أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - إنجذاب غير مرغوب














المزيد.....

إنجذاب غير مرغوب


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 4824 - 2015 / 6 / 1 - 17:44
المحور: الادب والفن
    


البار من واجهته الخارجية يبدو رديئا . ترددت خطواتي قبل الدخول إليه .صورته البرانية غير اللطيفة أرغمتني على التردد . أوحت لي برداءة جوانية أيضا .قديكون زبناؤه من فئة الميئوس منهم .دخلت رغما عن تهيؤاتي المتوجسة، فوجدتني أفاجأ أن الصورة التي سيراها الزبون في الخارج مجرد خدعة ذكية و طريفة ، لكنها مقصودة .الأجواء هنا هادئة هدوءا مقدسا ، كما أن الطاولات موضوعة ومرتبة بأناقة فنية . الفن ليس في الطاولات فقط ، فقد تمددت ريشة فنان تشكيلي بارع نحو الجدران لترسم لوحات بيكاسو الزيتية بجمالية قد ينبهر بها هو نفسه .رواد هذا البار _الرديء خارجيا_ لطفاء جدا ، يتحدثون برهافة حس أدبية .قد لا يسمع صوتهم أحد ، ولو جلس بطاولة قربهم . إنهم معتقلون شر إعتقال . هناك أصوات زاعقة في طاولة بالزاوية تتحدث عن السياسة .لم ألتفت إليها لأسباب نفسية . هناك طاولة أخرى أكثر جذبا ونعومة . إمرأة قد يكون سنها نحو الأربعين ،وجهها ممتلئ بعد الشيء ، عدا نتوءان بارزان حول فمها ، أنفها حاد ومقوس بقليل نحو الأمام .عينيها النائمتين سوداوان سوادا غامقا .هيئتها الجسدية متوسطة ، لكنها مثيرة و أنثوية. لاحظت ذلك من أردافها الجالسة على الكرسي الجلدي .أقول هذا الوصف وأنا أتبادل معها نظرات متمعنة حينا و أخرى خاطفة حين آخر ، وخطوات تسير نحوها ببطئ متردد . لم ألاحظ أي إرتباك بادئ عليها .بل لازلت تحتفظ بهدوئها على نحو يزعجني . بدوت مرتبكا لها بعض الشيء ، لكنها تبدي نوعا من اللامبالاة توجهي . كأن تطلبني بالتقدم . جلست دون طلب منها قولا ، لكني فهمت أنها بحاجة إلى رفقة غير مزعجة .
قلت : هل لي بسيجارة من فضلك ؟
قالت : العلبة أمامك !
أخدت سيجارة من العلبة ثم مدت يدها اليمنى للولاعة فأشعلتها بنفسها .شعرت بارتياح مفاجئ الآن ..
قلت : الطاولة ملأى بكل أنواع الأكل ، الحلوى كذلك . كل شيء موضوع فوقها بدقة رفيعة . كما أن اللمسة رومانسية جدا .إنها طاولة غير عادية أيتها القديسة . الشموع موزعة فوق الطاولة لترسم قلبا جميلا و فرحا . هناك أقداح وردية عزيزتي فوق الطاولة ذاتها ، ممتلئة إلى نصفها .لازلت تحتفي ببرودتها . رغوتها مازالت تحتفظ بأناقة الكؤوس الشفافة .
قاطعتني فقالت : ماذا بعد ؟!
قلت : تركتها في عناية الموسيقى ..موسيقى ..
قاطعتني مرة أخرى : كم ستدفع ؟!
أحسست بارتعشات باردة غمرت جسدي ككل ثم ..
قلت : أليس السؤال مبكرا الآن ..الأجر مقابل العمل
قالت : هذا في مكان آخر ،أما عملنا فالأجر أولا ثم العمل ثانيا !
قلت : ماذا عن الطاولة ، هل يصلح أن أختلي بها لوحدي ؟
قالت الحسناء : ماذا عني أنا ؟
قلت : إنها من أجلك ، حظك أن تجلسي معي في مأدبة نادرة كتلك .
ضحكت المومس ضحكة فاجرة فقالت :لماذا هي نادرة ؟!
قلت : إنه عيد ميلادي اليوم ..
قالت : لهذا سوف تدفع أكثر ..
قلت : ألهذا تفضلين أصحاب أعياد الميلاد مثلي ..
أجابت : إنه العمل أيها الرفيق ،البيزنس بلغة العصر
قلت : ماذا عن الإيروتيك .بصيغة أبسط : هل تحبين عملك ..بعبارة سياسية : هل تنتابك مشاعر الوطنية تجاه الفراش ؟!
أجابت : أحيانا أضحي من أجل الوطن
قلت : ومتى تخونين الوطن ؟
قالت : الأموال هي التي تتكلم . إدفع أكثر ، ثم أعجبك أكثر !
قلت : ألا تحسين بنوع من الوخز حين تمارسين" الرذيلة "؟!
قالت : من قال ؟
قلت : الدهماء
قالت : من هم الدهماء ؟
قلت : قضاة المجتمع ..حراس القيم ..أولئك الذين يحددون ما الشر وما الخير ،ما يجوز أن تفعليه وما هو محرم أن تأتيه !
قالت :هل لهم مصلحة في هذا التحديد ؟!
قلت : أعتقد ذلك ، بل لعلي متأكد بعض الشيء
قالت : وأنا هل لي مصلحة في ممارسة الرذيلة ؟
قلت : مسألة وجود أيتها الحسناء
قالت : فاعتبرها فضيلة من لدني ، من منظوري القيمي .ما يعتبره الناس شيئا غير أخلاقي هو الذي أعتبره شيئا ذا قيمة بالنسبة إلي . لاحظ أن وجهة النظر بيني وبينهم تكاد تحتلف اختلافا متناقضا . هم يخافون على أولادهم ( و هذا حقهم كأباء) من الإنحراف ، البنات خصوصا ، وأنا أخاف على وجودي من الإنقراض . أشكر الله على شيء واحد ..
قلت مستغربا : لماذا ؟!
قالت : لأنه ترك آخر شيء قد ألجأ له لجوءا أنثويا
ضحكت ملأ شدقي مجيبا : أنت لست مومسا ،بل شيئا آخر أرفع ، قديسة ..ماذا عنا نحن ؟!
قالت : للذكورية ثمن أيها الرفيق ، لو كان لك ما تلجأ له لما كنا نحن من أساسه ..
قلت : ألست لطيفة بما يجعلك تنهضين الآن ..الطاولة مازلت لوحدها !
قالت : أليست هذه مجرد مزحة قديمة كحكاية عيد الميلاد هذه ؟!
قلت : هي إحدى دعاباتي الطريفة ..هل أعجبتك ؟
قالت :سمعتها من قبل ،ذلك أني مللتها بعض الشيء
قلت :،جيد ، فلنمضي أيتها الحسناء ..



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار الفلاسفة __الجزء الأول
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - إنجذاب غير مرغوب