أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - هل الحكومة التونسية قادرة على الردّ الحضاري؟














المزيد.....

هل الحكومة التونسية قادرة على الردّ الحضاري؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4714 - 2015 / 2 / 8 - 16:10
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


حضاريا، ليست أمورنا على أفضل ما يرام. حين يكون الإسلام كنزنا الذي لا ينضب ويكون في الآن ذاته مقدّما على أنه هو داعش، هو الذبح، هو قطع الأوصال، هو الحرق، هو الإرهاب فالمطلوب كشف النقاب عن الآلية العجيبة اللي اخترعت هذا التناقض ووظفته كأبشع ما يكون التوظيف.

وفي الوقت الذي تشتغل فيه الماكينة العالمية على تحريف رسالة الإسلام التي جاء بها إلى الإنسانية و على تشويه صورته وصورة المنتمين إليه وإلى ثقافته، قادة الرأي عندنا ماذا عساهم فاعلون من أجل تصحيح هذا المسار الأعرج والخطير؟! ألم يخطر ببالهم أنّ غياب الرد الثقافي و الفكري والسياسي المضاد هو السبب الأصلي والخفيّ الذي جعل من الحكومة المصادق عليها في يوم 5 من شهر فيفري لا شيئ سوى هيكلا بلا روح؟! بل هل بقيت للعرب و المسلمين روح؟!

لم تبق للعرب والمسلمين روح، ولا لمجتمعاتهم روح، ولا لدولتهم روح طالما أنّ الحياة الروحية صارت هي بدورها (فضلا عن المؤسسات)خاضعة لمعايير العولمة التجارية والمادية والحسية: مضخم الصوت في المسجد صار أقوى من صوت الحق الذي ينادي به الدين الحنيف. شعر الذقن بات أكثر كثافة من إنجازات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الخمار أضحى يحجب عن المسلمات (والمسلمين) رؤية المناهج العلمية والعقلانية التي جاء الإسلام ليحثّ على كشف النقاب عنها.

وكانت نتيجةُ هذا التشييئ للمعنى وللروح أن تحوّل الإسلام إلى "اصطلاحٍ " تصاغ بواسطته خطابات إنشائية لا تغني من جوع (وهي مسألة لم تغب عن تفكير كبار العلماء على غرار يورغن هابرماس) . بل إنّ خلوّ الخطاب - الثقافي العام والسياسي- من كل مضمونٍ "إنجازي" (بمفهوم علم انثروبولوجيا اللغة) ينصُب المكائد ويحيك المؤامرات للمجتمع. هاو الصهيوني ماك كاين في زيارة "عمل" لتونس في اليوم الذي ستتسلّم فيه أول حكومة للجمهورية الثانية مقاليد الحكم (6-2-2015) والذي يصادف الذكرى الثالثة لاغتيال شهيد الشعب المناضل شكري بلعيد. "تصوروا ما معنى أن يقابل ماك كاين رئيس الحكومة الجديد قبل أن يدخل هذا الأخير مكتبه"، تقول الإعلامية فاطمة بن عبد الله كراي (في برنامج حواري بثته قناة "نسمة" الخاصة في ليلة 6-2-2015). وتستطرد السيدة فاطمة متسائلة: "ما معنى أن يفتكّ ماك كاين منّا أيقونتنا -شكري بلعيد- ويعِد بأن يحارب الإرهاب معنا؟!" (المصدر نفسه)

