أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رائد الجراح - موازين الشرف بين سماسرة بغداد القديمة وحكام اليوم















المزيد.....

موازين الشرف بين سماسرة بغداد القديمة وحكام اليوم


رائد الجراح

الحوار المتمدن-العدد: 4887 - 2015 / 8 / 4 - 13:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحكى أن أحد السماسرة في بغداد الخمسينيات كان راكباً تاكسي للأجرة نفرات من الميدان الى الباب الشرقي , وعادة كانت سيارات التاكسي الذي تعمل على هذه الخط تنقل الركاب باجور أعلى قليلا من إجور الباص ,
ركب شخصان في المقعد الأمامي بينما ركب هذا السمسار في المقعد الخلفي الذي كان معد لثلاث ركاب , فأنطلق السائق بالركاب الثلاثة عسى أن يجد في الطريق بعض الركاب ليقلهم في المقعد الفارغ بجانب هذا السمسار , وما أن قطع مسافة قصيرة حتى أنتبه السائق الى أمرأتين تشيران له بالتوقف ليقلهن , فأنبرى هذا السمسار وقال للسائق ,
أرجوك لاتتوقف لهن وأنا اعطيك أجورهن , فأمتثل السائق لطلب هذا السمسار وأستمر بالمسير الى الباب الشرقي , وما أن وصلوا الى المحطة الأخيرة ونزل الركاب,
مد السمسار يده في جيبه ليعطي السائق إجور المرأتين اللتين لم يصعدن في التاكسي أصلاً , لكن السائق ألح على هذا السمسار بالأستفسار عن السبب الذي دعاه الى طلبه بعدم صعود هاتين المرأتين بجانبه ,
فقال له : أرجوك احتفظ بالنقود هذه معك ولكن قل لي فقط لماذا رفضت صعود هذين المرأتين جنبك ؟
فقال له السمسار ,
أسمع يا سيدي , أنا رجل أعمل في البغاء وأنا سمسار معروف وهؤلاء النسوة بنات عوائل شريفات وانا خفت أن يشاهدهن احد جنبي فيتهمهن بممارسة البغاء , إنتهى

