أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن كريم عاتي - سارسم موتي على ثوبها















المزيد.....

سارسم موتي على ثوبها


حسن كريم عاتي
روائي

(Hasan Kareem Ati)


الحوار المتمدن-العدد: 4694 - 2015 / 1 / 17 - 22:37
المحور: الادب والفن
    


  قصة قصيرة سأرسم موتي على ثوبها حسن كريم عاتي   بتأن،أنسج صورتها غرزة غرزة، خشية من ان تفوتني غرزة ليست من صنع يدي. ﻻ-;- اخجل من ان ابوح: بفرح بكيت لما رسمته اليوم ، وسعيد بما احققه من نجاح بعواطفي. إنها تمنحني إرتواء" هائلا"، وامانا" كبيرا"، واثق بها حد منحها شرايين الفؤاد. واغطيها بشعرها الطويل الناعم.أوقضها بقبلة واهمس لها: صباحك أنا.صباحك أنوار وسرور يا زهرة أرسمها بالوان البهجة . خيزران طولها.ناعمة القد كزغب عصفور.بسعة الخاتم خصرها.تحلق بخفة وهدوء مع مناداتي لها: صباحك أنا... ناعسة الطرف كجفن عليل،وتنام بعمق كطفل بين دفاتري . تتوسد الوان قوس قزح وتستمطره ألوانا" إن شأت، وان شأت سحبته من السماء ودسته في حقيبتها شريطا طويﻻ-;-" من الوان تزحف على الارصفة والبيوت كزجاج ملون.. وبهدوء يفور ويفيض من الحقيبة ، يتدلى أشرطة ناعمة عريضة من الوان تخط على قدميها. وتقبلهما كلما تقدم ساق منها او تأخر. تفتح ذراعيها للريح، يعانقها ويتخلل جسدها مشبعا" رغبته من عبقها... يتباطئ حتى يسكن ويعلن إنه إستبدل تسميته بفرح الى نسيم.تمسكه بلطف وتحشره في جيبها عند الصدر كأرنب وديع يطل برأسه بين حين وآخر.يلتفت يمنة ويسرا، ينظر اليهابطرف ناعس مبتهجا" بنظرتها له،وهي تمسح على رأسه، ليعاود الاختباء في جيبها ويقول: صباح الخير.   أحبك من دون ان أفضح سري... فما الحب اﻻ-;-فضيحة المعنى في واحة الكتمان، وابقى محتار الفكر بين الرهان على اﻻ-;-يام او على شحوبي او تغير ملامحي لتدلك على حبي. وبين ان تسمعين نداء الروح يهتف بداخلك. عندها سأفجر مكامن الروح براكين وعواصف، وبين الانتظار ان تجودين (يابنت الاجواد)  بحب قد تخبئينه مثلي تحت رماد القسوة المصطنعة.   تستنزف الآهات ايام عمري وانا بأنتظار ربيع يوقف عطشها برواء يفيض بها رقصا"كسنابل صفر تشتهي القطاف في زمن الظنك.أخاصمها واصالحها وهي ﻻ-;-تدري  بسخطي او رضاي.حين ارى ابتسامة منها لغيري دون قصد، تكون البيوت قد انقلبت بوجهها على الازقة ،وتطير محلات المدينة مبعثرة ما تحتويه على رؤوس المارة ، اصبح كمن يسير على يديه معلقا" بسقف السماء ،فمي معدة تتقيء ما تحتويه، واحتار بيدي الزائدتين أين اضعهما، فتزداد حركاتي التي تفضح ارتباكهما، تسقط كتبي، اركلها او ادوس عليها دون دراية. تصرعني وﻻ-;-استسلم، تصرعني وأقاوم بعيون جاحظة يتطاير منها الشرر، واتوسل الرب الذي ظن بالصبر علي، فلم يبق طير يحلق او عصفور  الا ومددت يدي لاقتناصه من كبد السماء  و(الطخه)  بضجة مدوية على جدار المدرسة. فترسم الطيور موتها بالوان ريشها على الجدار الابيض الذي يفضح  مجزرة  مشاعري  المضطربة.. وتنتقل رسوم العصافير المقتولة لترسم نفسها على قميصها الابيض. حين تبتسم او اظن ذلك ، او تلتفت نحوي بقصد او من دونه، تكون فيروز ، التي تطل من مذياع المحل الذي اقف عنده مقابل  بوابة مدرستها، تتراقص امامي بكلماتها:((سمرا يم عيون وساع والتنوره النيليه/ المطرح ضيق مبيساع رحب فيك بعينيه)).. تتفتح الدنيا مزارع وزهور، وكأن نبية العاشقين (فيروز) تمسح رأسها وتعمدها لعشق عاصف قادم. واعجب كيف تسعها (عينيها) .   تحيا الطيور المقتولة على جدار المدرسة ، وتحلق فوق الرؤوس اسرابا" ووحدانا،تحييها البيوت والناس بابتسامة مبهجة ، وتحيا العصافير المرسومة على قميصها الابيض لتدب ماشية الى كتفها .