أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - جدار ونوافذ/ نوافذ ونوافذ














المزيد.....

جدار ونوافذ/ نوافذ ونوافذ


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4966 - 2015 / 10 / 25 - 17:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


هناك سمة لافتة للصحف اللبنانية التي كتب فيها الكتاب السوريين، "النهار" و"السفير"، و"المستقبل" بخاصة: لكل من هذه الجرائد ملحق ثقافي، يتمتع بقدر من الاستقلالية، وكان هو أساسا المساحة التي نشر فيها السوريون نصوصهم. في "ملحق النهار" وفي "السفير الثقافي"، وفي "نوافذ"، كانت فرصنا أكبر بكثير من النشر في صفحات الرأي في الجرائد ذاتها. وهو ما ينطبق على "نوافذ" أكثر حتى من "ملحق النهار" (نشر كتاب سوريون في "قضايا النهار") ومن "السفير الثقافي" (نشرنا أيضا في صفحة الرأي في السفير)، هذا بينما كان نشر كتاب سوريين في صفحة الرأي في جريدة المستقبل محدودا قياسا إلى النشر في "نوافذ". ودون أن يكون أقل جذرية سياسيا، كان لما يكتب في الملاحق بعد ثقافي بارز، له الأثر في التعرف على سورية عامة، أخرى، غير تلك المملوكة أسديا.
والفضل في الحالات الثلاثة إلى أن محرري الملاحق المذكورة كتاب مستقلون، معروفون من قبل ومعترف بهم، وليسوا موظفين، كما، مثلا، في الصحف الخليجية. ثم، من جهة أخرى، لرؤية رحبة لدى هؤلاء الكتاب، لا تفصل بين السياسي والثقافي، ولا ترى التحرر في الثقافة ممكنا دون تحرر سياسي، أو العكس. في الفترة التي أعرفها، عام 2000 وما بعد، طور إلياس خوري في "ملحق النهار" سياسة للملحق جعلته مفتوحا على تفكير نقدي وتحرري من سورية ولبنان وغيرهما. وبصورة مختلفة فعل مثل ذلك حسن داود ويوسف بزي في "نوافذ"، وعباس بيضون في "السفير الثقافي".
في كل الحالات هناك استقلالية سياسية معقولة للملاحق، ورحابة ثقافية في الوقت نفسه. فكأننا في كل حالة حيال جريدتين أو منبرين مختلفين.
ولعله من باب الضيق باستقلالية الملاحق جرى فصل إلياس خوري من عمله قبل سنوات، قبل أن يجري طي الملحق ضمن جريدة النهار، وهو ما مثل ضربة لاستقلالية المنبر لا تبدو قادرة على تدارك آثارها جهود عقل العويط المخلصة. ولم تكد تبقى مساحة لكتابة سورية معارضة في "السفير الثقافي" بعد أن اختارت "القيادة السياسية" للجريدة موقفا إلى جانب القاتل السوري العام. وبطريقة مماثلة للنهار، فُصِل حسن داود من عمله في "نوافذ"، قبل أن يجري إغلاق "نوافذ" نهائيا مؤخرا.
في الأمر تغيرات سياسية باتجاه يضيق بأي معان وقيم عامة، وحين يُفكّر بتقليص النفقات فأول ما يجري التخلي عنه هو الثقافة، وأول من تجري إزاحتهم هم من يمثلونها.
في تقليص استقلالية أو إغلاق منابر ثقافية لبنانية ما يقول شيئا عن لبنان اليوم، شيئا نجازف نحن السوريون بنسيانه لفرط تمركزنا حول قضيتنا، ولرواج ضرب من المظلومية في أوساطنا (والمظلومية تقلل الإحساس بالغير وتعزز المركزية الذاتية). كانت "النهار" جريدة بتوجه خاص وروابط خاصة، أما "الملحق" فهو وجه الجريدة العام، وكانا منبرا لنا نحن السوريون أيضا، تملكناه بفعل الكتابة المتكررة فيه والمساهمة في تشكيل هويته. وكانت "المستقبل" جريدة خاصة لتيار بعينه، لكن "نوافذ" هي المساحة العامة التي يتجاوز بها هذا التيار نفسه، ورغما عنه بصورة ما. ومساهماتنا فيه كانت تعطينا حق حيازته بصورة ما. بإغلاق "نوافذ" وتقليص استقلالية "ملحق النهار"، ما يتآكل هو العام اللبناني الممتد اليد إلى عام سوري وعربي. يبقى الخاص، تبقى تيارات وطوائف وحساسيات أهلية. ويبقى المال، والموظفون في خدمته. وحيث لا مكان للعام الثقافي المنفتح على ما يتجاوز لبنان، ما يقال لنا عمليا هو أن لا مكان لكم، نحن الغرباء الذين لا نستطيع أن نكون خاصا لبنانيا. "السفير" قالت ذلك بصورة مغايرة، حين جعلت من نفسها جريدة أسدية أو تكاد.
هذا يحدث بينما في لبنان نحو مليون وربع من السوريين اللاجئين، خارج العام والخاص معا، ولا مكانة محددة لهم. يحدث أيضا بينما ينشط في لبنان "حراك" إن لم يكن مولدا لعام جديد، فهو جهد قوي لتجاوز خواص قصيري أيدي الاشتراك بقدر ما هم طوال أيدي النهب. والحركات الاجتماعية كالتي يشهدها لبنان اليوم يمكن أن تكون خصبة ثقافيا، تحمل تغيرا في الحساسية والأفكار، وتنتج أدوات تعبيرها ومنابرها الجديدة، حتى حين لا تؤي إلى اختراق سياسي مهم.
هذا للقول إن الطي الجذري للثقافي في حالة "نوافذ"، والخجول في حالة "ملحق النهار"، واحتواءه السلطوي في حالة "السفير الثقافي"، قد لا يكون غير مرحلة عابرة، مرحلة تحويل باتجاه منابر أخرى وأدوات أخرى، وحساسية أخرى. بل هذا ما أرجحه فعلا.
وفي خلفية هذا كله تحول مهول في سورية، لا تُعلم أمداؤه ومآلاته. لكنه في كل حال فرصة للجذرية. وبينما يصنع سوريون منابرهم، على نحو مرتبك ومتعرج، فمن غير المحتمل أن يتقلص التداخل السوري اللبناني. ستتسع مساحته في تصوري، وربما تتغير طبيعته.
كان التداخل هذا مصنوعا من حاجة السوريين إلى النافذة اللبنانية. ومع شروع السوريين في صنع نوافذهم، وهو ما قد يأخذ وقتا، جيلا ربما، لدينا فرصة أكبر لعلاقة حرة أكثر، علاقة نوافذ بنوافذ، لا علاقة نوافذ لبنانية بجدار سوري.


