أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم الوراق - حوار بين العقل والعاطفة رقم 6















المزيد.....

حوار بين العقل والعاطفة رقم 6


ابراهيم الوراق

الحوار المتمدن-العدد: 1353 - 2005 / 10 / 20 - 14:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قال لي صديقي : وهو اشبه مايكون بالمستكشف للقيم التي تحكم فكري ، والمتعرف على كل مايطوف بخلدي ، والملم بجزئيات كثيرة من حياتي ، والواقف على أولى الحقائق في صحراء الافكاروالتوجهات .
فعلاقتي به ابتدأت منذ زمن الصبا ، حيث كنا نحمل صفاء البراءة الاصلية ، واستمرت هذه العلاقة في عمقها الشعوري ،الى مساحات كثيرة ، ومجالات متعددة ، على مستوى القيم والمبادئ ، وبقيت هذه الرابطة بحركيتها سنوات الى ان شط المزار ، وابتعدت الاشباح ، فرماه القدر الى قصي من المكان ، وتركني هنا مجاورا لهمومي واحزاني .



تاريخ كبير شعرنا فيه بعظمة المبدإ الذي ندعو اليه ، وقوة الفكر الذي نحمله ، وقيمة التضحية التي نبذلها من اجله ، انه جزء من تصاريف القدر بنا ، وقيمة اضافية انداحت بها قيمنا ، واتسعت بها آفاقنا ، ونضجت بها قناتنا ، تاريخ لا نحب ان نتذكره ، ولانقبل ان ننسب اليه ، ولانرضى لصوره ان تمر بين اعيننا ، تاريخ استحال اليوم عندنا مجهولا ، وصاراسترجاعه جناية تستوجب العقاب ، وتسلتزم وبيء الاحقاد ، وتدفع بنا الى فقدان قيمة مجتمعية ترتبط بها ارزاقنا المغرورة ، وتتصل بها مصالح كثيرة تكاتفت بفعل تضاريس المجتمع والحياة . .
فماضينا في غور لاشعورنا يطوي مواقف كبيرة ، وصولات هاشمية في جميع الميادين ، ووقفات صادمة على مستويات عليا ، اما حاضرنا البئيس فلا نرى فيه انفسنا الا بيادق في رقعة الحياة ، نعيش تحت ضغط الهم النكد الذي اكهم ابصارنا عن رؤية الامور الكبيرة الشأو ، والغائرة الغور ، واكهى شهوتنا عن النظر الى البعيد من المعالي ، والتشوف الى قيم كبرى تسود الحياة والانسان ، وحين يستشعر امثالنا هذه الغربة والوحدة في عصر مجلبب برداء النفاق والدهاء والمكر ، فما عساه ان يفعل هذا الانسان البسيط الذي يعيش في هذه الحياة بافكار محدودة لاترى من الاشياء الا الطافي والغلاف ..!!!!
قال لي صاحبي : وهو يتفرس وجهي ، ان الصراع سيبقى ممتدا ، والعراك سيستمر آمادا ، والحقيقة ستغيب بين غبار الافكار المتطاحنة ، وغمام التصورات المتناحرة ، وحين تموت افكارقديمة ، تحل محلها افكار اخرى ، في وشي مغر ، وطرازخلاب ، ورونق بهي ، غير آبهة بما يعتورها من ظروف وملابسات ، وتبقى على هيئتها الجميلة ، تسلب العقول بمظهرها الجذاب ، وتشق طريقها نحو القلوب ، وتقطع مسافتها في عمق تجربة الحياة ، حتى تبلى جدتها، ويرث حالها ، فتفنى كما فنيت لداتها، ثم لايبقى منها الابعض افكار اشتركت فيها جميع الثقافات .
قلت له ياخي : لقد اقترحت هذا المشروع(الحوار ، من اجل تقليص الفجوة فيما بين الآراء ، والاعتراف بالآخر ، لزوال الهوة فيما بين النفوس ) في مناسبات عدة ، وجعلته محور محاضراتي في كثير من المناسبات التي سنحت الفرصة لي فيها بان اتحدث .
