أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن كريم عاتي - سلاماً… افتتاح القتل طبعاً















المزيد.....

سلاماً… افتتاح القتل طبعاً


حسن كريم عاتي
روائي

(Hasan Kareem Ati)


الحوار المتمدن-العدد: 2105 - 2007 / 11 / 20 - 08:35
المحور: الادب والفن
    


بدأ اللهو يشكل قصيدة افتتاح القتل وانتهى الجد بقتل احدنا. هو أو أنا.اينا المقتول؟اينا القاتل؟ لم يثر السؤال فينا اهتماماً يتناسب وطبيعة الفعل الحرج الذي قادتنا القصيدة إليه،وان كان بتصميم مسبق وبترصد دائم.كنا نستخدم لازمة (سلاماً) فتنثال كلمات ترتبط بها وان كانت تقود الى نقيضها.فترتفع حمى التواصل مع وقع الخطى التي تقودنا الى ذرع المدينة شرقاً وغرباً مبعثرة ذخيرة القلب مشاجب عواطف تنهمر في مواسم غير مؤاتية ، فترش وجوهنا برذاذها وتتركنا فاغري الأفواه أمام احتمال مبعداً أصلا، ان لم يكن مستحيل الوقوع أمام جفاف الشرايين التي نزفت دمها وتيبست شوقاً الى ذلك الغيث.غير إن ذلك لاينعشنا أبدا.

وان كان التوق الى ترطيب ذلك الجفاف،هو ما حدا بنا الى اللهو بكلمات تشكلت بتناوب الترنيمة على ذات الإيقاع الذي شكل القصيدة.
قلت / قال : سلاماً.
قال/ قلت : ربى القوافي.
قلت/ قال : سلاماً.
قال/قلت : خيوط الضوء في غمض العيون.

نعرف :
إن أشرقت الشمس نكون قد بدأنا مشوار يقظتنا متلازمين طيلة ساعات اليقظة التي تقودنا الى إرهاق واستفزاز متبادل،كتبادل الجسد وصورته في المرآة،يراقب صورته فيها.يقدر أهمية ما أقوم به لنفسي،وأدرك مقدار ما يعانيه بسبب ملازمتي القسرية/ الطوعية له.حين نلتصق بالليل يأخذ كل منا عهداً من الآخر،أن لا يفعل ما يستوجب التوبيخ.

كل منـا ينتظر القرار النقيض لقراره،ليسعف نفسه بسبب عجزه عــن اتخاذ قرار لا يعفي نفسه من حجم الخطأ فيه.كنت أراقبه طيلة أيام مضت كادت تكمل شهـراً.. عند يقظته ولحيـن منامه.
غير إني لا أذيع سراً حين أعلن استحالت انتقالي إليه في نومه، يبقى في حصن الأحلام العصية على الاقتحام متفرداً فيه.يجول في ساحاتها كما يبدو لي على مداه فاقداً بذلك حذره الذي يعتقله طيلة مصاحبتي له.بينما يعتقلني الإرهاق من أول ملامسة جسدي للفراش.فاهبط بثقل جسدي على الأجفان لأغلقهما على نوم أعمق من الهوة التي تقودني إليها مراقبته.

قلت/ قال : سلاماً.
قال/ قلت : لغو الكلام فوق السلام.
قلت/قال : سلاماً.
قال/ قلت : على جسد قتله الكلام.

اعرف :
حين قررت آن اتخذه الهدف/الحيوي الواجب تصفيته فـي اقرب فرصة وانسبها،على أن تكون تلك التصفية لا تثير أي لبس أو شك في احتمال مواجهة اتهام من أي نوع،وأولها أن لا يكون هناك ما يستوجب التعاطف مع الضحية / الهدف،فافقد بذلك أول مبرر،بل وأقواها معاً في تصفيته …
بدأت مراقبته أولا، لم يكن ذلك سراً اخفيته عنه.فقد رافقني منذ بدء التفكير والتخطيط لقتله، وتواصل معي فيه.لا أنكر انه أعانني كثيراً في توضيح الملابسات التي أراها تثير التناقض، سواء أكان ذلك في سلوكه العام أم في نوازعه الشخصية التي يصعب الوصول الى معرفتها من خلال السلوك اليومي لاختبائها في طيات الذهن.