يا سادة ياكرام وانا استمع اول مرة الى هذه الرواية التي جعلتني اندهش خصوصاً وإن الذي رواها لي أكد بانها رواية حقيقية حصلت مع هذا السائق الذي نقلها له بدوره عن هذا السمسار( الشريف ) ,
وقد يندهش البعض من كلمة شريف حين تطلق على سمسار يعمل في مهنة الدعارة , وهذا عائد الى العرف العام لثقافة المجتمع آنذاك ومقياس الشرف لدى الناس الذي إقترن بالدرجة الأولى بممارسة الجنس بطرقه المشروعة وغير المشروعة , رغم أن الزمن تغير , لأن مع تطور الأحداث وتطور نمط الحياة وبناء على ما حصل من تطورات تكنولوجية وإقتصادية وثقافية في المجتمع , فقد تغيرت معاني الشرف وأخذت مسارات متعددة , حيث ليس من الضرورة أن تكون كلمة شرف مقترنة بممارسة الجنس والبغاء الغير مشروعة , ولكن ظهرت اعمال هي الأخرى اكثر فساداً بأضعاف مضاعفة من مهنة البغاء
وعلى سبيل المثال لو أجرينا مقارنة بسيطة بين هذا السمسار الشريف وقادة العراق ونوابه وسياسييه من الذين يحكمون العراق اليوم , سيحصل هذا السمسار الذي هو بطل روايتنا على مرتبة الشرف من ناحية النزاهة والنظافة والقيمة الأخلاقية على هؤلاء الساسة بل هو أشرف منهم جميعاً , لأنه لم يرتضي لنفسه أن يكون سبباً في تلوث سمعة إمرأتين شريفتين لاذنب لهن سوى إنهن جلسن جنبه .
ولو أجرينا دراسة بسيطة وتحقيقاً عن إنخراط بعض الأفراد في مجتمعاتنا الى ممارسة الرذيلة سنجد معظمها يندرج تحت ضغط الفقر المدقع والجهل والحرمان والحاجة فضلاً عن غياب الوازع الديني الذي له دور كبير في تنظيم حياة الناس على الأقل من هذه الناحية, وفضلاً عن ذلك إن مهنة البغاء لم تكن في يوم من الأيام سبباً للوصول الى السلطة إلا نادراً ولكن لايرجى منها على الطلاق ان تجني ارباحاً بمليارات أو ملايين الدولارات , فلم يحصل أن أكتشفنا في مجتمعاتنا أن عاهرة أصبحت سيدة اعمال من الدرجة الأولى من وراء الكسب المادي من هذه المهنة ,
أو قواداً أصبح رجل أعمال من الدرجة الأولى , لأن الحقيقة تؤكد بان من يمتهن هذه المهنة الرذيلة غالباً ماينتهي به الأمر الى الموت على قارعة الطريق , لأنه ماكان في يوم من الأيام ان سعى أحد من هؤلاء السماسرة لأن يصبح من أعيان المجتمع أو على الأقل من أصحاب الأملاك والأطيان والعمارات , فأشهر سمساسرة بغداد المشاهير ماتا ميتة شنيعة , فهذا عباس بيزة مات ولم يجني من حياته المهنية سوى التمجيد بالوطنية عبر إذاعة صوت العرب من القاهرة هو والمناضلة العربية القومية حسنة ملص التي أصبحت بطلة قومية هي وزميلها عباس بيزه حين انطلق صوت المذيع آنذاك يندد بالخبر الذي سرب الى المصريين عنهما على اسا اعتقالهما من قبل الشيوعيين وتعرضهما الى التعذيب بسبب موقفهما القومي من العروبة , فقط هذا ما حصل عليه هذان المناضلان بسبب النكتة الهزلية التي رتبها الشيوعيين حينها لأستفزاز خصومهم القوميين , وهذا داوود اللمبجي مات وهو يعيش من عمله في ايقاد المصابيح في حارات بغداد القديمة ويقتات على مايقدمن له غواني الكلجية من طعام , ولم يخلفا وراءهما سوى إرث أدبي دوَّنّه الملا عبود الكرخي الذي مات هو الآخر حاملاً معه هموم العراق الذي مازال يطحن تحت مجرشته الشهيرة ,
وكان لسان حال العراق يقول على لسان تلك المرأة البائسة وهي تنعي حالها ,
ذبيت روحي على الجرش وأدري الجرش ياذيها ,
ساعة واكسر المجرشة وألعن أبو راعيها ,
وعودة الى ما صدر من معلومات مؤلمة لحالنا الآن ,
وعلى عهدة لسان النائب المحترم فائق الشيخ علي حين ظهر على إحدى الفضائيات في تصريح له بان مانفق على مشروع تحسين الطاقة الكهربائية في العراق خلال فترة الثمان سنوات من حكم المالكي أكثر من ثمانية مليار دولار أمريكي ,
8000,000,000 ---$--- هذا المبلغ كان فقط لتحسين الطاقة وليس لبناء محطات طاقة كهربائية ,
ولكن الذي حصل إن الكهرباء إزدادت سوءاً وتدهوراً ونحن الآن في صيف عام 2015 والمواطن لم يجني من توقف الكهرباء سوى إنه إستطاع أن يبتكر طريقة جديدة في قلي البيض بدون زيت وعلى أشعة الشمس مباشرة لأن درجة الحرارة تجاوزت الخمسين درجة مئوية ولايوجد حتى ماء يستطيع ان يضعه على رأس طفل لينقذه من لهب الصيف المدمر في الديمقراطية الأمريكية الذي زرعها بوش الصغير بعد أن نصَّب هذه الشلة من الفاسدين والسراق من الذين إمتلأت أجسادهم ونفوسهم بالأمراض والعلل , وإمتلأت أرصدتهم في البنوك العالمية بمئات الملايين من الدولارات بل بالمليارات منها , وإبن العراق يتضور جوعاً في جوء أمتلأ بالأمراض والأوبئة التي لم يكن في الماضي يعرف عنها شيئاً أو سمع بها, لا في أيام الطاغية ولا قبلها , لقد تغير كل شيء في العراق حتى الهواء اصبح ملوثاً