أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نادية محمود - حول العفوية والتنظيم















المزيد.....

حول العفوية والتنظيم


نادية محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4910 - 2015 / 8 / 30 - 22:21
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


احد الاوصاف التي اطلقت على التظاهرات في العراق هذه الايام هي انها عفوية، غير مسيسة وغير حزبية. بهذا الخصوص اود التاكيد على بعض النقاط فيما يخص هذه التسميات.
نعم ان التظاهرات عفوية. فلم يكن هنالك حزب سياسي قام بتحريكها، او قام بالايعاز الى الجماهير للخروج الى الشارع، بل ان الناس التي لم تحتمل حر الصيف وانعدام فرص العمل، وسوء الخدمات وهي ترى كل يوم من على شاشات التلفزيون اخبار الفساد واللصوصية والنهب تاتي من رجال ونساء هذه الطبقة الحاكمة، وسرقة اموال الدولة لاغراضهم الشخصية، تظاهر الناس سلميا رافعين شعارات عديدة ومختلفة من المطالبة بالكهرباء وضد الفساد، الى اقالة رئيس القضاء الذي لم يقاضي فاسدا.
ألا انه ورغم عفوية هذه التظاهرات، لم تسلم من اتهامها بانها كانت محركة من قبل قوى خارجية. اي استكثر عليها حتى " عفويتها"، وعدم تنظيمها. المالكي وغيره، في العراق وايران اتهموها بان تجري لحساب اجندة خارجية، وصفوها بانها مأجورة.
الا ان ما هو ملفت للانتباه في هذا الموضوع، هي ان نسمع من المتظاهرين، ومن المؤيدين لهذه التظاهرات كلمات توحي بالتباهي بان هذه التظاهرات عفوية، وانها غير مسيسة وغير حزبية. وكأنها هذه صفات ستخدم التظاهرات ومطالب المتظاهرين، وهي تكشف وكأن التنظيم سبة، شتيمة، او اتهام يجب على المرء اعلان البراءة منه.
قد توفر "العفوية" وعدم الانضمام الى احزاب معارضة لاحزاب الحكومة الحالية، الشعور بالامان، او الحيادية، او الشعور بانها توفر عليه، مغبة العنف والقمع التي يمكن ان يتعرض له المواطن من جراء عضويته لحزب مناهض لاحزاب السلطة. الا ان ما يجري في العراق هو ان العنف الان يطال من هو عضو ومن ليس هو عضو بحزب. الشاب منتظر الذي قتلوه، ليس معلوما لاي حزب او اساسا اذا كان منتميا لاي حزب. الا ان النقطة الرئيسية في القول بالعفوية، هي استنكار التنظيم. وكأن التنظيم او الانضمام لحزب هو مثلبة، سبة، او شتيمة، او ليست حق، من حقوق المواطن، في دولة تدعي، على الاقل دستوريا، حق تاسيس الاحزاب.
انظروا الى المواجهة الحالية في هذه التظاهرات، انها مواجهة بين احزاب حاكمة منظمة وعلى اعلى درجات التنظيم، وبين الجماهير العفوية. ان درجة تنظيم احزاب الطبقة الحاكمة تتمثل في انها: ممثلة في البرلمان، والحكومة، والسلطة القضائية، ولديها ميلشيات مسلحة، وهي مدعومة من قبل المرجعية، بشكل مباشر او غير مباشر، لديها صلات دولية مع ايران بالتحديد، لديها منظمات مجتمع مدني، لديها قنواتها الفضائية، لديها ميزانيات هائلة سواء من ميزانية الدولة في العراق او الدعم المالي من ايران، ولديها الجوامع والمنابر الدينية التي تغذي المواطن بالدفاع عن المذهب. اي بكلمة اخرى ان هذه الطبقة السياسية الحاكمة لهي منظمة وعلى درجة عالية من التنظيم، وعلى كافة المستويات، من الناحية العسكرية، والسياسية، والمالية.
فالسؤال هو اذن امام طبقة على هذه الدرجة من التنظيم، كيف ستتمكن الجماهير المتظاهرة التي ترفع شعارات، وتطرح مطاليبها من قبيل: لاشيعية ولاسنية، دولة علمانية، دولة مدنية، ضد الفساد، الاصلاحات الاقتصادية فرص عمل، توفير خدمات، ان تصل هذه الجماهير الى تحقيق ولو جزء يسير، وليس كبير من هذه المطاليب، وهي تتحرك عفويا وبدون تنظيم؟.
ان المطالب التي ترفعها الجماهير تنسف الاسس التي تقوم عليه الدولة الحالية، لانها تطالب باعادة بناء الدولة في العراق على اساسين مغايرين كليا لما هو قائم الان، وهما اقامة: دولة علمانية، ودولة مسؤولة عن حاجات المجتمع. وهذين ليس فقط غير مطروحين على اجندة الحكومة الحالية، بل ان الاخيرة تعمل بالضد منهما تماما. أنهم يبنون دولة دينية ونيوليبرالية، اي دولة قائمة على الاقتصاد الحر وعلى عدم مسؤولية الدولة عن حاجات المجتمع.
أن المطالبة بالتغيير على هذه الدرجة من الجذرية والعمق، وبمواجهة سلطة طبقة على هذه الدرجة من التنظيم، لا بد ان يطرح امام الجماهير قضية اساسية وهي التئامها وعملها على الدفع بمطاليبها بمختلف الاشكال، اذا اريد لهذا المطاليب ان تجد طريقها للتنفيذ، لا ان تبقى فقط هتافات في الساحات العامة. من هنا تاتي اهمية وضرورة وجود التنظيمات السياسية والاحزاب السياسية للعمل على تنظيم ودفع هذه الحركة للامام. الجماهير وبحركات عفوية لن تتمكن من الوصول الى اهدافها. بل سيتقدم الى الميدان من هو اكثر تنظيما منها لاخذ المبادرة. ان تجربة الجماهير الثائرة في مصر، قد خسرت الصراع والمعركة ليس امام حسني مبارك، بل مع جماعة الاخوان المسلمين في مصر، وسيطرة الاخيرة على الثورة في مصر بعد ثورة يناير 2011. ان هذا لاقسى مثال على هزيمة الطرف المنظم، على ذلك غير المنظم، مهما بلغت درجة حقانية وشرعية مطاليب الاخير.
اذا ارادت الجماهير لمطاليبها ان ترى نور الشمس يجب ان تنظم نفسها. ان الجماهير ترى الاحزاب امامها، وبوسعها ان تنضم الى الاحزاب التي ترى انها تعبر عن ارادتها. الحزب الشيوعي العمالي العراقي هو احد الاحزاب التي تقف في الساحة، مدافعة، ورافعة لمطاليب الجماهير الاصلاحية، بوجود دولة وحكومة مسؤولة عن الاجابة على حاجات الجماهير، من الكهرباء والماء، والخدمات، وفرص العمل، وضد الفساد، ومن اجل فصل الدين عن الدولة. ان دخول المعارك السياسية من اجل شروط حياة افضل للجماهير يتم بوجود حركة الجماهيرية العريضة، وبوجود احزاب سياسية.
تماما كما تفعل الطبقة السياسية الحاكمة، فتلك الجماعات التي تؤلف احزاب السلطة الحاكمة لا تعمل بشكل عفوي، ولن ترضى باقل من الانتظام في احزاب سياسية، لتدفع باهدافها للامام. لم تقل انها تريد العفوية واللاسياسية، واللاتحزب. انها لا تتلاعب بمصيرها، واهدافها، وهي احزاب لعلى درجة عالية من الجدية مع نفسها ومع اهدافها. لذلك لم تقبل باقل من تشكيل احزاب سياسية. ان حزب الدعوة، المجلس الاعلى، التيار الصدري، حزب الفضيلة، هي امثلة على ذلك. لذلك يجب الارتفاع بالنضال من العفوية الى التنظيم، اذا ما اردنا تحقيق هدفي: دولة مدنية علمانية، ودولة تجيب على حاجات المجتمع بحياة افضل.



