أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - إنجيمهْ (الناي والقصبة )














المزيد.....

إنجيمهْ (الناي والقصبة )


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4799 - 2015 / 5 / 7 - 20:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



في العامية نسمي الناي ( الماصول ) وربما هي ارخص ألة تباع أيام كنا صغارا ونسير خلف بائع النايات وهو يعزف بنايٍ مصنوع من قصبة ، وكان جارنا طيب الذكر (عبد الرزاق طلب مسير ) من البارعين في عزفه وصناعته وعندما وقع في الأسر ايام الحرب العراقية ــ الإيرانية كان الناي من بعض سلوته لقتل الوقت والحنين الى زوجته وأطفاله ، وربما منه سمعت عبارة :حتى تعود لروحك لا تحتاج سوى الى قصبة وجلسة تنعزل فيها ثم تبدأ العصود على أرائك الغيوم.
كانت هناك الة من ذات مجموعة تصنع من قصبتين تثبت بقطعة من ( القير ) ولكن صوتها ليس بجمال ما يرسله الناي المفرد وتسمى ( المطبك ) واكثر ما تستخدم في الرقصات التي يحتفى بها في الاعراس والتجمعات البشرية المحتفلة اثناء الاعياد ، أما العزف في الناي فيحتاج الى هدوء ومكان تكسوه هيبة الصمت والعزلة فيأتي النغم ساحرا برؤاه الرومانسية.
ويوم باشرت في مهنة التعليم في قرى الاهوار عرفت أن لكل قرية بارعها في صناعة الناي وعزفه ، وربما بسبب عزلة المكان وتوفر اجود انواع القصب كان المتاح الوحيد لآلة موسيقية تصاحب الحنين والوحدة التي يقيضها الرعاة مع جواميسهم وليس بصحبتهم سوى الماء والسماء واطياف بنات عم يعشقونه في رغبة أن يقبل اباءهنَ للاقتران بهن وقتها يبتعد الراعي عن نايه ويدخل في لجة العائلة ومتطلبات الحياة .
ثنائية الناي والقصبة هي هاجس الروح في بحثها عن اللحن وربما الناي اقدم من القيثارة السومرية ، بسبب أن الأنسان البسيط في قرى الأهوار لم تتوفر له الخيوط والخشب والمعدن لصناعة الة يناجي فيها روحه ، فكان اكتشاف الناي هو اكتشاف للموجود الذي يكثر في المحيط الذي يعيش فيه ، وأعتقد أن تأريخ اكتشاف الحاجة الى موسيقى القصبة انه في الليل كان ينصت الى صوت الريح وهو يمر قرب رؤوس القصب النايت وسط الماء فيتحول الصوت الى نغمة جميلة حالما يدخل في جوف القصبة.
وحدها قريتنا لم يبرع فيها الرجال للعزف ، النساء هن بارعات في العزف ، ومنهن ( إنجيمهْ ) التي كانت حين تقرب الناي الى فمها تصمت كل البيوت وتغط في حنين خفي في ليالي الصيف ، وحين يهدأ كل شيء تأخذ ( إنجيمهْ ) ركنها المنعزل على ضفاف الاهوار وهناك ترسل لنا صوت احلام براءتها وكأنها تناجي خواطر أنثى قديمة ربما من ذات سلالتها الروحية والبيئية والعرقية تدعى شبعاد ، وسوية يمازجان لحن الناي والقيثارة فيشدنا حنين غريب يأخذنا فيه الصوت الى التعلق بأذيال أثواب النجوم في محاولة منا للسفر الى المدن البعيدة وتحقيق امنياتنا ، واخيرا انتهى الأمر بصاحبة الناي ( إنجيمهْ ) ان يسكن عزفها قلب واحد من المعلمين ليهيم بها ويخطبها من اهلها ويتزوجها ، ومن يومها لم نعد نسمع عزفها المتفرد ، وساد ليلنا بعض من الفتور ، حتى أن احدهم قال :بدون عزفها الليل يصير باهتاً .
فجأة اتت الي فكرة لأعوض عن تلك اللحظات المدهشة التي تدخلنا إنجيمهْ في لجتها عندما اتيت بشريط كاسيت لأغاني فيروز ، واجمل ما عوض فينا الحنين لناي العازفة المعدية هو الصدى الساحر لأغنية فيروز :
( أعطني الناي وغنْ ...فالغنا سر الخلود
وأنين الني يبقى بعد أن يفنى الوجود )........!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمريكا ومنطق تغيير الهوية
- غاستون باشلار ونافذة الصريفة
- الجغرافيا والفيلم الهندي
- غداء العباس وفكتور جارا
- مايا بليسيتسكايا وذيل السمكة
- تمرين في الكتابة الروحية
- مُسعدْ يرسم ملاكاً
- شيء عن هويتنا الثقافية
- سكان قفص الكناري
- جاموسة الموسيقار المصري
- السيخ لا يأتون من المريخ
- محظيات شمشون الجبار
- الأهوار وناجي العلي
- البكاء الشيوعي .....!
- مكاتيب ياس خضر
- دشاديش توم وجيري
- قريتنا وعطر الهاواي
- أساطير البالطو
- حوار راكيل وعزرائيل
- من سماء بعاذرا الى مياه الأهوار


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - إنجيمهْ (الناي والقصبة )