أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قروق كركيش - وُجودي مِن عَدَمي:هل يشكل ذلك فارقاً ؟














المزيد.....

وُجودي مِن عَدَمي:هل يشكل ذلك فارقاً ؟


محمد قروق كركيش

الحوار المتمدن-العدد: 4770 - 2015 / 4 / 7 - 08:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أعترفُ أن هذا الإشكال دعاني ما مرة للبحث فيه، لكن هل يستحقُّ البحث فيه شيء من العناء؟ بالنسبة لي كان ذلك ممكناً، لأنهُ لو جاز لي أن صنَّفتُ نفسي لقلتُ أنني أنطولوجي بامتياز، ذلك ما يخامرني طيلة مدة تفكيري، رغمَ أنني من حيث المبدأ أرفضُ أن أكون سارترياً بالمعنى الحرفي للنزعة الوجودية عند سارتر، ومن جهة أخرى لستُ البثة متصوفاً حد التطرفِ على أن أكونَ من أتباعِ سوركين كركغارد العظيمْ، ولا من المتعاليين أو الماديين؛ رافضا في هذه المسألة كل طيف حليفْ، يرتبط إذن قلقي الوجودي بالروح وليس بالمادة أو بالفكرة، رافضا أن أتبعَ هيغل في جدلية روحه أو أن أمد يدي نحو ديمومة برغسون، فالروح بالنسبة إلي ليست سوى قوة خفية ذات قدرات عظيمة تشبهُ فيما تشبهْ قوة بسيطة نفخها الله في جسد يُعدمْ.
وُجودي مِن عَدَمي:هل يشكل ذلك فارقاً ؟ سؤال لو حاولنا الإجابة عليه، فإننا سندخل في متاهات فكرية كثيرة، لكن لنأخذ الأمر ببساطة، فكم من بسيط بتعبير إنشتاين يكون جميلا وسهلا للفهم والبرهنة، وطريق البساطة في أحيان كثيرة يكون أوضح طريق لبلوغ المرامي، ولنبدأ بأحد كان البارحة في نزهة، لكن شاء القدر أن دفناه اليومَ تحتَ الترابْ، فهل يشكل الموتُ شرطاً للوجودِ أو العدمْ؟ بالنسبة للناس العاديين فإن ذلك يكون فاصلا قوياً بين وجوده من عدمه، فقد كان بيننا لكنه رحل، فوجوده بالنسبة للآخرين لم يعد ما يجعلهُ أعدِمَ من الوجود الفيزيقي، وقد ينساه الناس بعد مرور أيامَ فقط، حادثة الموتِ هذه ببساطتها بالنسبة للناس تكونُ طقسا مروريا من الوجود إلى العدم، ينتهي عندئذ ولا نعودُ نتكلمُ عنه إلا في مناسبات قليلة حتى يمحى من الذاكرة، فالحالة هذه تكون الذاكرة هي المدى البعيد لأثر وجود "الأنا" بالنسبة للأخرين بعد أثر الوجود الفيزيقي السريع الزوال(المادة=الجسد) والذي يعدمُ حينما يدفن تحتَ الترابْ، هكذا تكون الذاكرة هي شرط الوجود من العدم، وحينما يرتبط ذلك بالآخرين لا يشكل ذلك فارقاً، كلنا سنزول، تحتمل الذاكرة هذا القول وتتبناه فَنَزولُ فعلا حينما لا نعودُ في احتكاك فيزيقي مع الآخرين.
يناقش الاحتمال الأول رغم بساطته إشكالية الوجود والعدم في ظل ارتباط الأنا بالنحن الجماعي، يكون العدمُ حينها ممكناً لأنه حتمي، ويكون الوجود اختيارا لأنه ليس ضروري، فلو كان كذلك لسعينا إلى الخلود من أجل الضروري؛ رغم أن الإنسان حينما يولد يتشبث بالحياة ويعضض عليها باليدين والرجلين، يرفضُ أن يعدمَ فيبكي على شكلِ وجودهِ القبلي، لكن هناك إشكالية أخرى تنقشع أمام الاحتمالات، وُجودي مِن عَدَمي:هل يشكل ذلك فارقاً حينما يتعلق الأمر بالأنا دون الآخرين؟
إن الأمر لفي اختلاف كبير، وإن ذلك يحطنا أمام عقول أخرى غير عقول الناس العاديين، يمكن أن تنتمي زمرة من المفكرين والعباقرة إليها، إنهم لا يضعون بشكل مطلق الآخر في الحسبان، يفكرون لذاتهم ومن أجل ذاتهم، إن وجودي لا يرتبط بالآخر بالمرة، ولا يمكن أن يكون هذا المتمثل في "النحنُ" شرطٌ من شروط عدمي، فلا يشكل ذلك بالنسبة لهم فارقاً، على أن الوجود ينقسم في ذاته إلى وجود مادي ناقشناه في الاحتمال الأول، ووجود متعالي يرتبط بالجوهر، يرتبط ويتشابك بالروح التي لا تعدَمْ وإنما تنالُ حريتها حينما تفارق الجسد/المادة؛ تدخل الثنائيات الكلاسيكية هنا حيز التنفيذ ويبدأ التفكير في الروح كقوة مفارقة ومحايثة وثابتة في نفس الآن، والمادة كقوة واقعية متغيرة وزائلة تبقى جامدة لا نقاشَ حولها، لأنها بالمعنى الحرفي "تُعدمُ" وما هو زائل بالنسبة لمثل هؤلاء لا نقاش حوله، فالذات رغم ذلك قوة تستطيع أن تبقى خالدة من خلال وجود الروح في الكون، من هذا المدخل يكون وجودي من عدمي يشكلُ فارقاً كبيراً؛ يتعلق بالضرورة في الكلمتين معاً، فالزوال والعدم يمس الجسد والمادة في المكان والزمان، أما الوجودُ فقائم لا ريب فيه لأنه وإن غاب في المكان فإنه خالد في الزمان، ولو لم يكن الزمان مثل زماننا، إنه حقاً داخل النواميس والتقويمات التي يمكن أن تكون مغايرة لنا نحنُ البشرُ تماماً، هنا وإن انعدم شرط المكان يكون الزمان شرط للوجود ونفي للعدم !
هاتان المقولتان الأزليتان –الزمان والمكان- تفترضان دائما أن يكونا متلازمتان، لكن كيف يحدث هذا التلازم في مسألة تتعلق بالوجود والعدم؟ كيف يتحقق الوجود المتعالي في الزمان الأزلي وينقطع عن المكان؟ ذلك إذا يجعلنا بشكل ما من الأشكال، نرفض هذا التلازم الكلاسيكي الذي ظل لقرون يُسيطر، فقد يستطيع الزمان أن يكون متواجداً في أي مكان، دون أن يكون المكان متواجدا في أي زمان، على الرغم أن للمكان شاعرية ونكهة خاصة قد لا نجدها في الزمان بتعبير فيلسوف الخيال باشلار ، للوجود من هذه الناحية شرط زماني به ينفى العدمْ ولا يُفَكَّرُ ، لكن شكلُ الوجود هذا لابدَّ له أن يكون متعالياً يشكل في حد ذاته فارقاً مهماً، على عكس المكانْ الذي لا يتميز بالوجود الأزلي/المتعالي بقدر ما يتميز بعدميته، من يجعلهُ كذلك؟ إنهم البشر الذين لا يستطعون فيزيقياً أن يستحوذوا على المكان ويحافظون من تم على وجودهم من عدمهم، ثم هل يحققُ المكانُ وجودهُ خارج الأجسادْ؟ ذلك اشكال آخر، فيدخل التمثل ليصارع من أجل إثبات ذلك، إن المكان لا يتحقق ولا يكون شرطا للتواجد إلا داخل الأجساد، لكن ثمة اشكال آخر يضرب عرض الحائط، وهل للزمان وجود خارج الأجساد؟ ربما يكون ذلك ممكنا إذا ما فكرنا وقلنا أن الزمانَ لم يكن سوى من اختراعنا، وهل سيكون ذلك ممكنا إذا ما علمنا أن تعاقب الليل والنهار يشكل في حد ذاته شكلا من اشكال الزمان المنظم، على العكس يظهر لنا المكان خارج الأجساد، على العكس من السابق، يظهر كما لو انه طبيعي وجدَ قبلَ أن توجد الأجساد ولم يكن البثة من صنع الإنسان، تنقلب الأمور إذن بهذا الشكل، وجودي من عدمي، يشكل ذلك فارقا أكيدا بالشكل الذي لا يمكن أن يشكلَ فيهِ فارقاً.