المقالة كتبت كمساهمة في عدد تكريمي خاص لنوافذ، الملحق الثقافي لجريدة المستقبل اللبنانية، بمبادرة ومساهمات كتاب سوريين، وذلك بمناسبة إغلاق الملحق



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صادق جلال العظم، إشارات أولى
- من القومية العربية إلى النهوض بالعبء الإسلامي
- سورية والقوى الغربية: مشكلة عالمية
- في وجوب مفارقة الجماعة وشق عصا الطاعة
- مسالك حيال الفظيع
- أدونيس: الظلاميُّ مُنوِّراً
- بدون لغة مشتركة: تأملات عن المجتمع والعنف والكلام
- الظالمون العادلون: من سرديات المظلومية إلى مقاومة الظلم
- انطباعات سورية عن حركات ثورية في تركيا
- الباراديغم السلفي الجهادي وهيمنته
- المشكلة في مفهوم -العلوية السياسية-؟
- بشار الأسد، الشخص والسلالة والطبقة
- 600 يوم على الجريمة المستمرة في دوما
- في الليل السياسي، حيث تتخلق الأشباح وتنتشر
- ما بعد انهيار الإطار الوطني للصراع السوري
- من الثورة إلى الحرب: الأرياف السورية تحمل السلاح
- تعريبان وتكريدان وما شابه
- تل أبيض وما بعدها
- تدمر كسياسة: عن المصنع السري للدولة الأسدية
- مقابلة/ سورية، مصر، الإسلام، الثورة والثورة الثقافية


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - جدار ونوافذ/ نوافذ ونوافذ