة سوسيوتاريخية
- الرقصات الاحتفالية بمنطقة الريف شمال المغرب:رؤية سوسيوأنثروب ...
- سوسيولوجيا التصوف الشعبي المغربي:نظرات في قضايا المدنس
- دراسة سيكولوجية للخطاب الصوفي في الملحون المغربي: نموذج قصيد ...
- المسرح الأمازيغي:من منبت الأصول إلى رياح التحديث
- تمثلات المرأة في الشعر الشعبي الجبلي بشمال المغرب
- فن أحيدوس بالمغرب: دلالات الإبداع ورمزية الحركات


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قروق كركيش - نظرة جديدة للتاريخ