أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - مفهوم الحركة عند زينون الايلي















المزيد.....

مفهوم الحركة عند زينون الايلي


مازن ريا

الحوار المتمدن-العدد: 4928 - 2015 / 9 / 17 - 14:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



قام مذهب برمنيدس في الوجود على رفض الحركة والتغير والقول بالوحدة والثبات، فالوجود وفقا لذلك هو الكل الواحد الأزلي والأبدي، من هنا أسس برمنيدس ((لتفرقة أساسية ذات أهمية في الفلسفة بين الحس والعقل)) ، فالوجود الذي يعتريه التغير و الصيرورة هو لا متناهٍ لذا لا يمكن أن تدرك حقيقته بواسطة الحواس إنّما تدرك بالعقل فإذا كان الجسد يفنى فهو متناه، أما الروح التي لا تفنى فهي لا متناهية، ولذلك كانت حجج زينون الإيلي، تلميذ برميندس، تقوم على بطلان كل من الكثرة والتغير استنادا إلى العقل وليس إلى التجربة، وذلك بإظهار أنهما قضيتان تحتويان على تناقض إذا افترضنا صحتهما، من خلال قسمين الأول خاص بالتعدد والثاني خاص بالحركة وفي كل من هذين القسمين يعرض أربع حجج مستخدما طريقة نقض الفرض.
وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن حجج زينون كانت لنقض من قال بفكرة الفراغ ، المكون من مجموعة لا متناهية من النقاط، على فرض النقطة هي الجزء الذي لا يتجزأ في المكان، هذا التعدد اللامتناهي من النقاط يتناوله زينون من خلال فكرة اللامتناهي، وبما أن اللامتناهي ليس له وجود بالفعل كانت الكثرة مجرد وهم لا يعبر عن حقيقة الوجود، حجة زينون تبدأ من خلال إذا كانت الكثرة حقيقية، و واقعية كان الكون لا متناهيا، وهذا اللاتناهي هو لاتناه في الصغر، و لا تناه في الكبر، في آن واحد الكون لا متناه في الصغر، لأنه مؤلف من أجزاء، وهذه الأجزاء لدرجة اللاتناهي في الصغر عندها تفقد أي حجم لها، لأنه لو كان لها حجم حسب زينون لما كانت صفة الوحدة الأساس التي يتشكل منها الكون، وبما أن الكون يتكون من أجزاء لا حجم لها كان حاصل مجموعها لا حجم له.
الكون لا متناه في الكبر لأن له جرم مسلم به، وكل جرم قابل للانقسام إلى جزئيات لا متناهية، فهي إذا ضربت، أو جمعت لكان لدينا لا متناهي أعظم من اللامتناهي الأول.
النتيجة التي يريدنا أن نستنتجها زينون هي نظرة أستاذه برمنيدس حول الكون أنّ كل واحد لا يتجزأ وأن الكثرة لايمكن لها أن تعبر عن حقيقة الوجود، وهي الثبات أي التناهي.
يعرض "أفلاطون" رأى زينون في بطلان الكثرة في "محاورة بارمنيدس" بطريقة مختلفة حيث((إن الموجودات إما أن تكون كلها متشابهة أو غير متشابهة ولما كان من المستحيل الجمع بينهما يصل زينون إلى بطلان الأمر الذي هو محال من حيث إن غير المتشابه لا يمكن أن يكون متشابها ولا المتشابه يمكن أن يكون لا متشابها.))
يذهب "رسل" في تحليله لحجج زينون ضد الكثرة إلى القول:((ن المتناقضات لا تتولد إلا حين تضاف إليها قضايا أخرى كما يحدث في حالة وجود حجتين، عندما تكون القضية المضافة في إحدى الحجتين متناقضة مع القضية المضافة الأخرى، الحجة الأولى هي أن الأشياء كثيرة والوحدات بلا حجم ومن ثم فليس للأشياء حجم. الثانية وهي أن الأشياء كثيرة والوحدات لها حجم ، ومن ثم فللأشياء حجم لامتناه. أما المقدمتان الإضافيتان فهما أن الوحدات بلا حجم وأنها ذات حجم، وفي كلتا الحالتين تكون النتيجة واضحة الامتناع)).
عند زينون لا نجد جواباً لماذا الوحدة التي هي أساس الكون هي لامتناهية في الصغر ؟ فالشيء عندما يفقد حجمه يفقد وجوده في المكان، لأن كل ماهو موجود له حجم مهما كان لا متناهياً في الصغر لأنه يشغل حيزا في الفراغ ، أما العمليات الحسابية على اللامتناهيات والتي تكون نتيجتها لامتناهية، اللامتناهيات لاتتمتع بخاصية الترتيب حتى نقول إن هناك لامتناهياً أعظم من لامتناهٍ آخر، لذا تبدو لنا حجة زينون في الكثرة باطلة، من جهة أخرى، إذا كان كل ما هو لا متناه هو كثرة، هل كل ماهو كثرة هو لا متناه؟