بعد أن تلوثت كل القيم والمباديء الأخلاقية التي كان ينتظرها الناس من الذين إختارهم ليديروا دفة الحكم في البلاد , فبدل ان يقابلوا هذه الثقة بالمعروف , قابلوها بالدمار والخراب والفساد , فلم يعد الفرق كبيراً بين تلك الجماعات التي حكمت مصر في زمن الأخوان المسلمين وبين هؤلاء الذين إنتخبهم الشعب العراقي من ذوي العمائم السوداء سوى المذهب لاغير , إلا أن الشعب المصري الشقيق أستطاع بوعي شبابه وجيشه الذي بقي كما هو ولم يتعرض الى التفكك مثلما تعرض له الجيش العراقي في أول يوم من الأحتلال , فأستطاع هذا الجيش بتأييد من الشعب بان يطرد عصابات الأخوان ويلقي القبض على قيادييهم ويحيلهم للمحاكم , فشعب مصر الذي عانى طويلاً من الدكتاتورية حين إختار زمرة من الأسلامويون أملاً في أن يجد منهم خيراً , كذلك هو الشعب العراقي الذي غالبيته من المكون الشيعي إنخدعوا باصحاب العمائم السوداء ليكتشوا بعد تلك المعانات الطويلة وماهم سوى ثلة من السراق الذين لايملكون ادنى قيمة من قيم الشرف فهؤلاء لم يتربوا في احضان العراق ويشربوا ماءه , وهذه حقيقة لاغبار عليها فاختيار العراقيين لهؤلاء جاء فقط من اجل مليء الفراغ السياسي للبلد وهذا يعود الى أخطاء النظام السابق الذي حكم بدكتاتورية مطلقة ولم يسمح بقيام حزب واحد على الأقل يعمل بحرية ووطنية في العراق , وأبناء العراق لم يكونوا يعرفوا غير أولئك من الذين كانوا يعيشون في حارات طهران ولندن ويعتاشون على قماماتها واليوم أصبحوا من أصحاب المليارات ,
كانوا اطلقوا على انفسهم بالمعارضة وماهم سوى زمرة من الحاقدين على كل ماله صلة بالمواطَنَة في العراق, وكل ماله تاريخ على أرض العراق , هم يرون صورة صدام في كل مواطن عراقي ويستهدفون كل من عاش في العراق زمن صدام , فهم يعتبرون كل عراقي لم يكن من ضمن صفوفهم ايام تشردهم , يرونه بعثياً يجب معاقبته دون أن يعلنوا عن ذلك , وتاريخهم يشهد منذ مجيئهم على ظهور الدبابات الأمريكية وأيديهم ملطخة بدماء العراقيين , فلم يسلم من غدرهم لا ضابط سابق ولا طيار سابق ولا طبيب ولا عالم ولا أستاذ جامعي , منذ أن دخلوا بدأوا بعمليات القتل المنظم من قبل مسلحي مايسمى بالحرس الوطني الذي تلطخت سمعته بدماء كل اطياف الشعب العراقي بلا إستثناء , وما ان انتهت تلك المرحلة بعد إنسحاب القوات الأمريكية من الاراضي العراقية , وتسلَّموا زمام الأمور بدأوا بتطبيق الأجندة الأخرى وهي تصفية بعض الأحزاب الضعيفة التي لديها اطماع أخرى لم تخلوا من الجرائم بدأت ترصد أنشطتهم الفاسدة في البلاد فتم الصاق التهم ببعضهم وقتل وإعتقال البعض الآخر ومطاردة البعض الآخر حتى خلت الساحة لهم فبدأوا باقتسام الكعكة الدسمة فيما بينهم بشكل علني , فهاهي الوثائق المصورة والموثقة عبر المئات من صفحات الأنترنت واليوتيوب التي تثبت تورطهم بسرقات قوت الشعب حتى وصل الحال بجميع مؤسسات ودوائر الدولة خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2015 إلى الأفلاس وعدم إمكانية تسديد رواتب المواطنين وبالأخص الجيش والشرطة والدوائر الأخرى , لأنهم ببساطة يقومون بتهريب كل مايجنيه العراق من موارد النفط الى حساباتهم في البنوك الأجنبية وفي مشاريع إستثمارية مشبوهة وغير مشبوهة في أماكن مختلفة من العالم ,
أي فرد منهم لديه أكثر من جنسية واحدة , فأي قانون وأي دستور وطني ذلك الذي يسمح لمن يريد أن يحكم البلد أن تكون له جنسية غير عراقية ؟
هذا الذي لم يفكر به معظم الناس الجهلة الذين منحوا أصواتهم لهؤلاء في الأنتخابات ليعطوهم الذريعة بسرقة أموال الشعب .
في لقاء متلفز قال المالكي أنه في زمن حكمه وفي عام 2011 وصلت الموازنة المالية الى 115 مليار دولار ,
مئة وخمسة عشر مليار دولار , ومن اجل ان نعرف بشكل دقيق حجم هذا المبلغ فسنتوصل الى إمكانية بناء دولة بحجم الكويت بكل منشآتها بهذا المبلغ , ولكن لايوجد أحد من الرجال أوأشباه النساء من تحت قبة البرلمان يقول أين ذهبت هذه الأموال , لأن الجواب لديهم معروف فهم ليسوا بحاجة لمعرفة اين ذهبت هذه الأموال ,
اما لو أراد مواطن من عامة الشعب ان يسأل عن مصير هذه الأموال فلن يجد إجابة من احد , لأن هذا المواطن محكوم بالأعدام مع وقف التنفيذ ومن يحكم بالأعدام لايحق له السؤال عن شيء ,
العراق فيه من الثروات ما يحسد عليه من آلاف السنين وشعبه لم يجني من وراء تلك الثروات وعلى مدى تاريخه الطويل غير البلاء والوباء ,
ليس الآن فقط بل منذ ان وجدت هذه الثروات فيه , حتى وصل به الحال وعلى لسان كل بائس يقول ,
اللهم صب جام غضبك ولعنتك على كل ثروة تخرج من باطن ارض العراق تستخدم لقتل شعبه ,
اللهم آمين .






