أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - عشتاري العراقية -8- القسم الأخير














المزيد.....

عشتاري العراقية -8- القسم الأخير


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 4840 - 2015 / 6 / 17 - 00:56
المحور: الادب والفن
    


عشتاري العراقية -8-

عشتاري العراقية قصة من مجموعتي الموشكة على الصدور -قالت لي- ستصدر مطلع العام القادم في القاهرة
القصة مهداة إلى رفيقة العمر الكاتبة -ناهده جابر جاسم- كانت محرضة النص وأخيلته
صلاة لها
وللمرأة خالقة الكون
وباب المعرفة

أنهكتني تباريح السهر، فتراجعتُ مخذولاً إلى زاوية الغرفة المجاورة للنافذة، تراجعت مثل من يخسر أخر معركة، تراجعتُ حاشراً ظهري في ضيق الزاوية الحادة مستنجداً من قيامة الجسد الذي شرع يطوف على حافة الصحو. كنتُ في وضع لا يحتمل صحوتها.
فعل بي ما فعل في غفوته السادرة.. كيف به عند القيام؟!. دفعني احتمال استيقاظها إلى مساحة رعب من المواجهة، فأمعنتُ في حشر جسدي بالزاوية وكأنني تائه وجسده الصحراء..
- أين الواحة في وهج الجسد المشتعل في صمت النوم والغياب..
- أين الواحة في هذا الجسد المتشكل في موج الفجر وحافة الاستيقاظ..
- أين الواحة في هجير الفراغ الدوار الذي عبث بكياني في ليلة دونها كل لياليَّ حتى الممات!؟!.
- أين الواحة؟! يا جسداً يضيع الدنيا ويدوخ الكون؟!.
- أين؟!.
كدت أصرخ!:
ـ هل هي في حلمٍ.. أم أنها موشكة على اليقظة لترى انسحاقي بالزاوية البعيدة عن السرير؟!.
أفردت ذراعيها. حركت أطراف أناملها. رمشت عيناها فاهتزت الأجفان الطويلة.. ستصحو يا مريدي.. ستصحو عشتاري.. ستقوم من روح الصلصال الصلد الطيع المتلوي المتكور المنبسط في وهاده الشاسعة، ستقوم.
هاهي تضع راحتيها على وجهها.
ـ أين أذهب بروحي البائدة تحت سطوة تجليها طوال الليل؟!.
كقشةٍ هشة خرَّ جسدي أسفل ركن الغرفة، في الزاوية المحصورة بين سطوع الفجر وسطوع عريها المضمخ بعطره المسكر ورائحة الفجر والبخور والحرمل وبقايا رائحة أصابع الشمع. قشةٌ تجود بنفسها في رمضاء جسدٍ لا رواء منه.
أين المفر من جحيم فردوسها القادم؟!. أين الواحة من هجير صحوتها؟!
ـ ماذا سأكون حينما تنهض؟!.
ـ ماذا سأكون؟!.
ـ مـــــدد.. يا صاحب الشأن مـدد!!.
ـ مـدد.. يا حبيبي.. مدد!!.
وانفجرت في نشيجٍ خافتٍ رائياً بوضوح استحالة احتواء كيان المحبوب الذي كنتُ أظنه صار واقعاً حال سفرنا ونجاح أرادتنا في مواجهة تقاليد مجتمعٍ معادٍ للحب. وجدتني إزاء تحققها الفيزيقي الطاغي الجاذب في حضورها بالمطعم قبيل السكر.. في غفوتها المدمرة والتي لن تخلص من سطوة تجسدها الليلي في ليالي الصد والهجران إلا في السكر حد السقوط في نومٍ يشبه الموت أو في التسلل في عمق الليل والهيام بين الحقول حتى تباشير الضوء. وجدتُ حالي مضغوطاً أنوء كي أستطيع كتم النشيج إلى أن صرختُ مستنجداً:

يا مُعينَ الضنّى عَلَى جَسدي
يا مُعين الضّنا عَلَيَهِ أعِني.
ومن بين غلالة الدمع رأيتها تنهض من رقدتها، وتتلبث هنيهة في جلستها على حافة السرير، محملقة بعينين زادتهما الدهشة سحراً نحو انطوائي الموجوع، قبل أن تنهض وتُقبل صوبي بعريها اللاهث المضطرب:
ـ أش بِك عيني.. أش بِك يا بعد روحي؟!.
ـ ..!.
ضمتني إلى صدرها العاري، فَأخْفَتَ ضوعها الفريد نشيجي. جعلت أصبُّ الدمع بصمتٍ، فيسيح على قبة النهدين الملتصقين بأنفي:
ـ ماذا جرى بعد ذلك؟!.
لا أدري.. فقد دخلتُ عالماً أخر لن أجد له مثيلاً إلا في حضورها وحضنها في الصحو والسكر، في الخصام والصلح، في الحضور والغياب.

2003 الدنمرك



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشتاري العراقية -7-
- عشتاري العراقية -6-
- عشتاري العراقية -5-
- عشتاري العراقية -4-
- عشتاري العراقية -3-
- عشتاري العراقية -2-
- عن رحيل صديقي الروائي والكاتب المصري فؤاد قنديل
- عشتاري العراقية -1-
- ليس ثمة عدالة في العالم
- أصدقاء ورفاق التجربة 2- المستشار السياسي -ياسرالمندلاوي-
- أنت ميت يا إلهي
- درويش المحبة*
- طرف من مشهد الإعدام -رؤيا الغائب *
- نماذج مدعي الثقافة والمعارضة زمن سلطة الطوائف -الفأر -
- كوابيس التخفي زمن الدكتاتور
- الإنسان الحقيقي لا يخشى من الصدق وعرض تجاربه
- مشاهدات من زيارتي الأولى إلى العراق 2004 2- المثقف العراقي ا ...
- مشاهد من زيارتي الأولى للعراق 2004 1- المثقف العراقي الجديد
- السرد العراقي وتطوره التاريخي 2- الرواية
- السرد العراقي وتطوره التاريخي: 1- القصة القصيرة


المزيد.....




- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - عشتاري العراقية -8- القسم الأخير