يتناول زينون الكثرة من زاوية أخرى وجودها في العدد معتبراً أن :
(( الكثرة يجب أن تكون في العدد- محدودة ولا محدودة معا)) على اعتبار أن ماهو محدود هو متناه، واللامحدود هو لا متناه، فكل عدد هو وحدة قائمة بذاتها لا تقبل الزيادة أو النقصان لذا فهو محدود وبالتالي متناه، والعدد يقبل القسمة، وهذه القسمة يمكن الاستمرار بها لذا كان العدد لا محدود أي لا متناه.
و في حجته التي تقوم على المكان يذهب "زينون" إلى إن أي كمَّ من المكان يحب أن يتكون من وحدات لا تنقسم مطلقا أو يجب أن تنقسم إلى ما لانهاية، وفي كلتا الحالتين نصل إلى تناقض
(( فإذا كان المكان مكونا من وحدات لا تنقسم فيجب أن تكون ذات عظم وفي هذه الحالة يواجهنا تناقض عظم لا ينقسم، وإذا كان المكان قابلا للانقسام إلى ما لانهاية فإننا مواجهون له بتناقض يفترض أن عدداً متناهياً من الأجزاء يمكن إضافته ويكون محصلة كلية محدودة))
ما يرمى إليه زينون هو تأكيد فكرة أن المكان كل واحد ثابت لا يتجزأ وبالتالي الكون كتلة صماء ثابتة لا تتجزأ، وهذا هو مذهب برمنيدس في الوجود.
ويعتمد زينون اعتماداً أساسياً على فكرة اللانهاية في حجته ضد الحركة معتبراً أنه لما كانت المسافة قابلة للقسمة بشكل لا متناه، كانت الحركة التي تجتاز هذا اللامتناهي غير ممكنة، فالمتحرك عندما يريد أن ينتقل من نقطة A إلى نقطة أخرى B يجب أن يقطع نصف المسافة، ولكي يصل إلى النصف يجب عليه أن يقطع نصف النصف...... و هكذا.
إذا نحن أمام متوالية رياضية حدّها الأدنى صفر وهو نقطة البداية، وحدّها الأعلى هو 1، وهو نقطة النهاية، وللوصول إلى النهاية يجب اجتياز عدد لا متناه من المسافات 1/2، 1/4 ، 1/8.............. وبالتالي لايمكن الوصول إلى النهاية، فأخيل في حجة السلحفاة لا يستطيع أن يصل إلى المكان الذي بدأت منه السلحفاة في بداية السباق لأن عليه أن يجتاز عدداً لا متناهياً من المسافات.
في اللحظة التي يجتاز فيها أخيل مسافة ما تكون السلحفاة قد اجتازت مسافة ما مهما بدت هذه المسافة لا متناهية في الصغر، فأخيل لا يمكن له أن يجتاز عدداً لا متناهياً من المسافات ولذلك لن يسبق السلحفاة أبداً.
إذاً الحركة بما تحوي من تناقضات لا يمكن لها أن تعبر عن حقيقة الوجود، والتي هي الثبات، أي أن الوجود متناه ٍ وليس لامتناهياً.
فإذا كانت المسافة التي يجب على أخيل اجتيازها لا متناهية، كان اجتيازها يتطلب زماناً لا متناهياً أيضاً لأنه يمتنع على العقل تصور مكان بدون زمان، وهذا الزمان يتكون من وحدات غير قابلة للتجزئة هي الآنات، ولذلك نجد في حجة السهم المنطلق في الهواء أو نحو هدف محدد، يكون في كل آن ثابتاً في مكان معين، لأنه لا يمكن أن يكون في اللحظة ذاتها في مكانين مختلفين، إذا السهم ساكن في كل آن، وبما أن الآنات لا متناهية العدد كان مجموعها لا متناهيا في السكون، استمرار السكون لا يمكن أن ينتج عنه حركة بل سكون، إذا الحركة ممتنعة.
تقوم حجج زينون على قسمة المكان إلى مالا نهاية له من الأجزاء وعلى قسمة الزمان إلى مالا نهاية له من الآنات، و هذه القسمة غير صحيحة برأي "بدوي "مستنداً في ذلك إلى رأي أرسطو في المسألة" بالقول:((لأنَّ التقسيم إلى مالا نهاية هو تقسيم بالقوة كما سيقول أرسطو فيما بعد، وليس تقسيماً بالفعل أي أنه إذا قسمنا شيئا ما، فمهما كان عدد الأقسام التي نقسمه إليها فالعدد لابد محدود)) .
ويرى "يوسف كرم" أنَّ زينون(( يتجاهل أن المكان والزمان والحركة أشياء متصلة، وأنها مع قبولها للقسمة إلى مالا نهاية ليست مقسمة بالفعل إلى أجزاء غير متناهية)) .
