أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعيد الكحل - الخطاب الديني ومناهضة كونية حقوق الإنسان .














المزيد.....

الخطاب الديني ومناهضة كونية حقوق الإنسان .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 02:36
المحور: حقوق الانسان
    


كلما حل موعد حقوقي أو انعقد مؤتمر دولي حول حقوق الإنسان إلا ووجد المسلمون أنفسهم ممزقين بين الخصوصية والكونية ، بين الخطاب الديني وبين المواثيق الدولية . وضعية شاذة تحرض جيوب المحافظين ودعاة الخصوصية على شحذ كل الذرائع والحيل لتأبيدها ولإخضاع الكوني للخصوصي ، بل وجعل الخصوصي هو الكوني والقاعدة التي تحكم التشريعات والمواثيق الدولية ، فيما الكوني يصير هو الاستثناء . سلوك تُزايد فيه الأنظمة السياسية على التيار الديني بمختلف أطيافه من خلال التنصيص دستوريا على سمو التشريعات الإسلامية على المواثيق الدولية . فالإسلام ليس هو التشريعات الإسلامية ، هو أوسع وأرحب ، لكن الفقهاء اجتهدوا خلاف ذلك . من هنا كان الإصرار عن سبق الترصد على مواصلة العمل بالتشريعات التي تخرق حقوق الإنسان ، بل ودسترة هذا الخرق . فلا حقوق إلا ما يتوافق مع التشريعات الإسلامية ، ولا تشريعات إسلامية إلا ما يتوافق مع الفقه الإسلامي . بهذا يصبح الفقه هو الإسلام ، والفقهاء هو المشرعون . الأمر الذي يسقط صفة المدنية عن الدول الإسلامية ويجعلها ، بالنتيجة دولا دينية . ذلك أن الدولة الدينية ليست فقط تلك التي يحكمها الخليفة علان أو المُلاّ فلان ، بل هي كل دولة تخضع تشريعاتها الوطنية للتشريعات الدينية التي لم تنفتح على الكوني ، بل تناقضه وتناهضه . ومن أبرز المفارقات التي تمزق وجدان المسلم وتشعره بأنه لم يبْلغ بعدُ درجة الكونية :
1 ــ تضمين الخطاب الديني مفاهيم سرعان ما يكتشف المواطن أنها جوفاء ، من مثل : حرية الاعتقاد ، المساواة بين البشر .. فكل مشارب الخطاب الديني الإسلامي تقر بحرية الاعتقاد وتفاخر بها انسجاما مع الآية القرآنية "لا إكراه في الدين" "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ". لكن الشروط والتفاصيل التي تشرط هذه الحرية وتقيدها هي ما يهم المواطنين وهي مقياس درجة النضج الكوني للخطاب الديني . وكل التبريرات والذرائع والتأويلات التي يقدمها سدنة الخطاب الديني ومُنتجوه ومروجوه من كل الأطياف ، معتدليها ومتطرفيها ، تلتقي عند مصادرة هذا الحق بالنسبة للمسلمين بالولادة وبالوراثة وبالاعتقاد ، وبإلزام الكتابيين إما بدفع الجزية أو اعتناق الإسلام وهجر دينهم الأصلي ؛ أما غيرهم من بقية الملل فلا خيار بين الإسلام أو القتل . وممارسات "داعش" هي تحيين لهذه التشريعات التي اضطرت الدول الإسلامية إلى تعطيلها بفعل الإكراهات الدولية . بينما الفقه الإسلامي زاخر بها ومحرض عليها . ولعل خطب الجمعة وفتاوى المراجع الدينية والفقهية في كل الدول العربية والإسلامية أوضح تعبير عن تلك التشريعات وأخطر محرض على تطبيقها .ولا يختلف الفقه الإسلامي المعاصر عن الفقه الإسلامي السابق .