#محمد_قروق_كركيش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مسألة التعدد اللغوي بالمغرب:مقاربة سوسيوتاريخية
- الرقصات الاحتفالية بمنطقة الريف شمال المغرب:رؤية سوسيوأنثروب ...
- سوسيولوجيا التصوف الشعبي المغربي:نظرات في قضايا المدنس
- دراسة سيكولوجية للخطاب الصوفي في الملحون المغربي: نموذج قصيد ...
- المسرح الأمازيغي:من منبت الأصول إلى رياح التحديث
- تمثلات المرأة في الشعر الشعبي الجبلي بشمال المغرب
- فن أحيدوس بالمغرب: دلالات الإبداع ورمزية الحركات


المزيد.....




- إيران تعلن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية جراء الضرب ...
- مهرجان موازين يحتفي بدورته العشرين بحضور فني عربي وعالمي ممي ...
- غزة تشيع نضال وكندة.. رضيعان قتلهما الحصار الإسرائيلي
- رئيس وزراء إسرائيل يتحدث عن فرص جديدة لتوسيع -اتفاقات السلام ...
- مصدر إسرائيلي: دعوة ترامب لوقف محاكمة نتنياهو جزء من تحرك لإ ...
- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد قروق كركيش - وُجودي مِن عَدَمي:هل يشكل ذلك فارقاً ؟