أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمير أمين - مفرزة بهدينان الكبرى والشهيد الأول النصير أبو إيفان















المزيد.....

مفرزة بهدينان الكبرى والشهيد الأول النصير أبو إيفان


أمير أمين

الحوار المتمدن-العدد: 4844 - 2015 / 6 / 21 - 16:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





في أواخر شهر أكتوبر تشرين الأول من عام 1980 تحركت مفرزة صغيرة من قاطع بهدينان متوجهةً الى عمق مناطق كردستان لغرض تعزيز التنظيم المدني وإعادة ربط الصلات المفقودة جراء عمليات البطش الدموية التي قامت بها السلطة وأجهزتها الإجرامية ضد تنظيمات الحزب الشيوعي في عموم مناطق العراق ومنها كردستان....أقمنا لهؤلاء الرفاق الأنصار حفلة في قاعة السرية الثانية وكانت كبيرة الى حد ما وكان من ضمن الرفاق الذين إحتفينا بهم مودعين الرفيق أبو إيفان الذي كان فرحاً ومنتشياً وهو يودع رفاقه ذاهباً الى المناطق الأليفة والمحببة الى نفسه فكان يتحفنا بالأغاني الآشورية الجميلة المفضلة لديه
والتي يبتدأ مقطعها ب ( باگية خوش باگية .. روشة لاوندية ..) بحيث عمل هو وعدد من الرفاق الآخرين كورس للرقص والغناء حول المدفئة التي كانت تتوسط القاعة وكنّا نحن الجالسون على الجوانب نصفق لهم ونردد معهم الأغنية ويقوم بعضنا بالرقص معهم للتشجيع دون أن يعرف شيئاً عن الكلمات التي ينطقون بها... ....
وفي صباح اليوم التالي قمنا بتوديعهم بكلمات الود وشحذ الهمة والحذر وما هي إلاّ عدة أيام حتى قامت قيادة القاطع بتكوين مفرزة كبيرة للتوجه لعمق ريف كردستان وتحركت من القاعدة في الثاني من تشرين الثاني عام 1980 بقيادة آمر القاطع العسكري النصير الراحل توما توماس وضمت في صفوفها عدد كبير من قادة السرايا والفصائل والمستشارين السياسيين والإداريين وكان قوامها 36 رفيق وكانت المفرزة الأكبر في ذلك الوقت بالنسبة للعدد والكفاءات وضمت في صفوفها طبيب القاعدة الشهيد الدكتور عادل وقادة سريتين هما الشهيدين أبو فؤاد وأبو ماجد وعدد من المستشارين والمسؤولين الحزبيين كالأنصار الشهداء أبو سلام وأبو فارس من اليزيديين الأكراد والشهيد أبو رؤوف وغيرهم وكان الشهيد عادل يعالج مرضانا وسكان القرى ويقدم لهم ماتجود به عليجته من أدوية شحيحة ولكنها تنفعهم في العلاج فيقومون بالتشكر من الحزب الشيوعي وأنصاره ....
كانت المسيرة في البداية شاقة جداً وإستمرت طيلة النهار ولما داهمنا الليل أوعز القائد أبو جوزيف للجميع بالتوقف وأمر بإيقاد النار وقمنا بجمع الحطب بشكل سريع وعملنا حسب توجيهاته بإشعال أربعة مواقد ينام حول كل منها عدد من الرفاق بينما يتناوب الأخرون على الحراسة وكان الحرس يلقم النار بين الفينة والأخرى بمادة الخشب لكي تستمر الى الصباح وكان البرد شديداً جداً فكان يسخن جزء من جسدنا القريب من النار بينما تبقى الأجزاء الأخرى عرضة للهواء الرطب البارد وشعرت بأن عظامي قد تجمدت ولم أستطع النوم إلاّ بضعة دقائق محدودة وقد أصبت بالإسهال الشديد في اليوم الثاني ومرض رفاق آخرون لكننا واصلنا السير بهمة عالية ولم نشعر الآخرين بمرضنا وكنّا نتوقف في القرى الصغيرة التي نصادفها في طريقنا فتقوم مشكورة بتقديم الطعام والمؤونة لنا لمواصلة السير الى أن وصلنا الى قرية بوتيه بعد أن عبرنا جبل متين الشاهق وإسترحنا بها بعد عناء طويل لعدة أيام .. وبالضبط في يوم 14 من نفس الشهر والسنة هزنا من الأعماق نبأ إستشهاد النصير العزيز أبو إيفان من خلال الأخبار التي كان أهالي القرى يتناقلونها أصبنا بالصدمة الكبيرة وقمنا بمتابعة حيثيات النبأ الحزين وعرفنا أنه حدث بعيد ظهر يوم 12 من تشرين الثاني حينما كان الشهيد أبو إيفان مع النصيرين ناظم وأبو داود جالسين يحتمون من المطر في إحدى الشكفتات ويقومون بإعداد وجبة خفيفة وسريعة من طعام الغذاء عند گلي آفوكي وبعد أن واصلوا مسيرتهم وكان الشهيد أبو إيفان الأخير بينهم
أثناء المشي وبينما هم ينزلون قام نفر من مرتزقة السلطة الذين يطلق عليهم الشعب الكردي لقب الجحوش بإطلاق النار عليهم من المكان المحصن الذي كانوا يختبئون به ولأن عملية الإطلاق جائتهم من الخلف لذلك أصيب فوراً النصير أبو إيفان وفارق الحياة وقد جرح النصير ناظم الذي إستطاع الإنسحاب مع النصير أبو داود الى مكان بعيد عن مرمى الأعداء ..ترك إستشهاد النصير أبو إيفان حزن كبير على جميع الرفاق وكان التفكير منصباً على عملية مواراته الثرى...
كيف ! ومتى ؟ بعد مدة قليلة علمنا بأن جثمان الشهيد وضع في مكان أمين كان بعلم بعض الرفاق المسؤولين وعدد من الحلفاء من حدك...في عصر يوم 15 أي بعد حوالي ثلاثة أيام على الفاجعة قمنا بالصعود الى قمة جبل گارا وهناك تناولنا طعام الغداء ثم تابعنا النزول الى أسفل الجبل وعند المنحدر وضّح لنا الرفاق وأشاروا الى المكان الذي إستشهد به الرفيق ويقع قريباً من نهاية الگلي عند منطقة النزول ... رأيت عيون الرفاق الحزينة وخاصة الراحل أبو جوزيف الذي إختلطت مشاعره الحزينة بالغضب , توقفنا قليلاً وكان الصمت مخيماً على رفاق المفرزة ونحن نستمع لكلمات الراحل توما توماس وهو يتحدث عن المصاب الجلل ويدعو رفاقه للمساهمة في عملية دفن الشهيد قائلاً : من منكم يريد المساهمة فليرفع يده ونحن نريد بحدود خمسة رفاق , كنت من ضمنهم ومنهم أيضاً أبو مسار وجرى تشخيص النصير أبو أمجد للإشراف على الدفن وهو من أهالي المنطقة بالإضافة الى كونه كان يحتل موقع مستشار سياسي