لقد كان قرار التصفية يبدو لي أمر مفروغ منه لكنه مؤجل.بينما كان هو يراه أمرا مؤجلاً لكنه مؤكد الوقوع . غير إن التبادل بين صفتي الحادثة المرغوب وقوعها، لم يساعد الاحتمال النقيض على البروز ولم يضعف تواصلها بل إن ما يجعلها تتواصل الرغبة في وقوعها وما يؤجلها اختياري التوقيت المناسب،والذي توفره الدراسة المتأنية لطبيعة الشخصية وتصرفاتها واختيار انسب الأوقات والوسيلة التي تبعد الشك في مواجهة أي اتهام،خصوصاً الاتهام بارتكاب جناية.غير انه على الرغم عن عدم إعلانه ذلك كان يرغب في وقوع الحادثة،ترافقه رغبة مضادة في تأجيلها.ففي حين أعانني كثيراً في تفسير بعض التناقضات في السلوك يحدوه الأمل في الوصـول الى توفـير القنـاعة الكافـية لاتخذ قراري بالتصفية.غير انه حين يعتقد إن قناعتي تعززت، ينظر بعين منكسرة كأنه يطلب التأجيل،كنت حين أدرك مقدار معرفتي المتزايدة نتيجة ملازمتي له،وإنها كافية لتحليل شخصية/الهدف.أقرر التأجيل لسببين الأول: قد يكون هناك ما يستوجب التأني لمعرفة أسرار أخرى لم تحن الفرصة بعد لاستكشافها،وان التصفية تكون قاطعة لما يمكن التوصل إليه . والثاني: التوقيت،فكلما سنحت فرصة مناسبة أقرر التأجيل على أمل الحصول على فرصة أفضل منها تجعل من عملي له صفة الاحتراف برغم يقيني إن الفرصة حين تفلت لن تتكرر بذات الظروف التي أوجدتها غير إن ذلك لا يبدل من الأمر الكثير.ليقيني إن خيوط اللعبة باجمعها في يدي،وان التنفيذ لا يفلت مني،وانه قابل للتحقيق حين أقرر ذلك.

قلت/ قال : سلاماً.
قال / قلت : على الدروب الحانيات.


يعرف :
أتتبعه حين يقظته ولا اتركه إلا وقد أودعته الى نوم وان نسيت أو اخذ الإرهاق مني جسدي في إغفائه يوقظني ويقول ( ها… ) فافرك عيني لا تعرفه،وأجرجر جسدي لأخرجه من شرنقة الإرهاق وأودعه قسراً في زحمة التفاعل المطلوب مع الهدف المبتغى من المراقبة.

نبدأ عند الغبش،وان كان ذلك حدث في الأيام الأخيرة فقط،حين اخذ العمل يأخذ مأخذ الجد.في حين كنا فيما مضى نبدأ بوقت غير معلوم قد يكون عند الضحى،أو في وقت الزوال..غير إن الوقت الذي يسبقه لا يعني إغفال المراقبة،قدر ما يكون سكونها.نخرج من باب واحد، ونأخذ اتجاهاً واحداً في سيرنا.نمر بالطرقات ذاتها التي مررنا بها في الأمس أو قبله،ونلقي التحية على الأشخاص أنفسهم، وقد نشتري علبة تبغ من بائع واحد ومن نوع واحد.لكن تكفينا علبة كبريت واحدة، قد نبدأ حوارنا فيكون هو المتكلم وأنا الصدى أو بالعكس..قد يقول احدنا..فيجيبه الآخر حتى إنا لا نكاد نفقه شيئاً حتى يودعنا الى إبهام جديد متصل بما سبقه من حالات مماثلة.فما إن نشـق الشـارع المؤدي إلى الحـي القـديـم حتى نتشمـم
روائح المؤامرات السرية والاغتيالات تحت ذرائع مخادعة،كان ضحيتها طوابير من أناس لا اقل من أن يقال عنهم لا تحل دماءهم، فأدخلتها الرغبة في الإبقاء على ما لم يكن بالمستطاع البقاء عليه في دائرة الحلال،دون حرمة لتاريخ أو صلة رحم..فلا يحل في موضع كهذا وضع الأصابع على الأنوف اتقاء تلك الروائح التي لا تودعك الى دعة أو فرح.فلا يكفي رؤية أرجاء الحي تترامى على امتداد رقعة جغرافية واسعة من المدينة،وامتازت بكثرة طرقها وتشعبها.غير إن الدخول فيها يقودك دوماً الى أزقة ضيقة كضيق صدر موبوء في أجواء مغبرة.ومما يؤكد انتماء هذا الحي للفترة التي بني فيها أسماء شوارعه..غير انك تراها تعني غير ما تصرح به.