قال لي : سبحان الله ، أشيخ .. اثرت فيه أعواد الحصائر، وقرضته عضات الجوع ، يتحول الى مفكريدعو الى الحوار والايمان بالآخر ، و تتصارع في عاطفته ، ومضات عقله ، ودفقات روحه ..؟؟؟ انها واحدة من معاجز الزمان ، ثم رأيته يضحك بملء شدقيه ..وهو يقول : ان العقل الفطري ..والعاطفة الدينية.. يعيشان تفاوتا كبيرا ، فالعقل اداة التفكير، والعاطفة نتيجة حتمية للتفاعل مع المواضعات المجتمعية والبيئية ، وثمرة للتكيف الوهمي مع الهيئات الدينية والعقدية .
قلت له ياهذا: ان الرأي الحصيف ، والموقف المناسب ، لايحتكره ارباب الحقائب ... ولا يحتبسه اصحاب الشارات العلمية ، ولايعدمه اؤلئك المعممون والمقببون ، _ هذا تعبير استوحيته من واقع بلدي ، فأهل العلم يلبسون الجلباب المحلي ، ويضعون (القب) على رءوسهم _ ولايمتلكه كل من ادعاه وان خداعا ، بل الرأي يعرف بمقدار تفاعله مع الحياة والمجتمع ، اما هذه الاراء التي تنسف عقل الانسان وعاطفته، وتقصي فيه انسانيته وبشريته ، وتميت فيه حيويته ونشاطه ، وتدفع به الى سالب في ميدان العلم والحضارة ، اراء تخدم مصالح الفراعنة الذين يقولون على لسان خطيبهم : ما أرى لكم الاما أرى وما اهديكم الاسبيل الرشاد ، اراء تريد ان تصنع مناخا مهجنا مدجنا لا يمتلك فيه الانسان أداة حريته ، ولا صك كرامته ، وانما يمتلك بنود تبعيته للغير ، ومن العجب ان الحكومات العربية والاسلامية ، فتحت الباب لشعوبها لتشارك في صنع القرار ، ولتساهم في بناء المجتمع الحداثي ، بينما نرى قراصنة الحريات ، وطواحين الوهم ، تغلق الباب على الافكار، وتتحامل على الاراء ، ولو بالافك والمين ، بل الاعجب من هذا ، ان هذه الكهوف الظلامية ، تعقد جلسات للدسيسة والمكر ، تسميها (الجلسات التربوية ) وكلها فري للاعراض ، ونصب للفخاخ والمصايد ، وتقزيم لدور الاخرين ، ولن انس ، والتاريخ يشهد اننا في ايام انتمائنا الى هذه الافكار، كنا نلتقى من هؤلاء دروسا في الخداع والكذب ، ونتعلم منهم طرق التجريح والتشويه ، سواء ضد الفصائل الاخرى ، ام ضد اشخاص- علماء ، مفكرين ، نشطاء جمعويون - لايريدون ان يستلبوا لهذه الافكار ، ولا أن يستغلوامن طرف هؤلاء ، وكان العالم، او المفكر، او المثقف ، في ذلك الزمن ، هو القريب من هؤلاء ، اما المستقلون ، والمتحررون ، والذين لم ينظموا في دائرة تنظيماتهم ، فيكفيهم من اخلاق الاسلام التي يتعامل بها هؤلاء ، ان يكونوا في موقع الغمز والهمز والنبز واللمز ، وينسبوا الى الشعوذة !! والزنا !! والخمر !!.... حتى تهان كرامتهم في الحياة ، وتسقط هيبتهم من اعين الرعاع !!الذين لا يختبرون الاخبار ، ولا يتبيون من وثوقها وكذبها ، وحتى لا يكون لهم تأثير سلبي على العقول التي تفخخ في حظائرهم ، وتشحن بمبادئ الجهاد ، واحلام الشهادة ، فان حكيت عن حدث اضر بي في حياتي ، فلن اعدوهؤلاء الذين يحملون فكرا متنورا ، ويؤمنون بمبادئ العقل ، ويعترفون بانسانية الانسان ، كيف اقصوا من الواقع ؟؟ وكيف عاشوا مع النخبة على هامش الوجود ؟؟ انها مهزلة في تاريخ البشرية ..!! ونكاية في عالم التقنيات ..!!