#نادية_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دخول الميلشيات الشيعية الى ساحات الاحتجاجات ينقل التظاهرات ا ...
- من الربيع العربي الى الصيف العراقي، وايصال الجماهير الى تحقي ...
- وثيقة رمضان: واسطورة السلم المجتمعي
- نادية محمود - عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العر ...
- بمناسبة مرور عام على احتلال داعش: لنصعد النضال ضد كلا طرفي ا ...
- العلمانية ام الحرب الطائفية؟
- نضال عمال شركات الأسمنت في العراق ضد شركة لافارج
- عمال شركة سمنت كربلاء جبهة من صف عالمي!
- التظاهرات العمالية الاخيرة في العراق: حماية الصناعة الوطنية ...
- حجاب الاطفال الاجباري و-الخطاب الالهي- للمجاميع الشيعية
- الحرب في اليمن: دروس جديدة، قديمة!
- لحماية حياة النساء وحقوق المرأة يجب فصل الدين عن الدولة
- هجوم باريس.... وحرية التعبير بدون أي قيد وشرط!
- كلمة حول الزيارة الاربعينية: طقس ديني ام عمل سياسي صرف؟ (3)
- من زيارة الاربعين : هل ممارسة الطقس الديني امر ديني ام سياسي ...
- كلمة حول الزيارة الاربعينية: طقس ديني ام عمل سياسي صرف؟
- داعش، مشهد اجرامي جديد في مسرح الصراع -الشيعي- السني-!
- القانون الجعفري و استذكار - الشيوعية كفر و الحاد-!
- قانون الاحوال الشخصية الجعفري.. هجمة جديدة لاسلمة المجتمع في ...
- الى رفيقي الحبيب ازاد احمد


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نادية محمود - حول العفوية والتنظيم