بما أن الهدف من حجج زينون هو إثبات أن الكون كل واحد لا يتجزأ وأن الحركة باطلة مقابل الآراء التي ترى أن الكون مكون من كثرة لا متناهية، وأن الأشياء في حركة دائمة وتغير مستمر يقدم "هيجل" حلاً توافقياً لهذين الرأيين من خلال الجمع بين التناقضات في وحدة كلِّ من الكثير والواحد(( ليس الكثير والواحد طرفين متناقضين، إن الكمية في معناها الصحيح هي كثير في واحد وواحد في كثير ولا يمكن الفصل بين الكمية في معناها الصحيح هي كثير في واحد وواحد في كثير ولا يمكن الفصل بين العنصرين)) ويرى "هيجل" ((أن فكرة الكمّ تحتوي عاملين هما الواحد والكثير والكم يعني بالضبط كثرة في واحد أو واحد في كثرة)).
وتنطوي حجة السهم على مغالطة منطقية بما يسمى أغلوطة الحد الرابع أي استعمال اللفظ الواحد بمعنيين مختلفين في قياس واحد فعندما يقول زينون ((إنَّ السهم في حالة انطلاقه يوجد في نفس المكان فإن قوله في نفس المكان يعني إمّا أن يكون في مكان واحد بعينه لا ينتقل منه إلى مكان آخر وإمّا أنه يوجد دائما في مكان مساوٍ، وزينون ينتقل من المعنى الأول إلى الآخر وفي هذا الانتقال يرتكب المغالطة المنطقية لأنه من الصحيح أن السهم موجود دائماً في كل لحظة في مكان مساوٍ ولكن ليس معنى هذا أنَّه موجود في كل اللحظات في نفس المكان بل هو متنقل من مكان إلى آخر)) ، بينما نجد((طريقة الاستنفاد هي الإجابة التي قدمتها المدرسة الأفلاطونية إلى زينون، حيث تحاشت اللامتناهيات في الصغر الطفيفة بمجرد إلغائها واختزال المسائل التي قد تؤدي إلى اللامتناهيات في الصغر)) .
إنَّ قول زينون: الحركة والكثرة باطلان يقصد به أن الكثرة والتغير ليستا تعبيرا عن حقيقة الوجود، والتي هي الثبات وهذا الثبات غير قابل للانقسام، وغير قابل للإضافة، لأن الوجود كل مكتمل لا يقبل الزيادة أو النقصان وبالتالي هو متناه.
بهذه التفرقة بين الثابت والمتغير، بين المتناهي واللا متناهي يكون زينون أول من كشف عن التناقضات الجوهرية التي تكمن في أفكارنا عن المكان والزمان.
إن عقلنا هو الذي يفرض المكان والزمان على الأشياء وليست الأشياء هي التي تفرض المكان والزمان على العقول فإنَّ إدراكهما مسألة حدسية وليست تجريبية كما يقول كانط:((لأن جميع أجزاء المكان توجد معا في اللا متناهي فالتصور الأصلي للمكان هو إذن حدس قبلي وليس أفهوما )) .
إذا كان العقل غير قادر على إدراك اللامتناهي كما يرى "كانط"لأن ((اللامتناهي ليس تصورا محدداً موضوعياً لمقدار في علاقته مع مقدار آخر، بل هو ذاتي، زيادة لمقدار فوق كل ماهو معطى لنا، وإنْ كان غير مدرك من كل عقل)) إذاً لحجج زينون مشروعية منطقية.

ومهما تكن الانتقادات ضد حجج زينون في تقسيم المتناهي إلى عدد لا متناه من الأجزاء فإن ذلك لا يتعارض مع أهمية كونه قد أثار المشكلة بعمق إلى الدرجة التي حركت المياه الراكدة في الفكر الرياضي و الفلسفة مهما كانت الحقيقة فإن منطق زينون سيكون له الأثر الفاعل في الفكر الرياضياتي على مر الأجيال........بدأت حجج زينون تقلق الرياضيين حتى بعدما اكتشفت الأعداد الصماء .

المراجع والمصادر
1-ستيس،وولتر، تاريخ الفلسفة اليونانية
2-أفلاطون، محاورة بارمنيدس،
3-رسل، برتراند، حكمة الغرب
4-ستيس، وولتر، تاريخ الفلسفة اليونانية،
5 -كوبلستون، فردريك، تاريخ الفلسفة،
6-كانط، العقل المحض



#مازن_ريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللانهاية اصطلاحا
- اللانهاية في الهندسة الاقليدية
- الفكر الديني والفكر الفلسفي
- اللامتناهي فلسفيا
- اللانهاية في المدرسة الأيونية


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن ريا - مفهوم الحركة عند زينون الايلي