اتذكر كمبرر لهذا ، انهم يسعون الى تكثير سوادهم ، ويحاولون ايساع دائرة نفوذهم ، لذا توسطوا بكل وسيلة من اجل هذا ، فمن باحة الثانويات والكليات ، الى دور الشباب والثقافة ، الى المسارح ودور السينما ، الى المساجد ومحلات العبادة ، الى كل مكان يحتضن عموم المواطنين ، ولم يتجل ذلك الصراع بحدته المقنعة الا في المساجد والكليات ، فقد كانت مسرحا للاستقطاب والتدجين ، ولن اتحدث عن الكليات والجامعات لافتضاح امرهم فيها ، وابتذال كلمتهم عند عموم الطلبة ، والدليل على ذلك خفوت صوتهم ، وسكوت نبرتهم ، وانما اومض بومضة تجاه المسجد ، فاحكي عن صراع مرير مرت به دور العبادة في تاريخنا ، فمن خطيب سلفي ، الى تبليغي ، الى حركي ، الى آخر هذه اللائحة التي عشنا بعض تفاصيلها المنكرة ، ولم ينج من هذه التيوس ( وليعذرني قارئي عن استعمال هذه النصطلحات ، فانها ليست لي ، وانما احكيها كما نطق بها من نطق بها ) الا بعض المساجد التي ارتبطت بالصوفية والحركات الدينية التقليدية ، اوكانت تحت اشراف الدولة والهيئات الرسمية ، وان كانت لا تخلو بدورها من صوت نشاز ، واستحضر هذه المشاهد بين عيني اليوم بعذ مرور عقد عليها ، لاتذكر اسماء لامعة في السماء ، لاترتبط بقيم المعرفة ولا تميز بين التبن والتراب ، كانت مرفأ لشخوص مخوفة بنظراتها ، مقززة بمظهرها ، منفرة بحديثها ، وموئلا لهذه الدراجات الهوائية والنارية ممن يجبن جغرافيا هذه البلاد ، يبحثن عن الافذاذ من العلماء ممن يرعدن ويبرقن على المنابر ، تالله انها مأساة ..!!! كنا نجالس هؤلاء وجل احاديثهم الغيبة والكلام في المخالفين ، فان سألته عن خطيب ، قال بهذه العبارة ( الاخ ملتزم بالسنة ) هذا اذا كان من ابواقهم ، اما لو سألته عن عالم فضيل لا يجاريهم في اهوائهم ، ولا يبحث عن شهرتهم وتزكيتهم ، يقولون بوقاحة : ( مبتدع ضال ) فمن يستطيع اليوم ان يسحب تزكية هؤلاء لكثيرين من هذه الابواق العجماء التي لا تتقن الالغة دغدغة المشاعر ، وخطاب التهييج ، والتسلط على الاحاسيس والمشاعر ، ومن يستطيع ان يزكي هؤلاء الذين دنستهم الدعايات المغرضة ، وقبحت نظرتهم عند المجتمع تلك القطط الضالة ، ونحن نقر بان مجتمعنا الامي لا يمتلك ادوات التحليل ، ولا وسائل التشريح ، حتى يستطيع ان يتعرف على الصادق من المزيف ، والمؤمن من المنافق ، والمخلص من المخادع ، ان مجتمعنا غير مستعد لفهم هذه التفاصيل ، بل الادهى ان التشهير ينال آذانا صاغية من قبل الناس، لاننا نعيش في دين هؤلاء حالة استثنائية ، فالاصل فينا الادانة والتهمة ، اما البراءة الاصلية ، فليس لنا اليها سبيل ، !!