أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد تركي - الفرحُ ليس مهنتنا!!














المزيد.....

الفرحُ ليس مهنتنا!!


سعد تركي

الحوار المتمدن-العدد: 4703 - 2015 / 1 / 28 - 16:13
المحور: المجتمع المدني
    



من بين المناسبات الاجتماعية العديدة التي نُدعى لها أو تدعونا هي إليها، لا نشعرُ بهمّةٍ ونشاطٍ ومشاركةٍ فاعلةٍ إلاّ حين يكون الأمر متعلقاً بمأتم. نضيقُ دوماً بمناسبات الزواج وأعياد الميلاد وغيرها من دعوات الفرح والبهجة، في حين يغمرنا سرور خفيّ لحظة اقترابنا من سرادقات المآتم. نلتمس أيّ عذر بإمكانه أن يعفينا من الذهاب إلى أمكنة البهجة، فـ(الفرح ليس مهنتي) كما قال الشاعر السوري محمد الماغوط، لكننا نؤجل كلّ مشاغلنا ونسرع خفافاً للمشي خلف جنازة!!
لدينا ميل أضحى متأصلاً فينا، لأسباب عديدة، إلى اعتبار كلّ ما يمتُّ بصلةٍ إلى الماضي مقدساً ومبهجاً وجميلاً. ما نعيشه اليوم تعيسٌ ومؤلمٌ ومحزنٌ دوماً، والغد ملغومٌ بالمخاطر والمآسي والمفاجآت غير السارة، فالماضي قد اكتشفناه و(سلبنا) من سنواته القاتمة بضعة لحظات ربما ضحكنا وابتسمنا فيها.
وحده الماضي يستحوذ على اهتمامنا ونشاطنا.. في الملكية كان الحنين جارفاً لأيام (العصملي).. في الجمهورية بكينا على أعوام يشبه بعضها بعضاً.. في انقلاب 8 شباط رأينا وجه (الزعيم) مرسوماً على صفحة القمر.. وفي أعوام (القائد الضرورة) رثينا لـ(طيبة) البكر.. وبعد 2003 صرنا نبحث عن أمن لم ينعم به سوى الدكتاتور ورجالاته.. نستقبل الأعياد في المقابر، ونعيش الحاضر أمواتاً في ماضٍ تولى. وفي حين نعجز عن صنع أو رسم مستقبل بهيّ يليق بنا وبأطفالنا، نحاول جاهدين استعادة عصور لم تكن ذهبية إلا لرجال السلطة.
بأغلبنا حاجة إلى تطمين رغبة العيش في الماضي لا توفرها مطلقاً مناسبات الأفراح كما نجدها في سرادقات المآتم.. السرادق تعطينا جواً للتنفيس عن أحزاننا، فضلاً عن ـ وهو الأهم ـ أنّها تتمحور حول (مرحوم) أضحى شيئاً من تاريخٍ وماضٍ نعشقُ اجتراره بعد أن نستبعدَ منه ما نظنّه غير لائق بقداسة الموت والموتى. أليس لافتاً للنظر أنّ أعداد المعزين تتضخم وتزداد ومساحة السرادق تتسع، بينما تكاد تخلو قاعات الأعراس إلا من بضعة مهنئين يظهرون فرحهم بخجلٍ شديدٍ؟!.
يقولُ عالمُ النفسِ كارل يونغ (إنَّ الفَرد الذي يتعرَّضُ لصدمةٍ قد يفقدُ توازُنَه لفترةٍ ما، ثمَّ قد يستجيبُ لها بنوعَين من الاستجابة: الأُولى النكوص إلى الماضي لاستعادته والتمسُّك به تعويضاً عن واقعه المُرّ، فيُصبح انطوائيّاً؛ والثانية، تقبُّل هذه الصدمة والاعتراف بها ثمَّ مُحاولة التغلُّب عليها، فيكون في هذه الحالة انبساطيّاً. فالحالة الأولى تُعدُ استجابةً سلبيَّة، والثانية إيجابيَّة). وما دمنا نجرّ الماضي ونحاول بكلّ قوانا لبس جلبابه الذي لا يلائم مقاساتنا، سنبقى عاجزين عن صناعة أفراحٍ للغدِ، ولن نستبشرَ بضحكةِ مولود، بل سنبحث عن خيمة عزاء نطلق العنان فيها لدموعنا حزناً على حاضر لا نحياه طازجاً أبداً وفَرَقاً وخشيةً من مستقبل مجهول.



#سعد_تركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كي لا نخسر أزل وأخواتها
- نادية كومانتشي وصناعةُ البطل
- المياه لا تعود إلى مجاريها!
- وصايا لسياسي مبتدئ!!
- طريق المنافي والمهاجر
- رمضانهم كريم!!
- صحف لقراءة الأبراج!!
- سلام القلوب
- أمنية ابتدائي!!
- محنة المشتكي
- ورق.. ورق
- عبقريّة معلمة!!
- أرائك الفاكهين!!
- وهمُ البطالة!!
- قرطاسية كلّ عام!
- بشائر النصر.. مقدمات الهزيمة!
- أحوال مدنية!!
- وصايا لتعيش!!
- نحيب الأرصفة
- للموت عشاقه ايضاً!!


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد تركي - الفرحُ ليس مهنتنا!!