أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله حبه - فيلم -تاكسي-..والدروس الإيرانية















المزيد.....

فيلم -تاكسي-..والدروس الإيرانية


عبدالله حبه

الحوار المتمدن-العدد: 4951 - 2015 / 10 / 10 - 02:34
المحور: الادب والفن
    


فيلم " تاكسي".. والدروس الايرانية
عبدالله حبه – موسكو

المخرج الايراني جعفر پناهي*
1960- ....
يعرض في دور السينما بموسكو الآن فيلم " تاكسي" للمخرج الايراني جعفر پناهي الذي تطارده السلطات الإيرانية في كل مكان، وزجت به وابنته بالسجن وفرضت عليه الاقامة الجبرية ومنعته من العمل السينمائي لمدة 20 عاما. لكنه بالرغم من كل وسائل القمع يواصل الانتاج السينمائي ويحصد الجوائز في المهرجانات السينمائية الدولية. وقد حاز فيلم " تاكسي" على جائزة "الدب الذهبي" في مهرجان برلين عام 2015.
ان قصة پناهي وافلامه تعطي الدروس لكثير من السينمائيين في العراق حيث اقيم فيه مؤخرا مهرجان بغداد السينمائي الدولي السابع، بالرغم من أن العاصمة العراقية تخلو من دور السينما ونسيت منذ وقت بعيد ماهو الانتاج السينمائي. وكما قال د. طاهر علوان رئيس المهرجان فاننا" نتباهى بان يكون هناك مهرجان سينمائي يحمل اسم بغداد على الرغم من الواقع السينمائي غير الجيد وغياب دور العرض السينمائي ، لكننا نتواصل من اجل امل اكبر في المستقبل". فالفنان السينمائي العراقي يتحجج دوما بعدم وجود الامكانيات للعمل وغياب دعم الدولة للسينما والفنون عموما. ولهذا نجده اما أن يغادر العراق الى المهجر حيث لا يعمل اي شئ، واما يتحول الى ممارسة مهن اخرى او الجلوس عاطلا ليعيش على المعونات الانسانية. وانا لا اريد توجيه اللوم لهم لكنني اقدم لهم مثالا لتمسك الفنان بعمله الابداعي مهما كانت الظروف. لقد أخرج بناهي احد افلامه حتى باستخدام الهاتف النقال!!!، ونال الفيلم جائزة دولية.
لقد تعرفنا في العراق منذ الخمسينيات على الافلام الايرانية، وكانت تنافس الافلام المصرية في دور السينما العراقية. ويمتلك السينمائيون الايرانيون خبرة كبيرة وتقاليد عريقة في العمل جعلتهم يتحايلون على السلطات الدينية المتزمتة في اظهار قدراتهم الفنية وفي التخلص من فرض ايديولوجية معينة عليهم حتى لدى اخراج الافلام التاريخية وآخرها فيلم " القربان" الذي عرض في مهرجان بغداد. وبرز من بين المخرجين محمد رسول أف ورخشان بني اعتماد وجيلان وغيرهم.
أخرج پناهي فيلم " تاكسي" بالرغم من الحظر المفروض عليه، حيث اصبح نفسه سائق التاكسي وشاركه افراد العائلة والاصدقاء في التمثيل بالرغم من انهم ليسوا من المحترفين. فجاء الفيلم مترعا بالصدق الذي يذكرنا بافلام موجة" الواقعية الجديدة" في ايطاليا. لقد جاء "تاكسي" إلى المهرجان مهرّباً من إيران، لأن صاحبه يقضي عقوبة لمدة عشرين سنة تمنعه من ممارسة نشاطه السينمائي، بعدما حكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات، ثم أطلق سراحه، ووضع تحت الإقامة الجبرية، ممنوعاً من مغادرة إيران، أو إجراء مقابلات، ومزاولة أي نشاط سينمائي. ويحتار المرء كيف يستطيع پناهي الممنوع من السفر الى الخارج والقابع قيد الاقامة الجبرية والحظر على الانتاج السينمائي في بلاده أن ينتج افلاما حازت على الجوائز وهي : " الكاميرا الذهبية" في مهرجان كان (1995) و"الفهد الذهبي" في مهرجان لوكارنو (1997) و" الاسد الذهبي" في مهرجان كان (2000) و"الدب الذهبي" في المسابقة الرسمية للدورة الخامسة والستين من "مهرجان برلين السينمائي" (2015). ولماذا عجزت السلطات حتى الآن عن ايقافه من ابداع افلام لا ترضى عنها.
إن موضوع فيلم " تاكسي" كبقية مواضيع افلام بناهي الاخرى يجسد حياة بسطاء الناس في ظروف عادية جدا. انه يصور سائق تاكسي – هو المخرج پناهي نفسه - يجوب شوارع طهران ويصغي الى احاديث الركاب عن مشاكلهم اليومية ويبادلهم الاحاديث الساخرة احيانا. وتقوم عدة كاميرات فيديو في داخل السيارة بتصوير المشاهد. علما ان تكاليف الفيلم متواضعة جدا ولا تزيد عن 2500 دولار. وفي المشهد الاول تجري محاورة ساخنة بين رجل وامرأة في السيارة حول كثرة السرقات في البلاد، وترحيب السلطات بالعقوبات العلنية كالجلد حتى لقاء ارتكاب حوادث سرقة صغيرة. لكن العقوبات ومنها الشنق العلني ورجم الزانيات بالحجارة لم تقلل من الجرائم . بينما يعارضها الرجل بشدة مؤكدا ان هذا يجري وفق شرع الله ، وزاد من حنق الرجل حين علم ان الراكبة معلمة مدرسة . فيعلن ان التعليم اللبرالي هو اصل الفساد في المجتمع الايراني.
ثم يصعد السيارة راكب آخر ونرى وجه پناهي لأول مرة. والراكب هو بائع متجول يمارس في السوق السوداء بيع تسجيلات مقرصنة للافلام الممنوعة ، واحد معارف پناهي. وقدم البائع الى السائق نسخة من قرص مدمج لفيلم "منتصف الليل في باريس " للمخرج وودي ألن. علما ان مشاهد الفيلم ترافقها موسيقى الفيلم المذكور. ونفهم من الحديث بينهما ان السوق السوداء مزدهرة في طهران.
والراكبة التالية التي تحمل باقة ورود حمراء، هي محامية منعت من ممارسة المهنة بسبب مواقفها في مجال الدفاع عن حقوق الانسان في ايران. انها رفيقة پناهي في المحنة، وتذكر له انها متوجهة الى السجن لمقابلة فتاة تنكرت بزي رجل من اجل الذهاب الى مباريات كرة القدم. فارتياد النساء الملاعب الرياضية غير مسموح به في ايران. وقد اعلنت الفتاة الاضراب عن الطعام.
ويتحدث السائق لاحقا مع راكب آخر هو جيرانه الذي تعرض للسرقة، لكنه لم يرغب في اقامة الدعوى ضد السارق الذي عرفه، وذلك بعد مشاهدته المشانق في الميادين العامة. وهنا يتعرض المخرج الى موضوع العقوبات البشعة مرة أخرى. وفي الختام يعرج السائق پناهي على ابنة اخته في المدرسة التي تخبره بأن المعلمة طلبت من التلميذات انتاج فيلم للهواة بشرط ان يخلو من العنف وتكون نهايته سعيدة وفيه بطل ايجابي وان يتفق مع الاحكام الدينية .
ان فيلم " تاكسي" ذو خلفية سياسية طبعا. والمخرج اراد تحدي السلطات بحكم طبيعته ، فهو لا يريد ان يرضخ للاحكام التي تفرضها السلطات. والحقيقة ان اي عمل ابداعي ومنه السينمائي يفقد قيمته حين تتدخل جهة ما مهما كانت في توجيهه. وتحضرني بهذه المناسبة قصة نشر رواية " الارض البكر" لشولوخوف ، فقد عارضت لجنة الرقابة في لجنة الحزب المركزية آنذاك نشر النص الاصلي للرواية بسبب خلوها من البطل الايجابي الذي لابد ان يكون شيوعيا. وقد اضطر شولوخوف الى ادخال هذا "البطل الايجابي"، وهو سكرتير لجنة الحزب في المقاطعة، لكن الرواية فقدت الكثير من اصالتها الابداعية الاولى. وقد اعترف شولوخوف بذلك نفسه.
لاريب في ان المؤسسات ووسائل الاعلام الغربية قد اثارت ضجة حول الفيلم بسبب مواقفها من السلطات الايرانية. لكن هذا لا يقلل من اهمية عمل جعفر پناهي الذي بقي مخلصا للنهج الذي بدأه باخراج فيلم "البالون الابيض"(1995) الذي حاز على جائزة "الكاميرا الذهبية" في مهرجان كان. وواصل هذا النهج في جميع افلامه التالية : "المرآة " و" الدائرة" و " الذهب القرمزي" و" تسلل"و " هذا ليس فيلما"و" الستارة المغلقة ". ان جميع هذه الافلام تصور احوال المجتمع الايراني ومشاكل الانسان العادي الذي يعيش في اجواء اللامعقول، وستضم حتما الى روائع السينما الايرانية.
9/10/2015
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*جعفر پناهي-;- من مواليد 11 يونيو 1960 - إيران. منتج ومخرج سينمائي إيراني وأحد أشهر صناع السينما في إيران. نال اعترافا من نقاد ومختصين في مجال السينما في إيران والعالم، وحاز على عدد من الجوائز العالمية من قبيل جائزة الأسد الذهبي من مهرجان فينيسيا السينمائي وجائزة الدب الفضي من مهرجان برلين السينمائي.