وان اردت ان تكون شخصا ممدوحا ، وخطيبا اثيرا ، وعالما متضلعا ، فلا عليك الا ان تلج الى هذه النوادي قتتقن قواعد اللعبة ، وتتعرف على مجموعة من الطقوس ،تنال بها شهرة وعزة ، تكون بها محظوظا مقدما ، وان اردت ان تعيش مثلي صامدا في مبادئك ، ثابتا في مواقفك ، فاعد جلدك لتتحمل نتائج الاختيار ، ومما اتذكره ايضا ان الذين انفلتوا من هذه القبضة ، وانسلخوامن هذه اللعبة ، تتدخر لهم الالسن سفرا من التهم والوقيعة ، وتهيأ له طقسا حارا من الاحن والعداء ، فربما قد يتهمونه بلين في دينه ، او فساد في عقيدته ، فيقولون : الاخ غير مستقيم ، الاخ كانت له نوايا مادية ،.... فيرسلون هذه التهم في عالم الصعاليك الذين لا يجدون لذة لحياتهم ، ولا يعرفون طريقا لسعادتهم ، وحين تنفتح الابواب لهؤلاء لينالوا حظا من الدنيا تراهم يلبسون لباسا آخر ، فيتنازل عن الفكر االبرورياتري(التبليغ مثلا) الى الفكر الارستقراطي (السلفيةمثلا لانها تجسد الطبقة المترفة في البلد ) او يتحول الى الضفة الاخرى فسادا وخبثا ، وحين اسأل نفسي ، اهل تلقى هؤلاء حقيقة تربية تمنعهم من التيه والغربة ؟؟ اجد نفسي محرجة امام حقائق الواقع ، فماذا يتقنه هؤلاء الخطباء ، واغلبهم لا يمتلكون ارضية معرفية تؤهلهم للتوجيه والتربية ، وماذا تستطيع الخطب ان تغيره من الواقع المعقد الذي نعيشه ؟؟ وحين اسرح نظري اجد هؤلاء الين فاقونا علما وحضارة يخططون ويدبرون ، ويبنون ويؤسسون حياتهم باختلاف بناها حتى عاطفتهم على دراسات ومعطيات ، فماذا يستطيع خطيب ان يقدمه لمجتمع تتحكم فيه الازرار، وتسوده العهود والمواثيق الدولية ؟؟ فهل يمكن لخطيب يخبط بعنزته المنبر ، ويرسل الكلام جزافا ، حول البوسنة والهرسك ، وكاشمير، وارتيريا ، والشيشان ، ان يحدث تغييرا ؟؟ ان معادلة التغيير صعبة ، واحياء روح المبادرة للقضاء على الركود في مجالات الحياة عسيرة ، فكيف يتقنها خطيب لايمتلك آليات علمية تعينه على اكتشاف الواقع على ما هو عليه ، فليكتف الخطيب بالمواعظ والزواجر، وباب الترغيب والترهيب ، ان اراد الخروج من دائرة الحياة بسلام ، لكن المستهلكين للخطب لا تعجبهم الاهذه الزعقات التي ترخيها افواه الخطباء وهم يسبون ويلعنون اليهود والغرب ، وحين تقول لاحدهم : كم مر معكم وانتم تدعون بالدمار لامريكا والغرب ، فهاهي امريكا لم تتدمر، وهاهي ذي اسرائيل دولة قائمة بسيادتها ، يقول : صادقا ، انا اقوم بدور روتيني ، استوجب عليه اجرا ، واتطلب به فضول خير ، او يقول صاكا أذنك بكلام غليظ : انهم سينهزمون ، وتقول له خوفا على جلدك الرقيق : نعم ، ياحضرة السيد ، هذه احوالهم (مساكين ) وهي تحكي بؤسهم وشقاءهم ، وتنطق بما يختمر في اذهانهم من سواد للمجتمع ، لولا ان من الله علينا بقانون محاربة الارهاب الذي خفف من حدتهم ، واذل من غرورهم ، وان كانت لهم بقية لايملكون الا السب والتجريح والتشويه .