لإحدى السرايا..تحركنا الى الموقع المشار اليه بينما توجه باقي الرفاق الى قرية سواره, كان الشهيد مسجى على أغصان خضراء يانعة وبقايا الدم المتخثر كانت تغطي بدلته البنية وهي نفسها التي كان يرتديها لحظة توديعنا له في مقر السرية حينما توجه مسروراً الى عمق الوطن ..كنت أنظر اليه بألم وكان يبدو وكأنه نائم..بدأ الرفاق يحفرون بسرعة كبيرة خوفاً من المفاجئات ولا سيما وأن الليل قد دب دبيبه وكنت أحمل بيدي الكفن الذي قمت بوضعه الى جانب القبر لكي أستلم واجبي في الحراسة في الوقت الذي ينتهي فيه الرفاق من عملية الحفر ..كنت على مقربة منهم حينما كفّنوا الشهيد بالكفن فوق ملابسه الكردية بعد أن أزاحوا حذاءه من قدميه وكان من الروغان الأصفر ورفع النعش أربعة رفاق وضعوه بعناية في المكان المخصص له وعلى جانبي القبر قمنا بتفريغ رصاصتين من البارود وأشعلنا شعلتين صغيرتين كرمز توديعي لأننا لم نستطع من إطلاق الرصاص توديعاً له كما هو الشائع لحراجة الموقف ثم وضعنا الأغصان والصخور فوق القبر ووقفنا دقيقة حداد على روح فقيدنا الغالي وكان معنا بعض الإخوة من حدك وساهم أحدهم بالحفر ...كان ضوء القمر وهاجاً رغم الغيوم التي كانت تقف في طريقه , أنهينا ترتيبات الدفن عند تمام الساعة السادسة من مساء يوم 15 تشرين الثاني عام 1980 في ذلك المساء الحزين وبعد الإنتهاء غادرنا المكان للإلتحاق برفاقنا في قرية سواره وتوزعناعلى بيوتها بمعدل رفيق إضافي لكل بيت مع رفاقه الآخرين فكنت في ضيافة عائلة الشهيدين هلال وجاسم وكان هناك الرفيقين أبو جوزيف وأبو فؤاد اللذان كانا في حالة حزن وقلق وكانوا جميعاً يتحدثون مع أهل الدار في كيفية مجرى الأحداث وإستشهاد النصير أبو إيفان وقد إستفسروا مني حول عملية الدفن وأبرز الصعوبات وبينت لهم أن كل شيء جرى بصورة طبيعية ..بعد ذلك بعدة أيام إستطعنا من إقامة حفل لتأبين الشهيد في إحدى المناطق الأكثر أمناً .واصلت المفرزة عملها الأنصاري ضمن نطاق منطقتها ولكن الحزن ظل يعتصر قلوب الجميع لفترة طويلة ..
المجد للشهيد النصير هرمز يوسف بوكا أبو إيفان في ذكرى يوم إستشهاده في الثاني عشر من شهر تشرين الثاني عام 1980 والموت لجلاوزة السلطة المقبورة



