أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - الكلمة الافتتاحية لملتقى الملحدين العرب














المزيد.....

الكلمة الافتتاحية لملتقى الملحدين العرب


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 4677 - 2014 / 12 / 30 - 01:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مساء الخير على جميع المجتمعين وشكراً لدعوتي لإلقاء كلمة من خلال وسيلة أخترعها العلم الذي تحتقرهُ الأديان جميعاً حتى يومنا هذا.

لقائنا اليوم في مكة، هذا المكان بالذات بكل ما يحملهُ من خلفية تاريخية، ليس تحدي كما يحب أن يعتقد البعض، بل هو اختيار دقيق يحمل رسالة واضحة لمن يفهمها. هذه الرسالة باختصار هي أن الناس في كل العالم لهم الحق في اختيار معتقداتهم حتى في مدينة دينية مثل مكة أو القدس أو الفاتيكان. لكن شأنا أم أبينا سيكون هناك سوء فهم مقصود بأن كل ما يقوله أو يفعلهُ المُلحد الهدف منه استفزاز المؤمنين لهذا الدين أو ذاك، وهذا وهم يستمتع بهِ المؤمن ليصدق بهِ نفسهُ فقط. المؤمن في أمريكا يتهم الملحدين الأمريكيين باستفزاز المسيحين مهما كان الطرح الذي يطرحوه والمؤمن في الشرق الأوسط يتم الملحدين في الشرق الأوسط باستفزاز المسلمين مهما كان الشيء الذي يفعلوه. هذا يؤكد لنا جميعاً ما كنا نتوقعهُ مسبقاً وهو أن المؤمن شخصية مُستنفرة دائماً ضد أي مختلف عنه بأي شكل من الاشكال، والمذابح المذهبية اليوم في الشرق الأوسط خير مثال.

في الحقيقة، فأن الفرق بين المؤمن والملحد هو أن الإيمان كان ولازال صدفة جغرافية أما الإلحاد فهو اختيار عقلاني بحت. من يولد في السعودية هذه الأيام فهو على الغالب مسلماً، ومن يولد في المكسيك أو البرازيل فهو على الغالب مسيحياً. كل مؤمن هو مؤمن لأنه ولد في عائلة مؤمنة ويؤمن بالذات بنفس الأشياء التي يؤمن بها أبويه، نفس الطقوس ونفس العبادات ويؤمن بقدسية الأشياء التي أخبروه أنها مقدسة ويحتقر الأشياء التي أخبروه أنها محرمة. أما الملحد فهو كائن فريد من نوعه، هو ذلك الإنسان الذي رفض هذه الصدفة الجغرافية وقرر أن يستخدم حقهُ في الاختيار رغم كل ما يترتب على ذلك من مخاطر وصعوبات اجتماعية. فكما نختار ملابسنا وطعامنا وشرابنا، فمن حقنا أن نختار افكارنا وهذا ما يجب أن نفعلهُ دائماً. أن تختار أفكارك الدينية يُعتبر حتى اليوم جريمة كبرى في الأديان، ولهذا يتفق جميع المؤمنين بأن قطاع طرق وسفاح ومغتصب أطفال مؤمن بدين الأغلبية هو أفضل من مُلحد يعيش بسلام ولا يؤذي أحداً في المجتمع.

يجب أن نتذكر دائماً بأن الإنسان المسلم أو المسيحي أو اليهودي ليس عدواً لنا نحن العقلانيون، فهم ولدوا فوجدوا نفسهم ضحايا للأديان التي ولدوا فيها، لكنهم للأسف أتخذونا أعداء لهم. يجب أن نتذكر بأن جميعنا سواسية ضحايا لكارثة تاريخية حلت بالبشرية بظهور الأديان وانطفاء نور العقل، وهذه الكارثة لا زلنا ندفع ثمنها حتى اليوم مؤمنين ولادينيين. محاكم التفتيش في أوربا ربما انتهت منذ قرون كما يعتقد البعض، لكنها لازالت في عصرها الذهبي في الشرق الاوسط. الدين كان ولازال أسهل طريقة لتحويل البشر الاسوياء الى وحوش مفترسة مستعدة أن تمارس أبشع الجرائم وتبريرها في سبيل معتقداتها. القاعدة وداعش واليمين المسيحي واليهودي المتطرف كلها أمثلة بسيطة عن النتيجة الحتمية لتطبيق أي فكر ديني. فهل لازال البعض يعتقد بأن الخطأ في التطبيق؟ بالطبع لا... الفكرة التي فشل البشر بتطبيقها خلال آلاف السنين لن تصبح صحيحة فقط لأننا نعتقد ونتمنى أن تكون صحيحة. الفكرة الفاشلة ستبقى فاشلة حتى لو قلنا إن الخطأ في التطبيق كي نقنع أنفسنا بسلامة الفكرة.