#رائد_الجراح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطرات من بحر الأمثال البغدادية العريقة
- السينما وذاكرة الزمن الجميل
- من ذاكرة الخراب والدمار
- كذبة دوران الأرض برغم أنف غاليلو
- التشريع الأسلامي يبيح الزنا للضرورة
- القباني بين الساهر وعبد الحليم
- المرأة ذلك الوعاء البائس
- من هم ومن انا
- لا تحلبوا البقرة


المزيد.....




- وزير الداخلية الفرنسي يزور المغرب لـ-تعميق التعاون- الأمني ب ...
- قطعها بالمنشار قبل دفنها.. تفاصيل جديدة تُكشف عن رجل قتل زوج ...
- فك شفرة بُن إثيوبي يمني يمهد الطريق لمذاق قهوة جديد
- الشرطة الهولندية: عصابات تفجير ماكينات الصرف انتقلت لألمانيا ...
- بعد موجة الانقلابات.. بقاء -إيكواس- مرهون بإصلاحات هيكلية
- هل يحمل فيتامين (د) سر إبطاء شيخوخة الإنسان حقا؟
- وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في مدينتي أوديسا وتشيرنومورسك ...
- الاحتلال يتحدث عن معارك وجه لوجه وسط غزة ويوسع ممر -نتساريم- ...
- كاتب أميركي: القصة الخفية لعدم شن إسرائيل هجوما كبيرا على إي ...
- روسيا تصد أكبر هجوم بالمسيّرات الأوكرانية منذ اندلاع الحرب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رائد الجراح - موازين الشرف بين سماسرة بغداد القديمة وحكام اليوم