قد سبق لي حقيقة ان دعوت في ما كتبته من سطور ، ودونته من افكار ، الى اتقان ابجديات الحوارالجاد فيما بين الفصائل المكونة للمشهد الثقافي والمعرفي باوطاننا الاسلامية ، حتى تستوعب جميع الذوات الموسومة بالعلم والثقافة الآليات التي تتحرك في ورشتها جميع المعتقدات والافكار ، ثم تتعرف على تقاطيع الرؤى وتفاصيلها ، ونحن نجزم بان عدم معرفة الاخر يسبب اضرارا في الحكم عليه ، ويلجم كل المبادرات التي تحاول تهيئة مناخ الاعتدال والوسطية ، ويدفع بالحناجر المتدسمة من هذه الصراعات الى استغلالها لمزيد من الاستعباد والاسترقاق .
وانني لارى من بين المبادئ الاساسية في التفكير ، ومن ادبيات الايمان بحقائق الوحي ، أن ندافع عن الحوار ومكتسباته ، وان نمهد الغلاف الذهني، والحشو الفكري عند عموم الامة ، حتى تتقبل نتائج الحوار
لكن متى سنصل الى هذه المرحلة...؟؟؟؟؟ وكيف سيكون هذا الحوار...؟؟؟؟ وماهي الادوات والوسائل التي سنتحاور بها ...؟؟؟؟وماهي الحدود الجغرافية ، وآماد هذا الحوار....؟؟؟؟ كل ذلك سيبقى في طي الغيب يقربه منا افتقارنا اليه .
اعود من رحلة الذكرى الى السطور الأولى التي تتنافسها العاطفة والعقل ..فأقول : ان الحوار لابد ان يراعي علاقتنا بالماضي ، ولصوقنا بالحاضر، فنحن عجينة خلطت فيها مقادير متساوية الكمية بعضها ينتهي الى عالم اللاشعور والباقي يعيش فترة الشعور ،فالذوق ، واللون الادبي ، والعادات ، والتقاليد، والموروث الشعبي، قد امتزج في داخلنا بما داهم حياتنا من مبتكرات الغرب الذي زحف علينا بخيله وخيلائه ، ومكر بنا بحضارته وعلومه ، وتشربته عقولنا وامتزجت حضارته وعلومه بعاطفتنا امتزاج الماء القراح بالراح .
واقول للذين يريدونني سلفيا انا ليس من عبيد الماضي ، وللذين يريدونني ان اشرب حتى الثمالة من معنات الحداثة ، لن يكون امري هكذا ......انني انظر الى السلفية على انها جذر تاريخي ترتبط به مجموعة من القيم (الدين -التراث)، والى الحداثة على انها واقع قد فرضته علينا عملية الاجتماع والعمران، ودعت اليه الصيرورة التاريخية لبناء الامة .
وان رأيي ان نبني نظرنا الى النقيضين على انهما كائنان متساويان ، يبتدأ الأول حيث يبتدأ الثاني .ويتقاسمان الادوارفي حياة المفكر ، فليس له محيد عن حضور كينونته في تفكيره ، وليس له ان يغيب في كهوف الماضي متناسيا ضغطة الواقع واكراهاته .فهذه نظرتنا نؤسسها على اسس واقعية تراثية، ونؤثثها بدون تهويش ولاعنف واقصاء ، وحين نجتاز هذه الحدود لابد ان نعيش حالة من الهذيان الفكري ،والتصحر العقلي.
قال لي صديقي في يوم ونحن نتاول وجبة العشاء في مطعم شاطئي مكتظ بالعوائل والأسر.....ان الطوائف الدينية تتصارع من اجل الريادة : وتتعارك من أجل البقاء، فكل طائفة تدعي استقلالها بالحقيقة، وانغماسها في بحر المعرفة، وتتهم الطوائف الأخرى بعجزها عن الوصول الى عمق التكاليف الالهية، ووقوفها عند حدود النصوص المقدسة ..بلاسبر لأغوارها ، وتنقيب عن عللها ومقاصدها .