هناك اليوم على الأقل ملحد واحد في كل بيت في الشرق الأوسط، لكننا مجبرون على التظاهر ومجبرون على لبس رداء الدين ومجبرون على ممارسة طقوس لا نؤمن بها كي نحافظ على حياتنا. مرة أخرى يثبت الدين حقيقة أن تكون مؤمناً منافقاً خيراً من أن تكون ملحداً صادقاً، وهذه هي المصيبة الكبرى. البعض يسأل لماذا سنعمل مع بعض؟ هل سنجعل الالحاد دين جديد ندعو لهُ ونبشر بهِ؟ كطبيعة الإنسان الحر فنحن جميعاً مستقلون بأفكارنا ليس فقط عن محيطنا، بل عن بعضنا البعض. الحقيقة هي أننا في عملنا مع بعض لا ندعو لشيء أكثر من العقلانية في الحياة وحق الناس في الاختيار. الملحد لا يدعو الى نحر المؤمنين أمام الكاميرات بدم بارد وهو يفتخر بقدرتهُ على إرهابهم. الملحد لا يدعو الى تفجير مدارس الاطفال ولا يلف نفسه بالمتفجرات ويدخل في سوق مكتظة بالفقراء المساكين، لكن هذا بالضبط ما يقوم بهِ المؤمنين اليوم ضد المختلفين عنهم. نحن العقلانيون نحتاج العمل مع بعض كي نضع حد لحمام الدم هذا والذي ولد في رحم النصوص الدينية ولازال يرضع من تاريخها. نحن لم ولن ندعو للعنف يوماً... بل ندعو للحوار بين البشر والسلام لجميعهم، ونؤكد على حق إنساني أصيل وهو أن من حق الجميع أن يفكر بحرية ويختار أفكاره بانسجام مع إنسانيته.

ختاماً، أشكر جميع القائمين على هذا الملتقى وأتمنى أن يكون الملتقى القادم في أجواء أقل عدائية من اليوم، ربما يومها يدرك المؤمن بأن من حقهُ أن يختار وبأن من يختار شيء مختلفاً عن اختياره ليس بالضرورة هو عدواً أو خائناً أو عميلاً، بل مجرد إنسان مثلك تماماً قرر أن يعيش حياته ويختار أفكاره بطريقة مختلفة عنك.
شكراً لكم وأتمنى لجميع المشتركين السلامة

بسام البغدادي



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا أشهر آنتوني فلو إسلامهُ
- ماذا لو أكتشفنا وجود الله بعد الموت؟
- ماهي المثلية الجنسية ولماذا نخاف منها؟
- خطر الإيمان بالسحر و الجن والله
- حول ندوة تهافت الفكر الالحادي
- ماهو مصدر الاخلاق؟
- كيف نعرف بأن الله غير موجود؟
- أعظم أسرار الدول العظمى وكيف تبنى هذه الدول
- ماهو سر أرتفاع نسبة الانتحار بين الملحدين؟
- جميعنا ملحدين... جميعنا مؤمنين
- ماهو الفرق بين الإخوان في مصر والقاعدة في العراق؟
- هل ترى عقلك أيها الملحد؟
- محاكمة الله بتهمة الاساءة للأديان
- هكذا مات الله
- الدليل ليس عداء للأديان بل أحتراماً للإنسان
- ليسقط الله و ليحيا الإنسان
- ماهي الغاية من وجود الله؟
- سقوط الدكتاتوريات وسطوع نجم الله
- الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد
- نهاية بشار الاسد وتحرير سوريا


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - الكلمة الافتتاحية لملتقى الملحدين العرب