كما أنّ الإسلام أصبح موظّفا في عالم السياسة وكأنه علامة مسجلة أو ورقة بإمكانها أن تجلب الكسب لبعضهم والخسارة للبعض الآخر. وإلا ما معنى أن يحرص رئيس الحكومة على إقحام أعضاء من الحزب الإسلامي في تشكيلته؟ إنّ تونس ليست بحاجة إلى من يحمل لائحة الإسلام ضمن التشكيل الحكومي ولا لفكر سياسي إسلامي منفصل عن الفكر السياسي العام وعن السياسات العامة. نحن نحتاج إلى أن تكون الروح والقيم الإسلامية حاضرة في السلوك الفردي والجماعي لعموم السياسيين ولكافة الأحزاب المشاركة في تسيير الحياة بما فيها الحكومة. لكننا نحتاج أيضا إلى أن تكون هذه الروح متقاطعة مع ما يتضمنه -بالضرورة- النسيج السياسي من تنوّع عقدي و ثقافي ومتفاعلة معه لأنّ الميز بين إسلامي وغير إسلامي لا يكرّس إلا التعصب و رفض الاختلاف وبالتالي يولّد الإرهاب. نحن نتشوّق إلى حكومة تتحلى بقيم نبيلة مثل الاستقامة والعدل والمساواة بصفتها مخرجات التلاقح بين مختلف الأطياف والعقائد.

بالكاد، لم تعد إشكالية التقدم متوقفة فقط على حكومة جديدة ومصادقٍ عليها من طرف برلمان منتخَب بحرية ونزاهة وشفافية. لم تعد أيضا رهنا بتجديد الخطاب الديني إذا ما حدث ذلك بمنآى عن الإنعاش الروحي. بل إنّها رهنٌ بمراجعة العلاقة بين ما هو مادي/حسي وبين ماهو معنوي/روحي. وهذا الرهان ليس سياسيا بقدر ما هو فكري و فلسفيّ. لكن هل سنربح الرهان الأصلي في بلد لا يرى إلا بعيون المتراهن السياسي؟



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: إصلاح الغصن أم الشجرة؟
- تونس: نصيب الجمعيات من حصة تخريب البلاد
- تونس: شهادة حول الخميس الأسود من سنة 1978
- تونس: ما معنى أن يشنّ أساتذة الثانوي إضرابهم لآن؟
- أية مقاربة لاقتصادٍ تونسي ديمقراطي؟
- متى يعيد التونسيون قراءة التاريخ؟
- السِّبْسُوقِيّة التونسية أم الطريق إلى الميتا- ديمقراطية؟
- الشباب التونسي والسبسية/المرزوقية والطريق الثالث
- تونس تستعيد مكانتها بين الكبار
- الشباب التونسي لم يقم بثورة، فما العمل؟
- تونس: الناخبون بين تقدمية القرآن ورجعية السياسة
- تونس الانتخابات، إما الكفاءات وإما الفضلات
- تونس: البُعد المفقود في انتخابات 26 أكتوبر
- أليس النموذج التونسي بحاجة إلى نموذج آخر؟
- تونس: هل ينفع تعلم اللغات الأجنبية في سن مبكرة؟
- هل ستكون انتخابات تونس حقا انتخابات؟
- هل تصبح تونس وليبيا بلدا واحدا؟
- حين تكون اللغة أفضل من الناطقين بها
- في الاختلاف الإسلامي المسيحي ومستقبل العالم
- في الرد على طرح سامي ذويب: حتى نتطور مع إتباع ملتنا


المزيد.....




- إصلاحُ الوزير ميراوي البيداغوجيّ تعميقٌ لأزمة الجامعة المغرب ...
- الإصلاح البيداغوجي الجامعي: نظرة تعريفية وتشخيصية للهندسة ال ...
- موسكو تطالب برلين بالاعتراف رسميا بحصار لينينغراد باعتباره ف ...
- تكية -خاصكي سلطان-.. ملاذ الفقراء والوافدين للاقصى منذ قرون ...
- المشهد الثقافي الفلسطيني في أراضي الـ 48.. (1948ـــ 1966)
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- ناليدي باندور.. وريثة مانديلا وذراعه لرفع الظلم عن غزة
- الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عملية بمجمع الشفاء الطبي في غزة ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو إلى تخليد ...
- النهج الديمقراطي العمالي بوجدة يعبر عن رفضه المطلق للأحكام ا ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - هل الحكومة التونسية قادرة على الردّ الحضاري؟