#أمير_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بذور الشيوعية في سنوات الطفولة الأولى
- في ذكرى رحيل ملك الصعاليك الشاعر عبد الأمير الحصيري
- مرحى لمؤتمر حزبنا الشيوعي التاسع ..!
- رحيل الصديق هاني ناجي و 166 شهيد يدخل عامه الثلاثين!
- أيها العراقيون : إرسوا على بر قبل فوات الأوان !
- وجهة نظر حيادية لأحداث الربيع العربي .
- الوقوف أمام ضريح لينين !
- ستار كناوي ..خمسون عام على ميلاده..ربع قرن على الرحيل..!
- إنصاف الأكراد الفيلية مهمة وطنية عظمى !
- في ذكرى إستشهاد سكرتير محلية الناصرية مزهر هول راشد
- الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم باني مدينة الثورة ببغداد !
- الشهيدة موناليزا- ستون عام على ميلادها..ربع قرن على الرحيل !
- نقاط متفرقة لمؤتمر الشيوعيين العراقيين التاسع ٠٠ ...
- في ذكرى إستشهاد النصير الشيوعي جبّار...
- الربع دينار ..أقبّل جبينك !
- دكيت بابك يا وطن وانة غريب ببابك !
- ذكرياتي مع إتحاد الطلبة العام في الناصرية !
- هنا إذاعة صوت الشعب العراقي !
- سجل الشيوعيين العراقيين حافل بالتهميش والمضايقات !
- هل كان الشاعر بدر شاكر السياب شيوعياً !!!


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...
- بلينكن يأمل بإحراز تقدم مع الصين وبكين تتحدث عن خلافات بين ا ...
- هاريس وكيم كارداشيان -تناقشان- إصلاح العدالة الجنائية
- ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟
- عراقيل إسرائيلية تؤخر انطلاق -أسطول الحرية- إلى غزة
- فرنسا تلوح بمعاقبة المستوطنين المتورطين في أعمال عنف بالضفة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمير أمين - مفرزة بهدينان الكبرى والشهيد الأول النصير أبو إيفان