فهل الأمر كما تخيلته الطوائف...؟؟؟؟وهل الحقائق الواقعية تقر لهم بذلك....؟؟؟؟
قلت له مولاي :
سرح نظرك في هذه الصالة، وتفرس وجوه الجلاس في هذه القاعة ،
قال لي: مارأيت الاصديقا وصديقته ، وزوجا وزوجته، والاصوات تتشابك فيما بينها، وروائح الدخان والنرجيلة تنبعث من جنبات المكان،
وموسيقى كلايسكية تتسلل الى الاحشاء، وحركات الندل بين جيئة وذهاب، هذه تفاصيل الصورة كما تظهر لي ، اما هينمات الليل .وهدير امواج البحر ، فلم نشعر به الابعد ان تحركت بنا الخطى على جنبات البحر .
قلت في عفوية غير مقصودة : ان ادعاء الوصول الى اعماق الحقيقة ، ديدن كل من رام قصدا ، او هام تفكيره حول مصلحة مستعجلة أو آجلة.
فالتيارات المتعاركة المصطكة في واقعنا..لن يسلس قيادها، ويسعد نهارها ، وينتشي بالحب والوئام اربابها ، ألا أذا أسست جامعات فكرية على مستوى الوطن الكبير، تعمل ليل نهار من اجل بناء فكري يستوعب بقع التناقض في ثقافتنا الدينية، ومواقع الصلف الفكري ، والا ستعلاء الحضاري الذي اصيبت به الامة في لا شعورها ، وهي تقدس ماضيها ، وتنعى حاضرها، وتكتب بمداد الدموع امانيها ، وتغني بشجى الحزن والضياع واقعها.
قلت لصديقي : لانملك لأمتنا إلا بكاء ضمائرنا ، ولعاب أقلامنا، وزفرات مجالسنا.
هذا القلم معبرة الى همها ، ووسيلة للتفصي عن اتراحها، و سوف نحكي به عن حلو ومر، وقصة وخرافة، وعشق وبغضة، ورجاء ويأس .
قصة انيسة يأنس بها كل من أصاب بلبه اعماق الاشياء، واحرز قدم السبق في إدراك الحقائق وفهم الاغوار.
قصة حال ..وليس عيبا ان نسميها حكاية أحوال الأعيان ، وسوف يجذبك إليها جذبة الصراحة التي أبحنا بها الأسرار ، وأبرزنا بها ما وراء الأستار.



#ابراهيم_الوراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1-2-3-4-5-مرابع البؤس -الانسان ، الزمان ، المكان- رقم
- حوار بين العقل والعاطفة رقم 45
- حوار بين العقل والعاطفة -رقم 1-2-3-
- ثورة من أجل الحقوق أم على الظلم...؟
- مجالس سامرة ..محاورة بين التلميذ وشيخه


المزيد.....




- أفوا هيرش لـCNN: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الجام ...
- بوريل: أوكرانيا ستهزم دون دعمنا
- رمز التنوع - صادق خان رئيسا لبلدية لندن للمرة الثالثة!
- على دراجة هوائية.. الرحالة المغربي إدريس يصل المنيا المصرية ...
- ما مدى قدرة إسرائيل على خوض حرب شاملة مع حزب الله؟
- القوات الروسية تقترب من السيطرة على مدينة جديدة في دونيتسك ( ...
- هزيمة المحافظين تتعمق بفوز صادق خان برئاسة بلدية لندن
- -كارثة تنهي الحرب دون نصر-.. سموتريتش يحذر نتنياهو من إبرام ...
- وزير الأمن القومي الإسرائيلي يهدد نتنياهو بدفع -الثمن- إذا أ ...
- بعد وصوله مصر.. أول تعليق من -زلزال الصعيد- صاحب واقعة -فيدي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ابراهيم الوراق - حوار بين العقل والعاطفة رقم 6