تجتمع بزقزقة أقرب الى الهمس ، تمد مناقيرها الى اذنها ،تمد يدها، فتتزاحم على ساعدها وكفها،تنحني، تهمس لهن،وترفع كفها لتطير في سماء تتلون  بالاخضر والاحمر والازرق والاصفر. سماء تهبط ألمس الوانها اصباغ تلون يدي. تمخرها العصافير المهاجرة الى مواطن بعيدة. فأقول في سري للمذياع: شكرا"فيروز فإن صلاتك يسمعها الرب ويمنحها بركاته. واعذريني فإنا حين نتحدث عن الحب نكون كمن قبض عليه متلبسا" بالتبول على نفسه. أغمض عيني وارسم شريطها الاحمر الملتف حول ياقة قميصها الابيض واصبغه بلون دمي، واشترط  على القلب ان  يكون الدم نقيا" لم يلامس وريدا" ولا شريانا". وامخر في عباب عينيها الى ميناء مجهول ومهجور. وأمن برب ابيها الذي يقال عنه انه لا يؤمن برب الناس واجعله ربانا" لسفينتي . ارسم محل عصافير قميصها موتي على ثوبها. واعجب:((المطرح ضيق لا يسعها)) وعينيها تسع الدنيا.   لوقع قدميها على اسفلت الطريق صوت سنابك خيل لجيش عاد توا"  من انتصار في حرب طويلة، كانت الامهات والحبيبات يملئن ايامها دموعا"  ونواحا"ولوعة بهاجس الخوف من الفراق العظيم . كأنها جنرال يستعرض جنوده العائدين بنشوة نصر مبين في حرب سهلة، تقود جحافل جيوشها لتقتحم فؤادي دون خوف او وجل . تتحول حصاة الطريق وحجارته ياقوت وزمرد وعقيق ينثرها المستقبلون المنتشون بالنصر المؤزر  لتصطدم بصدرها المطرز بالنياشين والاوسمة ، والتي تحسب انتصاراتها اليومية على فؤادي المنهزم دوما"، لكن العنيد ايضا" بالعودة لتكرار الهزيمة ، على أمل تحقيق فوز ولو صغير بالالتفات  الي، او بانتصار مبجل بابتسامة تمحو عار جميع هزائمي اللذيذة.   احاول الهرب من اعلان الهزيمة في الحرب السرية التي نخوضها ضد بعضنا، وقد لا تكون تدري  بتلك الحرب  او لا تعرف بحجم الانتصارات  التي تتحقق لها من دون حساب. ارسم على وجهي ملامح فرح او اصطنع ابتساهة عريضة بلهاء كمنغولي يقدم على احراق جسده المبلل بالبنزين ، دون ان يدرك خطورة النار التي تعبث بها اصابعه، فأشعر بوجهي علبة معدنية تخلخل فيها الضغط  وتغلب الخارجي على ما بداخلها .. فتندفع  جدرانها بعنف لداخلها. اتغلب على تضلع وجهي بالابتسامة البلهاء التي يدرك صحبي سخافة رسمها.   انها ليست حربا" ضد بعضنا. انها حربنا معا" ضد أخر، لا اعرفه انا ولا انت. هذا ما اردت ان اصرخ به في وجهها يوما"، حين كدت اصطدم بها في منحنى الطريق القريب من بيتها، حين انعطفت باتجاه مدرستها لوحدها، واخذ كل منا يزيد من الالتفات الى الاخر  بعد ان اجتزنا المنعطف، فأسرعت بهرولة لاختصر الطريق بالوصول قبالة مدرستها لأرتوي بإرتشاف رؤيتها تتقدم نحو الباب الرئيس. وهي تنظر الى مكاني الذي تسمرت به ، فتجرأت برفع يدي بما يشبه التحية لها وهي تلتفت حين اجتازت الباب بإبتسامة . اجتاحة غمامة بلون الزمرد عيوني وغشيتها، حتى غابت صورتها والمدرسة والمدينة والعالم ، ودخلت فيما يشبه الغيبوبة ، لم اذهب يومها الى مدرستي، بل عدت مسرعا" لاحتضن امي واقول لها" -كم أنت رائعة. ازاحت راسي من وجهها ووضعته فوق كتفها الايسر ولامس خدها خدي، وهي تمرر اناملها بين خصلات شعري،حتى لاصق فمها اذني ،ودوى في رأسي همسها: -بني انها اول الاوجاع.



#حسن_كريم_عاتي (هاشتاغ)       Hasan_Kareem_Ati#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزاهة مؤسسة وقضية
- قصة قصيرة/ (م...)
- وثيقة مشروع شرف دفاعية عن حق المثقف العراقي
- حماية حق المؤلف في القانون العراقي...الجزء الاول
- قانون حماية حق المؤلف العراقي...الجزء الثاني
- حماية حق المؤلف العراقي ....الجزء الثالث
- الموروث المعماري العراقي في خطر
- المواطنة بين الدولة والحكومة
- هناك من يستذكر للملك
- أثر مناهج التعليم في المدارس العراقية على ثقافة المتعلم
- كرة صوف في خوذة
- اثر الزمن في خلق البنية الدلالية في رواية سابع ايام الخلق
- وجوه حجر النرد
- الملكية الخاصة في الدساتير العراقية
- ميليشيات متعددة الجنسيات
- المحتل في عون المستبد
- اثر القص
- سلاماً… افتتاح القتل طبعاً
- دائرة الرمل
- التنافذ


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن كريم عاتي - سارسم موتي على ثوبها