انظر إليه فيغمزني بعينه إشارة منه الى انه أدرك ما أدركته، فيصبح الحديث بعد تلك الإشارة محاولة لتاكيد ما توصلنا إليه معاً، فتنتفي الحاجة إليه،ونستمر بصمتنا الذي لفنا طيلة زمن مصاحبته هذا اليوم.كنت في طريقي لإتمام دراسة الهدف،الضحية،مما يضطرني ذلك الى ذرع أحياء المدينة من طرفها مروراً بالحي القديم الذي يقودني بالضرورة الى الحي العتيق المتاخم له..

فلا يبدو بين الحيين أي عداء ظاهر رغم استبطانه،فرغم أن الثاني بني قبل زمن بناء الأول،غير انه بقي يحتفظ بعدد من ساكنيه القدامى،برغم هجرة كثير منهم وهربهم منه عن قناعة أو لظروف أخرى بحجة عدم ملائمة تخطيطه مع طبيعة التطور السكاني والعمراني الذي طرأ على بنية المدينة.

نعرف:
لا تكاد الطرق تلتوي وتنتهي السبل التي تقودك دون دراية،حتى ترى نفسك تقع عند الطرف الذي تواجه فيه صحراء مترامية الأطراف،ويضطرك رملها الى تضييق فتحة عينيك وأنت تضع الشمس فوق حاجبك الأيمن وتنظر باتجاه بيت الله..فيضع يده هو كذلك فوق جبينه يتقي بها ضوء الشمس،ولا نحتاج الى النظر الى بعضنا،فكل منا يدرك ما يجب أن يفعله صاحبه.نتيمم بالرمل الساخن وننتظر زوال الشمس عن سمت السماء،ونفرغ جيوبنا من الأوراق الثبوتية وننثرها على الرمل.كان هو الصورة وأنا الجسد أو العكس..أو احدنا الصوت والآخر الصدى..نتركها تتطاير مع حركة الريح فتنغرز حافة إحداها في كومة رمل..لاتلبث أن تكون منطقة تراكم لدقائق الرمل التي تخفيها تدريجيا، وكأنها تغرق فـي لجة الرمل الجاف.تختفي غيرها حين نحول النظر الى أوراق أخرى..فتشكل كتل الرمل التي بنيت عليها ما يشبه نبات الفطر حين شقه الارض.
حين تأكدنا من اختباء أوراقنا في الرمل:
قلت/ قال: سلاما.
قال/ قلت: على صوت ينادي…..
التفت إلي وصمت،قلت (اقتلوني) فلم يبد على وجهه الامتعاض. كاد يبتسم،أو انه ابتسم فعلا.غير إن كلماته كنت قد أعدتها بالطريقة ذاتها التي ألقاها،فاكتملت الجملة الأخيرة من دون توقف أو قطع.فكان قرار تصفيته قد تم باتفاقنا عليه حين نطقتها ولم يعترض عليها.

لانعرف:
إن الكلمات ذاتها وجدت مدونة في ورقة مؤطرة بالدم..من دون أن تكون معها أي من الأوراق الثبوتية التي تشير الى هوية أي منا،حين وجدت جثة ممزقة الرقبة معلقة تحت المروحة السقـفية
التي توقفت عن الدوران.



#حسن_كريم_عاتي (هاشتاغ)       Hasan_Kareem_Ati#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دائرة الرمل
- التنافذ
- التنقيب في غرفة
- بكتريا المتاحف
- عزف منفرد
- مناهل الظمأ
- تخوم الماء
- الرتيمة *
- ليل الذئاب
- تبادل الأشلاء


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن كريم عاتي - سلاماً… افتتاح القتل طبعاً