#عبدالله_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بريماكوف...عندما يكون رجل السياسة عاماً
- زها حديد ...تزهو في فصر الارميتاج في سانكت - بطرسبورغ
- شيوعيون عراقيون قاتلوا دفاعا عن الجمهورية الاسبانية
- هل سيقام نصب للكاتب غائب طعمة فرمان في موسكو؟
- مع فاسيلييف في ابتهالات باخ الكنائسية في مسرح البولشوي
- بول كلي والتجريد في الفن العراقي
- فيلم -لوياثان- قصة الصراع بين السلطة والانسان
- بوتين والاعلام العربي
- روناك شوقي..اصداء المسرح الصامد
- في الذكرى ال450 لمولد شكسبير
- الرواية العراقية
- تأملات شتوية عابرة في المسألة التشيخوفية
- رحلة ذكريات
- اوكرانيا .. مأساة شعب او شعبين !
- واقعية الكم
- السينما بين الفن والبزنيس
- السينما بين الفن والبزنس
- في ذكرى رحيل غائب طعمة فرمان
- جماليات التخطيط في فن محمود صبري التخطيط
- صديقي ارداشيس كاكافيان .. رحلة العذاب من ضفاف السين الى مياه ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله حبه - فيلم -تاكسي-..والدروس الإيرانية