2 ـ مصادقة الدول الإسلامية على المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ومصادرة حق ممارستها على المواطنين . وتزيد من حدة المفارقة سلسلة المحاكمات التي طالت عددا من المواطنين بتهمة "زعزعة عقيد مسلم" ، وكذا الأحكام التي صدرت ضد مفكرين تقضي بتكفيرهم وتطليق زوجاتهم منهم (نموذج حامد أبو زيد ) أو منع أعمال فكرية أو إنتاجات أدبية وفنية . وقد تعالت أصوات الأئمة وخطباء الجمعة كما طفحت فتاوى التكفير في حق شرائح اجتماعية وأحزاب سياسية ومناضلين ومفكرين والتحريض على قتلهم بتهمة الردة دون أن تتدخل الدول ومحاكمها في مقاضاة مصادر الفتوى ومروجيها ، وإن حدث وحوكم أحدهم فيظل الحكم رمزيا (الحكم بشهر موقوف التنفيذ في حالة أبو النعيم ).
3 ــ القبول بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان وفي نفس الوقت تقديم مواثيق بديلة من مثل الميثاق العربي لحقوق الإنسان والميثاق الإسلامي لحقوق الإنسان . وتقديم مواثيق بديلة ليس له من معنى سوى الإقرار الرسمي ، عربيا وإسلاميا ، أن العرق والدين محددان رئيسيان لحقوق الإنسان ، فيما الميثاق العالمي يلغيهما انسجاما مع كونية الإنسان. كما أن هذه المواثيق البديلة تزيد من حدة الشعور بالتمزق لما يجد المواطن العربي نفسه مجبرا على تحديد هويته انطلاقا من انتمائه العرقي وليس الكوني . هنا الخصوصية تلغي الكونية . بل يكون التمزق أخطر لما نضع المواطن بين ثلاثة مواثيق ونلزمه باختيار أحدها ليس عن اقتناع فكري ولكن عن انتماء عرقي أو عقدي . فما معنى ميثاق عربي لحقوق الإنسان وميثاق إسلامي لحقوق الإنسان ؟ وأيهما أنضج وأكمل وأرقى وأصلح لهذا المواطن الذي تأسره الحدود الجغرافية أو العقيدة الدينية ؟
لقد حان الوقت لكي تحسب الدول العربية والإسلامية موقفها من منظومة حقوق الإنسان في بُعدها الكوني وتنخرط في تجديد الخطاب الديني بما يتماشى مع القيم السامية التي ينص عليها الدين الإسلامي تكريما لبني آدم أيا كان العرق والمعتقد واللون . فغير مقبول على الإطلاق الاستمرار في اجترار الفتاوى التي تشرعن وضعية أهل الذمة ودفع الجزية وقتل المرتد ورجم الزاني وقطع يد السارق ،كما لو أن المسلمين لم يخرجوا بعد من عصر أبي لهب أو زمن عبد الله بن سبأ .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها حكومة الإهمال والحڴرة .
- وزراء مفترون في حكومة -حالقة-.
- خطاب الملك يقتضي إعادة بناء تحالفات دولية جديدة.
- رسائل تونسية للشعوب العربية.
- إنهم يخربون الوطن ويقتلون الاعتزاز به يا جلالة الملك.
- شكرا داعش على كشف عوراتنا .
- قطع الأعناق وقطع الأرزاق ملّة الدواعش.
- بنكيران يجبر الشعب على الاحتجاج.
- أمريكا تزرع الإرهاب ولا تجتثه .
- داعش : خلافة الدم والنحر والنكاح .
- حرية الاعتقاد لا تعني شرعنة الطائفية .
- حاميها منتهكها .
- ماذا لو أُرسِل المحرضون على الجهاد إلى جبهاته ؟ !!
- من هم المجاهدون في مشارق الأرض ومغاربها ؟
- خطة بنكيران :الشعب في خدمة الدولة .
- الحكومة المغربية مسئولة عن تنامي فقدان الأمن والخوف من المست ...
- حرمة الإنسان أولى من حرمة البرلمان .
- حرية المعتقد بين المصادقة والدسترة .
- دلالات صلاة الملك خلف الفيزازي .
- الحركات الإسلامية تفقد بريقها .


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعيد الكحل - الخطاب الديني ومناهضة كونية حقوق الإنسان .